في غضون عقد من الزمن، نجحت مصر في القضاء شبه الكامل على التهاب الكبد الوبائي سي، وهو إنجاز أشاد به مجتمع الصحة الدولي ووصفه بأنّه «ليس أقل من مذهل»، وهو ما أبرزته صحيفة «تيليجراف» البريطانية، حيث أشارت إلى حصول مصر على مرتبة «الطبقة الذهبية» في القضاء على فيروس C.

وقال الدكتور خالد عبدالغفار، وزير الصحة والسكان، إنّ مصر قدذمت نموذجًا مثاليًا لرعاية مرضى التهاب الكبد الوبائي C، وأثبتت أنّ القضاء على فيروس التهاب الكبد الوبائي (سي) أمر ممكن على الرغم من كونها دولة منخفضة الدخل ومتوسطة الدخل.

وأوضح وزير الصحة والسكان، أنّ التهاب الكبد C هو فيروس يصيب الكبد وينتقل عن طريق الممارسات الجنسية وممارسات الحقن غير الآمنة وعمليات نقل الدم غير المفحوصة، متابعا: «غالبًا ما تكون العدوى المبكرة غائبة عن الأعراض ويصعب اكتشافها، ما يؤدي عادةً إلى الإصابة بالتهاب الكبد الوبائي المزمن (HCV)، وبمرور الوقت، أمراض الكبد، وأحيانًا تليف الكبد».

وذكرت الصحيفة أنّ نحو 58 مليون شخص على مستوى العالم يعيشون مع العدوى، 80% منهم لا يعرفون أنّهم مصابون بفيروس التهاب الكبد الوبائي - ويموت أكثر من مليون شخص كل عام بسبب أمراض مرتبطة به، مثل فشل الكبد والسرطان.

وأضافت أنّه بعد أن كافحت البلاد لعقود من الزمن لمكافحة المرض، الذي أودى بحياة 40 ألف مصري في عام 2015 وحده، فإنّ السرعة التي عكست بها البلاد حظوظها لفتت انتباه العالم.

مراكز الكبد المتخصصة

وتابعت الصحيفة، أنّه قبل عشر سنوات كان 14.7% من السكان مصابين بفيروس التهاب الكبد الوبائي (سي)، وكان أغلبهم في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي بسبب استيطان داء البلهارسيات، أو دودة البلهارسيا ــ وهي طفيل المياه العذبة الذي يعيش في المناخات الاستوائية وشبه الاستوائية، ولفترة طويلة، كان العلاج الوحيد المتاح هو حقن الجير المقيئ، والذي من شأنه تخليص الجسم من الطفيلي.

منال السيد، العضو المؤسس للجنة الوطنية المصرية لمكافحة التهاب الكبد الفيروسي، قالت إنّ المحاقن الآمنة أو البلاستيكية المخصصة للاستخدام مرة واحدة، لم تكن متوافرة كما هي موجودة الآن، بل كانت عبارة عن محاقن زجاجية قديمة يجب تطهيرها بين شخص وآخر - ولم يحدث ذلك بشكل صحيح، لأنه كان هناك علاج جماعي للناس في القرى، ونتيجة لذلك، استمر المرض في الانتشار، حيث أظهرت الأبحاث أنّ شخصًا واحدًا في مصر يمكن أن ينقل العدوى لـ4 أشخاص خلال حياته.

وفي عام 2008، أظهر المسح الصحي الديموغرافي الأول في البلاد أنّ 15% من السكان لديهم أجسام مضادة بعد التعرض لفيروس التهاب الكبد الوبائي، وأنّ 10% مصابين بالعدوى ويحتاجون إلى العلاج.

أوضحت العضو المؤسس للجنة الوطنية المصرية لمكافحة التهاب الكبد الفيروسي: «بدأنا في بناء بنية تحتية لمراكز الكبد المتخصصة داخل مرافق الرعاية الصحية الحالية، مدعومة بالحملات الإعلامية التي تم نشرها في الجامعات، والتي بدأت في زيادة الوعي بهذه القضية في سن مبكرة، كما بدأ أيضًا برنامج فحص، تم دمجه ضمن المسح الوطني للصحة الديموغرافية، مما ساعد على تحديد الأماكن التي كانت المشكلة أكثر حدة فيها بشكل أفضل».

تحول المد بعد أن وافقت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية على «سوفوسبوفير»، وهو دواء مضاد للفيروسات مباشر المفعول بنسبة شفاء تصل إلى 90% في أواخر عام 2013. وحذت الهيئة التنظيمية في مصر حذوها في العام التالي، والأهم من ذلك، وافقت الشركة المصنعة لشركة جلعاد ساينسز على بيع الدواء للحكومة بـ1% من سعر بيعه.

