الخليج الجديد:
2025-06-13@13:37:39 GMT

على الغرب استيعاب هجرة الإسرائيليين

تاريخ النشر: 19th, November 2023 GMT

على الغرب استيعاب هجرة الإسرائيليين

على الغرب استيعاب هجرة الإسرائيليين

إذا كان ثلث الإسرائيليين قد فكّروا في الهجرة قبل شنّ الحرب على غزّة، فكم تبلغ النسبة بعد وقوع الحرب؟

لأبناء قطاع غزة أمكنة قريبة منهم ينتسبون إليها، وقد أُخرج آباؤهم وأجدادهم قسراً منها قبل 75 عاماً، وما زالوا على ارتباط روحيٍّ وثيق بها.

تتكبّد إسرائيل خسائر يومية في الأرواح ونزفاً اقتصادياً، وهو لا يُقارن، بطبيعة الحال، بحرب الإبادة التي يتعرّض لها أكثر من مليونين من أبناء غزّة.

من الواجب أن لا تتلكأ دول الغرب وبقية الدول في استيعاب مزيد من الهجرة الطوعية المتنامية للمهاجرين الإسرائيليين، وحتى التشجيع عليها من منظور إنساني.

دعوات الاحتياطي للالتحاق بالجيش الإسرائيلي، والتي تشمل من هم في سن الخمسين من أجل خوض حرب طويلة، فليست من التطوّرات التي تثير الطمأنينة.

تتوفر البلاد على ملاذ لأكثرية أبناء قطاع غزّة، وعودتهم الواجبة الى البلدات التي تم تهجيرهم منها في 1948، وبعضها يقع في لواء اللد، وأكثرها في "غلاف غزّة "، أو بئر السبع.

بدل مخاوف اندلاع حرب أهلية إسرائيلية على خلفية الانقسام بشأن التعديلات القضائية، هناك حرب حقيقية ناشبة، وصافرات الإنذار تنطلق في أي وقت وأي مكان.

* * *

تتساءل الإسرائيلية ساعر شموئيل: "إلى أين يمكن الهجرة من دون تأشيرة وإلى مكان قريب، ليس لدي مشكلة مع الدخل، لديّ مشكلة مع التأشيرة، هل من توصيات؟".

وتكتب كريمن روسو "أريد مغادرة البلاد، وكنت أفكّر في الهجرة إلى السويد أو النرويج، ولا أحمل الجنسية الأوروبية، ماذا عليّ أن أفعل؟". وفي الاتجاه نفسه، كتبت آيه رعايا "نمتلك جوازات سفر إسرائيلية فقط، ومدّخرات قدرها 300 ألف، وطفلتي تبلغ ثلاث سنوات، وزوجي في قلق حقيقي، يقول إنها ستتحول إلى حرب عالمية، وعلينا الهروب أطول فترة ممكنة".

تتوجه التساؤلات السابقة إلى حملة "لنغادر معاً"، كما ورد في تقرير لمحمد وتد على موقع الجزيرة نت. وتضم مجموعة الحملة في تطبيق "واتساب" 676 مشاركاً، غالبيّتهم العظمى من الإسرائيليين، وبعضهم من اليهود المقيمين في دول مختلفة، وبخاصة في أوروبا وكندا وأميركا. ويرد في التقرير أن أكثر من 230 ألف إسرائيلي غادروا منذ عملية طوفان الأقصى حتى 5 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري.

ومنذ "7 أكتوبر"، تأتي الأخبار شبه اليومية عن تدافع حشود من الإسرائيليين للمغادرة، لكن الحرص على عدم تكرار نشر الأخبار نفسها يؤدّي إلى تقطع المتابعة الإعلامية لهذا الحدث. وقد أدّى خروج مطار بن غوريون عن الخدمة مؤقتاً إلى تحفيز إسرائيليين على المسارعة في المغادرة ما إن أُعيد افتتاح المطار.

وبالنظر إلى امتلاك إسرائيليين كثيرين جوازات سفر أجنبية فقد سهّل لهم هذا فرصة المغادرة، بيد أن كثيرين لا يمتلكون مثل هذه الوثائق، وهم ممن يتلقّون العون والإرشاد من حمْلة "لنغادر معاً". وبينما يقصد إسرائيليون كثر بلدين قريبين؛ اليونان وقبرص، فإن آخرين يسعون إلى الهجرة إلى البرتغال وفيتنام وغيرهما.

ترتبط موجة الهجرة الحالية بعملية اقتحام مستوطنات غلاف غزّة، غير أن الهجرة بدأت قبل ذلك، في حمى التوتّرات الاجتماعية التي رافقت التعديلات القضائية التي أطلقتها حكومة بنيامين نتنياهو، واشتداد وتيرة التظاهرات الاحتجاجية على تلك التعديلات.

