الضفة الغربية تحت مقصلة التطهير العرقي
تاريخ النشر: 2nd, December 2025 GMT
لم تعد الأحداث في الضفة الغربية مجرد توترات متفرقة أو اعتداءات فردية، بل تحولت إلى مشروع ممنهج للتطهير العرقي التدريجي، تُدار فصوله بعناية فائقة وتكامل أدوار مرعب بين آلة الاحتلال العسكرية وعنف المستوطنين المتفلت.
إن المشاهد المروعة في خلايل اللوز شرق بيت لحم، حيث أصيب عشرة فلسطينيين بهجوم مسلح من المستوطنين تحت حماية الجيش، تتوازى مع صور الخراب والتهجير القسري في مخيم الفارعة وجنين وطمّون، هذه الحوادث ليست معزولة، بل هي حلقات متصلة في استراتيجية واضحة تهدف إلى تجريف الأرض، وتدمير سبل العيش، وكسر إرادة الفلسطينيين لدفعهم نحو النزوح الذاتي.
1- المستوطن والجندي وجهان لعملة واحدة
إن السمة الأبرز للتصعيد الحالي هي تكامل الأدوار بين الجيش والمستوطنين، لم يعد عنف المستوطنين مجرد أعمال انتقامية أو فردية، بل أصبح جزءا أصيلا من منظومة رسمية للإخضاع.
- غطاء رسمي للعنف: الهجمات المنظمة التي يشنها عشرات المستوطنين، كما حدث في خلايل اللوز، تتم تحت حماية مباشرة من قوات الاحتلال، هذا الغطاء يمنع أي محاسبة ويصنع مناخا يسمح بارتكاب جرائم أكبر، من إطلاق الرصاص الحي إلى محاولات إحراق المنازل والمساجد.
- هندسة الواقع الديموغرافي: بالتوازي مع عنف المستوطنين الذي يستهدف المدنيين والممتلكات الزراعية تدمير أكثر من 48 ألف شجرة، تقوم قوات الاحتلال بعمليات اقتحام واسعة ومتكررة. هذه الاقتحامات، كما في الفارعة وطمّون وجنين، لا تقتصر على الاعتقال والاغتيال، بل تشمل تدمير البنية التحتية وشبكات المياه والطرق، والتهجير القسري للعائلات، وهدم المباني بحجة الخطر الأمني. هذا النمط الأخير يعكس سياسة واضحة للتطهير الصامت وهندسة الواقع الديموغرافي لتفريغ المخيمات والقرى تدريجيا.
2- عامان من القمع الممنهج
الأرقام الرسمية الفلسطينية تفضح حجم المأساة وتؤكد أن الضفة الغربية تعيش عملية قمع ممنهجة ومستمرة منذ أكثر من عامين، بالتوازي مع حرب الإبادة في غزة.
- شهداء وإصابات ومعتقلون: أدت حملة العنف الإسرائيلية إلى استشهاد أكثر من 1083 فلسطينيا وإصابة نحو 11 ألفا، إضافة إلى اعتقال أكثر من 20 ألفا و500 شخص. هذه الأرقام تتجاوز مفهوم المواجهات المتفرقة وتؤكد وجود استراتيجية لتصفية أي مقاومة أو وجود فلسطيني.
- استهداف مقومات الحياة: لم يقتصر العدوان على البشر، بل طال عماد الاقتصاد الفلسطيني، حيث دُمّرت آلاف أشجار الزيتون والممتلكات الزراعية إن حرق المساجد، كما في بديا، والاعتداءات المتواصلة، تهدف بوضوح إلى ترويع السكان وقطع سبل عيشهم لدفعهم نحو النزوح.
3- صمت دولي وإقليمي يفتح شهية العدوان
إن هذا التصعيد الدموي يتم في ظل غياب أي رادع حقيقي، الأمر الذي يغذي شهية الاحتلال لتصعيد جرائمه.
- إدانات عاجزة: رغم الإدانات الأوروبية الشديدة التي صدرت عن دول كبرى مثل ألمانيا وإيطاليا وفرنسا وبريطانيا، والتي وصفت العنف بالمهول ودعت الاحتلال إلى الالتزام بالقانون الدولي، إلا أن هذه البيانات تبقى عاجزة عن فرض أي عقوبات أو تغيير على الأرض، إن تجاهل الاحتلال لـ500 خرق لاتفاق وقف إطلاق النار الأخير يثبت أن الاحتلال الإسرائيلي يستخدم الاتفاقات كغطاء لمواصلة سياستها العسكرية.
- صمت القيادة الفلسطينية، خيانة أم شراكة؟ الخطر الأكبر يأتي من داخل البيت الفلسطيني، إن صمت السلطة الفلسطينية ورئيسها محمود عباس المريب، وغياب أي تحرك دبلوماسي فاعل، هو ما يُمثل شراكة ضمنية في إتاحة المجال لجيش الاحتلال لتنفيذ سياساته دون خشية من ضغط داخلي، إن انقطاع القيادة عن نبض الشارع وتركيزها على إدارة شؤونها الداخلية، في الوقت الذي يُهجَّر فيه الأهالي قسرا وتُهدَّم منازلهم، يمثل خيانة سياسية وأخلاقية تعزز شهية العدوان.
