عطاء الأم نهر جارٍ، لا ينضب، بل، لا يتأثر بمتقلبات، ومتغيرات، وتحديات، وصعوبات الحياة؛ فلديها وجدان صافٍ، ومحبة تغمر محيطيها، وتفانٍ من أجل الغير، وثبات على مبادئ، وقيم نبيلة، تستلهم منها مقدرتها على الوصال، وتتجاوز بها شتى العقبات، وتذهب بها إلى نهاية المسار؛ فتكون قد أدت رسالتها، وتركت الأثر الباقي، وحفرت في الأذهان، والوجدان معان عميقة، يتبادلها جيل تلو الآخر؛ فرغم أن غريزة الأمومة تفيض حنانًا؛ إلا أنها محاطة بسياج من معايير التربية، التي تستهدف تعديل السلوك في الاتجاه المرغوب فيه.

عظمة التربية التي تقوم بها الأم، تتمثل في خلق نشء، يمتلك البنيان، الذي يعينه على أداء مهامه، التي توكل له، في خضم حياة مفعمة بالحيوية، وغرس معان لمفاهيم، من شأنها أن تبني فكرًا إيجابيًا، يساعد فلذات الأكباد على تخطيط مستقبلهم القريب، والبعيد على السواء، كما يهيئهم للتكيف مع صور الأحداث الجارية منها والمستقبلية، ناهيك عن تقويم مستدام، لا يصيبه الملل، أو الكلل، أو الفتور، بل، يمتد طيلة مسيرة الحياة، التي يكتبها الله – تعالى – للأم عظيمة القدر، والمقدار.
مؤسسة الأم التربوية، تمد الأبناء بطاقات متجددة، وتنمي الوعي بكل أنماطه لديهم؛ كي يصبحوا قادرين على تحقيق ماهية الاستخلاف؛ فيتفهمون أدوارهم، وينغمسون في مهام، قد تبدو من قبيل التكليف، أو التشريف، وهنا نرى ملامح البناء، والإعمار، والإضافة؛ فتتعالى الهمة، والإرادة، تجاه رقي، وازدهار، مستل من ثقافة، تم غرس مفرداتها في الوجدان؛ فصارت العمل على تسخير موارد الحياة؛ من أجل رفاهية الإنسان من الأولويات، وقد أضحى الخلاف، والنزاع، والتناحر، والصراع، بعيدًا عن فكر، يستهدف غايات تحمل الخير في خضم مجالات الحياة المختلفة.
المؤسسة التربوية العظيمة خاصة الأم، تؤكد على فلسفة التضحية، التي يرصدها، ويعيش مفرداتها الأبناء؛ فدومًا ما نتعلم منها ماهية الإيثار؛ حيث إن بنك عطاء الأمومة، يحوي في داخله مقومات سعة الصدر، وقوة للتحمل، وصبر من نفس مطمئنة، تدرك أن التربية تعتمد على استراتيجيات طويلة المدى؛ ومن ثم ترى طريقها بوضوح، وتعمل بكل جد، واجتهاد؛ كونها قدوة لفلذات الأكباد على الدوام.
تربية الأبناء على التحمل في مؤسسة الأمومة تجعل النفوس تتحمل، والأبدان تقوى، فما يتلقاه الأبناء من رعاية مكسوة برأفة، وحب، وقضاء للحوائج وتحمل للضغوط، ولين في التعامل، وروية في تناول القضايا الخاصة بالأبناء، وهدوء في النقاش، كل ذلك يجعل فلذات الأكباد يتقبلون النصح، والإرشاد، ويقدرون الجهود التي تبذل من أجل تعزيزهم نحو مسيرة الكفاح؛ بغية الوصول إلى النجاح؛ فقد بدت المكافأة في رضا الأم غاية لا نظير لها.
تحمل ذكرياتنا مقدرة أمهاتنا على صقل أذهاننا بمتلون الثقافة النقية الخالية من تضمينات لا تتسق مع قيمنا النبيلة، بل، المعرفية التي تحتويها صحيحة، تهذب وجدانياتنا رغم كونها بسيطة في تراكيبها، وبارعة في تعبيراتها، وتؤدي بواسطة مشاعر راقية، بكلمات رقراقة؛ فنحن بصدق نحب تاريخ تربيتنا، وتأمل أن يدرك فلذات الأكباد أن أصولنا لها جذور راسخة، تستمد قوتها من حفاظ مؤسسة الأمومة على قيم، تعضد حب الوطن، وتعلى من قدره، وتبجل رموزه.

التربية في مدرسة الأمومة متكاملة؛ حيث تشمل ترقية الوجدان، وتنمية المعارف، وصقل المهارات، خاصة الحياتية منها، والاجتماعية؛ ومن ثم يصبح الإنسان منا متحملًا لمسئولية محددة، تكمن في بذل أقصى ما في الجهد من أجل أن يحقق النجاح الذي يتمناه في مجاله، وهذا يجعل الجميع في حالة تأهب؛ كي يستكمل مسيرته، ولا يتقبل في طريقه مسميات الفشل، أو التراجع؛ فالإنجاز تلو الآخر يعد شعار كل مرحلة من مراحل عمرنا.
مدرسة الأمومة تبذل أقصى ما في الجهد، بل، تتحمل ما لا يطيقه الجبال، ونهمس في آذان الأبناء، ونقول لهم برفق، إن الأمومة نعمة منح الله - عزوجل-البشرية إياها، وبدونها لا تستطيع البقاء، فندعو لأمهاتنا الذين هم على قيد الحياة بالصحة، والعافية، والعمر المديد، وبالرحمة والمغفرة، وجنات النعيم لمن رحل إلى دار البقاء، ونأمل أن نكون لهن واصلين، بارين ما حيينا.. ودي ومحبتي للجميع.

