يمن مونيتور/تقرير خاص

يسلط الاحتفاء باليوم العالمي للعلوم من أجل السلام والتنمية، الذي يوافق العاشر من نوفمبر كل عام، الضوء على الدور المهم للعلم في المجتمع، لكن فوضى الحرب في اليمن خلفت تداعيات كثيرة تهدد منظومة التعليم وتفرز أجيال لديهم شهادات بلا كفاءة يمكن من خلالها المساهمة في تطوير وتفكير الانسان للتغلب على أي مشاكل سواء على الصعيد الاجتماعي أو الثقافي.

يهدف هذه اليوم إلى تعزيز الوعي العام حول دور العلم في تحقيق التنمية المستدامة وتمهيد الطريق نحو خلق مجتمعات سليمة، ولفت الانتباه إلى التحديات التي يواجهها العلم ورفع الدعم للجهد العلمي.

واستحدثت «اليونسكو» هذا اليوم، الذي حظي بموافقة منظمة الأمم المتحدة، منذ عام 2001، بهدف إنتاج العديد من المشاريع والبرامج العلمية، فضلا عن سبل تمويل العلوم في جميع أنحاء العالم.

واختارت لاحتفائها هذا العام، شعار «بناء الثقة في العلوم»، مدللة على أن الثقة في العلم، هي التي تغذي تطوير وتطبيق الحلول القائمة على الأدلة للتحديات المتعددة الأوجه التي يواجهها العالم، حيث ترى أن الثقة في العلم مسألة معقدة، كونه يؤثر في الطريقة التي يعمل بها العلماء، والطريقة التي ينظر بها المجتمع إلى العلم، كما أن الثقة في العلوم تعزز قرارات السياسات القائمة على العلم، ودعم المجتمع لتطبيقها.

وتسببت الحرب الدائرة في اليمن للعام التاسع على التوالي بتهشيم قطاع التعليم الحكومي وبات يتخبط الآن في حالة من الفوضى العارمة، وتسبب “انقطاع المرتبات، وتوقف صرف النفقات التشغيلية للمؤسسات التعليمية، في إلحاق أضرار فادحة بالمدارس والجامعات الحكومية.

وظهرت مجموعة من المشاكل الخطيرة التي رافقت أزمة انقطاع المرتبات وخاصة في المناطق الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثي، من بينها تنامي ظاهرة تسرب التلاميذ من المدارس والتحاق الكثير منهم بجبهات القتال بالإضافة إلى ظاهرة المتاجرة بالشهادات لمن هم في جبهات القتال أو المغتربين خارج الوطن.

نشعر بالإحباط

أنعام غالب ذي 17 عاما، طالبة في المرحلة الثانوية تدرس بمدرسة ريفية في محافظة حجة، ولديها طموح وإصرار كبير في مواصلة تعليمها لكن كما تقول تشعر بالإحباط لعدم وجود التعليم المناسب.

وترى في تصريح ل “يمن مونيتور”، إن معاناتها تضاعفت خلال السنوات الماضية بسبب انقطاع رواتب المعلمين الذين أجبروا عن مغادرة المدرسة والبحث عن مصدر رزق آخر وقد اضطر بعضهم للنزوح إلى محافظات أخرى للحصول على الرواتب،

وتعد أنعام نفسها ضحية الحرب التي اندلعت، لأنها معظم سنوات تعليمها مضت ولم تستقر العملية التعليمية بل تزداد سوءا كل عام.

وتروي أنعام معاناتها في المدرسة قائلة ” ” أذهب إلى المدرسة كل يوم لكن لا تتلقى التعليم بشكل جيد، بسبب أن ٥0 % من المعلمين غير مؤهلين تربويا وتعليميا، ونقص في الكادر التربوي المتخصص، وتضيف: أن مادة اللغة الانجليزية لا يوجد معلما ولم تدرسها في كل سنوات الدراسة الماضية.

رشوة في الامتحانات

ومن المشاكل التي ساهم انقطاع الرواتب في تناميها: العودة إلى الغش والرشوة من أجل الحصول على حلول جاهزة لنماذج الامتحانات وخاصة في الامتحانات الوزارية.

