قدرية التوبية: التكلف في استقبال الأقارب يزيد الفجوة .. والتنشئة الدينية الحل الأمثل

وليد المحروقي: وسيلة تخدم صلة الرحم وليست أساسًا يُعتمد عليه

مع تطور التقنية برزت لدى الآباء تحديات كبيرة أبرزها: اعتماد الجيل الحالي على التقنية بشكل كبير في التواصل مع الأرحام بدلا من القيام بواجب الزيارة بشكل مباشر؛ مما انعكس بشكل سلبي على قوة العلاقات العائلية التي ينبغي أن تكون أشد وثاقا بين الأبناء من جهة وأقاربهم من جهة أخرى، وباتت الثغرة تزيد وتكبر حتى بين الأبناء ووالديهم، ومن هذا المنطلق استطلعنا آراء بعض المختصين والمربين وكبار السن والأبناء؛ للتعرف عن قرب عن مدى انتشار هذه الظاهرة، وما لها من تداعيات قد تؤثر على الروابط العائلية.

شرحت قدرية بنت ياسر التوبية، رئيسة قسم الرعاية الاجتماعية والنفسية بمركز رعاية الطفولة، أسباب اعتماد الجيل الحالي بشكل شبه كلي على وسائل التواصل الاجتماعي سواء باتصال أم رسالة أم مقطع مرئي في التواصل مع الأقارب والأرحام، حيث قالت: إن من بين الحجج ضيق الوقت والسرعة في الاتصال وعدم التفرغ، والحياء لدى البعض، وعدم القدرة على التعامل أو التخاطب مع الأقارب واختصار الأبناء للوقت والجهد، وأضافت: البعض الآخر يفكر في اقتناء جهاز جديد أو لبس جديد أو سيارة أخرى يقابل بها الأقارب، حيث إن التكلف في استقبال الأقارب والضيوف والمباهاة في التوزيعات والوجبات المقدمة واستئجار الاستراحات هو من أهم الأسباب؛ نظرا لكلفتها المالية وعدم تمكّن جميع الأسر من تلبية هذه المتطلبات مقارنة بالدخل المالي، مما أدى إلى ضعف الروابط الأسرية والقيم الأخلاقية، والتعبير عن المواقف أو الأخبار التي تخص العائلة بتعبيرات غير حقيقية باستخدام الملصقات التعبيرية التي لا تعبر عن المشاعر الحقيقية للمرسل، مشيرة إلى دور الوالدين في التوعية يتمثل من خلال عمل نظام لتبادل الزيارات وتحديد وقت من أيام الإجازات؛ لتوطيد العلاقات الأسرية واصطحاب الأبناء في جميع المناسبات كالأعراس والعزائم ومجالس العزاء وزيارة المرضى، وزيارة الأرحام بشكل عام دون وجود مناسبات. وأشارت التوبية إلى ضرورة توعية الأبناء بأهمية بناء الروابط الاجتماعية مع الأقارب وعدم الاعتماد الكلي على وسائل التواصل الاجتماعي، والأهم من ذلك تعزيز دور التنشئة الدينية للأبناء في هذا الجانب استنادا على ما جاء به القرآن الكريم والسنة النبوية وسيرة السلف الصالح وعادات الأجداد في ترابطهم.

أما وليد بن سعيد المحروقي فقد عبّر عن الدور الذي تلعبه وسائل التواصل الاجتماعي في تقريب البعيد عبر التطبيقات التي تتيح مكالمة الشخص سواء بالفيديو أو الاتصال، مشيرا أن تأثيرها السلبي واضح في تباعد الناس عن بعضهم البعض خاصة في المناسبات الأسرية، وهو ما يتضح من خلال انشغال الأغلبية بأجهزتهم أثناء تجاذب الحاضرين أطراف الحديث، وقال: إن من الأهمية تخصيص وقت محدد للدخول لتلك البرامج ومتابعة الأحداث والترفيه، وإن الانشغال بها أثناء اجتماع الأسرة يؤدي لاتساع الفجوة بين الأفراد مما يودي إلى التفكك الأسري.

