هل حقّقت القمة العربية الإسلامية في الرياض التوقعات؟
تاريخ النشر: 15th, November 2023 GMT
يمانيون – متابعات
في ظل ما يتعرض له أهل غزة من قصف جوي وبري وبحري مكثف من قبل الکيان الصهيوني منذ أسابيع، وسقوط آلاف الشهداء والجرحى، فإن هذه القضية تضع واجباً ثقيلاً على عاتق الدول الإسلامية، لوقف جرائم الصهاينة بالتقارب والتوافق، ولذلك، اجتمعت الدول العربية والإسلامية في الرياض يوم السبت الماضي، لإيجاد حل لإنهاء الصراع في قطاع غزة.
“البيان الختامي” أقل من المتوقع
في البيان الختامي لهذا الاجتماع، ومع إدانته لهجوم الاحتلال على قطاع غزة، تم التأكيد على ضرورة رفع الحصار المفروض على غزة، والوصول الفوري لقوافل المساعدات الإنسانية التي تشمل الغذاء والدواء والوقود إلى غزة.
ودعا البيان مجلس الأمن إلى اتخاذ قرار عاجل بإدانة التدمير الإسرائيلي الوحشي للمستشفيات في قطاع غزة، كما أعرب بيان اجتماع رؤساء الدول العربية والإسلامية عن رفضه وصف الحرب الانتقامية على غزة بأنها دفاع عن النفس، أو تبريرها تحت أي ذريعة.
وشدد قادة الدول الإسلامية في بيانهم على رفضهم التام والمطلق وردهم الجماعي على أي محاولة لترحيل الشعب الفلسطيني قسراً، سواء داخل غزة أو الضفة الغربية، وأعلنوا أن هذا خط أحمر وجريمة حرب، وكان حل الدولتين أحد مطالب المشاركين في اجتماع الرياض.
علی الرغم من أن البيان الختامي لمؤتمر الرياض، لم يؤد إلى إجراءات عملية لوقف الحرب كما كان متوقعاً، إلا أن بعض الدول اتخذت مواقف حازمة ضد جرائم تل أبيب في غزة.
وأحد هذه المواقف الصريحة جاء على لسان السيد إبراهيم رئيسي، الرئيس الإيراني، الذي قدّم في خطابه اقتراحاً من عشر نقاط، أظهر أن إيران هي أهم داعم لقضية الشعب الفلسطيني.
وقال رئيسي إن أمريكا هي السبب الرئيسي للجرائم في غزة، وطالب الدول الإسلامية بقطع أي علاقات سياسية واقتصادية مع الکيان الصهيوني، وفي هذا الصدد، ينبغي إعطاء الأولوية لفرض الحظر التجاري على الکيان الصهيوني، وخاصةً في مجال الطاقة.
قمة الرياض بقيت على مستوى خطاب
رغم أن أكثر من ربع دول العالم اجتمعت في الرياض، وكان من الممكن لقراراتها أن يكون لها تأثير إيجابي على عملية التطورات الميدانية في غزة وحتى فلسطين كلها، إلا أن النتائج للأسف ظلت على مستوى الخطاب فقط.
والحقيقة أن الرأي العام في العالم الإسلامي، ينتظر الآن أن يتوصل الصف العربي والإسلامي إلى نوع من التقارب والوحدة بشأن الصراع الفلسطيني ومأساة الإبادة الجماعية لأهل غزة، واتخاذ موقف شجاع وحاسم ضد آلة الحرب المدمرة للكيان الصهيوني، برأي واحد ورؤية جماعية.
لكن اجتماع الرياض كغيره من الاجتماعات السابقة، اکتفی بإصدار بيان إدانة وضرورة إرسال مساعدات إنسانية إلى غزة، وفشل في تلبية الطلب العام للمسلمين والفلسطينيين.
بعد الاجتماع السلبي لوزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي، الذي عقد بعد أسبوع من بدء الهجمات الإسرائيلية على غزة، وانتهی بإصدار بيان فقط، كان من المتوقع أن يتخذ رؤساء الدول الإسلامية موقفاً حازماً ضد الکيان الإسرائيلي.
