بايدن بين نارين.. إصلاح الحدود مقابل مساعدات إسرائيل وأوكرانيا
تاريخ النشر: 2nd, November 2023 GMT
في الوقت الذي يحوم فيه الكثير من الجدل حول طلب الرئيس الأمريكي جو بايدن، لمساعدات بقيمة 106 مليار دولار لإسرائيل وأوكرانيا في حزمة واحدة، فإن قضية أخرى أصبحت مركزية بشكل متزايد وهي معالجة الهجرة على الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك.
ويقول تقرير لمجلة "نيوزويك"، إن الزعيم الجمهوري ميتش ماكونيل دخل في صراع مع المحافظين ورئيس مجلس النواب مايك جونسون، بشأن اتفاقه مع بايدن لرؤية طلب مساعدات مستقبلي يقدم التمويل لكل من إسرائيل وأوكرانيا، على الرغم من دفع جونسون للتعامل مع القضايا بشكل منفصل.
ومع ذلك، أوضح ماكونيل أنه لن يكون قادراً على تزويد الديمقراطيين بأصوات الحزب الجمهوري اللازمة للتغلب على عتبة 60 صوتاً، إذا كان الليبراليون على استعداد لتجاوز 13.6 مليار دولار لتمويل الحدود في طلب بايدن، وقبول تغييرات جوهرية في السياسة لوقف التدفق التاريخي للمهاجرين على الحدود.
وقال ماكونيل في مؤتمره الصحفي يوم الثلاثاء: "سيتعين على الديمقراطيين قبول مشروع قانون جدي حقاً لحماية الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك، من أجل إشراك شعبنا في نهج شامل".
GOP Leader Mitch McConnell has made it clear an aid package for Israel and Ukraine must also have substantive changes in border policy.
In terms of those changes, Senator @JohnCornyn told me "the single most important thing is to end catch and release."https://t.co/hBBuQanKNK
وتراجع زعيم الأغلبية تشاك شومر، عن الفكرة بما في ذلك تغييرات سياسة الحدود في الحزمة، مؤكداً على الحاجة إلى التركيز على توفير التمويل لأوكرانيا وإسرائيل اللتين تواجهان حروباً متصاعدة.
وقد يؤدي إدخال تغييرات في السياسة إلى مفاوضات معقدة قد تؤخر تمرير حزمة المساعدات خلال فترة حاسمة، تواجه فيها أمريكا مهلة تمويل حكومية في 17 نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري، والتي قد تؤدي إلى إغلاق إذا لم يتم معالجتها.
"الصيد والإفراج"ومع ذلك، إذا تمسك الجمهوريون برغبتهم في رؤية تغييرات جوهرية في السياسة، فإن عضو مجلس الشيوخ عن ولاية تكساس جون كورنين، حليف قيادة الحزب الجمهوري، قدم نظرة ثاقبة حول المكان الذي يمكن أن تبدأ فيه المفاوضات مع الديمقراطيين.
وقال كورنين لمجلة "نيوزويك": "أهم شيء هو إنهاء سياسة الصيد والإفراج.. وهذا مجرد مثال، ولكن ستكون هناك قائمة بالأشياء التي نعتقد أنها ستبطئ التدفق، إذا جاز التعبير".
"الصيد والإفراج" مصطلح ازدرائي، يشير إلى مجموعة من السياسات التي يتم بموجبها تحرير المهاجرين المحتجزين الذين يعتبرون منخفضي المخاطر ويطلبون اللجوء بشكل عام من الاحتجاز والسماح لهم بالإقامة في المجتمعات الأمريكية أثناء انتظار مواعيد محاكمتهم.
ومع ذلك، وفقاً لمركز مقاصة الوصول إلى سجلات المعاملات بجامعة سيراكيوز، تواجه أمريكا تراكم محكمة الهجرة لما يقرب من 2.1 مليون قضية، مما يعني أن المهاجرين يمكن أن ينتهي بهم الأمر بالعيش في الولايات المتحدة لفترات طويلة من الوقت قبل النظر في قضاياهم.
Anti-war protest hits US Congress hearing as Biden officials seek aid for Israel, Ukraine #World #Ukraine #Israel #Gaza pic.twitter.com/9lroo0BSnM
— News18 (@CNNnews18) October 31, 2023 رفض اللجوءوقال كورنين إن معالجة "الصيد والإفراج" يمكن أن تحدث من خلال مجموعة متنوعة من الطرق المختلفة. وقال إن أحد الأمثلة على ذلك هو سياسة رفض اللجوء للأفراد الذين غادروا بلادهم ومروا بالفعل عبر بلد آمن، حيث كان بإمكانهم طلب اللجوء، في طريقهم إلى الولايات المتحدة.
واتفق السناتور جيمس لانكفورد، أكبر جمهوري في اللجنة الفرعية المعنية بالعمليات الحكومية وإدارة الحدود، والذي يقود المناقشات حول إصلاحات سياسة الحدود، على أن معالجة "الصيد والإفراج" تقف كأولوية قصوى.
