سودانايل:
2025-05-08@20:05:19 GMT

رشا عوض بين جسارة الفكرة و براءة الموقف “2-2”

تاريخ النشر: 6th, November 2023 GMT

تناولت في المقال الأول جسارة الفكرة، عند الأستاذة رشا عوض باعتبار أن عملية وقف الحرب مجردة لا يكون لها مفعولا وسط الشعب الداعم للقوات المسلحة، و لكن الفكرة التي جاءت بها الأستاذة رشا و تتخلص في مصطلح " العدالة الكسبية" تحمل مضامين يمكن التفاعل معها من خلال ربط مصالح الجميع بعملية إنهاء الحرب، و تهيئة البيئة من أجل السلام و الاستقرار السياسي و الاجتماعي.

و بمعنى أخر؛ ربط مصالح الجميع بعملية السلام. و لكن هذه تحتاج لثقافة أخرى غير المنتشر الآن في التعامل السياسي الذي جعل القوى المدنية في حالة تشظي، و و أيضا جعلها غير قادرة أن تخلق توازن القوة في المجتمع. أن فكرة " المعادلة الكسبية" لا أعتقد أن هناك قوى سياسية يمكن أن ترفضها، إذا التزم الجميع بأن لا توضع أي شروط تجعل منها هيكلية تراتبية للقوى السياسية. أن أهم عامل كان قد أثر سلبا على " الإتفاق الإطاري" هو الهيكلية التراتبية التي صنعتها قحت " المركزي" فالقوى السياسية مهما كانت صغيرة لا تقبل أن تستغل ككمبارس. و كان على قيادات الحرية ان تعي هذه القضية ،و تضع قضية الوصول للتوافق من أجل الدولة الديمقراطية في قمة الأجندة، لأنها أكثر أهمية من السعي لاحتكار السلطة وفق مفهوم التراتبية الهيكلية التي أصرت عليها قيادات قحت.
أن مقال " العلاقة بين الديمقراطيين و الإسلاميين" يمكن أن تكون حرب ضروس بين الجانبين، و أيضا يمكن أن تتحول إلي توافق يضع أساس للدولة الديمقراطية، و كنت قد أشرت إليها كثيرا في العديد من المقالات. المؤكد أن مشروع الحركة الإسلامية قد فشل و أسقطته الجماهير، و ليس أمام عنصر الإنقاذ إلا أن يستوعبوا الذي حدث، و يقدموا نقدا على التجربة مع إجراء مراجعة لمرجعيتهم الفكرية، و يجعلوها تتلاءم مع قضية الديمقراطية، و ليس وحدهم؛ أيضا كل القوى الأيديولوجية في السودان هي في حاجة لإجراء مراجعات فكرية تتلاءم مع التحول الديمقراطي. و كنت قد أكدت تكرارا أن الفكر هو الأداة الناجع للتغيير، و ليس الشعار. خاصة أن أغلبية القوى السياسية تفتقد للعناصر الذين يشتغلون بالفكر، لذلك تجدهميكثرون من طرح الشعار لملء الفراغات. و يمكن أن يكون الشعار سلبي كما أشارت رشا " كل كوز ندوسو دوس" هذا شعار أصبح فزاعة للتخويف حتى لا يقول الناس أرائهم في الموضوعات المطروحة. و هو مناهض للعملية الديمقراطية.
تقول الأستاذة رشا في المقال (يجب صياغة مشروع السلام والديمقراطية بصورة مطمئنة للقواعد العريضة المساندة لأطراف الحرب سواء في المؤسسات العسكرية كالجيش والدعم السريع او "الحركة الإسلامية" لأن تحفيز هذه القواعد على قبول خيار السلام بخطاب متوازن سوف يضغط جديا على قياداتها) أن صياغة مشروع يجعل الوطن على قمة الأجندات، سوف يجد الدعم من قطاع واسع من الشعب السوداني. و ربما يجد الرفض و المواجهة مع كل دعاة الإقصاء. أن فكرة " العدالة الكسبية" قائمة على المشاركة في الفعل الإيجابي، و لا اعتقد هناك قوى سياسية ديمقراطية ترفضها، لأنها تهيء فرصة جديدة لإعادة بناء الوطن بأيادي الكل، و أفكار الجميع، المتسقة مع دعوات التحول الديمقراطي، و هي تحتاج لسند جمعي من قبائل الديمقراطيين الممارسين للديمقراطية و منتجين لثقافتها. أن الأفكار هي وحدها القادرة على أحداث تغييرات إيجابية في المجتمعات المتحولة من الشمولية إلي الديمقراطية.
تقول رشا في المقال (المنهج الذي يحكم مناقشتي لهذه القضية هو منهج “التغيير السلمي” الذي لا تملك القوى المدنية الديمقراطية بديلا له، منطق التغيير السلمي يحتم الحلول التفاوضية مع القوى التي تحمل السلاح والمثابرة على محاصرتها بالضغوط الشعبية لانتزاع التنازلات لصالح أهداف الثورة ممثلة في التحول الديمقراطي ، إذ لا مجال للاستئصال الكامل والسريع للخصوم في اجندة المناضلين السلميين، وعندما يتبنى المناضل السلمي خيارا استئصاليا لخصومه المدججين بالسلاح فهذا معناه انه يراهن على احدى القوى المسلحة الموجودة في معادلة الصراع، وهذا خيار بائس،) اتفق مع الأستاذة رشا أن منهج " التغيير السلمي" هو منهج القوى الديمقراطية و لا خلاف عليه لأن أدواته تنحصر في التفاوض و الحوار، لكن هل كل القوى التي ترفع شعار الديمقراطية مؤمنة بهذا المنهج، و كيف تتم الضغوط الشعبية في ظل الانقسامات الحادة في المجتمع، و الشروط التعجيزية المنثورة على صفحات البيانات. و معلوم عندما تأني دعوات الإقصاء لا يستطيع المرء يتنبأ بنوعية الأدوات التي يمكن أن تستخدم حتى لا تطبق هذه الدعوات، و هذه الحديث كررناه منذ الحكومة الأولى الانتقالية. و القاعدة السياسية كلما توسعت موائد الحوار بين القوى السياسية منعت بروز أدوات العنف. لكن هل كل المدنيين مقتنعين بذلك؟
عن الاستئصال تقول رشا ( أن الاصرار على الخيارات الاستئصالية في ظل معطيات الواقع السوداني ستقود الى تقسيم البلاد إذ من الصعب ان لم يكن من المستحيل ان تنتهي الحرب بسيطرة عسكرية حاسمة لطرفي النزاع على كامل تراب الوطن الواحد) هذا حديث منطقي، لكن القوى المدنية لا تعيره انتباها.. و دلالة على ذلك بيانها في أديس أبابا الذي جرد قاعدة اجتماعية عريضة حقها في أي مشاركة. و هذا لا يؤدي إلا لتصعيد الحرب و استخدام أدوات العنف لإثبات وجود. كان المتوقع من القوى الديمقراطية التركيز على المشتركات التي تسرع بوقف الحرب، و الشروع في عملية التحول الديمقراطي، و إعادة الإعمار، لكن أتضح أن الكل ينظر إلي الوطن بمنظار السلطة و كيفية الوصول إليها بأي ثمن كان و باي رافعات كانت.
تنتقل رشا بروح مترعة بالتسامح و تقول ( أن استنهاض الإرادة الوطنية للوقوف ضد الحرب والاغتسال من أدرانها وخبائثها، يستوجب تغييرا في المناخ النفسي والمعنوي ببث روح جديدة متسامحة ومتسامية تستلهم معنى الاية الكريمة ” لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما انا بباسط يدي اليك لأقتلك اني اخاف الله رب العالمين(. هذا ما أشرت إليه أن ضخ الأفكار للحل وحدها هي التي تغير طريقة التفكير و تنقل الناس إلي مربعات جديدة لذلك فكرة " المعادلة الكسبية" فكرة ذات حمولات إيجابية ثقيلة، إذا نظر اليها من ناحية الفعل التسامحي لأنه شعار جيد لتغيير السلوك و رواثب الماضي. و في ذات الوقت تنتقل رشا إلي براءة الموقف حينما تتهم البعض القوى بأنهم وراء شعال الحرب و تبرئ أخرين. هذه التبرئة كان الأفضل أن يكون لها مقال أخر لأنها ذات حمولات خلافية، و لا اريد الخوض فيها لأنني أيضا أتهم أخرين. ختاما التحية للأستاذة على هذه الجسارة الفكرية المطلوبة. نسال الله حسن البصيرة.

