الجيش والدعم السريع يبدأن في تنفيذ اتفاق جدة
تاريخ النشر: 9th, November 2023 GMT
رصد – نبض السودان
أعلن الجيش وقوات الدعم السريع المفاوض، عن بدء إجراءات إيصال الإغاثة إلى ملايين الأشخاص الذين في أشد الحاجة إليها.
وتتحدث الأمم المتحدة عن معاناة ملايين السودانيين من انعدام الأمن، بينهم أكثر من 6 ملايين شخص على حافة المجاعة، بينما تزداد المخاوف من أن يقود إطالة أمد النزاع وتوسع نطاقه إلى زيادة أعداد الجوعى.
وقال رئيس وفد الجيش المفاوض اللواء محجوب بشرى، في خطاب رسمي إلى شركاء العمل الإنساني حصلت عليه “سودان تربيون”، الخميس؛ إن “القوات المسلحة وافقت على تشكيل منبر القضايا الإنسانية لإزالة العوائق التي تعترض انسياب الإغاثة”.
وتعهد بإكمال إجراءات التخليص الجمركي للعون الإنساني خلال 7 أيام عمل كأقصى حد، إضافة إلى البت في تأشيرات الدخول المتأخرة مع منح المدير القطري لأي منظمة إذن عمل وإقامة لمدة عام، مقابل 6 أشهر للموظفين.
وتجأر المنظمات العاملة في المجال الإنساني بالشكوى من وضع السلطات السودانية عراقيل امام منسوبيها بما يقلص من إمكانيات الوصول للمحتاجين كما شكت منظمات بينها أطباء بلا حدود، من تأخر السلطات في منح موظفيها تأشيرات دخول للبلاد.
والثلاثاء، أعلنت الوساطة المكونة من أميركا والسعودية والاتحاد الأفريقي ومنظمة الإيقاد عن توصل الجيش والدعم السريع لاتفاق يقضي بمعالجة معوقات إيصال الإغاثة عبر فريق عمل مشترك يرأسه مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية.
وكشف محجوب بشرى عن توجيه للسلطات في بورتسودان، بتسهيل إجراءات 90 شاحنة محملة بالإغاثة وتأمين سلامة القوافل بما في ذلك الموظفين ومواد الإغاثة.
بدوره، قال رئيس وفد الدعم السريع المفاوض العميد عمر حمدان، إنهم ملتزمون بتسهيل مرور الإغاثة دون عوائق مع ضمان حرية الحركة للعاملين في المنظمات الإنسانية وحماية أصولها ومكاتبها ومستودعاتها.
وتعهد بالامتناع عن التدخل في العمليات الإنسانية، معلنًا موافقتهم على تعيين منسقين للتنسيق المدني ــ العسكري بقيادة الأمم المتحدة، إضافة لتشكيل وحدة تكون مسؤولة عن سلامة وأمن العمليات الإنسانية.
ويشكك البعض في قدرة المنظمات على ايصال المساعدات بسبب عدم توصل طرفي النزاع لاتفاق وقف إطلاق النار.
وأكد مكتب تنسيق المساعدات التابع للأمم المتحدة حاجته لضمانات موثوقة من أطراف النزاع للتأكد من أن الإغاثة والعاملين في المجال الإنساني والأصول تتحرك بأمان عبر خطوط الصراع، خاصة مع عدم القدرة على الوصول إلى مناطق مزقتها الحرب من بينها الخرطوم ودارفور وكردفان.
وطالب المكتب بضرورة إتباع تعهدات الجيش والدعم السريع بإجراءات فورية وملموسة، من أجل إزالة العقبات التي تمنع تقديم الإغاثة المنقذة للحياة.
واندلعت حرب شرسة بين الجيش وقوات الدعم السريع منذ 15 أبريل المنصرم، دفعت 5.9 مليون شخص للفرار من منازلهم، كثير منهم يعيشون في ظل أوضاع إنسانية قاسية.