وأكد المحروقي أن الاستخدام الإيجابي لوسائل التواصل الاجتماعي يجعل صلة الرحم أقوى، فهي وسيلة تخدم صلة الرحم وليست أساسا يعتمد عليه، فضلًا عن فائدة الاجتماع المباشر مع الأرحام لإبعاد الضغينة بالمصافحة المباشرة وبالتبسم في وجه أخيك، وهذا ما لا يحدث بوسائل التواصل الاجتماعي. وقال: إن الإشكال في الألفة، التي فُقدت بين الأهل والأرحام، فصارت الصِّلة إلكترونية، ودعوة الزواج إلكترونية، والتذكير بالمواعيد وأخبار المناسبات كلها إلكترونية. وقال: مع تقدم التقنية تغيرت مفاهيم التواصل بين الأقارب حتى وصل الحال لطمس قيمة صلة الأرحام وحصرها في وسائل التواصل الاجتماعي، ورغم ذلك يرى أن التقنية وفرّت "مشاوير" كانوا يعانون من طول مسافتها ليصلوا إلى أقاربهم، إذ يستطيعون رؤيتهم والتحدث معهم ولو كانوا في أبعد موقع على الأرض. مؤكدا أن التطوير المستمر للتكنولوجيا قد يستحدث غدا تقنيات جديدة في التواصل، فعلى مر العصور تكونت اللغة، ومنها تفرعت اللهجات باختلاف اللكنات والمفردات، ولغة الإشارة، وجميع تلك التغيرات صاحبها تغيرات اجتماعية حملت جوانب إيجابية وسلبية، إلاّ أنها سهّلت التواصل بين الأفراد والجماعات، مضيفا أن التواصل الاجتماعي قد أمّن فرصا لمن يعانون من إعاقات سمعية وبصرية، حيث توفر التقنية إمكانات تسهل عليهم التواصل مع الآخرين رغم إعاقتهم، وكذلك في الانضمام للمجموعات ذات الاهتمام المشترك.

من جهتها عبرت غاية بنت الصياح المحروقية، عن الأثر النفسي الذي يخلفه رؤية الأبناء والأحفاد لوالديهم وأجدادهم واصفة طلة الأبناء على والديهم وأجدادهم واهتمامهم بهم أنها تشكّل "نصف العافية"، وعبرت عن فائدة التقنيات في تواصل الأهل مع الأبناء خاصة عند السفر للدراسة أو العمل، وقالت: إن البنت عندما تقوم مقام أبويها في تقديم العون لجدتها في حالة مرضها من تنظيم غرفتها وتدبير أمورها وتقديم الأدوية لها والتحدث إليها، حيث قالت: إن ذلك الوقت ولو كان قصيرا يكون له الأثر الكبير في نفس الجدة التي تكون شاكرة لها، وكذلك الولد الذي يهتم بجده الذي أصبح مرهقا ومتعبا جراء تحديات الحياة فيجد أبناء أولاده سندا له، يأخذونه للعلاج أو لزيارة شخص عزيز عليه فيصبح الحفيد بمثابة الابن. مشيرة إلى أن الوالدين هم القدوة وأن يكونوا على قدر من المسؤولية من أجل أن ينشأ أبناؤهم التنشئة الصالحة.

عبرت حنان بنت حمدان المعمرية، عن رأيها قائلة: إن لكل جيل سلبيات وإيجابيات تتحكم بها الفترة الزمنية التي يعيشها كل جيل، وقد شهد الجيل الحالي تطور التقنيات بشكل كبير مما دفعه للاعتماد عليها في جوانب عديدة، وقالت: أنا لست ضد التواصل عن بعد؛ لأنه يقرب المسافات ويخفف من شوق الإنسان لأحبابه وأقاربه وسط زحام أعماله الحياتية، ومهما كان، لا يتطلب التواصل عن بعد إلا دقائق معدودة وأفضلها الاتصال المرئي كون الإنسان يكون حاضرا صوتا وصورة فهي أقرب درجات وسائل التواصل عن بعد من الحضور المباشر، غير أنها لا يجب أن تلغي تلك الوسائل أهمية التواصل والتجمع وجها لوجه مع العائلة والأصدقاء، فالحضور المباشر له تأثير نفسي مختلف تماما عن الاتصال عن بعد.

قالت خلود بنت حمود الهاشمية: إن وسائل التواصل الاجتماعي لا تعتبر بديلا مناسبا عن زيارة الأرحام، وإن أحوال الشخص المقرب لا يمكن معرفتها إلا بالزيارة المباشرة، مضيفة إلى أن التواصل عن بعد يجب أن يقتصر على وقت محدد فقط مثل الاطمئنان في حالة المرض أو في الحالات الاضطرارية فقط، دون أن يتم الاعتماد على وسائل التواصل الاجتماعي كأداة أساسية بديلة عن الزيارة المباشرة لما لها من أهمية في توطيد العلاقات وترابطها.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: وسائل التواصل الاجتماعی التواصل عن بعد صلة الرحم

إقرأ أيضاً:

أهالى قرية النجاجرة بأسوان يهدمون وكرا للمخدرات لحماية الأبناء من السموم

 قام العديد من أهالى قرية النجاجرة بمركز كوم أمبو شمال أسوان بهدم وكر لتجارة المخدرات لحماية ابنائهم من الانسياق وراء تجار السموم وإدمان المواد المخدرة. 