كما انتشرت في ريف محافظة حجة ظاهرة أخرى يمكن من خلالها الطالب المغترب أو من هم في جبهات القتال أن يختبر عبر شخص آخر يحضر بدلا عنه ويدفع له مبلغ من المال مقابل ذلك وكذلك للجنة الوزارية داخل المدرسة.

يروي تربويون وطلاب أن مدارس كثيرة ما زالت تستخدم البدلاء في الاختبارات الوزارية بحجة أن الطلاب المعنيين في جبهات القتال أو مغتربين في المملكة العربية السعودية وتتقاضى مقابل ذلك مبالغ مالية كبيرة.

يقول الطالب ناصر علي، إن بعض الطلاب من القرى المحيطة، مسجلون أسمائهم بين كشوفات الصف الثالث الثانوي ولم يحضر المدرسة إلا أيام الامتحان.

ويضيف ناصر ل “يمن مونيتور”: إنه عندما يحل موعد الامتحانات يدفع مبلغ مالي لأحد أبناء القرية للامتحان بدلا عنه وإدارة المدرسة أو اللجنة الوزارية على دراية بذلك لكنها تتجاهل الجريمة بحق التعليم.

وأكد ناصر أن الطلاب الذين ذهبوا للبحث عن العمل في السعودية أو في صعدة يدفعون مبالغ مالية لمن يختبر بدلا عنهم.

ويؤكد الأستاذ محمد علي (اسم مستعار) فضل عدم ذكر اسمه، أن رئيس اللجنة والأمن في المركز يحصلون على مبلغ 2000 ريال من كل طالب في الامتحان مقابل السماح بحل الأسئلة واصطحاب الهواتف داخل قاعات الامتحان واستخدام الشبكات الاجتماعية، مثل فيسبوك وواتساب، في عمليات الغش.

وأضاف أنه في المواد العلمية يتم دفع مبالغ مالية من ألف أو ألفين على كل طالب للمعلمين مقابل حل أسئلة الامتحانات على السبورة وعلى نماذج الامتحانات الخاصة بالطلبة مع مراعاة الاختلاف في النماذج.

سوق سوداء في الشهادة

ويقتاد مديرو المدارس في الأرياف الطلاب إلى مستنقع الجهل، من خلال بيع الشهادة مقابل حفنة من المال، ليصبح طالبا وهميا في كافة مراحل التعليم الأساسي والثانوي.

يقول سليم علي البالغ من العمر 20عاما وهو واحد من عشرات الطلاب الذين دفعوا المال مقابل الحصول على الشهادة في إحدى مدارس الشرف بمحافظة حجة إنه درس إلى صف الأول الثانوي ثم ترك الدراسة وسافر إلى السعودية للعمل، وكان أبي يدفع مبلغا للمدير مقابل أن يتم تسجل أسمى بين كشف الصف في الثاني والثالث الثانوي وأصبح لدي شهادة ثانوية عامة ومعدل أستطيع من خلاله الالتحاق بأي تخصص أريد في الجامعة.

ولا يخفي علي محمد (اسم مستعار) وهو أستاذ مادة الفيزياء واضطر لنزوح هو وأسرته إلى محافظة صنعاء للحصول على عمل هذا الأمر مشيرا إلى أن  المدارس في مديريته كحلان الشرف تقر رسوما على مزاجها بل وتأخذ حتى قيمة ورق الاختبارات الشهرية، وهناك من يأتي للتسجيل يريد فقط شهادة فتطلب منه إدارة المدرسة مبلغا إضافيا”.

وتقول منظمة “إنقاذ الطفولة” في تقرير سابق إن “أكثر من 8 ملايين طفل في اليمن (80 في المائة من الأطفال في سن المدرسة) يحتاجون إلى مساعدة تعليمية”، قائلة إن “معدل تسرب الأطفال من المدارس ينذر بالخطر، كما ينخرط الكثير من هؤلاء الأطفال في جبهات القتال أو سوق العمل”.

ويبلغ عدد الطلاب في الأرياف اليمنية أكثر من 3.5 ملايين طالب وطالبة حسب إحصاءات وزارة التربية والتعليم اليمنية قبل 3 أعوام، وهو ما يمثل 67 في المائة من إجمالي عدد الطلاب في المرحلة الأساسية، بينما قدرت الوزارة عدد من لم يلتحقوا بالعملية التعليمية ممن هم في سن الدراسة إلى ما قبل تلك الإحصاءات بما يقارب 3 ملايين طفل.

