مسقط- العُمانية

أكد صندوق النقد الدولي على استمرار الاقتصاد العُماني في مسار التعافي محقّقًا نموًّا قدره 4.3 بالمائة في عام 2022م، مدفوعًا بشكل أساسي بارتفاع أسعار النفط ونموّ الأنشطة النفطية وغير النفطية.

جاء ذلك في بيان ختام زيارة خبراء بعثة صندوق النقد الدولي سلطنة عُمان في إطار المشاورات الدورية السنوية بموجب المادة الرابعة لاتفاقية تأسيس الصندوق.

وأشاد خبراء بعثة الصندوق بالنتائج الإيجابية للأداء الاقتصادي والمالي لسلطنة عُمان وصلابة القطاع المصرفي والتحسن المحقق في الحساب الخارجي إضافة إلى الجهود المبذولة في احتواء التضخم.

وأشار الخبراء إلى التسارع في وتيرة نمو الأنشطة غير النفطية في سلطنة عُمان من 1.2 بالمائة في عام 2022م إلى 2.7 بالمائة في النصف الأول من عام 2023م، بفضل تعافي نشاط الزراعة والحراجة وصيد الأسماك ونشاط الإنشاءات وتحسن أداء الأنشطة الخدمية. وأكد الخبراء أن سلطنة عُمان استطاعت احتواء التضخم بسبب دعم ارتفاع أسعار النفط وجهود الإصلاح المستمرة، حيث شهد معدل التضخم السنوي تراجعًا ملحوظًا من 2.8 بالمائة في عام 2022م إلى 1.2 بالمائة خلال الفترة من يناير حتى سبتمبر 2023م.

وأشارت تقديرات الصندوق إلى أن الحساب الجاري سيحقق فائضًا بنسبة 3.1 بالمائة و3.4 بالمائة من إجمالي الناتج المحلي لسلطنة عُمان في عامي 2023م و2024م على التوالي. وبين الخبراء أن مستوى الدَّيْن العام سجل انخفاضًا ملحوظًا في عام 2022م؛ ما أدى إلى رفع التصنيف الائتماني لسلطنة عُمان، ومن المتوقع أن تستمر مستويات الدَّين العام في الانخفاض لتصل إلى 29.4 بالمائة في عام 2028م.

وتوقع أن يتراجع العجز الأولي غير النفطي بنسبة 3.4 بالمائة من إجمالي الناتج المحلي غير النفطي في عام 2023م مقارنة بعام 2022م.

وأكد خبراء الصندوق أهمية الحفاظ على استمرار جهود الإصلاحات المالية لترسيخ استدامة المالية العامة وضمان تحقيق العدالة بين الأجيال، مشيرين إلى أهمية صندوق الحماية الاجتماعية في دعم الفئات المستهدفة وتحسين جودة الحياة لهذه الفئات وتعزيز استدامة صندوق التقاعد الموحد.

وفيما يتعلق بالاستقرار النقدي، أوضح خبراء الصندوق أن نظام سعر الصرف الثابت المتبع يُمثِّل ركيزة نقدية ملائمة وذات مصداقية للسياسة النقدية المتبعة في سلطنة عُمان، مؤكّدين على أن تنفيذ "مشروع تعزيز كفاءة السياسة النقدية" الذي وضعه البنك المركزي العُماني من شأنه أن يعزز مجموعة أدوات السياسة النقدية. وأشاروا إلى أن ربحية البنوك العاملة بسلطنة عُمان عادت إلى المستويات المطلوبة ولا تزال تتمتع برؤوس أموال وسيولة أعلى بكثير مما تفرضه الضوابط التنظيمية. وأكدوا ضرورة مواصلة حكومة سلطنة عُمان جهودها المستمرة للمُضي قُدُما في تنفيذ "رؤية عُمان 2040"، وأهمية قانون العمل الجديد لزيادة مرونة سوق العمل وتعزيز إسهام المرأة في القوى العاملة. وأشار الخبراء إلى مواصلة الجهود المبذولة حاليًّا في توفير بيئة مواتية لمزاولة الأعمال وتنفيذ خطة التكيُّف مع التغيرات المناخية من خلال تشجيع الاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة والهيدروجين استرشادًا بما جاء في الخطة الوطنية للحياد الصفري التي وضعتها الحكومة.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

إلغاء قانون قيصر.. توقيع ترامب ينهي سنوات من خنق الاقتصاد السوري ليبدأ التعافي

في لحظة سياسية فارقة تعيد رسم موقع سوريا على الخريطة الإقليمية والدولية، صوّت مجلس النواب الأميركي على إلغاء "قانون قيصر" الذي شكّل طوال ستة أعوام أحد أكثر أدوات الضغط الصارمة على الاقتصاد السوري. 

ومع انتقال المشروع إلى مجلس الشيوخ تمهيداً لتوقيع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قبل نهاية العام، تتجه الأنظار إلى مرحلة جديدة قد تُنهي سنوات من الخنق الاقتصادي، وتفتح باب الأسئلة حول فرص التعافي وقدرة الحكومة السورية الجديدة على استثمار هذه التحولات.