طباعة شارك عطاء الأم معايير التربية تعديل السلوك مدرسة الأمومة

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: عطاء الأم معايير التربية تعديل السلوك من أجل

إقرأ أيضاً:

محمد أبو العينين: نهر النيل شريان الحياة للشعب المصري وحق مصر في حماية أمنها المائي| فيديو

أكد النائب محمد أبو العينين، وكيل مجلس النواب، رئيس الجمعية البرلمانية للاتحاد من أجل المتوسط، أن انطلاق أعمال الجمعية البرلمانية للاتحاد من أجل المتوسط وقمة الرؤساء بمجلس النواب، يعتبر يوم تاريخي، حيث نحتفل اليوم بمرور 30 عاما علي انطلاق عملية برشلونة.

واستعرض الإعلامي أحمد موسى خلال تقديمه برنامج «على مسئوليتي»، والمذاع على قناة صدى البلد، كلمة النائب محمد أبو العينين في انطلاق أعمال الجمعية البرلمانية للاتحاد من أجل المتوسط وقمة الرؤساء بمجلس النواب.

وتابع أبو العينين: «انتهز الفرصة من القاهرة ومن البرلمان المصري، للتأكيد على أن مصر تسعى دائما وبجدية للشراكة الأورومتوسطية الفاعلة، ونعتز بكم جميعا وبحضوركم أعمال المنتدى».

وأشار أبو العينين، إلى أن أعمال المنتدي هذا العام هي أكبر تجمع في تاريخ البرلمان على مدي 30 عاما، موضحا أن أعمال قمة الرؤساء، عقد اجتماعات تحضيرية للجان الجمعية البرلمانية للاتحاد من أجل المتوسط الخمسة، أمس الجمعة، وهي لجنة الشئون السياسية والأمن وحقوق الانسان ولجنة الشئون الاقتصادية والمالية والتعليم ولجنة حقوق المرأة في الدول الأورومتوسطية ولجنة الطاقة والبيئة والمياه ولجنة تحسين جودة الحياة وتعزيز التبادلات بين المجتمعات المدنية والثقافية.

ولفت وكيل مجلس النواب، إلى أن اللجان الخمسة خلال اجتماعاتها كانت لها رؤية جديدة مختلفة عن الرؤي الماضية.

وتابع محمد أبو العينين: «نحن أمام عمل جلل يخرج من وجدان الفكر الحديث والفكر المتقدم، يخرج من ميثاق الأورمتوسطي، ونحن نحيي هذا الرؤي التي تحاول ترجمة أحلامنا لواقع، ولدينا قامات برلمانية وقانونية وخبرات عظيمة لها العديد من الأفكار في وضع الميثاق».

كما قال محمد أبو العينين، إن نهر النيل شريان الحياة للشعب المصري وحق مصر في حماية أمنها المائي، ونؤكد على أهمية التعاون في حوض النيل وفقا للقانون الدولي وفق مبادئ الإخطار المسبق وعدد الضرر، كما أننا نؤكد الرفض التام للإجراءات الأحادية والمخالفة للقانون الدولي التي تقوم بها إثيوبيا فيما يخص السد.

اقرأ أيضاً«أبو العينين»: توصيات قمة القاهرة خارطة طريق جديدة لحل أزمات المنطقة وتعزيز الشراكة بين دول «المتوسط»

أبو العينين: ما حدث في غزة اختبار لإنسانيتنا ولقدرة المجتمع الدولي على حماية المدنيين

أبو العينين: العرب جميعا يريدون السلام العادل والدائم.. الحرب لا توفر أمنا

مقالات مشابهة

  • سهير عبد القادر: ملتقى أولادنا شهد حضور لبلبة وصفاء أبو السعود ونادية مصطفي و رانيا فريد شوقي وميدو
  • في الاحتفال باليوم العالمي لذوي الهمم.. سهير عبّد القادر : جميع أجهزة الدولة تدعم أولادنا من ذوي الهمم
  • محمد سعيد حميد يكتب قصيدة: يا يَمنَ العِزِّ
  • د. حسن محمد صالح يكتب: صدمة ثانية تتعرض لها ثمود
  • الأيتام الثلاثة.. ومتاعب الحياة
  • د. عصام محمد عبد القادر يكتب: فطرتي
  • دول العالم الثالث التي حظر ترامب استقبال المهاجرين منها:
  • اعتقال الأم القاتلة التي قطعت أبنها إرباً إرباً وألقته في مكب للنفايات شرقي بغداد
  • محمد أبو العينين: نهر النيل شريان الحياة للشعب المصري وحق مصر في حماية أمنها المائي| فيديو
  • رجوع عصام صاصا وزوجته جهاد أحمد بعد أسبوعين طلاق.. تفاصيل