بغداد- مع استمرار الحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة تتصاعد حدة التوترات الأمنية في العراق إثر استهداف القواعد الأميركية في العراق وسوريا من قبل ما تعرف بـ"المقاومة الإسلامية في العراق".

وكانت وزارة الدفاع الأميركية قد أقرت أمس الجمعة بتعرض قواعدها في العراق وسوريا لنحو 46 هجوما بالصواريخ والطائرات المسيرة، مع التأكيد على أن 56 أميركيا تعرضوا لإصابات نتيجة هذه الهجمات التي أعقبت عملية طوفان الأقصى التي بدأتها فصائل المقاومة الفلسطينية في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

وقد حذرت الإدارة الأميركية من استمرار هذه الهجمات مع مطالبة السلطات العراقية بحماية المصالح الأميركية التي تؤكد واشنطن أن قواعدها في البلاد تأتي وفق الاتفاقيات الثنائية بين واشنطن وبغداد.

وكان العراق قد شهد تراجعا كبيرا في استهداف القواعد الأميركية منذ تولي رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني منصبه في أكتوبر/تشرين الأول 2022، وهو ما يضع حكومة السوداني في مأزق كبير بعد أن حذرت الإدارة الأميركية بغداد من أنها سترد على هذه الاستفزازات في ظل استمرار استهداف القواعد وعدم انصياع الفصائل العراقية للمطالب الحكومية.


مأزق كبير

وتعليقا على ذلك، يقول الخبير الأمني والإستراتيجي فاضل أبو رغيف "إن الضربات الموجهة للقواعد الأميركية تشكل حرجا كبيرا للحكومة العراقية، ولا سيما أن هذه الهجمات توقفت بعد تشكيل حكومة السوداني".

وفي حديثه للجزيرة نت، كشف أبو رغيف المقرب من صناع القرار بالعراق أن الحكومة لا تزال تفاوض الأطراف المعنية لأجل إيقاف هذه الهجمات ضد المصالح الأميركية، مبينا أن استمرارها يشكل ضغطا كبيرا على بغداد، مشيرا إلى أنه إذا استمرت هذه الهجمات فقد يتم اتخاذ رد فعل قوي من قبل الولايات المتحدة ضد المهاجمين، مما قد يزيد تعقيد الوضع ويجر العراق إلى دوامة جديدة من العنف.

وتابع أن كتلة الإطار التنسيقي مطالبة بإقناع الفصائل المسلحة بالعدول عن استهداف مصالح واشنطن، مما يحفظ مصلحة البلاد من أي منزلق خطير قد تشهده بغداد، بحسب أبو رغيف.

من جهته، قال عضو لجنة الأمن والدفاع البرلمانية وعد القدو -في حديثه للجزيرة نت- إن الحكومة العراقية تواجه موقفا لا تحسد عليه، مشيرا إلى أن موقف فصائل المقاومة وبقصفها القواعد الأميركية فإنها تسلط ضغطا على واشنطن التي تدعم إسرائيل في حربها على غزة.

وعلى الجانب الآخر، يعتقد أستاذ العلوم السياسية في جامعة جيهان بأربيل مهند الجنابي أن استهداف الفصائل المسلحة القواعد الأميركية لن يؤثر في الدعم الأميركي لإسرائيل ولن يثنيها عن ذلك، ولا سيما أن تأثيرها الميداني محدود للغاية.

وفي حديثه للجزيرة نت، يؤكد الجنابي أن هذا الاستهداف سيضر بالوضع العراقي، وأنه يأتي في خضم إزعاج وتوتر العلاقات العراقية الأميركية، مبينا أن الحكومة لن تستطيع إيجاد مخرج من هذا الوضع، وأن الجناح المسلح للإطار التنسيقي يبدو أنه غير راض عما يجري من استهداف للقواعد الأميركية.