المصدر: نبض السودان
كلمات دلالية: الجيش السريع والدعم يبدأن
إقرأ أيضاً:
غزة: وجبات الموت على موائد الإنسانية
من الصعب أن يجد المرء مفردة ملائمة يمكن لها أن تصف وتستوعب هول ما يحدث في غزّة سوى الشر. شرّ مطلق تحرّر حتى من الحد الأدنى من القيود والضوابط والروادع، التي مهما كانت شكلية، فإنها، أحياناً، تنجح في لجم وكبح الشرّ المتوحّش الكامن وتحدّ من تمظهراته.
هذا شر متحرّر من كل الأطُر والتخريجات، التي تبرّر تبعاته وتعقلنه، وتجد له الأعذار بعد وقوعه. فغالبية المجتمع الإسرائيلي، حسب الاستطلاعات التي نشرت مؤخراً، تؤيّد التطهير العرقي ومحق الفلسطينيين. وهناك عشرات، بل مئات التصريحات والتسجيلات المتاحة التي يظهر فيها ساسة وصحافيون ومواطنون إسرائيليون، يطالبون بتسوية غزة وتحويلها إلى «موقف سيارات» وطرد أهلها، وحتى استخدام السلاح النووي.
65% من الإسرائيليين لا يعتقدون أن هناك «أبرياء» في غزّة، وقد شاهد العالم بأسره منذ بدء حرب الإبادة ما يكفي ويفيض من لقطات سجّلها جنود يتلذذون ويحتفلون بساديّة بجرائمهم. المجتمع الإسرائيلي اليوم في مرحلة متقدمة من الهيجان الإبادي، يهلّل فيها للقتل كما لو كان رياضة، حتى المظاهرات المعارِضة التي تخرج في تل أبيب والتي تكثر وسائل الإعلام العربية، والغربية، من التركيز عليها، ليس جمهورها عموماً ضد الحرب والإبادة بالمطلق، بل تنحصر مطالبها بوقف إطلاق النار لاستعادة الأسرى، ويمكن استئناف الحرب بعد ذلك.
لكن لكل هذا الشر المطلق والجرائم الفظيعة المقترفة يومياً، شُركاء وحلفاء، من أنظمة قريبة، وأخرى بعيدة، ومنظومة شركات أسلحة ومعلومات ومؤسسات أمنية وإعلامية تنتظم وتتضافر في محوره. في خطاب ألقاه في 2002 استخدم الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن مصطلح «محور الشر» لوصف العراق وإيران وكوريا الشمالية، باعتبارها دولاً تدعم الإرهاب آنذاك.
وكان ذلك لتجييش الرأي العام الأمريكي والعالمي لاحتلال العراق. وكان أحد كتبة الإمبراطورية، ديفيد فروم، قد اقترح «محور الكراهية» لكن كاتب خطابات بوش استقرّ على «محور الشر». وأنا أكتب هذه السطور، وقّع 100 من صحافيي هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» رسالة يؤكدون فيها أنهم أُجبروا منذ بدء حرب الإبادة على تقديم خدمات علاقات عامة لإسرائيل.
ومن إنجازات محور الشر ما يسمّى «مؤسسة غزة الإنسانية» التي تقتل العشرات من الغزيّين الجوعى العزّل، الذين يتوجهون إلى مراكز التوزيع الأربعة (أو مصائد الموت) التابعة لها، بحثاً عما يسد رمقهم ورمق أحبتهم من النزر اليسير في مجاعة هي سلاح آخر تطعن به إسرائيل من ينجو من القصف.
«مؤسسة غزة الإنسانية» وصفتها فرانشيسكا آلبانيزي المقررة الأمميّة المعنيّة بحقوق الإنسان في فلسطين، بأنها «فخ موت مصمّم لقتل أو تهجير السكان»
قبل أيام طالبت أكثر من 170 منظمة خيرية وغير حكومية بإيقاف عمل هذه المؤسسة المشبوهة فوراً، لأسباب واضحة، والعودة إلى آليات ومنظمات الأمم المتحدة لتوزيع المعونات في غزة.
