شفق نيوز:
2025-12-12@16:13:05 GMT

الديمقراطية القلقة بين السلطة والمجتمعات المضغوطة!

تاريخ النشر: 16th, November 2023 GMT

الديمقراطية القلقة بين السلطة والمجتمعات المضغوطة!

  تواجه عمليات تطبيق الديمقراطية في بعض بلدان الشرق الأوسط وخاصة العراق وليبيا ومجموعة الدول التي تعرضت لتغيير أنظمتها السياسية فوقيا وبمساعدة جراحية من قبل دول عظمى، هذه الدول وفعالياتها السياسية تواجه تحديات كبيرة ومعقدة في مجتمعات تتكلس فيها عبر مئات السنين موروثات اجتماعية ودينية وامراض نفسية وسلوكية تتقاطع بل تمنع قيام مجتمع ديمقراطي على النمط الغربي.

ولعله من اخطر تلك التحديات ان النخب السياسية ذاتها من انتاج مجتمعات تعاني تاريخيا من ظواهر سلبية متكلسة وموروثات معقدة في الفكر والسلوك، ناهيك بانها ادمنت أنظمة شمولية مستبدة لعشرات السنين او ربما لمئات السنين ضمن قوقعة بدوية قبلية محافظة يحكمها الخوف المريع من السلطة المتمثلة بفرد او مجموعة، ذلك الخوف الذي عبث بسلوكيات الفرد والمجتمع وفي هذه الجزئية المهمة يتفق غالبية علماء النفس والاجتماع على أن الخوف سبب تربوي مهم في نشوء ظاهرة الكذب والعديد من أنماط السلوك غير القويم كالتدليس والانتهازية، ناهيك عن مركبات النقص التي يعاني منها الفرد أو المجموعة التي تتصف بهذه الأنماط السلوكية، وهذه الظواهر والسلوكيات تنطبق بشكل كبير على المجتمعات التي تخضع لأنظمة مستبدة تشيع الخوف والرعب بين الأهالي باستخدام العقوبات المفرطة الشدة او الاعتقالات العشوائية خارج منظومة القوانين واستخدام أساليب التعذيب والترهيب مع المعارضين او حتى مع المتهمين بمختلف أنواع الجرائم او الانحرافات. 

  وبسبب التشبث بالسلطة والافراط بها وبتنفيذ العقوبات وخاصة العقوبات الصارمة التي تنفذ امام الملأ انتشر الخوف والرعب بين الناس وتضاعفت ظاهرة الكذب والانتهازية والتدليس والنفاق والتزلف، وقد انعكست مظاهر الانتهازية والعدوانية على شكل التعامل بين السلطة والأهالي من جهة، وشكل البناء الاجتماعي القروي والقبلي والنظام التربوي البدائي من جهة أخرى، في التعاطي مع الفعاليات الحياتية بكل أنماطها، في السياسة والمجتمع والاقتصاد والتربية والتعليم، وحتى على مستوى العلاقات الشخصية بين الأفراد أو المجموعات، حيث تسود مشاعر الأنانية والحذر الشديد والتوجّس، إلى درجة الخوف من الآخر، بل والشعور بالعدوانية تجاهه، ففي معظم مجتمعاتنا الشرقية التي تعاني من أمية أبجدية وحضارية وثقافة قروية وسلوك بدوي، ما زال يسكن دواخل الكثير من الذين غيروا أشكالهم وديكوراتهم بإكسسوارات المظاهر دونما الالتفات إلى نوعية السلوك وتقدميته، إلا بالقدر الذي يحافظ على مصالحهم الذاتية والمظهرية، والتي تنحصر في مجملها بعقلية الربح والخسارة، يسبقها دوماً سوء النية في التعامل اليومي والتعاطي مع تفصيلات الحياة اليومية بين البشر، على خلفية البقالة المجردة من المشاعر الخلاقة. 

   لقد مارست الطبقة الحاكمة، سواء كانت فرداً أو حزباً أو شريحة اجتماعية، ضغوطاً هائلة على المجتمع من خلال المجموعات التابعة والملحقة بها، من المستفيدين من عطاياها وسلطنتها، الذين يشكلون خطوط حمايتها وأبواق دعايتها وسدنة حكمها ومن ثم مراكز هيمنتها وإداراتها، حيث تولّت هذه (الملحقات المعوقة) مسؤوليات إدارية واقتصادية وحتى اجتماعية مهمة في المجتمع والدولة، وخير مثال على ذلك، تلك المجاميع التي أنتجتها النظم الدكتاتورية من خلال مؤسساتها القمعية والحزبية من الأميين وأنصافهم، منذ بدء حقبة الانقلابات، في كل من العراق وسوريا والجزائر وليبيا واليمن وإيران والسودان وبقية الدول الأخرى المشابهة، وتولي الكثير منهم قيادات مهمة في الجيش وحقائب وزارية وإدارة المحافظات والمدن، وحتى في الجامعات وعماداتها، ناهيك عن عشرات الآلاف من صغار ومتوسطي الموظفين في كل مفاصل الدولة. 