وتضمنت تفاصيل هذه البادرة باتفاق أهالي قرية النجاجرة بالتجمع على طريق القاهرة - أسوان الزراعي أمام القرية، ليعلنوا بذلك رفضهم لوجود وكر للمخدرات داخل قريتهم، وانتقل أهالي قرية "النجاجرة" بشكل منتظم إلى موقع وكر المخدرات وقاموا بهدم الوكر باستخدام لودر للقضاء عليه بشكل كامل والحفاظ على سلامة شباب القرية.

شباب القرية أسوان .. افتتاح قصر ثقافة أبو سمبلأسوان فى 24 ساعة| تكثيف النظافة لاستقبال عيد الأضحى.. إزالة التعديات وضبط مخالفات السيارات

وشهدت هذه الاحداث إصابة شخص بطلق نارى ، وتم نقله إلى المستشفي لتلقي العلاج وتقديم الرعاية الطبية اللازمة.  

وكان قد أطلق اللواء دكتور إسماعيل كمال محافظ أسوان، الثلاثاء الماضي، فعاليات مبادرة "أسوان بلا إدمان"، في حضور المهندس عمرو لاشين نائب المحافظ، والدكتور لؤى سعد الدين القائم بأعمال رئيس الجامعة، فضلًا عن ممثلين لأهالي القرى من الرجال والسيدات، والقيادات التنفيذية والعسكرية، الذين وقفوا دقيقة حداد على ضحايا إدمان المخدرات.  

وأكد الدكتور إسماعيل كمال، محافظ أسوان، أن الهدف من هذه المبادرة المحلية هو وضع آلية واضحة ومحكمة وتوجيه الحراك المجتمعي نحو بناء بيئة داعمة للمتعافي، والتعامل مع مشكلة انتشار المخدرات من خلال التكاتف والتلاحم بين الأهالي ومنظمات المجتمع المدني والجمعيات الأهلية والجهات التنفيذية، حيث ترتكز المبادرة على منهجية شاملة تضم 3 محاور أساسية تتمثل في المكافحة الاتجار وتتم بواسطة الأجهزة الأمنية بمديرية أمن أسوان، بقيادة اللواء محمد أبو الليل بالتعاون مع المواطنين.  

والمحور الثاني يتمثل في تقديم العلاج المجاني المناسب للمدمنين من خلال مركز العزيمة بمدينة أسوان الجديدة، ومستشفى التكامل بالسد العالى شرق حيث أن المدمن يعامل على أنه مريض، وليس مذنب، وثالث المحاور هو التوعية من أجل رفع الوعى بخطورة المخدرات.  

ولفت إلى أهمية الدور الدعائي من خلال تخصيص الخطبة الثانية فى صلاة الجمعة القادمة، وأيضًا في عظات الكنائس للحديث عن الآثار السلبية للمخدرات والإدمان، والتعريف بالخط الساخن رقم  ١٦٠٢٣ لتلقي العلاج، وهو الذي يتوازى مع قيام هيئات الرعاية الصحية والتأمين الشامل بتوفير الفحوصات والتحاليل الطبية اللازمة مجانًا للمرضى، فضلًا عن تقديم البرامج الإقتصادية لمرحلة "ما بعد التعافي" بالتعاون مع جهاز تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة والبنوك الوطنية لمنح قروض ميسرة لإقامة مشروعات إنتاجية، وتوفير الدورات التدربية والتأهيلية لسوق العمل لدمجهم فى المجتمع.

طباعة شارك أسوان محافظة أسوان اخبار محافظة أسوان

مقالات مشابهة

  • وزارة الأوقاف تصدر بيان بمناسبة اليوم العالمي للوالِدَيْنِ
  • د. عصام محمد عبد القادر يكتب: الأُمَّ مؤسسة تربوية عظيمة
  • منصات التواصل الاجتماعي تعزز الاضطرابات الغذائية وتعوق التعافي منها
  • محافظ المنوفية يلتقى وفد الحملة القومية للكشف المبكر عن الأورام السرطانية
  • بإطلالة ملفتة.. صبا مبارك تشعل مواقع التواصل الاجتماعي بنيولوك جديد
  • “إنجاز كبير للحكومة”.. مواطنون في دمشق يعبرون عن رأيهم بمذكرة التفاهم التي وقعتها وزارة الطاقة مع مجموعة UCC الدولية
  • أهالى قرية النجاجرة بأسوان يهدمون وكرا للمخدرات لحماية الأبناء من السموم
  • فتاة تتضرر من نشر شاب فيديوهاتها الخاصة عبر وسائل التواصل الاجتماعي
  • القاضي قطران يكشف عن تلقيه تهديداً بالقتل من قيادي حوثي
  • الأونروا: لدينا في عمّان إمدادات تكفي 200 ألف شخص لشهر كامل في غزة