المصدر: يمن مونيتور

كلمات دلالية: الرشوة الغش اليمن فی جبهات القتال الثقة فی

إقرأ أيضاً:

تفاصيل اليوم الذي غيرت فيه القبائل اليمنية كل شيء

في لحظة فارقة من تاريخ اليمن، وبينما كان العدوان الغاشم يضغط بكل ثقله لإسقاط الجبهة الداخلية، جاءت فتنة ’’عفاش’’ في الثاني من ديسمبر كخيانة صريحة تستهدف الوطن من الداخل بعد فشله في اختراقه بكل أدوات العدوان العسكرية في المواجهة المباشرة، لكن القبائل اليمنية بخبرتها المتجذرة ووعيها العميق والتفافها حول دعوة السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي يحفظه الله، للثبات أمام المؤامرات،  قرأت تلك الدعوة منذ اللحظة الأولى باعتبارها امتداداً مخططاً لمشروع تفكيك الصف الوطني وإسقاط الانتصارات التي صُنعت بدماء أبنائها.

يمانيون / تقرير / طارق الحمامي

 

ومع إدراكها لطبيعة المخطط، تحركت القبائل بسرعة وحسم، فأغلقت منافذ الفتنة، وحاصرت تحركات عفاش قبل أن تتوسع، وثبّتت الجبهات عبر إبقاء مقاتليها في مواقعهم لإفشال رهانه على انهيار الداخل، وبوعيها الاستراتيجي، وموقفها التاريخي المتماسك، تمكنت القبائل من إسقاط الخيانة خلال ساعات، مثبتة أنها الحصن الأول للوطن، وأن التضحيات التي قدمتها ليست مجالاً للمقامرة السياسية ولا ورقة في يد أي طرف يساوم على أمن اليمن وسيادته.

هذه الوقفة القبلية الصلبة، التي التقت مع رؤية السيد القائد في مواجهة العدوان وإسقاط المؤامرات، لم تنقذ صنعاء فحسب، بل حفظت وحدة البلاد، وأكدت أن اليمن محصّن برجاله ودمائهم، وأن الخيانات تُدفن حيث تولد، وأن الوطن فوق كل الأشخاص وكل الانقلابات وكل التحالفات العابرة.

 

القبيلة اليمنية .. ذاكرة دم لا تقبل العبث

على امتداد سنوات العدوان، كانت القبائل اليمنية، خصوصاً قبائل الطوق،  تمثل الركن الأساس في حماية العاصمة والجبهات. وقدّمت خيرة أبنائها وأثمن الرجال دفاعاً عن دين الله وعن الأرض والكرامة، لذلك لم تتردد لحظة في اعتبار خطاب عفاش خطوة تستهدف تلك التضحيات مباشرة، بل وتحوّلها إلى ورقة لتمرير تحالفاته المشبوهة مع دول العدوان.

ومع الساعات الأولى للأحداث، كان الوعي القبلي أعلى من أن يُستدرج إلى صراع داخلي، وقد ظهرت ملامح ذلك في أحاديث الشيوخ ومجالس القبائل التي رأت في خطاب عفاش تكراراً لأسلوبه القائم على المقامرة السياسية حتى لو كان الثمن سقوط الوطن.

 

التفاف القبائل حول دعوة السيد القائد .. نقطة التحول الحاسمة

قبل اندلاع فتنة ديسمبر، كانت القبائل قد استجابت بقوة لدعوة السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي للثبات أمام العدوان وكشف المؤامرات التي تستهدف الداخل، وقد لعب هذا الالتفاف دوراً مركزياً في بناء جبهة صلبة موحّدة جعلت القبائل أكثر قدرة على كشف أي محاولة للاختراق الداخلي.

لقد استوعبت القبائل، عبر هذه الدعوة، أن المعركة ليست فقط في الحدود ولا في الجبهات، بل في وحدة الداخل التي كان العدو يسعى لإسقاطها بالمال والإعلام والتحريض السياسي.
ومن هذا الإدراك، تشكلت لدى القبائل قناعة أن أي دعوة تهدف لشق الصف أو خلق صراع داخلي ليست سوى جزء من استراتيجية العدوان، مهما حاولت أن تظهر بوجه وطني.