  وبدلاً من تكريس الحياة المدنية ونقلها إلى الريف والقرية وإحداث تغييرات اقتصادية واجتماعية ترتقي بها من تلك الأنظمة المغلقة والمحدودة والمقيدة بنظام العبودية للشيخ والآغا، وأحياناً كثيرة لرجال الدين القرويين أشباه الأميين، إلى مستويات أعلى وأكثر تطوراً، بربط تلك المناطق بمنظومة من الطرق والاتصالات والخدمات والمناهج التربوية التي تحدث تغييرات مهمة في بنائها التحتي، عملت كل الانقلابات التي هيمنت على السلطة وادّعت تغيير النظام السياسي والاجتماعي، وأحياناً كثيرة الاقتصادي السابق لها، إلى نظام جمهوري مدني اشتراكي، لا إلى نقل المدينة إلى الريف، بل حصل العكس بنقل الريف وتهجيره إلى المدن، مما أضاع فرصة ثمينة لتطوير الريف والمدينة، بل عمل على مسخ هوية المدن وإغراقها بأنماط قروية وقبلية في السلوك والتصرّف. 

  وخلال عقود قليلة، تحوّلت تلك الأفواج من القرويين إلى مجموعات منقادة اخترقت كل أنظمة المجتمع والدولة، وبخاصة مؤسسات الجيش والشرطة والتعليم الأوسع انتشاراً من غيرها في الهيكل الوظيفي للدولة، هذه المجموعات التي أفرزتها تلك الأنظمة المستبدّة، سواء ما كان منها على دفة الحكم أو ما كان منها على شكل منظومة عادات وتقاليد اجتماعية استبدادية، وهي بالتالي تشكل العمق الاجتماعي للأنظمة السياسية المستبدة، حيث بساطة التفكير وسذاجته وعقلية القطيع، التي سهلت مهمة الأنظمة في السيطرة على هذه المجموعات، التي نقلت معها كل سلوكيات القرية والبداوة إلى مراكز المدن، بحثاً عن العمل أو الارتزاق خلف أنظمة سياسية استبدادية، تستغلّ سذاجتها، لاستخدامها أدوات سلطوية وقمعية في أجهزتها الخاصة، كما تفعل معظم أنظمتنا السياسية هنا في الشرق الأوسط، في الاعتماد على مجاميع من القرويين والقبليين في حماية النظام ورموزه ومؤسساته العسكرية والأمنية، حتى وصلت إلى مفاصل مهمة في مراكز القرار في الدولة والمجتمع، مما تسبب في ظهور عوق اجتماعي كبير هو ما نسميه بالنفاق الاجتماعي والانتهازية المقيتة، ويبدو ذلك اكثر وضوحا في كل من ايران والعراق وسوريا ولبنان حيث استخدم الدين والمذهب كأداة غاية في الخطورة لتخدير الأهالي واستكانتهم. 

  إننا اليوم في ظل أنظمة تمارس نمطا ديمقراطيا قلقا لإنتاج دكتاتوريات مرنة في مجتمعات مضغوطة بالخوف والرعب والإرهاب، نواجه تحديا خطيرا في معظم البلدان التي ذكرتها، وخاصة في بلادنا حيث أقحم الدين والمذهب في العملية السياسية وتم تفعيل النظام القبلي وتسخيره كأداة مساعدة في الحكم، مما عقد مسيرة بناء مجتمع ديمقراطي باستخدام أدوات ديمقراطية مفرغة من معانيها الحقيقية كالانتخابات المضللة ومؤسساتها التشريعية والتنفيذية والقضائية التي هيمنت عليها قوى شمولية تمارس الديمقراطية من طرف واحد تحت مظلة دكتاتورية مرنة بعيداً عن إحداث أي تغييرات اجتماعية وتربوية جذرية، وبخاصة ما يتعلّق بإزالة هواجس الخوف المنتجة لكثير من مظاهر العوق الاجتماعي في الكذب والتدليس والسلبية في التعاطي مع الآخر، كل هذه المحاولات تصطدم بكم هائل من الصراعات التاريخية سواء كانت دينية مذهبية او قومية عرقية ناهيك عن الصراع الازلي بين الطبقات، وما لم يعاد النظر بالجغرافية السياسية للمكونات والتحول من نظام الدولة المركزية الى نظام فيدرالي حقيقي  كخطوة أولى في تقزيم وانهاء الصراعات المذهبية والقومية لن تتوفر أي فرصة لتقدم البلاد والتفرغ لتحديث المجتمع تعليميا وتربويا معاصرا بما يؤهله للانتقال الى نظام ديمقراطي حقيقي.