لأنه في الأسابيع الأخيرة، اشتدت موجة الهجمات الصهيونية على قطاع غزة، وحتى الغزو البري مستمر إلى جانبها، وهناك حاجة إلى إجماع دولي لوقف هذه الأعمال الوحشية.
إن طلب إرسال المساعدات الإنسانية ووقف الصراعات، الذي أكدت عليه قمة الرياض، هو شعار يعلنه كل يوم العديد من زعماء العالم، لكن مثل هذه المواقف السياسية في الأسابيع الخمسة الماضية، لم يكن لها أي تأثير في الحد من الهجمات الإسرائيلية على غزة، والتي خلفت أكثر من 11 ألف شهيد و35 ألف جريح.
لو كانت الدول الإسلامية الـ 57 قد تحركت نحو استخدام أدوات قوتها بالتوافق، لربما كان الغربيون المؤيدون للصهيونية قد کبحوا جماح هذا الکيان المتمرد، بسبب القلق من عواقب استمرار الحرب، لكن إصدار بيان ضعيف واعتراضات شبيهة بالشعارات من جانب بعض القادة العرب، جعل الکيان الإسرائيلي أكثر حرصاً على المزيد من عمليات القتل.
كما أنه على الرغم من الإبادة الجماعية في غزة، أعلن المسؤولون السعوديون مؤخراً أن قضية تطبيع العلاقات مع تل أبيب لا تزال مطروحةً على الطاولة، ما يظهر أن قضية القدس ماتت عند حكام التسوية.
المقاومة الفلسطينية يجب أن تعتمد على نفسها
كانت قمة الرياض تحمل رسالةً مهمةً لفصائل المقاومة الفلسطينية فيما يتعلق بالتطورات في غزة.
حركة حماس، وهي الطرف الأساسي في الصراع مع الكيان الصهيوني في غزة، كانت تراهن على النتائج المحتملة لاجتماع الرياض، ولهذا السبب، طلبت في رسالة إلى اجتماع رؤساء الدول العربية والإسلامية، اتخاذ قرار تاريخي وحاسم بوقف هجمات الكيان الصهيوني في غزة.
لكن رغم مطالبة حماس، في بيان الدول الإسلامية لم يتخذ أي قرار بشأن العقوبات الاقتصادية علی الاحتلال الإسرائيلي، كما لم يطلب العرب من واشنطن وقف الحرب في غزة.
ولو كررت الدول العربية في المنطقة سيناريو الحظر النفطي الذي فرضته علی الغرب والكيان الصهيوني في حرب 1973، لكان ذلك نجاحاً كبيراً، لكن هذا الخيار قد أزيل تماماً من طاولة شيوخ العرب، وحتى حسب التقارير، فإن بعض الدول الإسلامية والعربية تزود الکيان الإسرائيلي باحتياجاته من الطاقة.
هذا الوضع أقام الحجة علی فصائل المقاومة الفلسطينية لعدم التعويل على دعم العرب بعد ذلك، فعلى فصائل المقاومة في غزة الآن الاعتماد على قدراتها الداخلية والتحالف مع جبهة المقاومة للمضي قدماً في مسار الحرب، وكما حققوا النجاح ضد الکيان الإسرائيلي وعززوا قدراتهم الدفاعية في العقدين الماضيين، فليواصلوا هذا الطريق من الآن فصاعداً بعزمهم الراسخ.
وأصبح قادة المقاومة يعتقدون أن السبيل الوحيد لمواجهة الکيان الصهيوني وتحرير الأراضي المحتلة، هو الكفاح المسلح، وقد حققت فصائل المقاومة في غزة، التي كانت حتى سنوات قليلة مضت تستخدم الأسلحة الخفيفة فقط ضد الکيان الإسرائيلي، قدرات كبيرة في إنتاج الصواريخ والطائرات دون طيار، على الرغم من الحصار الاقتصادي الشديد.