وتعود فكرة وجذور هذه المؤسسة إلى الشهور الأولى من حرب الإبادة، حين اجتمع عدد من المسؤولين الإسرائيليين ورجال الأعمال (وهذه نقطة غاية في الأهميّة) لمناقشة آفاق «اليوم التالي» في غزّة، أي إحكام السيطرة على حيوات وحركة الغزّيين باستحداث آليات وهياكل بديلة، بعد تدمير الهياكل الفلسطينية، وتمزيق النسيج الاجتماعي، وتعطيل أو تحييد مؤسسات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية.
واستعان الإسرائيليون بالمدعو فيل رايلي، الذي عمل مع وكالة الاستخبارات الأمريكية «سي آي أي» لما يقارب الثلاثة عقود وكان قد ساهم في تدريب الميليشيات اليمينية في نيكاراغوا في الثمانينيات، ثم شغل منصب مدير محطة المخابرات الأمريكية في كابل، بعد الغزو الأمريكي، قبل أن يؤسس شركة أمنية في الولايات المتحدة.
وأسس رايلي بعد المشاورات مع الإسرائيليين شركة جديدة لتتولى تنفيذ عمليات «مؤسسة غزة الإنسانية»، أي جلب المرتزقة الذين سيطلقون النار على الفلسطينيين! وكان واضحاً منذ البداية أن المؤسسة مشروع إسرائيلي أمريكي، لا يتمتع بأي استقلالية، وقد نددت به المنظمات الإنسانية كافة ورفضت الأمم المتحدة التعاون معه، حتى المدير التنفيذي للمؤسسة جيك وود، استقال في مايو الماضي لاقتناعه باستحالة تنفيذ خطة لتوزيع المساعدات على سكّان قطاع غزة «مع الالتزام الصارم بمبادئ الإنسانية والحياد والنزاهة والاستقلالية».
وإذا كان لدى وود بقايا ضمير منعه من الاستمرار في العمل، وتنفيذ مهام في هذه المؤسسة، فإن خلفه القسيس الإنجيلي جوني مور، الذي عين في يونيو، مؤمن بمهمة المؤسسة ولا يكل من الدفاع عنها، وترديد أكاذيب الجيش الإسرائيلي والتشكيك بمنتقديها في الحوارات التي تجرى معه، حتى بعد تراكم التقارير والمشاهد التي توثق القتل اليومي وظهور اللقطات المسربة من المرتزقة الأمريكيين أنفسهم»، ويجسّد مور هذا في مسيرته وتوجهاته وخطابه التقاء مصالح وتوجهات المسيحيين الصهاينة، من الإنجيليين، مع اليمين المحافظ وفاشية ترامب.
فهو رجل دين ورجل أعمال أسّس شركة علاقات عامة. وكان مور قد ترأس المجلس الإنجيلي الاستشاري لحملة ترامب الانتخابية الأولى، وكان من الذين يترددون على البيت الأبيض لحضور اجتماعات سياسية وإقامة صلوات! وهو عضو في المجلس الاستشاري لمؤسسة الزمالة الدولية المسيحية اليهودية التي تشجع على الهجرة اليهودية إلى فلسطين باعتبارها تحقيقاً للنبوءات التوراتية.
وكان لمور، الذي عيّنه ترامب مرتين في اللجنة الأمريكية الحريات الدينية، دور في إبرام اتفاقات السلام الإبراهيمي ونقل سفارة الولايات المتحدة إلى القدس، وهو يفخر بعلاقاته الوثيقة مع عدد من الأنظمة العربية وزياراته لقصور الملوك والأمراء. وكان من الذين أثنوا على خطة ترامب لتهجير الغزيين وتحويل غزّة إلى مشروع سياحي. وهذا هو ما تساهم فيه «مؤسسة غزة الإنسانية» التي وصفتها فرانشيسكا آلبانيزي، المقررة الأمميّة المعنيّة بحقوق الإنسان في فلسطين، بأنها «فخ موت مصمّم لقتل أو تهجير السكان».
القدس العربي