عناصر من قوات الحشد الشعبي في العراق (الجزيرة) خيارات صعبة

وعما إذا استهدفت واشنطن الفصائل العراقية في سياق الرد على استمرار الهجمات، يرى الجنابي أن السوداني سيكون أمام تحد كبير، موضحا أن من يقدم على هذه الهجمات هو التيار الأصولي للفصائل المسلحة مثل كتائب النجباء وحزب الله العراق وسيد الشهداء، في الوقت الذي تبدو فيه فصائل أخرى مثل عصائب أهل الحق وجند الإمام وكتائب الإمام علي وغيرها بعيدة عن هذه الهجمات، بما يمكن تسميتها خلافات بين جناح الحشد الشعبي وفصائل التيار الأصولي، وفق الجنابي.

بدوره، يرى الخبير الأمني سرمد البياتي أن الحكومة العراقية في موقف حرج مما يجري، وأن رد واشنطن قد يأتي في حال سقوط ضحايا أميركيين فقط، مشيرا إلى أن الحكومة العراقية لن تلجأ إلى الرد على منفذي هذه الهجمات.

أما عضو لجنة الأمن والدفاع البرلمانية وعد القدو فيقول معلقا "إن الفصائل لديها كيانها ودعمها الخاص، ولولا هذه الفصائل لما تحرر العراق من تنظيم الدولة، وبالتالي فإن مبرر هذه الهجمات هو استمرار دعم واشنطن لإسرائيل في حربها"، مبينا أن أي تعرض حكومي للفصائل سيحدث خللا في الاستقرار الأمني للعراق وفي الوضع الاقتصادي المستقر إلى حد ما، وفق قوله.

أما الخبير الإستراتيجي فاضل أبو رغيف فيعلق بأن الحكومة العراقية لن تنجر إلى المواجهة مع الفصائل المسلحة التي قد تؤدي إلى فتح جبهة داخلية مع الكتل السياسية والأطراف الأخرى، وفق أبو رغيف.

ومع استمرار الحرب على غزة توعدت ألوية الوعد الحق بأنه في حال استمرار الدعم الأميركي لإسرائيل فإن احتماليات استهداف القواعد الأميركية في الكويت والإمارات واردة الحدوث.

بَيَانٌ هَامٌّ
" اَلْقَوَاعِدِ اَلْأَمْرِيكِيَّةِ فِي اَلْكُوَيْتِ وَالْإِمَارَاتِ أَهْدَافًا مَشْرُوعَةً لَنَا "#الوية_الوعد_الحق pic.twitter.com/4B0FYTTjWx

— الوية الوعد الحق (@waadalhak) October 24, 2023

وتعليقا على ذلك، يرى الخبير العسكري حسن العبيدي أن أي استهداف للقواعد الأميركية في دول الخليج ينطلق من العراق سيؤدي إلى دخوله في مرحلة أمنية حرجة للغاية، مما سيزيد احتماليات رد عسكري أميركي كبير ضد الفصائل المسلحة، وفق قوله.

أما بشأن احتمالات الرد الأميركي مع استمرار الهجمات ضد القواعد الأميركية في العراق وسوريا فيعلق العبيدي قائلا "أعتقد أن واشنطن لن تلجأ إلى الخيار العسكري حاليا في الرد على الهجمات التي تستهدف قواعدها، أما في حال توسع الحرب إلى لبنان وسوريا فإن الرد الأميركي سيكون حتميا وعلى كافة الجبهات".

وبشأن موقف الحكومة العراقية، امتنع المتحدث باسم الحكومة العراقية باسم العوادي عن الرد على تساؤلات الجزيرة نت بشأن موقف الحكومة من استمرار استهداف القواعد الأميركية وخيارات الحكومة في التعامل معها.

ويترقب العراقيون ما ستؤول إليه الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، في الوقت الذي يشير فيه العديد من المراقبين إلى أن استمرار الحرب وطول أمدها يعززان فرضيات توسع الحرب إلى إقليمية تشمل دول المنطقة، ومن ضمنها العراق.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الحکومة العراقیة الفصائل المسلحة الأمیرکیة فی هذه الهجمات أن الحکومة فی العراق الرد على أبو رغیف إلى أن

إقرأ أيضاً:

استهداف المدمرة البريطانية “دايموند”.. تطور نوعي في مسار المرحلة الرابعة من التصعيد

يمانيون|

أعلنت القوات المسلحة اليمنية الأحد 9 يونيو 2024 عملية جديدة تنفيذ ثلاث عمليات عسكرية نوعية في البحرين الأحمر والعربي، في إطار المرحلة الرابعة من التصعيد، ورداً على المجزرة الوحشية التي ارتكبها العدو الصهيوني بمشاركة أمريكية في مخيم النصيرات بغزة يوم السبت.