إن ما يحدث في الضفة الغربية اليوم هو عملية تطهير بطيء وممنهج، تنفّذها آلة الاحتلال بمستوييها العسكري والاستيطاني، وتُبارَك بصمت دولي وإقليمي وقيادة فلسطينية مستقيلة، هجوم خلايل اللوز، واقتحام الفارعة، ودمار طمّون، ما هي إلا شواهد على تحوّل الضفة إلى ساحة مفتوحة لتطبيق سياسة الأمر الواقع بالقوة الغاشمة.
لا يمكن للفلسطينيين أن يواجهوا هذه الآلة الإجرامية بمفردهم؛ فإلى جانب صمودهم الأسطوري، يتطلب الأمر تحركا دوليا حقيقيا يخرج عن حدود الإدانة، وضغطا شعبيا لكسر حاجز الصمت الرسمي الفلسطيني الذي أصبح شريكا في الجريمة إن الاستقرار الحقيقي لن يعود للضفة إلا بوقف هذا المشروع الاستعماري الشامل ومحاسبة مرتكبي جرائم الحرب كافة.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه قضايا وآراء الضفة الاحتلال المستوطنين فلسطينيين عنف احتلال فلسطين مستوطنين عنف الضفة قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة رياضة مقالات صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الضفة الغربیة أکثر من
إقرأ أيضاً:
نادي الأسير الفلسطيني: 21 ألف حالة اعتقال في الضفة الغربية
قال نادي الأسير الفلسطيني، اليوم الثلاثاء، إن قوات الاحتلال اعتقلت نحو 21 ألف شخصاً في الضفة الغربية منذ حرب الإبادة على غزة في 7 أكتوبر 2023.
وأصدرت وزارة الخارجية القطرية، اليوم الثلاثاء، بياناً قالت فيها إنهم يعملون على تحويل الهدنة الحالية إلى مسار للوصول إلى المرحلة الثانية من اتفاق غزة.
اقرأ أيضًا.. قاضي قضاة فلسطين: مصر أفشلت مُخطط تهجير شعبنا
واعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي، في وقت سابق، المواطن الفلسطيني بسام النواجعة بعد اقتحامها منطقة خلة الفرا غرب يطا، حيث أقدمت أيضًا على تحطيم مركبة تعود للمواطن إبراهيم الهريني، ومنعت المزارعين من الوصول إلى أراضيهم.
وذكرت وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا" أن القوات الإسرائيلية واصلت تصعيدها في مسافر يطا، إذ اقتحمت خيمة التضامن في قرية المفقرة، واحتجزت الناشط ناصر العدرة لفترة قبل أن تفرج عنه.
وتشهد مسافر يطا اعتداءات واقتحامات متكررة تستهدف الأهالي ونشاطات التضامن المقامة رفضًا لسياسات التهجير والاستيطان في المنطقة.
أقدمت قوات الاحتلال الإسرائيلي، في وقتٍ سابق، على اقتحام قرية مردا شمال سلفيت في الضفة الغربية.
وأشارت وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا" إلى قوات الاحتلال اقتحمت القرية وداهمت عددا من المنازل وفتشتها، دون أن يبلغ عن اعتقالات.
وتتعرض مردا لاعتداءات متكررة من قوات الاحتلال، تتمثل بإغلاق مداخلها الرئيسة والفرعية، والاقتحامات وتفتيش المنازل.
ونظّمت الأمانة العامة لمنظمة التعاون الإسلامي، في وقت سابق، فعالية بمناسبة يوم التضامن الدولي مع الشعب الفلسطيني، بمشاركة المندوبين الدائمين لدى المنظمة، إحياءً لقرار الأمم المتحدة الصادر عام 1977.
وفي كلمة ألقاها السفير سمير بكر نيابة عن الأمين العام حسين إبراهيم طه، شددت المنظمة على مسؤولية المجتمع الدولي في دعم الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، خاصة في ظل ما وصفته بـ"جريمة الإبادة والعدوان غير المسبوق" المستمر منذ عامين، ما يضع العالم أمام "اختبار حقيقي" لاحترام القانون الدولي.
وجددت المنظمة دعوتها إلى وقف دائم وشامل للحرب، والانسحاب الكامل لقوات الاحتلال، وفتح جميع المعابر، وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية. كما دعت إلى عقد مؤتمر للمانحين في القاهرة لحشد تمويل خطة إعادة إعمار قطاع غزة.
وأكد الأمين العام ضرورة توفير حماية دولية للفلسطينيين، وإنهاء سياسة الإفلات من العقاب عبر تفعيل آليات المساءلة الدولية، إلى جانب تعزيز دور الأونروا باعتبارها ركيزة لاستقرار المنطقة.
وحذرت المنظمة من تصاعد اعتداءات المستعمرين المتطرفين في الضفة الغربية والقدس، معتبرة ذلك امتدادًا لسياسات الاستيطان والضم التي تستهدف تقويض حل الدولتين، داعية إلى مضاعفة الجهود لمواجهتها سياسيًا وقانونيًا.
كما دعت المجتمع الدولي إلى دعم عاجل للحكومة الفلسطينية والضغط على الاحتلال للإفراج عن العائدات الضريبية المحتجزة.
وختمت المنظمة فعالية اليوم بتحية "إجلال وإكبار" لصمود الشعب الفلسطيني، مؤكدة استمرار مسيرة التضامن حتى إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
قال قائد القيادة الشمالية بجيش الاحتلال إنهم في حالة تأهب على جبهتي لبنان وسوريا.