معضلة السيناريو الأميركي.. من يقبل دخول غزة على دبابة إسرائيلية لحكمها؟
تاريخ النشر: 11th, November 2023 GMT
يستبعد مسؤولون ومحللون عودة السلطة الفلسطينية الى حكم قطاع غزة على دبابة إسرائيلية، في حال استطاعت إسرائيل تحقيق هدفها المعلن "بالقضاء" على حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بعد أن أثارت الإدارة الأميركية هذا الاحتمال.
نهاية أكتوبر/تشرين الأول الماضي اعتبر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أن على السلطة الفلسطينية بقيادة الرئيس محمود عباس أن تستعيد السيطرة على قطاع غزة عندما تنتهي الحرب، مضيفا "أطراف دولية أخرى يمكن أن تؤدي أيضا دورا خلال فترة انتقالية".
لكن عباس ربط -خلال لقائه الأخير مع بلينكن قبل 6 أيام- عودة السلطة الفلسطينية إلى القطاع بعملية سياسية شاملة. وقال "قطاع غزة جزء لا يتجزأ من دولة فلسطين، وسنتحمل مسؤولياتنا كاملة في إطار حل سياسي شامل على كل من الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، وقطاع غزة".
وأعاد بلينكن طرح السيناريو نفسه بعد أيام قليلة، معربا عن رغبته في رؤية قطاع غزة "موحدا" مع الضفة الغربية بعد الحرب.
غاية إسرائيليةومنذ اليوم الأول للعدوان على غزة تعهدت إسرائيل بـ "سحق" حماس، وتقصف بشكل مكثف القطاع المحاصر وباشرت قواتها منذ 27 أكتوبر/تشرين الأول الماضي عملية برية في شماله، وتدور منذ أيام اشتباكات عنيفة بين الجيش الإسرائيلي وكتائب القسام وفصائل المقاومة الأخرى في "قلب غزة" وفق بيانات الجيش الإسرائيلي.
وأسفر العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة عن استشهاد أكثر من 11078 فلسطينيا بينهم أكثر من 4506 أطفال، بحسب آخر حصيلة لوزارة الصحة في غزة الجمعة.
وقال حسن خريشة نائب رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني -لوكالة الصحافة الفرنسية- إن الأمور بعد نهاية الحرب في غزة ستكون على شكل "إدارة مدنية وحكم عسكري بوجود مجتمع دولي، والسلطة الفلسطينية ستكون جزءا من الإدارة المدنية لمنطقة محترقة".
لكنه يضيف "لا أعتقد أنّ أحدا يقبل بأن يذهب في هذه الظروف لإدارة غزة، ولا يوجد فلسطيني، ولا يوجد عاقل، يقبل بأن يعود على دبابة أميركية أو ميركافا إسرائيلية".
وفي مذكرة حديثة، قالت "مجموعة الأزمات الدولية" إن هناك أملا ضئيلا في إمكان عودة السلطة الفلسطينية -التي لا تحظى أصلا بشعبية كبيرة- إلى غزة بعد غزو إسرائيلي، وبأنها لا "تعامل كعدو".
وأعلن القيادي بحركة حماس في لبنان أسامة حمدان أن الحركة لن تقبل بـ "وصاية" على قطاع غزة، رافضا خطط "عزل" حماس.
وقال حمدان في مؤتمر صحافي من بيروت "للذين يظنون أن حماس ذاهبة، ستبقى حماس ضمير شعبنا وتطلعاته ولن تستطيع قوة في الأرض انتزاعها أو تهميشها" مضيفا "مخططات أميركا والاحتلال أحلام وجزء من حرب نفسية نرجو ألا يتورط بها أحد".
وقال أيضا "غزة ستبقى دوما مقبرة للطغاة، وقد كتبنا الانتصار في 7 أكتوبر/تشرين الأول" مشيرا إلى أن كتائب عز الدين القسام الذراع العسكرية لحركة حماس، والمقاومة "تقاتل على كل الجبهات وتوقع خسائر كبيرة في صفوف العدو".
واعتبر حمدان أن حركة حماس ستبقى ولن تستطيع أي قوة في الأرض انتزاعها من أرضها وشعبها، مشددا على أن الشعب الفلسطيني لن يقبل بحكومة عميلة "أو بمن يأتي عميلا على دبابة صهيونية أو أميركية".
ونبه إلى أن حماس على دراية بتلك المخططات قائلا "نعرف أن هناك من يبحث مع قادة في السلطة ومع قادة في المنطقة مرحلة ما بعد حماس، هذه حرب معنوية يخوضها الاحتلال تكمل الحرب على الأرض في غزة وفي الضفة وفي كل مكان".
وأضاف "إذا أردتم التحدث في مرحلة ما بعد حماس، فهذا يعني التحدث بمرحلة ما بعد الشعب الفلسطيني، يعني ما بعد فلسطين".
وغير بعيد عما نبه إليه حمدان، رفضت حركة الجهاد الإسلامي -التي تساند حماس في قطاع غزة- أي سلطة مستقبلية ستفرض هناك.