المصدر: شفق نيوز

كلمات دلالية: العراق هاكان فيدان تركيا محمد شياع السوداني انتخابات مجالس المحافظات بغداد ديالى نينوى ذي قار ميسان اقليم كوردستان السليمانية اربيل نيجيرفان بارزاني إقليم كوردستان العراق بغداد اربيل تركيا اسعار الدولار روسيا ايران يفغيني بريغوجين اوكرانيا امريكا كرة اليد كرة القدم المنتخب الاولمبي العراقي المنتخب العراقي بطولة الجمهورية الكورد الفيليون الكورد الفيليون خانقين البطاقة الوطنية مطالبات العراق بغداد ذي قار ديالى حادث سير الكورد الفيليون مجلة فيلي عاشوراء شهر تموز مندلي

إقرأ أيضاً:

صندوق تحيا مصر يطلق قافلة حماية اجتماعية تستهدف 20 ألف أسرة | صور

تنفيذًا لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي، بتكثيف جهود الصندوق لحماية الأسر الأولى بالرعاية، وصلت قافلة الحماية الاجتماعية من صندوق تحيا مصر إلى 20 ألف أسرةٍ من أسر منطقة بشاير الخير بمحافظة الإسكندرية، وذلك بالتعاون مع وزارة الأوقاف، والمنطقة الشمالية العسكرية، ومحافظة الإسكندرية.

وزير الأوقاف: المسابقة العالمية واحة يجتمع فيها أهل القرآن من 70 دولةوزير الأوقاف يشهد أمسية دينية بمسجد الحسين برفقة ضيوف المسابقة العالمية للقرآنوزير الأوقاف يصدر قرارا بتكليف مدير جديد للدعوة بمديرية القاهرةوزير الأوقاف ووفد من شباب ومحكمي مسابقة القرآن الكريم في زيارة للمتحف الكبير

وفي هذا السياق، تفقد القافلة الأستاذ الدكتور أسامة الأزهري - وزير الأوقاف، والأستاذ الدكتور نظير محمد عياد - مفتي الجمهورية، واللواء أ.ح. وليد محمد عارف - رئيس الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، والفريق أحمد خالد - محافظ الإسكندرية، واللواء أ.ح. ياسر الخطيب - قائد المنطقة الشمالية العسكرية، والسيد تامر عبد الفتاح، المدير التنفيذي لصندوق تحيا مصر، واللواء رشاد فاروق – مدير أمن الإسكندرية، والأستاذ الدكتور عبد العزيز قنصوه – رئيس جامعة الإسكندرية، والأستاذ الدكتور عمرو عدلي – رئيس الجامعة المصرية اليابانية، والأستاذ الدكتور أحمد زايد – مدير مكتبة الإسكندرية، والدكتور أحمد عبد الرحمن – رئيس الإدارة المركزية للحماية المجتمعية بوزارة التضامن، والأستاذ خليل محمد خليل - رئيس الإدارة المركزية لشئون الأشخاص ذوي الإعاقة بوزارة التضامن، وعدد من قيادات وزارة الأوقاف، وصندوق تحيا مصر، وذلك في رحاب مسجد "الهادي البديع" بعد افتتاحه وأداء صلاة الجمعة فيه بمنطقة بشاير الخير بمحافظة الإسكندرية، التي شهدت كذلك افتتاح مسجد "الواحد الأحد" بمنطقتي بشاير الخير ٣ و٥ بحي الأباري - مينا البصل، وذلك بعد اكتمال تنفيذ المسجدين من قبل الهيئة الهندسية للقوات المسلحة وفقِ أعلى معايير الجودة والعمارة.

وبمناسبة تسيير هذا القافلة، قال الدكتور أسامة الأزهري إن المواطن المصري في قلب اهتمام الدولة التي تحشد له كل طاقاتها المادية والفكرية لتغيير حياته نحو الأفضل، مؤكدًا أن قافلة اليوم جاءت لاستكمال مسيرة بدأت بتغيير جذري في حياة أهالي المنطقة منذ أعوام، ورسالتنا: المواطن المصري عزيز يستحق كل إكرام وتقدير.

من جانبه، صرح المدير التنفيذي لصندوق تحيا مصر، تامر عبد الفتاح، إن القافلة تتضمن توزيع 20 ألف كرتونة بإجمالي 226 طنًا من المواد الغذائية الجافة، مخصصة للتوزيع على سكان منطقة بشاير الخير، وتأتي هذه القافلة كجزء من مبادرة "بالهنا والشفا"، التي تقع ضمن محور أنشطة الحماية الاجتماعية الهادفة إلى دعم الأسر الأولى بالرعاية في المناطق الأكثر احتياجًا، ويستفيد منها أكثر من 8 ملايين مواطن سنويًا.

