مختصون لـ "اليوم" عقوبات رادعة لإشعال النار في الأماكن غير المخصصة
تاريخ النشر: 5th, November 2023 GMT
أكد مختصون لـ "اليوم" أن السلوكيات السلبية للأنشطة البشرية في البيئة تعتبر من التحديات التي تواجهها البيئة المحلية من خلال استغلال الموارد الطبيعية بشكل مفرط العبث بها، مشيرين إلى أن النظام جرم إشعال النار في غير الأماكن المخصصة لها دون اتخاذ الاحتياطات اللازمة لما فيها من اضرار بالبيئة والمجتمع.
شددت القوات الخاصة للأمن البيئي، على المتنزهين، بالمحافظة على مواقع التنزه وعدم إشعال النار في غير الأماكن المخصصة لها، وأكدت أن إشعال النار في غير الأماكن المخصصة لها دون اتخاذ الاحتياطات اللازمة، يُعد مخالفة للأنظمة، ويعرض مرتكبها للعقوبة.
وتصل غرامة مخالفة إشعال النار في غير الأماكن المخصصة لها دون اتخاذ الاحتياطات اللازمة إلى 3000 ريال ودعت القوات إلى الإبلاغ عن أي حالات تمثل اعتداء على البيئة أو الحياة الفطرية على الرقم «911» بمناطق مكة المكرمة والرياض والشرقية، و«999» و«996» في بقية مناطق المملكة.
تحديات البيئة المحليةقالت استاذ علم البيئة النباتية المشارك والناشطة والمهتمة بالنبات البري والبيئة، د. موضي عبيدان العتيبي،: "من التحديات التي تواجهها البيئة المحلية السلوكيات السلبية للأنشطة البشرية من خلال استغلال الموارد الطبيعية بشكل مفرط أو العبث بها، لذا وضعت الجهات المعنية بالبيئة استراتيجياتها وخططها للحفاظ على الموارد الطبيعية المتجددة في البيئة وتحقيق استدامتها ومنها سن الأنظمة والقوانين وتنفيذ العقوبات والتي لها دور في كف العبث بالموارد الطبيعية وتخفيف السلوكيات السلبية للأنشطة البشرية، حيث وضعت القوات الخاصة للأمن البيئي الغرامات المالية على الانشطة البشرية المخالفة مثل إشعال النار في غير الاماكن المخصصة ومن دون أخذ الاحتياطات المناسبة".د موضي العتيبي (2)
وأضافت "هذه السلوكيات إلى تدمير المواطن للبيئة والإضرار بمكونات التربة وحرق للنباتات والأشجار، لذا فإن الغرامات قد تكون مجديه في كف العبث و لها دور في التوعية بأهمية البيئة والمحافظة عليها و تعزيز السلوكيات الايجابية و ترشيد استهلاك الموارد الطبيعية وتحقيق استدامته".
ثقافة بيئية قانونيةقال المحامي أحمد المالكي: "انتشر في الآونة الأخيرة قيام بعض الأفراد بإشعال النار في بعض الأماكن غير المخصصة لذلك، إما تهاوناً منهم وإما عدم وجود الثقافة البيئية والقانونية لديهم".
وأشار إلى أن إشعال النار في غير الأماكن المخصصة مخالفة تعاقب عليها النظام، حيث نصت المادة (19) من نظام البيئة على "مع مراعاة ما ورد في المادة (الثامنة عشرة) من النظام؛ يُحظر كل ما من شأنه الإضرار بأراضي الغطاء النباتي، أو الإخلال بالتوازن الطبيعي فيها، وعلى وجه الخصوص ما يلي: (إشعال النار داخلها في غير الأماكن المخصصة لذلك التي تحددها الجهة المختصة، ونصت الفقرة (25) من جدول المخالفات الوارد في اللائحة التنفيذية لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر لنظام البيئة على أن عقوبة إشعال النار في غير الأماكن المخصصة لها في المرة أولى مبلغ الغرامة (1,000) ألف ريال سعودي، وفي المرة الثانية (2,000) ألفي ريال سعودي، وفي المرة الثالثة (3,000) ريال سعودي بالإضافة إلى إزالة المخالفة وإصلاح الضرر ودفع التعويضات).أحمد المالكي
وأضاف المالكي: "النظام جرم إشعال النار في غير الأماكن المخصصة لها دون اتخاذ الاحتياطات اللازمة، وواجب على أفراد المجتمع معرفة القوانين واللوائح وعدم مخالفتها لما في ذلك الإضرار بالبيئة والمجتمع".