ولو لم يتم فرض حالة الطوارئ التي تحِدّ من مظاهر الحياة الطبيعية، لكانت التظاهرات قد تواصلت بعد أن أوقفتها حالة الطوارئ عند أسبوعها الأربعين.

وفي استطلاع للرأي أجرته القناة 13 الإسرائيلية، في يوليو/ تموز الماضي، تبين أنّ نحو ثلث الإسرائيليين يفكّرون في مغادرة البلاد، مع إصرار حكومة نتنياهو على تمرير التعديلات القضائية، غير أن الوضع حالياً بات أسوأ، فإضافة إلى شبح الديكتاتورية، وشبح تراجع الوضع الاقتصادي، هناك واقع اضطراب حبل الأمن بصورة شديدة.

وبدلاً من المخاوف من اندلاع حرب أهلية على خلفية الانقسام بشأن التعديلات القضائية، هناك حالياً حرب حقيقية ناشبة، وصافرات الإنذار تنطلق في أي وقت وأي مكان.

أما دعوات الاحتياطي للالتحاق بالجيش، والتي تشمل من هم في سن الخمسين من أجل خوض حرب طويلة، فليست من التطوّرات التي تثير الطمأنينة. وإذا كان ثلث الإسرائيليين قد فكّروا في الهجرة قبل شنّ الحرب على غزّة، فكم تبلغ النسبة بعد وقوع الحرب؟

لا يُقارَن وضع الإسرائيليين بما يعانيه الفلسطينيون الذين يتعرّضون لحرب وحشية مباشرة على بيوتهم وعائلاتهم وأجسادهم، ومع ذلك يشعر الإسرائيليون بأن دولتهم لم تعد مكاناً آمناً للعيش، وبأن من حقّهم تغيير مكان إقامتهم. وقد توقع تقرير في صحيفة ذي ماركر الإسرائيلية ارتفاع أعداد المغادرين مع استمرار الحرب وتصاعد التوترات على الجبهة الشمالية مع لبنان، والمواجهات المتواصلة في الضفة الغربية المحتلة.

ورغم أن أرقاماً محدثة لم ترشح عن أعداد المهاجرين الإسرائيليين، إلا أن هناك أرقاماً تتعلق بفئة أخرى أضرت بها التطورات ضرراً شديداً، فقد أفاد مركز دراسات إسرائيلي يوم 12 نوفمبر/ تشرين الثاني الحالي بأن أكثر من ربع مليون إسرائيلي نزحوا من منازلهم في جنوبي البلاد وشماليها، منذ بداية الحرب على قطاع غزّة، في 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.

وأفاد مركز دراسات الأمن القومي التابع لجامعة تل أبيب على موقعه الإلكتروني أنه "منذ بداية الحرب تم إخلاء 64 بلدة إسرائيلية في شمالي البلاد وجنوبيها". وهذه ظاهرة لا سابق لها في تاريخ المواجهات.

وبما أن الحرب على غزّة وأبنائها مرشّحة لأن تمتدّ شهوراً، كما بشّر وزير الحرب يوآف غالانت، سوف يبقى النازحون الإسرائيليون على نزوحهم، ومن الطبيعي، في هذه الظروف، أن تسعى نسبة من هؤلاء إلى اللجوء والهجرة إلى الخارج.

ليست موجة الهجرة الحالية الوحيدة والأولى من "أرض اللبن والعسل"، فقد شهدت الدولة الإسرائيلية موجاتٍ من الهجرة على إيقاع التصعيد الأمني (التعبير الملطف عن التنكيل الجماعي بالفلسطينيين) منذ عام 1987، غير أن الوضع هذه المرّة يختلف.

إذ تتكبّد الدولة خسائر يومية في الأرواح ونزفاً اقتصادياً، وهو لا يُقارن، بطبيعة الحال، بحرب الإبادة التي يتعرّض لها أكثر من مليونين من أبناء غزّة، غير أن الإسرائيليين لم ينذروا أنفسهم للمعاناة وبذل التضحيات كما هو حال الفلسطينيين الذين يدركون أن اقتلاعهم من أرضهم التاريخية هو في قلب المشروع الصهيوني، وهو هدف رئيس لهذه الحرب الوحشية.

وبما أن نسبة كبيرة من الإسرائيليين هم من ذوي الجذور الأوروبية والغربية عموماً، بما يشمل أميركا وكندا وأستراليا، وبما أن نسبة أخرى فشلت في الاندماج، كما هو حال يهود روس ظل انتماؤهم معلقاً ما بين روسيا وإسرائيل، فإن من الواجب أن لا تتلكأ دول الغرب وبقية الدول في استيعاب مزيد من الهجرة الطوعية المتنامية للمهاجرين الإسرائيليين، وحتى التشجيع عليها من منظور إنساني، فسوف يكون لذلك انعكاسات إيجابية على بؤرة التوتر والصراع.

