الفول أم الحمص أم العدس أم الفلافل أم الطعمية.. أيها أفضل لمريض السكري؟
تاريخ النشر: 8th, November 2023 GMT
يواجه مريض السكري تحديا في السيطرة على مستويات السكر في الدم، ومن هنا فإن بعض الأطعمة قد تكون أفضل له مقارنة مع غيرها. ونناقش في هذا التقرير مجموعة من الأغذية الشعبية في عالمنا العربي ومدى ملاءمتها للمريض السكري.
وسنتحدث هنا عن العدس والفول والحمص والفلافل المحضرة من الحمص والطعمية المحضرة من الفول.
والسكري هو مرض مزمن يحدث فيه ارتفاع في غلوكوز الدم، وذلك نتيجة نقص إفراز هرمون الإنسولين وعندها يسمى السكري من النوع الأول، أو نتيجة زيادة مقاومة الخلايا لهرمون الإنسولين وعندها يسمى السكري من النوع الثاني.
ويعد السكري من النوع الثاني أكثر شيوعا، وهو يصيب البالغين الذين يعانون من زيادة الوزن وقلة الحركة، في حين يصيب السكري من النوع الأول اليافعين، ويحدث نتيجة مهاجمة جهاز المناعة لخلايا بيتا في البنكرياس التي تنتج هرمون الإنسولين وتدميرها.
وتنتمي الأكلات الخمس التي سنتحدث عنها إلى عائلة البقول، وتتميز بانها غنية بالألياف الغذائية والبروتينات النباتية، وأيضا تحتوي على الكربوهيدرات.
المؤشر الغلايسيميوحتى نقارن بين هذه الأغذية سنستخدم المؤشر الغلايسيمي، وهو رقم يشير إلى مقدار ارتفاع السكر في الدم بعد تناول غذاء معين.
ويصنف المؤشر الغلايسيمي الأغذية على مقياس من 0 إلى 100 بناء على مدى السرعة ومقدار رفع مستويات السكر في الدم بعد تناول الطعام. الأطعمة ذات المؤشر الغلايسيمي المرتفع، مثل الخبز الأبيض، يتم هضمها بسرعة وتسبب تقلبات كبيرة في نسبة السكر في الدم، أما الأطعمة ذات المؤشر الغلايسيمي المنخفض، مثل الشوفان الكامل، فيتم هضمها بشكل أبطأ، مما يؤدي إلى ارتفاع تدريجي في نسبة السكر في الدم.
الأطعمة منخفضة المؤشر الغلايسيمي لديها تصنيف 55 أو أقل، والأطعمة المصنفة 70-100 تعتبر أطعمة لها نسبة عالية من السكر في الدم، وأما الأطعمة المتوسطة المستوى فلها مؤشر غلايسيمي من 56 إلى 69.
كلما كان المؤشر الغلايسيمي لغذاء معين أقل، كان أفضل لمريض السكري.
والتالي المؤشر الغلايسيمي لهذه الأغذية، مع الإشارة إلى أن هذه الأرقام هي تقريبية وعامة، وتختلف بناء على طريقة تحضير الصنف ومدة القلي وما يضاف له من زيت أو طحينة:
العدس: 44 الحمص الحب: 28 الحمص المطحون مع الطحينة: 25 الفول الحب: 40 الفول المدمس: 30 الفلافل المحضرة من الحمص: 65 الطعمية المحضرة من الفول: 40يمكن ملاحظة أن جميع الأغذية السابقة هي منخفضة أو متوسطة المؤشر الغلايسيمي، وأقلها هو الحمص المطحون مع الطحينة.
بالمقابل فإن الفلافل أعلاها في المؤشر الغلايسيمي.
الحمص المطحون مع الطحينةهذا يعني أن الحمص المطحون مع الطحينة يمكن اعتباره الأفضل لمريض السكري. مع ذلك، هذا لا يعني أن الأغذية الأخرى ليست جيدة، بل هي مناسبة ولا ترفع سكر الدم بشكل كبير.