وأوضح إلى أن المنظم عند تقديره للغرامة جعلها متدرجة ففي المرة مخففة بقيمة ألف ريال فقط تخفيفاً على كاهل المخالف لأنه قد لا يعلم أن ما يقوم به مخالفة نظامية تستوجب الغرامة، وفي حالة عاد المخالف لارتكاب المخالفة مرة أخرى فقد غلظ المنظم العقوبة وجعلها في المرة الثانية مبلغ ألفي ريال سعودي، وفي المرة الثالثة ثلاثة آلاف ريال وهي عقوبة رادعة للمخالف والهدف من ذلك هو حماية البيئة والمجتمع.
عقوبات رادعةفيما قال الناشط البيئي د.عبدالله بن سليمان الفهد: إن العقوبات المقررة على المخالفات المضرة بالبيئة ومنها عقوبة إشعال النار في الأماكن غير المخصصة ستساهم في حماية البيئة وتنمية عناصرها الأساسية وتزيد من الوعي البيئي وتنمية قيم الحيوية والتعامل مع مكونات الطبيعة بطريقة إيجابية، وسن العقوبات وتطبيقها مع نشر الوعي والتثقيف سيخرج أجيال لديها الوعي الكافي وسيردع المخالفين والغير مبالين في قيم البيئية والسلوك البيئي المطلوب.الدكتور عبدالله بن سليمان الفهد (1)
وقال عضو هيئة التدريس في كلية الصحة العامة بجامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل، د. سعد الدهلوي، إن فرض القوانين والغرامات المالية الرادعة لمخالفات إشعال النار في أماكن غير مخصصة يمكن أن يكون له تأثير إيجابي كبير على الحفاظ على البيئة. حيث أن تشجيع المجتمع على الالتزام بالقوانين وتوعيتهم بأهمية حماية البيئة، كما يقلل من المخالفات.
وأضاف "طبعاً هناك حاجة أيضًا إلى حملات توعية مستمرة لزيادة الوعي بأخطار إشعال النيران غير المراقبة وتشجيع الناس على استخدام الأماكن المخصصة لذلك. ويأتي هنا أهمية التعاون بين الجهات الرقابية والمجتمع في هذا الجانب بحيث يمكن أن يسهم في الحفاظ على البيئة للأجيال القادمة".
وتابع الدهلوي: "يمكن توجيه حملات توعوية مكثفة عبر مختلف وسائل الإعلام وتوضيح المخالفات البيئية وكيفية تجنبها وذلك من خلال إطلاع الناس على لائحة المخالفات وأخطار إشعال النار في الأماكن غير المخصصة، ومن الأهمية بمكان توضيح الطرق السليمة لإشعال النار وضرورة اتباع وسائل السلامة البيئية لتجنب وقوع الخطر وما يترتب عليها من مخالفات".د سعد الدهلوي (2)
وأوضح أنه يمكن تحفيز الناس على المشاركة الفعّالة في حماية البيئة. إضافةً إلى ذلك، يمكن إجراء حملات توعية مستمرة لتشجيع الالتزام والمساهمة في الحفاظ على الموارد الطبيعية مثل منع الاحتطاب وإشعال النيران من أجل تحقيق استدامة بيئية للأجيال الحالية والمستقبلية.
المصدر: صحيفة اليوم
كلمات دلالية: مخالفين لنظام البيئة الأماکن غیر المخصصة الموارد الطبیعیة حمایة البیئة ریال سعودی فی المرة
إقرأ أيضاً:
عبر اتحاد الفيزياء والذكاء الاصطناعي.. علماء يرون الأجسام الخفية في الأماكن المعتمة
في خطوة قد تغيّر مستقبل التصوير الطبي وفحص المواد، تمكن فريق بحث من تطوير تقنية جديدة تتيح الكشف الدقيق عن الأجسام والأنسجة داخل بيئات شديدة التعقيد والإعتام، مثل الأنسجة الحيوية الكثيفة أو المواد الصلبة غير الشفافة، حيث تفشل الطرق التقليدية في الرؤية فيها.