فالمنحدرون من أبناء الجيل الثالث أو الرابع أو الخامس لقدامى المهاجرين اليهود لن يسوءهم ولن يصادفوا صعوبة في العودة إلى مواطن أجدادهم في بولندا وفرنسا وألمانيا وجمهوريات البلطيق ورومانيا وبلغاريا على سبيل المثال.

فيما تتوفر البلاد على ملاذ لأكثرية أبناء قطاع غزّة، وذلك بعودة هؤلاء الواجبة الى البلدات التي تم تهجيرهم منها في 1948، وبعضها يقع في لواء اللد، وأكثرها في "غلاف غزّة "، أو غير بعيد عنه في قضاء بئر السبع، فلهؤلاء أمكنة قريبة منهم ينتسبون إليها، وقد أُخرج آباؤهم وأجدادهم قسراً منها قبل 75 عاماً، وما زالوا على ارتباط روحيٍّ وثيق بها.

*محمود الريماوي كاتب صحفي وروائي من الأردن

المصدر | العربي الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: فلسطين إسرائيل غزة الغرب حماس طوفان الأقصى الهجرة الطوعية التصعيد الأمني التعدیلات القضائیة الحرب على أکثر من قطاع غز غیر أن

إقرأ أيضاً:

لماذا احتضن الغرب سوريا وتخلى عن أفغانستان؟

يستكشف مقال بمجلة أميركية التناقض الصارخ في كيفية تعامل الغرب -خاصة الولايات المتحدة- مع سوريا وأفغانستان عام 2025، فرغم كونهما دولتين تعانيان من الصراعات وكانتا مرتبطتين في السابق بالتشدد الإسلامي، فإن سوريا تحظى باحتضان دبلوماسي، بينما تظل أفغانستان تحت حكم طالبان معزولة.

ويحاول الكاتب آدم وينشتاين -في مقال له بمجلة فورين بوليسي الأميركية- أن يوضح أسباب هذا التباين في النهج الغربي تجاه الحكومة السورية الجديدة وحركة طالبان في أفغانستان.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2توماس فريدمان: حكومة إسرائيل خطر على اليهود أينما كانواlist 2 of 2لكسبريس: تقارب إسرائيل وأقصى اليمين الفرنسي تحالف تكتيكي أم شراكة أيديولوجية؟end of list

ويحدد هذا المحلل السياسي ونائب مدير برنامج الشرق الأوسط في معهد كوينسي 5 نقاط رئيسية لتوضيح مظاهر هذا التباين وأسبابه والدروس المستفادة منه:

أولا: إعادة تأهيل سوريا المفاجئة

رحب القادة الغربيون بالرئيس السوري الجديد أحمد الشرع، وهو قيادي جهادي سابق كان يعرف بأبي محمد الجولاني عندما كان يتزعم هيئة تحرير الشام (فرع القاعدة) في سوريا.

التقى الشرع قادة عالميين وبالذات الرئيسين الفرنسي إيمانويل ماكرون والأميركي دونالد ترامب وحظي بإشادات في الأوساط الدبلوماسية، وشهد عودة سوريا إلى المحافل الدولية.

كما تعهد ترامب برفع العقوبات عن سوريا وتطبيع العلاقات معها، على الرغم من ماضي الشرع، الذي يبدو واضحا أنه أعاد صياغة نفسه، من جهادي يرتدي زيًا عسكريًا إلى مثقف ورجل دولة يرتدي بزات رسمية.

إعلان ثانيا: تفاقم عزلة أفغانستان

أفغانستان، التي استُبعدت سابقًا من حظر السفر الذي فرضه ترامب عام 2017، أصبحت الآن جزءًا من النسخة الأحدث، بينما استُبعدت سوريا من قائمة المحظورين من دخول الولايات المتحدة.

ورغم إعرابها عن انفتاحها على الدبلوماسية، فلا تزال حركة طالبان منبوذة من قِبل القوى الغربية، خاصةً بعد عودتها إلى السلطة عام 2021.

وتُهدد هذه الخطوة الشركاء الأفغان السابقين وتُؤجج المخاوف الإنسانية في هذا البلد.

ثالثا: لماذا هذا التفاوت؟

1. التاريخ والصدمة النفسية

جماعة الشرع (هيئة تحرير الشام) ليست مرتبطة مباشرة بالصدمة النفسية العميقة التي سببتها هجمات 11 سبتمبر/أيلول، على النقيض من حركة طالبان.