وأضافت منال السيد، أنّ مصر كانت فرصة جذابة لجلعاد أيضًا، وكانت مراكز العلاج المتخصصة وبرنامج الفحص الذي تم إطلاقه قبل 5 سنوات، يعني أنّنا نمتلك البنية التحتية، ولدينا قاعدة البيانات، وعرفنا عدد المرضى الذين يحتاجون إلى العلاج، وكان لدينا نظام تسجيل جيد جدًا، لذلك كان كل شيء جاهزًا.

وبحلول هذه المرحلة، كان لدى البلاد أيضًا آلاف الأطباء والممرضات المدربين على علاج فيروس التهاب الكبد الوبائي.

استراتيجية مشتركة مع منظمة الصحة العالمية ومراكز مكافحة الأمراض والوقاية

أطلقت مصر استراتيجية مشتركة مع منظمة الصحة العالمية ومراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها في الولايات المتحدة، نُشرت في عام 2014، جنبًا إلى جنب مع برنامج العلاج المضاد للفيروسات؛ وسجل مليون شخص في غضون أسبوع.

وذكرت منال السيد أنّ الأرقام كانت مذهلة، وأنّ مصر سرعان ما أصبحت «المخطط لجميع البلدان الأخرى لتطوير استراتيجياتها»، وفي حين حافظت خطة الحكومة المدعومة بالكامل على الزخم لبعض الوقت، بحلول عام 2017، بدأت عمليات التسجيل في التباطؤ.

وأكدت السيد، أنّ الأبحاث الإضافية أظهرت أنّ ما يقدر بنحو مليونين إلى 3 ملايين شخص في مصر مصابون بفيروس التهاب الكبد الوبائي دون أن يدركوا أنّهم مصابون به، وكان من الواضح أنّه لا يزال هناك الكثير من العمل الذي يتعين القيام به.

ووافقت منظمة الصحة العالمية مسبقًا على اختبار تشخيصي سريع في عام 2018، وتقرر المضي قدمًا في برنامج فحص وطني، بمبادرة رئاسية وإرادة سياسية للقيام بذلك في أقصر وقت ممكن، كما جرى إنشاء وحدات متنقلة في نوادي الشباب والمساجد والكنائس، وجرى تم تعبئة البلاد بأكملها، بدءًا من وسائل الإعلام إلى جميع أصحاب المصلحة، إلى جميع الوزارات، إلى الجميع: العلماء، والجمعيات العلمية، والمنظمات غير الحكومية، والمجتمع المدني، والمجتمع، وحتى الناس أنفسهم.

وجرى فحص أكثر من 60 مليون شخص، أي أكثر من نصف السكان خلال 7 أشهر ــ وهو «أكبر برنامج فحص في العالم أجمع» مع تحفيز المواطنين من خلال حقيقة أنّ فحص الأمراض غير المعدية يتم إجراؤه أيضا في نفس الوقت، ما شجع كثير من الناس، وأزال وصمة العار والتمييز بشأن الذهاب لإجراء اختبار التهاب الكبد C فقط.

وشخّصت مصر حتى الآن 87% من المصابين بفيروس التهاب الكبد الوبائي (سي)، وحصل 93% منهم على العلاج العلاجي – وهو ما يتجاوز المعدلات الذهبية التي حددتها منظمة الصحة العالمية والتي تبلغ 80 و70% على التوالي.

وجرى إنشاء برنامج لإدارة ومتابعة المرضى الذين يعانون من أمراض الكبد المتقدمة لتعزيز الكشف المبكر عن سرطان الكبد، لأن ذلك سيكون مشكلة لبضع سنوات قبل أن يبدأ في الانخفاض مع انخفاض معدل الانتشار.

والسؤال المطروح الآن هو كيفية تشجيع الدول الأخرى على اتباع نفس المسار، وأوضحت وزارة الصحة والسكان، أنّ مصر تتعاون مع العديد من البلدان والمنظمات للمساعدة في برامج القضاء على المرض في العديد من الدول الإفريقية والآسيوية، ويشمل هذا الدعم برامج بناء القدرات إضافة إلى توفير وسائل التشخيص والأدوية لفيروس التهاب الكبد الوبائي سي والتهاب الكبد بي من خلال التبرعات المباشرة، ويظل هذا إضافة إلى نجاح جهودهم، مصدر فخر كبير لجميع المشاركين.