تُظهر الدراسة، التي نشرت أخيرا في دورية "نيتشر فيزكس" تمكّن التقنية الجديدة من النفاذ عبر ما يمكن تسميته "الضباب الصوتي".
يقول ألكسندر أوبري، مدير الأبحاث في المركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي، والباحث المراسل في الدراسة من معهد لانجفان الفرنسي، في تصريحات حصرية للجزيرة نت: "العقبة التي نتغلب عليها هنا هي الضباب الكثيف الناتج عن ظواهر الانتشار متعدد الموجات".
عندما تمر موجة فوق صوتية أو ضوئية داخل وسط غير متجانس، كنسيج عضلي أو مادة حُبيبية، فإنها لا تسلك مسارا واحدا؛ بل تتشتت مئات المرات في اتجاهات عشوائية، ما يؤدي إلى طمس الصورة بالكامل، وتُعرف هذه الظاهرة بـ"الانتشار المتعدد".
يشرح أوبري جوهر التقنية الجديدة: "بدلا من محاولة إزالة أثر الاضطراب أو تصحيحه، كما تفعل الطرق التقليدية، نبحث نحن عن الأنماط الثابتة التي تظل قائمة رغم كل هذا التشتت. فكل جسم له بصمة مميزة في طريقة تفاعله مع الموجات، وهذه البصمة تبقى قابلة للاكتشاف حتى وسط الفوضى".
قامت الفكرة على تكوين ما يسمى بـ"بصمة الهدف"، وهي توقيع فريد من الموجات يمثل كيفية انعكاس الموجات عن الجسم في ظروف مثالية، أي في الفراغ أو في وسط بسيط. بعد ذلك، تبحث الخوارزمية عن هذا النمط داخل البيانات المبعثرة والمعقدة التي تُسجّل أثناء التصوير في الوسط الحقيقي.
إعلانالمميز في تلك الطريقة الجديدة أنها لا تحاول تصحيح الفوضى، بل تستخدمها. يستفيد الباحثون من كل الانعكاسات والارتدادات الداخلية التي كانت تعتبر سابقًا مجرد ضوضاء. هذه الارتدادات تحمل بصمة الهدف، وكلما كان الوسط أكثر تعقيدًا، كانت البصمة أكثر تفردًا.
لا تتوقف أهمية هذه التقنية عند الجانب الفيزيائي، بل تمتد إلى التطبيقات الطبية المباشرة. ففي إحدى تجارب الفريق، استخدم الباحثون الطريقة الجديدة لاكتشاف علامة طبية تُزرع في أنسجة الثدي لمتابعة موقع الورم بعد الخزعة، وهي غالبًا ما تكون غير مرئية في التصوير بالموجات فوق الصوتية التقليدي بسبب التشتت العالي في الأنسجة.
يقول أوبري: "إلى جانب تسهيل اكتشاف علامات الأورام المستخدمة في متابعة سرطان الثدي، يمكن تطبيق طريقتنا مباشرة في مجال الطب التدخلي لمراقبة موقع الإبر أو القساطر داخل الجسم. هذه الأدوات يصعب رصدها بالموجات فوق الصوتية لأن صداها المباشر لا يُلتقط دائمًا بالمجس، لكننا نستطيع تحديد موقعها بدقة كبيرة من توقيعها الموجي المعقد".
هذا التقدم يعني أن الأطباء سيتمكنون قريبًا من مراقبة أدواتهم داخل الجسم أثناء الجراحة أو العلاج دون الحاجة إلى تقنيات إشعاعية ضارة أو أجهزة تصوير مكلفة مثل الرنين المغناطيسي. كما أن واحدة من أكثر النتائج المذهلة في الدراسة كانت قدرة الطريقة الجديدة على رسم البنية الداخلية لعضلة بشرية حية، إذ تمكن الفريق من رسم بنية عضلة الساق، وكشف اتجاه الألياف بدقة عالية.