ورداً على سؤال "نيوزويك" عن نظرته للسياسة ومكانتها في المفاوضات، قال لانكفورد إنها "ذات أولوية عالية للجميع"، بما في ذلك إدارة بايدن ووزارة الأمن الداخلي.
وفي أعقاب نهاية "العنوان 42"، أمر الصحة العامة الذي سمح بطرد المهاجرين دون معالجة، قال لانكفورد إن نظام محاكم الهجرة الأمريكية يتعرض لضغوط متزايدة. وهذا يعني أن الأفراد الذين يدخلون البلاد بشكل غير قانوني ولكنهم يقدمون طلبات لجوء لديهم المزيد من الوقت لبناء حياة في أمريكا خالية من العواقب، حتى لو اعتبرت مطالبتهم في النهاية غير شرعية، بسبب فترات المعالجة الطويلة.
وفي حديثه على نطاق أوسع للصحفيين حول المفاوضات، قال لانكفورد إنه تحدث مع زملائه الديمقراطيين حول جهود سياسة الحدود، لكنها ظلت إلى حد كبير بين الجمهوريين في الوقت الحالي. ورفض الخوض في التفاصيل قائلاً: "لم يحن الوقت بعد"، وأكد، مع ذلك، أن الإجراءات المحتملة ستأخذ الاحتياجات المعلنة لوزارة الأمن الوطني في الاعتبار.
ولا يزال الديمقراطيون متشككين في أن الجمهوريين يمكنهم التوصل إلى صفقة جوهرية من الحزبين، بالنظر إلى مقدار الوقت المتبقي من الآن وحتى الموعد النهائي لإغلاق الحكومة.
Earlier I spoke with Prime Minister Netanyahu about the developments in Gaza — we discussed efforts to secure the release of hostages and help Americans in Gaza leave safely, and I underscored the need to immediately and significantly increase the flow of humanitarian assistance…
— President Biden (@POTUS) October 29, 2023وعضو مجلس الشيوخ عن ولاية كونيتيكت كريس ميرفي، الذي سافر في يناير (كانون الثاني) الماضي، مع لانكفورد وأعضاء مجلس الشيوخ الآخرين من كلا الحزبين إلى الحدود، أخبر "نيوزويك" أنه "منفتح على الحديث" وكان "يستمع" إلى زملائه الجمهوريين، لكنه يحمل مخاوف بشأن الإطار الزمني.
فيما انتقد عضو مجلس الشيوخ الآخر الذي حضر رحلة الحدود في يناير (كانون الثاني) الماضي، وكان نشطاً في هذه القضية هو السناتور الديمقراطي مارك كيلي من ولاية أريزونا. تعامل إدارة بايدن مع الوضع في الماضي، وقال لمجلة "نيوزويك" إن الحدود تمثل "أزمة لا تنتهي أبداً"، لكنه أوضح أن حل الحزب الجمهوري الذي تم تقديمه في وقت سابق من هذا العام "يتعارض مع تاريخنا كبلد للمهاجرين".
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي غزة وإسرائيل الحرب الأوكرانية عام الاستدامة أمريكا إسرائيل أوكرانيا المكسيك الولایات المتحدة مجلس الشیوخ مع ذلک
إقرأ أيضاً:
مساعدات غزة.. كيف تستخدمها إسرائيل لتجريد حماس من أوراقها التفاوضية؟
في مشهد لا يخلو من التوظيف السياسي، أعلنت إسرائيل مؤخرا السماح بدخول مساعدات إنسانية إلى قطاع غزة، بما في ذلك تنفيذ إنزالات جوية بالتعاون مع منظمات دولية.
ورغم الإيحاءات الإعلامية بأن الخطوة تأتي تجاوبا مع نداءات إنسانية، فإن القراءة المتأنية تشير إلى أن تل أبيب تنظر للمساعدات لا كواجب إنساني، بل كأداة مركّبة تُوظّف في إدارة الصراع، وإعادة هندسة المشهد التفاوضي مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وتلميع صورتها دوليا.
فالقرار الإسرائيلي، بحسب مشاركة الدكتور بلال الشوبكي الخبير بالشؤون الإسرائيلية رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة الخليل، ببرنامج "ما وراء الخبر" لا يمثل تحولا أخلاقيا بقدر ما هو انعكاس لحسابات أمنية وسياسية دقيقة.
ويرى الشوبكي أن تل أبيب تسعى إلى سحب ورقة "المساعدات" من جدول التفاوض مع حركة حماس، وحصر النقاش في ملف الأسرى فقط، بما يعني تجريد الحركة من إحدى أبرز أدوات الضغط التي امتلكتها في الشهور الماضية.
ويتضح من توقيت الإعلان أن الهدف هو استباق أي مبادرة تفاوضية جديدة عبر تحييد الملفات الأكثر حساسية، مثل تدفق المعونات وفتح المعابر.
اللافت أن هذه الخطوة جاءت متزامنة مع تصاعد الضغوط الدولية وتكثيف التغطيات الإعلامية للمجاعة المتفشية في القطاع، وهو ما يعتبره الشوبكي عاملا مساعدا، لا دافعا رئيسيا، فالمساعدات في المنظور الإسرائيلي، كما يقول، هي عنصر ضمن منظومة "إدارة الحرب"، وليس استجابة لاحتياجات ملحّة.