كما أن دمشق لا تتحمل العبء العاطفي لخسائر القوات الأميركية بأفغانستان، حيث قُتل أكثر من ألفي جندي أميركي، وذلك على عكس كابل.

2. الصورة والمنظور العام

يتناقض التحول المُدروس لصورة الشرع مع الصورة السرية والمتشددة لقيادة طالبان.

ففي سوريا، لا تزال المرأة تُشارك علنًا؛ وفي أفغانستان، حظرت طالبان تعليم الفتيات وقيدت مشاركة المرأة في الحياة العامة.

3. سياسات الشتات

يُعارض الشتات الأفغاني في الغرب حركة طالبان إلى حد كبير، ويدفع باتجاه استمرار عزلها، بينما يدفع الشتات السوري، رغم حذره، إلى مزيد من الانفتاح في التعامل مع حكومة الشرع.

4. الأهمية الإستراتيجية

تتمتع سوريا بمركز جيوسياسي مركزي، إذ تحدها إسرائيل وتركيا والبحر الأبيض المتوسط، ولذا فهي أهم بالنسبة للغرب، وهي تقع على مفترق طرق في الشرق الأوسط، كما أنها كانت تُعتبر وكيلًا لإيران ومصدرًا للاجئين إلى أوروبا، ناهيك عن وجود قواعد عسكرية لروسيا بها، أما أفغانستان، فرغم أهميتها الشعرية والتاريخية، فإن الغرب "تخلى" عنها في نهاية المطاف.

فأهمية سوريا بالنسبة لروسيا وإيران وإسرائيل تُبقيها على رادار الغرب، أما أفغانستان، فعلى الرغم من مركزيتها السابقة خلال الحرب على الإرهاب، فإنها اليوم تُعتبر دولة هامشية.

إعلان رابعا: الولايات المتحدة والتحولات الدبلوماسية العالمية

بدأت فرنسا وألمانيا وروسيا التعاون بالفعل مع سوريا، وبدأت الولايات المتحدة تلحق بالركب، مُعربةً عن استعدادها لتطبيع العلاقات من خلال:

– تعيين توماس باراك سفيرًا لدى تركيا ومبعوثًا خاصًا إلى سوريا.
– تخفيف العقوبات والإشادة بجهود الشرع في تحقيق الاستقرار.

ويُنظر إلى الانخراط مع الشرع كحالة اختبار محتملة لمدى قدرة الدبلوماسية المبكرة على تهدئة الأنظمة بشكل أفضل من انتهاج دبلوماسية العقوبات والعزل.

خامسا: الدروس

اكتسبت كل من سوريا الشرع وحركة طالبان السلطة من خلال ملء فراغات حكومات فاشلة، وليس من خلال التأييد الدولي، ومع ذلك، يختلف الاعتراف والشرعية، فقد نجح الشرع في التودد إلى الغرب، بينما لم تنجح طالبان.

ويشير المقال إلى أن طالبان يمكن أن تتعلم من براغماتية الشرع، ويوصي واشنطن بأن تتبنى نهجًا متسقًا بخصوص طالبان إذا أثبت التعاون مع سوريا أنه مثمر.

وختاما، يرى الكاتب أن المعاملة المتباينة لسوريا وأفغانستان تبرز كيف أن الموقف الشعبي والقيمة الإستراتيجية والارتباطات التاريخية هي أساس الانخراط الغربي أكثر من الأيديولوجية أو نماذج الحكم، ولهذا فالغرب يراهن على المشاركة المبكرة مع سوريا كوسيلة للاستقرار، ويبقى أن يتحدد إذا ما كان هذا الرهان سيُؤتي ثماره، وإذا ما كانت أفغانستان ستظل منبوذة.

مقالات مشابهة

  • أبرز المواقع الإيرانية النووية والعسكرية التي قصفتها إسرائيل
  • كيف يخطط الغرب-3 الشائعات
  • رسوم وتراخيص جديدة.. كيف غيّرت التعديلات وجه الاستثمار التعديني في مصر؟
  • “غلوبس” العبرية: استمرار تعليق رحلات الطيران الأجنبية يُشكل ضربة قاسية للمسافرين “الإسرائيليين”
  • ماذا نريد لأنفسنا عندما نريد الحلول لأزماتنا؟
  • لماذا احتضن الغرب سوريا وتخلى عن أفغانستان؟
  • لندن تعتزم فرض عقوبات على الوزيرين الإسرائيليين سموتريتش وبن غفير
  • الاتفاق النووي.. إيران تنتقد مسار الغرب وتلوّح بردود غير متوقعة
  • عشرات الجنود الإسرائيليين يرفضون الخدمة العسكرية في غزة
  • عائلات الأسرى الإسرائيليين: سئمنا مناورات وعروض نتنياهو الكاذبة