ولذلك، عندما خرج عفاش بخطابه، كانت القبائل قد بنَت لنفسها حصانة فكرية وسياسية تجاه المؤامرات، وأصبحت أكثر استعداداً لرفض أي تحرك يستهدف الثبات الداخلي الذي دعت إليه القيادة.

لقد كانت دعوة السيد القائد أحد أهم الأسس التي جعلت القبائل تتعامل مع خطاب صالح باعتباره امتداداً واضحاً لمخطط خارجي لا يمكن السماح له بالعبور.

 

قراءة القبائل للفتنة .. الخيانة بلا تورية 

لم يمض وقت طويل بعد خطاب عفاش حتى اتضحت لدى القبائل العلاقة بين دعوته وتحركات إعلامية متزامنة صادرة عن قنوات دول العدوان كانت تنتظر لحظة انفجار القتال الداخلي.
وفي تلك اللحظة، باتت الصورة واضحة، أن ما يحدث ليس خلافاً سياسياً، بل خيانة صريحة تحاول فتح ثغرة للعدو.

وقد عبّر مشائخ القبائل عن ذلك بوضوح في اجتماعاتهم التي سارعوا إليها، مؤكدين أن خيانة الداخل أخطر من قذائف العدوان الخارجي، وأن أي قبول لمغامرة عفاش وخيانته يعني السماح للعدو بتحقيق ما لم يستطع تحقيقه في سنوات القصف.

 

موقف القبائل على الأرض .. سرعة في الحسم ودقة في التقدير

تحركت القبائل لإغلاق الطرق المؤدية إلى مواقع حساسة، ومنعت تحركات مجاميع عفاش التي حاولت استغلال الفتنة.
وفي الوقت نفسه، حافظت على تماسك الجبهات بإصدار أوامر واضحة لمقاتليها بالثبات، فأسقطت بالضربة الأولى أهم رهانات عفاش الذي اعتمد على انهيار الجبهة لتمكين مشروعه.

ومع تماسك الجبهات، وانتشار القبائل في محيط صنعاء، باتت الفتنة محاصرة من كل الجهات، وأصبح واضحاً أن مشروع الخيانة فقد كل أسباب نجاحه، وكانت النتيجة أن الخيانة تسقط والوطن يثبت .

 

خاتمة

في الثاني من ديسمبر، كشفت القبائل اليمنية أنها الحصن الذي لا يُكسر، وأنها تملك البصيرة التي تميز بين الخلاف السياسي والخيانة، وبالتفافها حول دعوة القيادة للثبات، وبموقفها الحاسم من دعوة عفاش، أكدت القبيلة اليمنية أن الوطن فوق الأشخاص، وأن تضحياتها ليست جسراً يمر عليه أحد لتحقيق طموحات شخصية.

لقد سقطت خيانة ديسمبر لأن قبائل اليمن قررت أن وحدة الصف هي خط الدفاع الأول، وأن المؤامرات تُدفن قبل أن تولد، وأن الوطن لا يُباع ولا يُسلَّم للعدو تحت أي ظرف.

مقالات مشابهة

  • ثقافة أسيوط تنظم ندوتين حول اليوم العالمي لحقوق الإنسان والتنمر
  • مفكر: الجهاد الحقيقي في عصرنا العلم والعمل.. ودار الإسلام لم تعد مناسبة
  • دون الحرمان من دخول الامتحانات.. قرار عاجل بشأن الطلاب غير المسددين للمصروفات بالمدارس الخاصة
  • قرارات عاجلة بشأن الطلاب غير المسددين للمصروفات في المدارس الخاصة
  • تفاصيل اليوم الذي غيرت فيه القبائل اليمنية كل شيء
  • وزير التعليم العالى: مصر بالمرتبة 83 ضمن أفضل 100 تجمع للعلوم والتكنولوجيا والابتكار عالميا
  • انعزال الطلاب واضطرابات النوم.. كواليس واقعة تحـ.ـرش جديدة بمدرسة في التجمع
  • اليوم العالمي لحقوق الإنسان.. ما حققته مصر من تطورات لدعم منظومة الحريات
  • وزارة التعليم تعلن موعد الامتحان التجريبي الإلكتروني لاختبار كفاءة الشبكات والتابلت | تفاصيل
  • نائب محافظ بورسعيد ومدير المديرية يتفقدان المعرض المحلى للعلوم والهندسة ISEF