ولذا، فإن تحديد إسرائيل لـ"الحد الأدنى" من المساعدات لا يستند إلى تقديرات الأمم المتحدة، بل إلى مقياس دعائي يسعى لمعادلة صورة المجاعة بصورة أخرى لصناديق المساعدات وهي تُسقط من الجو.
نقطة في بحرهذه النظرة التوظيفية لم تغب عن وعي الكاتب والمحلل السياسي وسام عفيفة، الذي أوضح من داخل قطاع غزة أن معظم الشاحنات لم تصل أصلا، وما دخل منها لا يمثل سوى "نقطة في بحر".
إعلانووصف عفيفة الإجراءات الإسرائيلية بأنها "بروباغندا إعلامية" تسعى إلى تضليل الرأي العام الدولي عبر تضخيم محدود لحجم المساعدات، في حين أن الغارات لا تزال تستهدف مناطق توصف بـ"الآمنة" التي يفترض أنها مخصصة لتوزيع المساعدات.
وشدد على أن ما يُسمى "هدنا إنسانية" لا يتعدى كونه توقفا مؤقتا للعمليات العسكرية في مناطق ضيقة، سرعان ما تستأنف فيها العمليات مع حلول المساء.
لكن الأدهى في الأمر، بحسب الشوبكي، هو أن هذه الفترات الهادئة تُستخدم لأغراض استخباراتية، فالتجربة السابقة تؤكد أن إسرائيل استغلت هدنا مماثلة في الماضي لجمع معلومات ميدانية، أعقبتها اغتيالات دقيقة.
ويضيف أن هذه الفترات تتيح للأجهزة الأمنية رصد التحركات في مناطق معينة وتجميع بيانات قد تُستخدم لاحقا في العمليات، وبهذا المعنى، تصبح المساعدات "غطاء تكتيكيا" لعملية أمنية موسعة، لا مجرد محاولة لتهدئة الرأي العام.
حصار أخلاقيفي المقابل، يظهر البعد الدولي للقرار كمحور لا يمكن تجاهله، فوفق تقييم الدكتور محمد هنيد، الأستاذ والباحث بجامعة السوربون، فإن إسرائيل باتت محاصَرة أخلاقيا أمام الرأي العام الغربي، خاصة بعد أن تحولت صور المجاعة في غزة إلى نقطة مفصلية تهزّ مرتكزات السردية الصهيونية ذاتها.
ويؤكد هنيد أن السماح بدخول كميات رمزية من المساعدات يساعد الحكومات الأوروبية على امتصاص غضب الشارع دون أن تضطر لمراجعة دعمها السياسي أو العسكري لتل أبيب.
ويذهب هنيد إلى أن خطورة المشهد لا تكمن فقط في المجاعة، بل في "تآكل المظلومية الصهيونية" التي بُني عليها المشروع الإسرائيلي، إذ باتت صور الضحايا الفلسطينيين بالنسبة للوعي الغربي المتململ، تنافس صور معسكرات الاعتقال النازية، مما يهدد ركائز الدعم الأخلاقي الغربي لإسرائيل، خصوصا بين الأجيال الجديدة.
وفي إطار محاولة إسرائيلية لموازنة الضغوط، تبرز تصريحات بعض المسؤولين في حكومة نتنياهو التي تكشف بوضوح عن النوايا الكامنة، فحين تقول وزيرة المواصلات الإسرائيلية إنها "غير مرتاحة لإدخال المساعدات"، لكنها تراها ضرورية "لكسب شرعية استمرار الحرب"، فإن الرسالة تصبح أوضح.
فالمساعدات بهذا الشكل، تصبح أداة لتجميل العدوان لا لإنهائه، وتُقدَّم بقدر ما تتيح لتل أبيب الحفاظ على هامش مناورة أمام الحلفاء الغربيين دون تعديل جوهري في سياستها.
وفي ظل هذا التوظيف المتعدد للمساعدات -سياسيا وتفاوضيا واستخباراتيا- تبدو حماس أمام معادلة معقدة، فإسرائيل لا تسعى فقط إلى نزع أوراق التفاوض، بل إلى تفكيك البيئة الاجتماعية التي تحيط بالحركة من خلال "إدارة التجويع"، كما يصفها عفيفة، عبر تحويل نحو مليونَي فلسطيني إلى رهائن ضغط على المقاومة، في عملية تركيع جماعية تُستخدم لاحقا في أي طاولة حوار.
أما المشهد العربي، فبحسب الشوبكي، لا يبدو أنه يشكل قلقا حقيقيا لصنّاع القرار في إسرائيل، بعدما اختبرت تل أبيب ردود الفعل الرسمية طيلة أشهر الحرب دون أن تلمس تهديدا جادا لمعادلاتها، وفي حين تبقى احتمالات الغضب الشعبي العربي قائمة، فإن الرهان الإسرائيلي يظل على قدرة الأنظمة على احتوائه.
إعلان