يقول أوبري: "قد يعمل رسم خريطة ألياف العضلات كأداة قوية لمتابعة التغيرات البنيوية الناتجة عن التليف أو التنكس الدهني في أمراض العضلات والأعصاب. كما أن مراقبة ألياف القلب تساعد في رصد الاضطرابات المبكرة في بنية العضلة القلبية، مثل اعتلالات عضلة القلب أو التليف".
ويضيف: "يمكن أن تساعد هذه التقنية في متابعة تعافي العضلات بعد الإصابات، أو حتى تقييم فعالية برامج إعادة التأهيل".
أظهر الفريق البحثي أن طريقة "البصمة" قادرة على استخراج معلومات كمية دقيقة عن الخصائص الفيزيائية للوسط، مثل الضغط أو الصلابة، وذلك من تحليل طريقة استجابة الهدف للموجات.
فبحسب أوبري، استخدم الفريق الفقاعات الميكروية الصغيرة التي تحقن أحيانا في الجسم أثناء الفحص بالموجات فوق الصوتية لتوضيح الصورة. هذه الفقاعات تتفاعل مع الموجات بطريقة تختلف حسب ضغط الدم حولها.
وباستخدام "طريقة البصمة"، استطاع الباحثون تحليل هذا التفاعل بدقة كبيرة، بحيث تمكنوا من تقدير ضغط الدم مباشرة من الصورة الصوتية، مما يعني أنه يمكن يومًا ما استخدام التقنية للتنبؤ بمخاطر الجلطات أو السكتات الدماغية بطريقة آمنة وسريعة وبدون أي تدخل جراحي.
قد يبدو للوهلة الأولى أن إنشاء بصمة لكل هدف يتطلب معرفة كاملة ومسبقة بشكل الجسم وحجمه ومادته، لكن أوبري يؤكد أن الطريقة مرنة للغاية، ويضيف: "لسنا بحاجة بالضرورة إلى معرفة الشكل أو المادة مسبقًا. ما نحتاجه هو أداة حسابية فعالة، تحليلية أو رقمية، قادرة على تحويل مصفوفة البصمة لأي نوع من الأجسام. ثم نبحث عن مجموعة المعلمات التي تُعطي أعلى توافق بين البصمة والبيانات المُقاسة. ومع التطور السريع في أدوات الذكاء الاصطناعي، يمكننا الآن إجراء مثل هذه العمليات بسرعة وكفاءة مذهلتين".
إعلانهذه النقطة جوهرية لأنها تعني أن التقنية لا تقتصر على الأهداف المعروفة مسبقًا، بل يمكنها اكتشاف أجسام غير متوقعة أو معقدة الشكل داخل الأنسجة أو المواد الصناعية.
في حين أن التجارب ركّزت على التصوير بالموجات فوق الصوتية، يؤكد أوبري أن المفهوم "عامل البصمة" أكثر مرونة، ويشرح: "يمكن أن يكون للطريقة استخدامات مهمة جدًا في المجالات العسكرية، حيث تحتاج إلى رصد أهداف معقدة مثل الألغام أو الطائرات المسيّرة في بيئات مليئة بالضوضاء. كما أنها مفيدة جدًا في اختبار المواد في الصناعات النووية أو الجوية، حيث تُمثل اكتشاف العيوب في البنى المعقدة تحديًا مستمرًا منذ عقود".
هذا الاتساع في نطاق الاستخدام يفتح الباب أمام تطبيقات إضافية في الاتصالات اللاسلكية والاستشعار عن بُعد وحتى الفيزياء البيئية، حيث يمكن تتبع الأجسام تحت الماء أو داخل التربة أو الصخور الكثيفة.
إن عامل البصمة ليس مجرد خوارزمية تصوير، بل هو مفهوم فيزيائي شامل يمكن تطبيقه في أي مجال تُستخدم فيه الموجات لاستكشاف المجهول. من الطب إلى الصناعة إلى الاتصالات، سنتمكن من الرؤية بوضوح داخل العوالم التي كانت حتى اليوم غارقة في الضباب.