واحدة من هذه العمليات، استهدفت المدمرة الحربيةَ البريطانيةَ (دايموند) في البحرِ الأحمرِ، وذلكَ بعددٍ منَ الصواريخِ البالستية وكانتِ الإصابةُ دقيقةً بفضلِ الله”.

ويعد هذا الاستهداف أحد ثمار المرحلة الرابعة من التصعيد، كون المدمرة التي تم استهدافها، واحدة من أبرز القطع العسكرية الحربية التي تتباها بها المملكة المتحدة، وتعتبرها من أفضل أسلحتها البحرية، حيث يطلق عليها لقب “صاحبة الجلالة”، وهي مخصصة للدفاع الجوي، وترافق التشكيلات البحرية لحمايتها من أي هجوم جوي في أثناء وجودها في عرض البحار.

أبحرت المدمرة البريطانية  “دايموند”  إلى خليج عدن نهاية العام الماضي بهدف مساندة الكيان الصهيوني بعد قرار القوات المسلحة اليمنية فرض حظر على سفن الكيان، ومنعها من المرور في البحر الأحمر، باتجاه الموانئ الفلسطينية المحتلة، ودخلت البحر الأحمر، بعد أيام من الاستيلاء على سفينة جلاكسي ليدر الصهيونية، واقتيادها إلى ميناء الحديدة غربي البلاد.

تمتاز هذه المدمرة بأنه تم تجهيزها بنظام الدفاع الجوي “Sea Viper”، والذي يمكنه تتبع ما يصل إلى 2000 هدف والتحكم في الوقت ذاته في عدة صواريخ “Asper” في الجو.

دخلت الخدمة في 2011، ويبلغ وزنها 9400 طن، وطولها152متراً، والعرض 21 متراً، وسرعتها، 56 كيلو مترا في الساعة، والمدى: 13 ألف كيلومتر، كما تحتوي على رادار متعدد المهام وآخر للمراقبة الجوية وثالث للملاحة، ولديها أنظمة حرب إلكترونية.

أرسلت المدمرة البريطانية “أدموند” إلى البحر الأحمر، بهدف التصدي لهجمات القوات المسلحة اليمنية، وتحديداً في مطاردة الزرواق التي تحاول الاستيلاء على السفن، بحسب ما يقول خبراء بريطانيون.

وكان وزير الدفاع البريطاني غرانت شابس قد أعلن نهاية العام الماضي أن المدمرة البحرية “دايموند” التابعة للبحرية الملكية البريطانية ستعمل على تعزيز الوجود البحري للمملكة المتحدة في الخليج والعمل على ما سماه ردع التصعيد في البحر الأحمر، ويقصد هنا القوات المسلحة اليمنية، غير أن الهدف من المساعي البريطاني يصب في الأساس خدمة للكيان الصهيوني الذي تعرض لهزة كبيرة بعد عملية طوفان الأقصى.

وعلى الرغم من مرور أكثر من 7 أشهر على تواجد المدمرة البريطانية في البحر الأحمر، إلا أنها وقفت عاجزة، مع البوارج والمدمرات الأمريكية عن حماية السفن المتجهة إلى الموانئ الفلسطينية المحتلة، واستطاعت القوات المسلحة اليمنية المحافظة على قراراها، وتكبيد ثلاثي الشر أمريكا، وبريطانيا، وإسرائيل خسائر اقتصادية فادحة.