لقد أظهرت عملية “طوفان الأقصى” أن المقاومة وصلت إلى مستوى من الردع يمكن أن يغير قواعد اللعبة، ويشلّ الکيان الصهيوني، وهذه القدرات تتوسع كل يوم وستوجه ضربات قاتلة للاحتلال في المستقبل.
الأنظار کانت متجهةً إلی المتحدث الرئيسي الذي لم يكن في الرياض
لكن بينما ركزت عدسة كاميرات وسائل الإعلام العالمية على اجتماع الرياض ومواقف زعماء الدول، نظر الصهاينة إلى مسافة مئات الكيلومترات ليسمعوا كلام شخص آخر، والذي خلافاً لخطاب الزعماء العرب الضعيف، فإن كل كلمة من كلامه تهزّ الأراضي المحتلة من الشمال إلى الجنوب.
فرغم حضور العشرات من زعماء الدول الإسلامية في الرياض، إلا أن الرأي العام والزعماء الكبار في تل أبيب رکزوا جل اهتمامهم على خطاب السيد حسن نصر الله الذي ألقاه يوم السبت تزامناً مع مؤتمر الرياض، حول التطورات في غزة.
ودفاعاً عن أهل غزة وصف نصر الله أمريكا بأنها المذنب الرئيسي في الحرب في المنطقة وغزة، وحذّر البيت الأبيض وتل أبيب قائلاً: “إذا كنتم تريدون منا ألا ندخل في حرب إقليمية، فعليكم أن توقفوا الحرب في غزة”.
ووصف نصر الله الصراعات الحالية في غزة بأنها مختلفة عن الفترات السابقة، وقال للکيان الصهيوني: “نحن نتصرف وفقاً لظروف الميدان، سياستنا في المعركة الحالية هي أن الميدان هو الذي يتصرف، وهو الذي يتكلم، لذلك أبقوا أعينكم على الميدان، وليس على الخطابات”، وحسب نصر الله، فإن صواريخ حزب الله وطائراته المسيرة تحلق في سماء حيفا كل يوم، وهذا العمل أربك الکيان وأزعجه.
كما أكد القادة الصهاينة مرات عديدة أنهم يستمعون بعناية إلى كلام الأمين العام لحزب الله ويخططون للتعامل معه، ما يدل على أن سيد المقاومة وحده قد حرم النوم على قادة تل أبيب.
ولذلك، لو كان شيوخ العرب قلقين على الشعب الفلسطيني مثل نصر الله، لما تجرأ الکيان الصهيوني على قتل مئات الآلاف من الناس، وتهجيرهم من ديارهم.
موقع الوقت التحليلي
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: الکیان الإسرائیلی الدول الإسلامیة الکیان الصهیونی اجتماع الریاض الدول العربیة الإسلامیة فی فی الریاض قطاع غزة نصر الله تل أبیب على غزة فی غزة
إقرأ أيضاً:
الاقتصادات العربية من التكيّف إلى صناعة المستقبل
يمرّ الاقتصاد العربي في طور دقيق من التغير تتداخل فيها الأزمات العالمية مع التحديات الإقليمية. أسواق الطاقة غير المستقرة، وحركة التجارة العالمية التي تعاني من توترات متواصلة، والمراكز الصناعية الجديدة في آسيا التي تزداد تأثيراً في الأسواق العالمية، كلها مجتمعة أصبحت تغيّر موازين الاقتصاد الدولي. في هذا المشهد المتقلب، تحتاج المنطقة العربية إلى نموذج اقتصادي قادر على الصمود والتطور، يقوم على مبادئ التنويع والإنتاج والمعرفة.
المشهد الدولي المتغيّر
من الواضح بأن الاقتصاد العالمي يشهد انتقالاً تدريجياً في مراكز النفوذ الاقتصادي. فالصين والهند أصبحتا من أبرز القوى المحركة للإنتاج والتكنولوجيا والاستثمار، بينما توسّع تكتلات مثل "بريكس" ومنظمة "شنغهاي" مجالات التعاون بين الاقتصادات الصاعدة. هذا التحول يُغيّر خريطة النمو العالمي، ويمنح الدول خيارات أوسع لبناء شراكات جديدة خارج النفوذ الغربي التقليدي.