لكن على مريض السكري الانتباه إلى أن تناول الكثير من أي طعام قد يرفع سكر الدم، فمثلا يمكن تناول ملعقتي طعام من الحمص المطحون على الإفطار مع شريحة خبز، أما تناول صحن كامل مع رغيف كبير من الخبز والشاي بالسكر فبالتأكيد سيؤدي لرفع سكر الدم.
ويحتفل العالم في 14 نوفمبر/تشرين الثاني من كل عام باليوم العالمي للسكري، للتوعية بالمرض والتعامل معه.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: السکری من النوع السکر فی الدم
إقرأ أيضاً:
وداعا أيها الطيب
سلطان بن محمد القاسمي
يأتينا الفقد دائما بطريقة لا نتقن الرد عليها.. لا يقول: استعدوا، ولا يمنحنا مقدمات نهيئ بها أنفسنا للحزن، بل يدخل حياتنا بغتة ثم يغير معالمها.. يسقط أسماء من قوائم الوجود ويضعها في خانة الذكرى، وكأننا نستيقظ على أنفسنا نعيد ترتيب الذاكرة بالقوة.
ولأننا لا نتوقع الفقد من الأشخاص الطيبين، فإننا حين نفقدهم لا نحزن عليهم فقط بل نرتبك ونفقد توازننا معهم. لا نستوعب أنهم غادروا. لا نصدق أنهم لن يعودوا.
مات إدريس...
نعم، أكتبها الآن بعد أن مر وقت كاف على الخبر، لكنني ما زلت لا أقولها دون أن تسبقها في داخلي وقفة.
لم يكن مجرد صديق عابر، بل كان طيفا من الطمأنينة، أحد أولئك الذين يشعرونك أن في العالم أناسا خلقوا فقط ليجعلوه أكثر احتمالا.
ثلاثة فصول دراسية جمعتني به في كلية مزون، لكنها كانت كافية لأدرك أنه ليس عابرا، ولا مجرد اسم في قائمة الزملاء، كان يحمل في صوته دفئا، وفي حضوره سكينة، وفي تصرفاته قدرا عاليا من الذوق الذي لا يُدرّس.
الذين عرفوه عن قرب سيتفقون معي: إدريس لم يكن يتكلف في طيبته، لم يكن يتودد ليُحب، بل كان نقيا بطبعه، مريحا لمن حوله، ودودا دون تزلف، كريم الروح دون ضجيج، كان يملك القدرة النادرة على الحضور بخفة، والغياب بثقل.
كنت ألاحظ كيف يعامل الجميع بذات الروح، لا يفرق بين أحد، ولا يُظهر ميلا أو نفورا، كان يحسن الظن، حتى فيمن لا يحسن إليه، كان يسامح تلقائيا، ويتجاوز كأنه لا يعرف الحقد أصلا.
وذات يوم، وبينما كنا نراجع بعض دروسنا، التفتّ إليه وسألته ممازحا: (إدريس، بتخلص دراسة، وبعدين؟).
فرد ببساطة خالية من التعقيد: (أحلم أن أكون ضابطا، وأنتظر الشهادة بفارغ الصبر، كل شيء يبدأ منها).
كان الحلم يسكن صوته، والصدق يملأ عينيه، لم يكن يقولها من باب الأمنيات العائمة، بل من عمق إيمان حقيقي أنه خُلق لهذا الطريق. كان يرى في الزي العسكري وقارا، وفي خدمة الوطن غاية، وكان ينتظر اللحظة التي يُنادى فيها باسمه في طابور الشرف، مرفوع الرأس، مزدانا بالنجمة.
لكنه غادر قبل ذلك الطابور، رحل إدريس قبل أن تتحقق الأمنية، وقبل أن يرى في عيون والدته فرحة التخرج، وقبل أن يثبت لذاته أنه بلغ ما كان يحلم به.