ويعد استهداف المدمرة البريطانية ” دايموند”، واحدة من الضربات النوعية للقوات المسلحة اليمنية ضد العدوان الأمريكي البريطاني، فهي تأتي بعد أيام من استهداف حاملة الطائرات الأمريكية “إيزنهاور”، وبعد يوم من ارتكاب الكيان الصهيوني لجريمة بشعة في مخيم “النصيرات” بغزة، كما أنها تأتي ضمن المرحلة الرابعة من التصعيد، والتي أظهرت فيها القوات المسلحة اليمنية مفاجآت للصديق والعدو.

 

تقدم يفوق الوصف

ويرى الخبير والمحلل العسكري العميد ركن فضل الضلعي أن استهداف المدمرة البريطانية فيها دلالة على التطور النوعي للقوات المسلحة اليمنية، وخاصة القوات الصاروخية والطيران المسير، مشيراً إلى أن القوات الأمريكية والبريطانية أصبحت في حالة من اليأس للتصدي، أو حماية السفن، والتي تبحث الآن عمن يحميها، وهذا إنجاز كبير.

ويؤكد الضلعي في تصريح خاص “للمسيرة” أن الكثير من البوارج والمدمرات الأمريكية البريطانية والأوروبية فرت تحت وطأة الضربات الموجعة لقواتنا المسلحة الباسلة، مشيراً إلى أن هذه العمليات هي خطوات أولية ومقدمة للمرحلة الخامسة من التصعيد اليمني، والذي سيكون أكثر وجعاً للعدو الصهيوني والأمريكي والبريطاني، ومن تحالف معهم.

ويضيف أن قواتنا المسلحة، وبفضل القيادة الحكيمة التي تقود هذه المعركة بحكمة واقتدار، أصابت الجميع بالذهول، موضحاً أننا وصلنا إلى مرحلة من التقدم والتطور، وبفارق كمي ونوعي، يفوق الوصف.

ويزيد: “إننا أمام حرب عقول، والعقول اليمنية أدهشت العالم، وأن التكتيك والعمليات العسكرية لقواتنا المسلحة سيدرس مستقبلاً في المدارس والأكاديميات العسكرية، نظراً لما تقوم به القوات المسلحة اليمنية، من تكتيك عسكري لم يكن يتوقعه الأمريكي، ولا البريطاني ولا الصهيوني، ولا أي قوة عسكرية أين كانت، مؤكداً أن كل المدارس والقوات العسكرية في العالم، فشلت أمام المدرسة اليمنية التي أصبحت هي المسيطرة على جغرافيا المواجهة مع العدو، من المحيط الهندي إلى البحر الأبيض المتوسط، مروراً بالبحر العربي، وخليج عدن، والبحر الأحمر.

ويجدد التأكيد على أن العدو الصهيوني لن يكون في منأى عن الحساب اليمني الشديد على يد قواتنا المسلحة، وأن جرائم العدو الصهيوني في حق الأشقاء في فلسطين المحتلة، لن تمر دون حساب، حتى وإن تخاذل العرب والعالم، فاليمن كفيل بمحاسبة العدو الصهيوني ومن معه.

المصدر/ المسيرة نت/

مقالات مشابهة

  • الخارجية: الاعتداءات على المطاعم نفذتها مجموعات لا تمثل الحشد
  • الكرملين: استهداف منشآت الطاقة في أوكرانيا لعرقلة المنشآت العسكرية
  • تفاصيل التصعيد الأميركي البريطاني ضد الحوثيين في اليمن ... ضربات جوية وعقوبات اقتصادية..
  • الحكومة العراقية تصدر قرارات جديدة
  • استمرار الهجمات المتبادلة جنوبا وحزب الله يلوّح لإسرائيل بأسلحة جديدة
  • استهداف المدمرة البريطانية “دايموند”.. تطور نوعي في مسار المرحلة الرابعة من التصعيد
  • التصعيد بدأ.. أول ضربة جوية أوكرانية عبر مقاتلة داخل روسيا
  • لواء /14 حشد شعبي:سنعاود استهداف القوات الأمريكية في العراق بأمر خامئني
  • لواء /14 حشد شعبي:استهداف القوات الأمريكية في العراق بأمر خامئني
  • حظر الطيران الأخضر: ستة أشهر جديدة وتساؤلات عن المسؤولية