وتقع الاقتصادات العربية في دائرة التأثر المباشر بهذه التحولات. اعتماد العديد من دول المنطقة على صادرات النفط والغاز يجعل موازناتها مرتبطة بأسعار الطاقة العالمية. أكثر من ثلثي الإيرادات الحكومية في بعض الدول الخليجية ما زالت تأتي من قطاع الطاقة، مما يجعل أي تراجع في الطلب أو تشدد في سياسات خفض الانبعاثات عاملاً مؤثرًا في الاستقرار المالي.
وتزيد الاضطرابات الجيوسياسية في مناطق العبور البحري - مثل البحر الأسود وبحر الصين الجنوبي - من كلفة النقل والتأمين، وهو ما ينعكس على حركة التجارة العالمية، خصوصًا في الدول التي تعتمد على استيراد المواد الأساسية وتصدير الطاقة عبر هذه الممرات.
ورغم هذه التحديات، يحمل التحول العالمي في مجالات عدة فرص مهمة أمام المنطقة العربية. فالتوسع على سبيل المثال في الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر يمكن أن يشكّل أساسًا لمرحلة جديدة من النمو، ويمنح الاقتصادات العربية موقع متقدم في منظومة الطاقة المستقبلية، خاصة إذا ارتبط هذا التوجه بسياسات واضحة للبحث العلمي والتصنيع المحلي.
الأوضاع الإقليمية وضعف التكامل
البيئة الاقتصادية العربية ما زالت تواجه أزمات سياسية وأمنية في عدد من الدول، مثل اليمن وسوريا وليبيا والسودان، وهي نزاعات تستنزف الموارد وتضعف ثقة المستثمرين. كما أن محدودية التعاون بين الدول العربية تقلل من فرص بناء سوق إقليمية متكاملة. فالتجارة البينية لا تشكّل سوى نحو 10% من إجمالي التجارة العربية، وهي نسبة منخفضة جداً مقارنة بالمستويات التي حققها الاتحاد الأوروبي، حيث تتجاوز التبادلات الداخلية بين دوله 60% من حجم تجارته. هذا التفاوت يوضح حجم الفجوة في التكامل الاقتصادي، ومدى ما يمكن أن يحققه التعاون العربي إذا توفرت الإرادة السياسية والإطار المؤسسي الفاعل.
في الوقت نفسه، يزداد الضغط على الأمن الغذائي والمائي. ندرة المياه، والجفاف، وتراجع المساحات الزراعية، تفرض تحديات وجودية على بعض الدول. الاعتماد الكبير على استيراد الغذاء يجعل المنطقة عرضة لتقلبات الأسعار العالمية. لذلك، فإن التعاون في مجالات الزراعة الحديثة وإدارة المياه يصبح شرطًا أساسيًا لاستمرار التنمية واستقرارها.
عناصر القوة وفرص المنافسة
رغم هذه التحديات، تمتلك المنطقة العربية مقومات قوية يمكن أن تشكل أساساً للنهوض الاقتصادي. فهي تملك أكبر احتياطي من النفط في العالم ونسبة عالية من الغاز الطبيعي، إضافة إلى موقع جغرافي يربط آسيا بأوروبا وإفريقيا ويمر عبره جزء كبير من تجارة الطاقة العالمية.
العنصر البشري يمثل ثروة أخرى مهمة، فمعظم سكان المنطقة من فئة الشباب. هذه الطاقة البشرية قادرة على دفع التنمية إذا تم الاستثمار فيها من خلال التعليم الموجه نحو المهارات والتقنيات وريادة الأعمال. بعض الدول العربية بدأت بالفعل في هذا الاتجاه، مثل الإمارات والسعودية والمغرب، التي توسعت في مجالات التكنولوجيا والطاقة النظيفة والسياحة والصناعة الحديثة، بينما لا زالت بقية الدول العربية في طور ترجمة الخطط التنموية إلى برامج إنتاج حقيقية قابلة للتنفيذ.