يأتي القرار في سياق إقليمي ودولي متغير، وبعد عام من التحولات الجذرية التي شهدتها سوريا إثر سقوط نظام الأسد وصعود حكومة انتقالية بقيادة الرئيس أحمد الشرع. ومع ذلك، يبقى السؤال الأبرز: هل يكفي رفع العقوبات لتبدأ سوريا رحلة النهوض، أم أن الطريق لا يزال طويلاً ومليئاً بالتحديات المعقّدة؟

قانون قيصر

أقِرّ "قانون قيصر" عام 2019 خلال ولاية ترامب الأولى، مستنداً إلى صور مسرّبة وثّقت انتهاكات واسعة في السجون السورية. فرض القانون عقوبات مشددة طالت مؤسسات الدولة وقطاعات الطاقة والبناء والمالية، ومنع التعامل مع جهات حكومية أو شركات مرتبطة بالنظام السابق. وعلى مدى سنوات، شكّل القانون أحد أعمدة العزلة الاقتصادية التي عمّقت الانهيار البنيوي في سوريا.

أما التغيير الجوهري فجاء في ديسمبر 2024 حين أطاحت قوات المعارضة بنظام الأسد، ليفرّ الأخير إلى روسيا، وتبدأ مرحلة سياسية جديدة بدعم أميركي. ومع عودة ترامب إلى البيت الأبيض، بدأت سياسة إعادة تقييم شاملة للعقوبات، وصولاً إلى مسار الإلغاء الذي نشهده اليوم.

تفاصيل مشروع الإلغاء وشروطه الرقابية

رغم أن القانون يلغي العقوبات فعلياً، إلا أنه يستبدلها بآلية رقابية دورية تُلزم البيت الأبيض بتقديم تقارير إلى الكونغرس كل 90 يوماً ثم كل 180 يوماً لمدة أربع سنوات، تتضمن:

مكافحة الإرهاب والجماعات المتشددة.حماية حقوق الأقليات الدينية والإثنية.إبعاد المقاتلين الأجانب من المناصب العليا.الامتناع عن أي عمل عسكري غير مبرر ضد الجوار.التقدم في تنفيذ اتفاق 10 مارس 2025 مع "قسد".مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب والمخدرات.ضمان تمثيل عادل في الحكومة والبرلمان.ملاحقة مرتكبي انتهاكات حقوق الإنسان.

هذه الشروط غير ملزمة قانوناً لإبطال الإلغاء، لكنها تشكل آلية ضغط سياسية وأمنية على الحكومة السورية الجديدة.

هل يبدأ النهوض الاقتصادي؟

ترفع خطوة الإلغاء الكثير من القيود، لكنها لا تُطلق العنان للتعافي بشكل مباشر. فالأضرار التي ألحقها العقد الماضي بالاقتصاد السوري ضخمة؛ تقديرات الأمم المتحدة والبنك الدولي تتحدث عن حاجات إعمار تفوق 216 مليار دولار، إضافة إلى نظام مصرفي مضطرب، وسيولة شبه معدومة، وسوق موازية تتحكم بتعدد أسعار الصرف.

ويرى خبراء الاقتصاد أن رفع العقوبات يمثل شرطاً لا بد منه لكنه غير كافٍ. فالدخول في مرحلة الإعمار يحتاج:

تحديثاً تشريعياً شاملاً.استعادة الثقة بالقضاء والمصرف المركزي.بيئة أعمال شفافة تستقطب المستثمرين.إعادة ربط البنوك السورية بمنظومة "سويفت".ضمانات أمنية وسياسية.

ويتوقع اقتصاديون انتقالاً من الانكماش إلى نمو إيجابي محدود خلال الأعوام الثلاثة المقبلة في حال أُنجزت الإصلاحات.

التحديات المعيشية.. طريق طويل قبل التحسن

يعيش أكثر من 90% من السوريين تحت خط الفقر، ما يجعل أي إصلاح اقتصادي محفوفاً بتكاليف اجتماعية قصيرة الأمد، أبرزها:

تحرير تدريجي للأسعار.إعادة هيكلة الدعم.ارتفاع مؤقت في تكاليف المعيشة.

لذلك، تحذر المؤسسات من أن التعافي لن ينعكس سريعاً على الأسر إلا بوجود برامج حماية اجتماعية فعّالة.

إلغاء "قانون قيصر" يمثل بداية مرحلة لا نهايتها. صحيح أنه يفتح الباب أمام انفراج اقتصادي محتمل، لكنه يضع سوريا في مواجهة اختبار أكبر: القدرة على تنفيذ إصلاحات عميقة، وبناء دولة شفافة تستعيد ثقة شعبها وشركائها الدوليين. فالطريق إلى التعافي لن يُرسم في واشنطن وحدها، بل يبدأ من دمشق قبل أي مكان آخر.

طباعة شارك قانون قيصر سوريا العقوبات الأمريكية على سوريا إلغاء قانون قيصر

مقالات مشابهة

  • الصين تخطط لتعزيز الصادرات والواردات في 2026
  • سلطنة عُمان تحقق فائضًا تجاريًا بـ3.885 مليار ريال عماني حتى سبتمبر 2025
  • "الشراكة الاقتصادية الشاملة مع الهند" تُعيد رسم ملامح الاقتصاد العُماني
  • صندوق النقد يوافق على صرف 130 مليون دولار ويشيد باستقرار الأردن المالي
  • صندوق النقد الدولي يقر المراجعة الرابعة ويُتيح للأردن 240 مليون دولار دعمًا للبرنامج الاقتصادي
  • سيف بن زايد يكرم داعمي صندوق الفرج
  • النقد الدولي يوقف مشاورات المادة الرابعة والعليمي يحمل الانتقالي
  • إلغاء قانون قيصر على سوريا.. خطوة مفصلية نحو التعافي الاقتصادي والإعمار
  • إلغاء قانون قيصر.. توقيع ترامب ينهي سنوات من خنق الاقتصاد السوري ليبدأ التعافي
  • مؤتمر التمويل التنموي 2025 ينطلق في الرياض