جريدة الوطن:
2025-12-13@14:43:20 GMT

مذكرات متطوع

تاريخ النشر: 11th, November 2023 GMT

مذكرات متطوع

ها قَدْ غابت شمس اليوم وأنا جالس على كرسي هذا المقهى، أقضي السَّاعات والدقائق لأراقب المارَّة طوال اليوم وأتصيد من أحادثه بأحاديث تكسر مرارة وحدتي، وآلام الصَّمت المرير. ودَّعت شمس اليوم لأستقبل شمس الغد وأنا جالس على ذات الكرسي، ولتكرر أحداث الأمس خلال ساعات اليوم حتَّى أصبحَ يومي كغَدي.
نهاية لَمْ أكُنْ أتوقعها، فقَدْ قضيت سنوات شبابي في أنشطة العمل التطوُّعي تارةً في أنشطة الحركة الكشفيَّة أشارك رفقتي في رفع العَلم، ونصب الخيام، وطهو الطعام على نار أشعلناها على رمال الصحراء بمهارة الكشَّاف العنيد الصُّلب، وتارةً أقضي ساعات طويلة في أنشطة الجمعيَّات، وأخرى في الفرق التطوُّعيَّة، أخدم النَّاس وأخدم المُجتمع، فنقضي ليالي رمضان نخدم الصائمين فنعدُّ لهم وجبات الإفطار، ونُنظِّم للمحاضرات، وننسِّق للمسابقات الرمضانيَّة، ونقضي أيَّام العيد نجتهد لتقديم المساعدات والبرامج، وأقضي الصَّيف في الإشراف على المعسكرات الطلابيَّة والشَّبابيَّة، وكنتُ أحرم أبنائي من السَّفر التزامًا منِّي بمتابعة الأنشطة الصيفيَّة، كنتُ شعلة نشاط لا تكاد تنطفئ، فما كاد ينتهي برنامج حتَّى أبدأ الآخر من مؤتمر إلى حملة تنظيف ساحل ما، ثمَّ إلى حملات مساعدة المعوقين والمَرضى، وكَمْ كنَّا نسعد ونفخر عِندما كنَّا نلتقي بزملائنا المتطوِّعين خارج البلاد لِنستعرضَ تجاربنا، فنسافر من بلد إلى آخر نزور الجمعيَّات والفِرق التطوُّعيَّة فنستفيد ونفيد ونقضي أمتع أيَّام حياتنا ونصنع معًا أجمل الذكريات.


وكَمْ تقلَّدتُ مناصب قياديَّة في مواقع مختلفة من الجمعيَّات، وكَمْ ابتدعت أفكارًا جديدة في مجال العمل التطوُّعي لخدمة النَّاس والمُجتمع، آه لو أنَّني وثَّقت هذه الأفكار ضِمْن إجراءات الحماية الفكريَّة.
حتَّى جاء اليوم الَّذي اضطررت فيه أن أتركَ العمل التطوُّعي، فكثرة الصراعات، والنزاعات الَّتي عشتُها مع المتطوِّعين جعلتني أعتزل ساحة طالما أبليتُ فيها بلاءً حسنًا.
ها أنا اليوم أُعيد حساباتي لا لأقوِّمَ مسار حياتي، بل لأعضَّ أصابع النَّدم، فكَمْ كنتُ أقضي الأيَّام الطويلة في الأنشطة التطوُّعيَّة، فأنشغل عن أُسرتي، وزوجتي وأبنائي وأهلي، حتَّى ضيعت حقوقهم، وكنتُ أعدُّ هذا بطولة منِّي، بل أفخر به، وكَمْ كانت زوجتي تستصرخ وتترجَّاني أن أعطيَ كُلَّ ذي حقٍّ حقَّه، إلَّا أنَّني كنتُ أقولها خدمة النَّاس شغفي، فتردُّ عليَّ مستنكرةً: ألَا تَعدُّ أهلك من النَّاس؟ وطالما ناقشتني في محاولات يائسة أن أستفيدَ من السَّاعات الطويلة الَّتي أقضيها في التطوُّع، في مشروع تجاري مربح لِنرفعَ دخل أُسرتنا، فينتهي في كُلِّ مرَّة نقاشنا بشجار عنيف.
كنتُ أظنُّ نفسي فارسًا لَنْ يترجلَ أبدًا، كنتُ أظنُّ أنَّ مَنْ تطوَّعتُ لخدمتهم، ومَنْ شاركتُهم في أجمل ذكريات العمل التطوُّعي لَنْ يتنازلوا يومًا ما عن رِفقتي، وها أنا اليوم أحدق في شاشة هاتفي على أمل أن أرى اسمَ أحدِهم على شاشة الهاتف يتَّصل بي. وكَمْ كنتُ أتصفَّح المجلَّات الَّتي تصدرها الجمعيَّات علَّني أجد اسمي فيها، فلديَّ أمَل أن يذكرَني أحَدهم في صفحات الروَّاد، أو يشير إلى جهودي، إلَّا أنَّني اليوم أصبحتُ نسيًا منسيًّا، وقَدْ رموا بي في جبِّ النسيان.
أمَّا أُسرتي فقَدْ أصبحتُ غريبًا بَيْنَهم، فلَمْ يعتادوا مجالسَتي، فلدَيْهم من ألفوا رفقته. حاولت الاقتراب من أهلي وأقاربي، إلَّا أنَّ تقريب المسافات الَّتي كانت بَيْنَنا على مدى سنوات بسبب انشغالي المبالغ فيه باتَ أمرًا صعبًا، وقَدْ ألفوا بُعدي، حتَّى أدركتُ أنَّني أضعتُ صناعة ذكريات كان يجِبُ أن تجمعَني مع أهلي، فبتُّ غريبًا بَيْنَهم. لو أملكُ أن أعيدَ دَوْرة الأيَّام لأنشأتُ علاقات مع أهلي وأقاربي وجيراني وأصدقائي كَيْ لا أكونَ غريبًا وسط من حولي، هنا أدركتُ معنى قوله صلَّى الله عليه وسلَّم (فاعط كُلَّ ذي حقٍّ حقَّه) ولكن بعد فوات الأوان. أدركتُ أنَّ في معاني هذا الحديث ليس إنصافًا للآخرين، بل هو إنصاف لي كَيْ لا أكونَ غريبًا بَيْنَ أهلي، وأدركتُ أنَّ الأقربين أوْلَى بالمعروف فهُمْ أوْلَى بالتطوُّع لخدمتهم… ودُمْتُم أبناء قومي سالمين.
نجوى عبداللطيف جناحي
كاتبة وباحثة اجتماعية بحرينية
متخصصة في التطوع والوقف الخيري
[email protected]
Najwa.janahi@

المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: العمل التطو غریب ا

إقرأ أيضاً:

«أهلي 2008» يخسر أمام منتخب اليابان للناشئين بركلات الترجيح وديا

خسر فريق الناشئين لكرة القدم بالنادي الأهلي مواليد 2008 أمام منتخب اليابان للناشئين مواليد 2009، بركلات الترجيح 5 - 6، بعد التعادل سلبيًّا في المباراة الودية التي جمعت بين الفريقين اليوم الجمعة على ملعب الأهلي بمدينة نصر. 

بطولة أفريقيا لسيدات السلة| الأهلي يفهزم سي إن إس إس الكونغولي 98-55 ويتأهل لنصف النهائيإنبي يفوز على الأهلي بهدف نظيف في بطولة كأس عاصمة مصرالـ VAR يلغي هدف التعادل للأهلي أمام إنبي بكأس عاصمة مصرإنبي يتقدم على الأهلي بهدف نظيف بالشوط الأول ببطولة كأس عاصمة مصر

جاءت المباراة ضمن اللقاءات الودية التي يخوضها المنتخب الياباني على هامش معسكره الذي يخوضه بالقاهرة، كما كانت احتكاكًا دوليًّا قويًّا لناشئي الأهلي. 

ويضم الجهاز الفني لفريق أهلي 2008 كلًا من زياد عبد الكريم مديرًا فنيًّا، وأحمد علي مدربًا مساعدًا، ومصطفى عبد العظيم مدربًا للحراس، وعمار فتحي إداري الفريق، ومحمد شريف طبيب الفريق، ومحمد الزاملي مدرب الأحمال، ومحمود فؤاد إخصائي التدليك.

طباعة شارك النادي الأهلي الأهلي منتخب اليابان منتخب اليابان للناشئين المنتخب الياباني

مقالات مشابهة

  • «أهلي 2008» يخسر أمام منتخب اليابان للناشئين بركلات الترجيح وديا
  • صدمة في الإسماعيلية| معلم يتعرض لضرب بمقص وشرخ في الجمجمة لسبب غريب
  • إيتو يستبعد نجم الكاميرون من قائمة أمم أفريقيا لسبب غريب.. ماذا حدث؟
  • تعب غريب مش عارف سببه .. أعراض مميزة تكشف أمراض المناعة الذاتية
  • الكلام دا يتقال لممثل غيري .. أحمد رفعت يرد على متابعة بعد طلب غريب
  • أهلي 2008 يواجه منتخب اليابان للناشئين.. اليوم
  • اليوم.. أهلي 2011 يواجه الإسماعيلي في بطولة الجمهورية
  • 35 متطوعًا يغرسون 50 شجرة ظل بممشى سيهات لتعزيز الرقعة الخضراء
  • «أهلي 2009» يفوز على المقاولون في بطولة الجمهورية لكرة القدم النسائية
  • نجاح حملة «الإمارات نظيفة» في الشارقة بمشاركة 1900 متطوع