حين وصلني خبر وفاته، لم أستوعب، ليس لأن الموت بعيد، بل لأن إدريس بالذات كان قريبا جدا من الحياة.
كنا نظن أن أمامه الطريق، وأن بسمته ستمتد معنا لسنوات، وأن الحديث عن مستقبله ما زال طازجا، ما زال مفتوحا، ما زال ينتظر.
في لحظة واحدة، بات حلمه هو الذي يُكتب عنه، لا هو، وبات الدعاء له، هو الطريق الوحيد الذي يوصلنا إليه.
إن إدريس لم يكن شخصا عاديا، كان محبوبا بالفطرة، رقيقا دون ضعف، كريما دون استعراض.
لم يكن مجرد صاحب وجه بشوش أو أخلاق راقية، بل كان نموذجا حيّا لما تعنيه الكلمة حين تقول: رجل خدوم.
ورغم أننا لم نكن نعمل في الجهة نفسها، إلا أنني كنت -بين الحين والآخر- أحتاج إلى إنجاز بعض المعاملات في مكان عمله، وما إن أخبره، حتى يبادر من تلقاء نفسه، دون أن يشعرني بثقل الطلب، أو يطلب توضيحا، أو يعتذر بانشغال.
كان يتعامل مع طلبي كأنه التزام شخصي، ينهي كل شيء بدقة وسرعة، يتابع المعاملة بنفسه، ويعود إليَّ مبتسما كعادته قائلا: تمت، لا تشيل هم
لم يكن ذلك يدهشني وحدي، بل كنت أراه يعامل الجميع بالطريقة ذاتها: خدمة بلا تكلف، ومساعدة بلا مقابل، وبشاشة لا تتغير.
كان إذا حضر في مكانه، شعر الجميع بأن الأمور ستسير كما ينبغي،
وإذا غاب، افتقد الناس تلك الروح التي كانت تحب أن تنجز، لا من باب الواجب الوظيفي، بل من باب النبل الإنساني.
وحين رحل، لم يرحل وحده، بل رحلت معه طمأنينة كنا نراها تتجسد في شخص.
رحلت تلك الابتسامة التي كنّا نلتفت إليها لنطمئن، ورحلت عبارات المجاملة التي لم تكن منه مجاملة، بل خلقًا.
تأملت بعد وفاته، كما يفعل الإنسان كلما ودع أحدا لا يعوض.
عدت أفتش في معنى الفقد، ومعنى الزمن، ومعنى الأعوام التي نعدها وكأنها مُلكنا.
هكذا، فالأيام هي تكوينة الأعوام، والأعوام هي نسيج أعمارنا، وفي كل عام يمضي، نخسر شيئا: مالًا جمعناه، أو رفيقا رافقناه، أو حلما كنا ننسجه سويا ثم انقطع.
وقد نكسب أيضا: رفقة جديدة، معلومة، أو ذكرى تبقى، لكن خسارة النبلاء من أمثال إدريس، لا يُعوّضها شيء.
وحين تمضي الأعوام، لا تعيدهم الأيام، ولا يرجع الزمن إلا في الصور، أو الذكرى، أو على شكل دعاء.
اللهم اجعل قبره روضة من رياض الجنة، واجعل الشهادة التي لم تُسلَّم له في الدنيا وساما في الآخرة، واجعل حلمه الذي لم يتحقق أجرا، اللهم بلغه منازل الصالحين، وارض عنه، واغفر له، واربط على قلوب أهله وزملائه ومحبيه، اللهم اجعل من كل لحظة طيبة عاشها بيننا نورا في قبره، وذكرا في السماء، وشهادة في الملأ الأعلى.
كان إدريس يحلم أن ينادى باسمه في طابور التخرج فناداه القدر أولا، فناديناه نحن في دعائنا، وكلنا يقين أنه قد سمعنا.
رابط مختصر