zainsalih@hotmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: التحول الدیمقراطی یمکن أن

إقرأ أيضاً:

“حماس”: المقاومة الفلسطينية تصر على اتفاق شامل لإنهاء الحرب وخارطة لليوم التالي

يمانيون../ أكد عضو المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، باسم نعيم، أن المقاومة تصر على اتفاق شامل ورزمة كاملة؛ لإنهاء الحرب وخارطة طريق لليوم التالي.

وقال نعيم، في تصريح صحفي، اليوم الأربعاء، إن هناك محاولات مستميتة قبل زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، عبر جريمة التجويع واستمرار الإبادة الجماعية والتهديد بتوسيع العمل العسكري؛ لإنجاز اتفاق جزئي يعيد بعض الأسرى الإسرائيليين مقابل أيام محدودة من الطعام والشراب.

وأشار نعيم، إلى عدم وجود ضمانات من أي طرف للوصول إلى وقف الحرب، خاصة مع توعد رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو، باستئناف الحرب لاستكمال المهمة التي أعلن عنها منذ بداية الحرب وفشله وجيشه، في تحقيقها على مدار 18 شهرًا، وهي “النصر المطلق واستعادة الأسرى”.

وشدد نعيم، على أن هذه المحاولات لن تنجح في كسر إرادة شعبنا ومقاومته، من تحقيق أهم شروط أي اتفاق “ضمان وقف الحرب”.

وبدعم أمريكي، يرتكب جيش الاحتلال الإسرائيلي منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 إبادة جماعية بغزة خلفت أكثر من 171 ألف شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 14 ألف مفقود.

مقالات مشابهة

  • تكلفة “حملة ترامب” ضد اليمن.. مسئولون امريكيون يكشفون عن رقم جديد
  • الاتحاد الأوروبي: الوضع في غزة لا يمكن أن يستمر
  • إطلاق النسخة الأولى من “البطولة المدرسية لألعاب القوى 2025” في الأردن
  • “نتنياهو” يتعود بمواصلة ضرب الحوثيين بغض النظر عن الموقف الأمريكي
  • التطور النوعي والجديد في حرب السودان بانتقالها من “حرب الوكالة” إلى “الحرب المباشرة”
  • الرئيس ماكرون: نحيي الخطوات التي قام بها الرئيس الشرع للاتفاق مع قوات سوريا الديمقراطية وضمان السلم الأهلي
  • “حماس”: المقاومة الفلسطينية تصر على اتفاق شامل لإنهاء الحرب وخارطة لليوم التالي
  • شرارة “السندور” حين تتجمّل الحرب بين الهند وباكستان
  • هل يؤدي قصف بورتسودان إلى توازن القوى وإنعاش السلام؟
  • ما قصة “بهار أكسو” التي أصبحت حديث الشارع التركي؟ تفاصيل محزنة جدًا