وقال وزير الصحة: «أنا كمصري، شهدت منذ فترة طويلة مدى تأثير فيروس التهاب الكبد الوبائي بشكل خطير على الأسر المصرية، الذكريات السيئة والمعاناة كانت مرادفة لكلمة فيروس التهاب الكبد الوبائي، هذا الإنجاز التاريخي يجلب لمصر مستقبلا أكثر إشراقا، ويؤكد أنّه لا شيء مستحيل».

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: أجسام مضادة أربعة أشخاص أمراض الكبد إدارة الغذاء والدواء الأمريكية إرادة سياسية الأسر المصرية البنية التحتية التهاب الكبد الحملات الإعلامية آمنة فيروس سي منظمة الصحة العالمیة ملیون شخص فی عام

إقرأ أيضاً:

الكشف الطبي بالمجان على ١٠٦٨ مواطنا في قافلة طبية بدمياط

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

تلقت  الدكتورة منال عوض محافظ دمياط، تقريرًا من مديرية الصحة في  دمياط تضمن أبرز نتائج أول قافلة طبية تم اطلاقها فى ختام خطة شهر مايو  ٢٠٢٤ على  مدار يومى الأربعاء والخميس من  هذا  الأسبوع بعزبة أبو الفتوح بمركز كفر البطيخ.

 

حيث أشار البيان إلى أن القافلة تضمنت ٨عيادات طبية تردد عليها ١٠٦٨مواطن  تلقوا خدمات الكشف والعلاج بالمجان،  تم تحويل ٤ حالات إلى المستشفى لتلقى العلاج اللازم و إتخاذ الإجراءات اللازمة لاستصدار قرارات علاج على نفقة الدولة لحالة  ، هذا إلى جانب إجراء الكشف المبكر عن أمراض الضغط والسكر لعدد ٢١٠ حالة و فحص ٢٢ حالة بالأشعة و٢٧ حالة أخرى بالسونار وإجراء ٢٨٧ تحليل بمعمل الدم و٢٩ تحليل بمعمل الطفيليات، كما تضمنت القافلة إقامة ١٠ ندوات توعوية صحية حضرها ١٠٩ مواطن.

 

هذا ويشار إلى أن القوافل العلاجية المجانية تتم بشكل أسبوعى فى إطار خطة التعاون بين المحافظة و وزارة الصحة والسكان،  وتحت مظلة المبادرة الرئاسية "حياة كريمة"، حيث تتضمن عيادات متنقلة بكافة التخصصات الطبية ومعمل ووحدتين للأشعة وصيدلية لصرف العلاج اللازم بالمجان.


ونظمت مديرية الصحة في دمياط، دورة تدريبية لمسئولي العلاج على نفقة الدولة بالمستشفيات بناءا على تعليمات الدكتور السيد عبد الجواد وكيل وزارة الصحة بدمياط و ضمن استعدادات مديرية الصحة لادخال جميع التخصصات الطبية فى قائمة العلاج على نفقة الدولة و انشاء اقسام للعلاج على نفقة الدولة ببعض المستشفيات النوعية لتوفير العلاج لغير القادرين بشتى التخصصات .


وصرحت الدكتورة دعاء المحلاوي مدير ادارة العلاج على نفقة الدولة، بانه جرى اقامة دورة تدريبية عن انواع المطالبات المالية و كيفية تفعيل اكواد العلاج علي نفقة الدولة .

 

حيث استمر التدريب على مدار يومين ليشمل عدد ٣٠ فرد من مسؤولين عمل اللجان الثلاثية بالاضافة الى مسؤول ادارة من المستشفيات و ذلك بقاعة مستشفى الصدر

مقالات مشابهة

  • «الصحة العالمية»: مصر ستتخلص من مرض فيروس سي بشكل تام في 2030
  • تصرفات خاطئة عند زيارة مريض التهاب الكبد.. احذرها
  • الكشف الطبي بالمجان على ١٠٦٨ مواطنا في قافلة طبية بدمياط
  • «الصحة العالمية» لـ«الوطن»: زيادة حالات انتشار «كورونا» مرة أخرى في بعض الدول
  • تفاصيل حثول مصر على المستوى الذهبي لمواجهة فيروس سي (فيديو)
  • فيروس حمى الضنك.. أعراضه وكيف ينتقل إلى البشر وطرق الوقاية منه
  • الصحة: افتتاح وتطوير 20 قسما للعلاج الطبيعي بمستشفيات 10 محافظات
  • الصحة: افتتاح وتطوير 20 قسمًا للعلاج الطبيعي بالمستشفيات في 10 محافظات
  • «الصحة»: افتتاح وتطوير 20 قسما للعلاج الطبيعي بالمستشفيات في 10 محافظات
  • «الصحة»: افتتاح وتطوير 20 قسمًا للعلاج الطبيعي بـ10 محافظات خلال 3 شهور