التحديات العميقة
معدلات البطالة في المنطقة العربية ما زالت مرتفعة، وتتجاوز في بعض الدول 30%. الفقر ينتشر في عدد من الدول، والإنفاق على البحث العلمي لا يصل إلى واحد في المئة من الناتج المحلي الإجمالي. هذه الأرقام تعكس ضعف القدرة على بناء اقتصاد معرفي متنوع.
كما أن الطابع الريعي للاقتصادات العربية ما زال يقيّد النمو المستدام. الاعتماد على الموارد الطبيعية دون تطوير الصناعة والخدمات ذات القيمة المضافة يجعل الاقتصادات أكثر عرضة لتقلبات الأسعار العالمية. كما أن البيروقراطية وكثرة الإجراءات الحكومية وضعف الشفافية تعيق الاستثمار المحلي والأجنبي، وتحدّ من قدرة القطاع الخاص على التوسع والابتكار.
خطوات التحول الاقتصادي
التغيير المطلوب لا يمكن أن يتحقق بالمعالجات السطحية، بل بخطط شاملة تعيد تنظيم العلاقة بين التعليم والإنتاج، وتفتح المجال أمام الابتكار والتكامل الإقليمي. البدء بتقليل الاعتماد على النفط ضرورة أساسية من خلال تطوير الصناعات التحويلية والزراعة الحديثة والسياحة المستدامة. إدماج التكنولوجيا في إدارة المؤسسات العامة والخاصة يسهم في تقليل التكاليف وتحسين الأداء. كما أن التعاون العربي في مجالات الطاقة والغذاء والمياه والبيانات يمكن أن يخلق شبكة اقتصادية واسعة قادرة على مواجهة الأزمات الخارجية.
تنويع الشراكات مع آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية يمكن أن يمنح الاقتصادات العربية مرونة أكبر، ويتيح فرصاً جديدة في مجالات البنية التحتية والتقنيات الخضراء. أما الاستثمار في التنمية البشرية، فيبقى الأساس لأي تحول حقيقي. الخطوة الأولى تبدأ من منظومة التعليم التي ينبغي أن تتحول إلى أداة لبناء المهارات والإبداع، عبر برامج تطبيقية ترتبط مباشرة بسوق العمل ومشاريع ريادة الأعمال.
الرؤية المستقبلية
الاقتصاد العربي يواجه تحديات صعبة، لكنه يمتلك في الوقت نفسه فرصة نادرة لإعادة بناء نفسه على أسس جديدة. المرحلة المقبلة تتطلب سياسات أكثر وضوحاً واستقراراً، ومؤسسات تملك صلاحيات حقيقية لإدارة التنمية ومراقبة تنفيذها. الشفافية في إدارة الموارد والالتزام بالحوكمة هما الطريق إلى استعادة الثقة وبناء قاعدة اقتصادية قوية.
المنطقة العربية تمتلك كل ما تحتاجه لتكون شريكاً فاعلاً في الاقتصاد العالمي إذا استطاعت تحويل مواردها الطبيعية والبشرية إلى طاقة إنتاجية حقيقية. لكن ما يجب إدراكه هو أن الاقتصادات الوطنية العربية لن تتقدم بمواردها فقط، وإنما بقدرة مجتمعاتها على توجيهها بوعي وكفاءة. العالم يعيش تغيرًا سريع الإيقاع، ومن يتباطأ أو لا يواكب هذا التغيير بوعي يفقد موقعه في حركة التاريخ.
أمام الدول العربية فرصة للانتقال من مرحلة التكيّف مع الأزمات إلى مرحلة صنع السياسات التي تحدد مستقبلها. المرحلة القادمة تحتاج إلى مشروع تنموي يجعل من المعرفة والإنتاج أساس القوة الاقتصادية الجديدة في المنطقة.