وتعتبر مبادرة بالهنا والشفا إحدى أنشطة محور الحماية الاجتماعية الذي ينفذ من خلاله الصندوق عدة مبادرة لدعم الأسر الأولى بالرعاية، ورفع أعباء المعيشة عن كاهلهم، وذلك اعتمادًا على قواعد بيانات الأسر المستهدفة لدى الصندوق ومنظمات المجتمع المدني الشريكة.

وفي السياق نفسه، أضاف: تولي خدمات قافلة الحماية الاجتماعية اهتمامًا كبيرًا لذوي الهمم ببشاير الخير، حيث تم تقديم الكراسي المتحركة بمختلف أنواعها، وعصى المكفوفين، وأدوات الكتابة بطريقة برايل.

وتابع عبد الفتاح أن هذه الجهود تأتي في إطار استراتيجية الصندوق لتقديم تدخلات فعالة تواكب الاحتياجات الفعلية للأسر المستحقة، بما يعكس التزام الصندوق بتعزيز الحماية الاجتماعية وتحقيق أهداف التنمية المستدامة المتوازنة في جميع أنحاء الجمهورية.

صندوق تحيا مصر استطاع من خلال قوافل الحماية الاجتماعية أن يحصد 6 أرقام قياسية في العمل الخيري بموسوعة جنيس العالمية عبر تنفيذ أكبر قافلتي مساعدات إنسانية في العالم خلال عامي 2020 و2021 وهي: أكبر قافلة تبرع بالمواد الغذائية لعام 2020 (300 ألف كرتونة)، أكبر قافلة تبرع بالدواجن لعام 2020 (2000 طن)، تسيير أكبر قافلة مساعدات إنسانية لعام 2020 قوامها 480 شاحنة، أكبر قافلة تبرع بالمواد الغذائية للعام 2021 (مليون كرتونة)، أكبر قافلة تبرع بالأجهزة المنزلية لعام 2021(4500 جهاز) لتجهيز اليتيمات للزواج، أكبر قافلة تبرع بالأجهزة الطبية لعام 2021 (6298 جهاز طبي).

 "صندوق تحيا مصر" يطلق قافلة حماية اجتماعية تستهدف 20 ألف أسرة في "بشاير الخير" "صندوق تحيا مصر" يطلق قافلة حماية اجتماعية تستهدف 20 ألف أسرة في "بشاير الخير" "صندوق تحيا مصر" يطلق قافلة حماية اجتماعية تستهدف 20 ألف أسرة في "بشاير الخير" "صندوق تحيا مصر" يطلق قافلة حماية اجتماعية تستهدف 20 ألف أسرة في "بشاير الخير" "صندوق تحيا مصر" يطلق قافلة حماية اجتماعية تستهدف 20 ألف أسرة في "بشاير الخير" "صندوق تحيا مصر" يطلق قافلة حماية اجتماعية تستهدف 20 ألف أسرة في "بشاير الخير" "صندوق تحيا مصر" يطلق قافلة حماية اجتماعية تستهدف 20 ألف أسرة في "بشاير الخير" طباعة شارك عبد الفتاح السيسي وزارة الأوقاف صندوق تحيا مصر بشاير الخير الإسكندرية قافلة حماية اجتماعية

مقالات مشابهة

  • مشروع "لها ومعها" من الخوف للقوة قصة تلخص رحلة آلاف النساء في مواجهة العنف
  • صندوق تحيا مصر يطلق قافلة حماية اجتماعية تستهدف 20 ألف أسرة | صور
  • زمن الخوف الفني.. كيف أصبحت صناعة الإبداع رهينة الرقابة الذاتية وصوت الجمهور الغاضب؟
  • من همس متقطع إلى صوت يصل إلى الجميع.. رحلة شفاء من التأتأة بالكتابة
  • المُنتخب الاردني والتغيرات النفس اجتماعية في مجتمعنا الاردني الشاب..
  • الوجوه المتعددة للبذاءة (2)
  • السريري: بيان المفوضية خطوة مهمة نحو انتخابات أبريل والسلطة التشريعية أوفت بالتزاماتها
  • جهود موسعة لصندوق مكافحة الإدمان في تعزيز الوعي والوقاية داخل الجامعات والمجتمعات
  • بعد حالات الاعتداء على الطلاب.. استشاري حماية اجتماعية ينصح باختبارات مهمة
  • لا خوف على الوحدة الخوف على الانفصال