وقال محمد الهندي نائب الأمين العام للحركة من بيروت "يتحدثون عن قوات دولية أو قوات عربية لتحكم غزة، هل يستطيع أحد أن يحكم مدينة بكل هذا الوجع وكل هذا الدمار؟ ثم أن تأتي قوات دولية لتحكم غزة لصالح الاحتلال، سيعتبرها الشعب الفلسطيني قوات احتلال بلا أدنى شك وسيقاتلها".
وأضاف "يتحدثون عن السلطة الفلسطينية.. تأتي سلطة فلسطينية على ظهر دبابة إسرائيلية بعد كل هذه المجازر لتحكم قطاع غزة.. كيف؟ ومن سيبني هذه المدن التي دمرت؟.. فخطة مارشال جديدة لا تستطيع أن تبنيها" في إشارة إلى الخطة الأميركية التي وضعت لمساعدة أوروبا الغربية عقب الدمار الذي خلفته الحرب العالمية الثانية.
"غباء سياسي"أما رئيس الحكومة الفلسطينية السابق سلام فياض فيطرح حلا يقوم على إدراج حركتي حماس والجهاد الاسلامي في منظمة التحرير الفلسطينية، ومن ثم تشكيل حكومة توافق عليها منظمة التحرير الموسعة، بحيث تتحمل المسؤولية عن إدارة قطاع غزة والضفة الغربية خلال فترة انتقالية، ومن خلال "تفاهمات أمنية صارمة" مع إسرائيل.
من جهته، يقول أستاذ السياسة والعلاقات الدولية بجامعة غزة جمال الفاضي "أعتقد أن الحديث اليوم وربما الحراك الدبلوماسي الكبير الذي يقوده وزير الخارجية الأميركي، حول ما بعد حماس في قطاع غزة، هو محاولة لاستطلاع مواقف كل أطراف دول المنطقة والسلطة الفلسطينية، وهو ناتج عن خشية الولايات المتحدة من عدم وجود خطة إستراتيجية وتصور ما لإسرائيل حول غزة".
ويرى الأكاديمي الفلسطيني أن "السلطة الفلسطينية تريد حلا تكون حماس جزءا منه أو على الأقل توافق عليه، وغير ذلك سيكون تورطا في حرب أهلية أو صراع داخلي جديد".
ومن جانبه يعتبر مدير الهيئة الأهلية الفلسطينية لاستقلال القضاء ماجد العاروري أنه "من الغباء أن يقع أي فلسطيني في شرك البحث في شكل حكم غزة بعد الحرب" مضيفا "كلنا نعلم كيف بدأت الحرب، لكن لا أحد يعلم كيف ستنتهي، ولا متى ستنتهي، ولا على أيّ أرض سوف تنتهي".
ويتابع "الحديث الآن عن اقتسام الكعكة، خصوصا من جانب الفلسطينيين، أمرٌ فيه درجة من الغباء السياسي وخوض في أمور افتراضيّة غير معلومة النتائج".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: السلطة الفلسطینیة على دبابة قطاع غزة ما بعد
إقرأ أيضاً:
إسرائيل تمنع وفدًا وزاريًا عربيًا من دخول رام الله قبيل اجتماع دولي لدعم الدولة الفلسطينية
في خطوة أثارت استنكارًا فلسطينيًا وعربيًا، أعلنت إسرائيل منع وفد وزاري عربي من دخول مدينة رام الله بالضفة الغربية، حيث كان من المقرر أن يلتقي الوفد بالرئيس الفلسطيني محمود عباس يوم الأحد 1 يونيو 2025. يضم الوفد وزراء خارجية من السعودية، الإمارات، مصر، الأردن، قطر وتركيا، وكان يهدف إلى دعم القيادة الفلسطينية سياسيًا وماليًا، وتعزيز الجهود العربية لحشد الاعتراف الدولي بدولة فلسطين على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
بررت إسرائيل قرارها بأن الاجتماع كان يهدف إلى الترويج لما وصفته بـ »دولة إرهابية في قلب أرض إسرائيل »، معتبرة أن هذا التحرك يشكل تهديدًا لأمنها القومي. وقد أثار هذا القرار توترًا دبلوماسيًا متزايدًا بين الحكومة الإسرائيلية والدول العربية المجاورة، خاصة في ظل تصاعد الأزمة الإنسانية في غزة واستمرار العمليات العسكرية في الضفة الغربية.
يأتي هذا التطور قبل مؤتمر دولي مرتقب في نيويورك، من المقرر عقده في يونيو، برعاية مشتركة من فرنسا والسعودية، لمناقشة سبل دعم حل الدولتين. وقد أعربت عدة دول أوروبية عن دعمها للاعتراف بالدولة الفلسطينية، حيث وصف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون هذا الاعتراف بأنه « واجب أخلاقي وضرورة سياسية ».
من الجدير بالذكر أن هذه ليست المرة الأولى التي تمنع فيها إسرائيل وفودًا دبلوماسية من دخول الأراضي الفلسطينية؛ فقد سبق أن منعت في عام 2012 وزراء من دول حركة عدم الانحياز من حضور اجتماع في رام الله، بحجة عدم وجود علاقات دبلوماسية مع تلك الدول.
كلمات دلالية إسرائيل دولة فلسطينية منع وفد عربي