ألقى حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق ـ حفظه الله ورعاه ـ خطابًا ساميًا في افتتاح دَوْر الانعقاد السنوي الأوَّل للدَّوْرة الثَّامنة لمجلس عُمان، تضمَّن الخِطاب العديد من التوجُّهات والمرئيَّات والقضايا الَّتي تُشكِّل خريطة طريق لحاضر ومستقبل وطننا العزيز.
سأحاول أن أتناولَ مِنْها باختصار بعض المواضيع الَّتي وجدتُ أنَّها أشْبَه باللاصق الثقافي والفكري في الرؤية السُّلطانيَّة بَيْنَ الحاضر والماضي والحاضر والمستقبل، بَيْنَ الإنسان العُماني المعاصر وإنسان المستقبل، بَيْنَ الفاصل بَيْنَ الروح والأخلاق والجسَد والمادَّة، بما يُشْبه محاولة الربط بَيْنَ كُلِّ تلك القِيَم الَّتي تُمثِّل الحاضر الَّذي يعيشه وطنُنا العزيز وأبناؤه الكرام وبَيْنَ المأمول ـ بعون الله تعالى ـ لذلك الحاضر أن يكُونَ في مقبل الوقت.


أبرز تلك القضايا الَّتي سأحاول المرور عَلَيْها في سياق الحديث السَّابق والَّتي وردت في الخِطاب السَّامي هي تطرُّق جلالته ـ أعزَّه الله ـ إلى تلك التحدِّيات الأخلاقيَّة والثقافيَّة الَّتي تواكب كُلَّ تطوُّر يحدث في أيِّ مُجتمع إنساني في ظلِّ تسارع التقدُّم التكنولوجي، وانفتاح المُجتمعات على بعضها البعض، حيث قال جلالته (رعاه الله): «إنَّنا إذ نرصد التحدِّيات الَّتي يتعرض لها المُجتمع ومدى تأثيراتها غير المقبولة في منظومته الأخلاقيَّة والثقافيَّة؛ لنؤكِّد على ضرورة التصدِّي لها، ودراستها ومتابعتها، لتعزيز قدرة المُجتمع على مواجهتها وترسيخ الهُوِيَّة الوطنيَّة».
الأمْرُ الَّذي يدفع إلى الأهمِّية البالغة نَحْوَ ضرورة تركيز المؤسَّسات الرسميَّة، خصوصًا ذات العلاقة والاختصاص بقضايا التعليم والثقافة والتوعية والتنمية الإنسانيَّة بجوانب الأخلاق والهُوِيَّة الوطنيَّة، وتعزيز القِيَم الثقافيَّة والأخلاقيَّة في المُجتمع، والتصدِّي لكُلِّ ما من شأنه التأثير فيها، سواء كان ذلك على مستوى الأفراد أو المُجتمع. ففقدان تلك القِيَم مدعاة لضعف المُجتمع وتخلِّيه عن أبرز ركائز وأسباب استمراره وقوَّته.
الموضوع الثاني هو الاهتمام السَّامي بالمراكز البحثيَّة والمعرفيَّة، حيث أكَّد جلالته ـ أعزَّه الله ـ قائلًا «إنَّنا إذ ننظر إلى المؤسَّسات التعليميَّة، والمراكز البحثيَّة والمعرفيَّة بجميع مستوياتها، على أنَّها أساس بنائنا العلمي والمعرفي، ومستند تقدُّمنا التقني والصناعي؛ لنؤكِّد على استمرار نهجنا الدَّاعي إلى تمكين هذا القِطاع، وربط مناهج التعليم بمتطلبات النُّمو الاقتصادي».
حيث تُعدُّ المراكز البحثيَّة والمعرفيَّة بنوكًا للأفكار والاستراتيجيَّات، وركائز التخطيط بمختلف توجُّهاته السِّياسيَّة والاقتصاديَّة والعسكريَّة والأمنيَّة وغير ذلك، ومن وجهة نظري أنَّ الدوَل الَّتي تفتقد مِثل هذه المؤسَّسات تخسر العديد من المزايا، أبرزها أنَّها تخسر البيئة المهنيَّة الَّتي تقوم على تطوير الأفكار وتشجيعها، البيئة الَّتي يفترض أنَّها صانعة للقيادات والسِّياسات، مؤسَّسات صناعة القرار والتأثير فيه، باختصار المكان الَّذي يفترض أن تتمَّ فيه مراجعة القواعد الَّتي تُشكِّل حاضر ومستقبل الوطن.
أخيرًا، تركيز جلالته على التقنيَّات المتقدِّمة وتطبيقاتها، ومِنْها تطبيقات الذَّكاء الاصطناعي، حيث قال جلالته ـ حفظه الله ـ «في ضوء أهمِّية التطوُّرات العالَميَّة المتسارعة للتقنيَّات المتقدِّمة وتطبيقاتها، ومِنْها تطبيقات الذَّكاء الاصطناعي… إنَّنا عازمون على جعل الاقتصاد الرَّقمي أولويَّةً ورافدًا للاقتصاد الوطني، كما وجَّهنا بضرورة إعداد برنامجٍ وطنيٍ لتنفيذ تقنيَّات الذَّكاء الاصطناعي وتوطينها، مع الإسراع في إعداد التشريعات الَّتي ستُسهم في جعل هذه التقنيَّات كأحَد الممكِّنات والمحفِّزات الأساسيَّة لهذه القِطاعات».
ويُعدُّ الاقتصاد الرَّقمي، بالإضافة إلى الذَّكاء الاصطناعي، من أبرز وأهمِّ التوجُّهات الدوليَّة الحاضرة بقوَّة في الاستراتيجيَّات والتوجُّهات الوطنيَّة لمختلف دوَل العالَم على اعتبار أنَّها تُشكِّل المستقبل للمُجتمعات البَشَريَّة، والقوَّة الَّتي ستقوم عَلَيْها الدوَل في السَّنوات القادمة. باختصار هي القاطرة الَّتي ستنقل المُجتمعات البَشَريَّة من عصر قائم إلى آخر قادم، بمعنى أنَّ هذه التكنولوجيا ستُشكِّل الأوراق الرابحة لِمَن يرغب الانتقال إلى المستقبل.
على ضوء ذلك نلحظ أنَّ الخِطاب السَّامي لجلالة عاهل البلاد ـ حفظه الله ورعاه ـ ربط ما بَيْنَ الماضي التليد والحاضر القائم بضرورة الاهتمام بالأخلاق الفاضلة والدَّعوة للمحافظة على القِيَم والهُوِيَّة الوطنيَّة، على اعتبار أنَّ ذلك هو القاعدة الحضاريَّة لعبور المستقبل المادِّي لأيِّ أُمَّة وطنيَّة، ذلك المستقبل القائم على ضرورات مُواكبة التطوُّر التكنولوجي وبرامج وتقنيَّات المستقبل، عَبْرَ الاهتمام والتركيز بما يُطلق عَلَيْه بالاقتصاد الرَّقمي وتطبيقات الذَّكاء الاصطناعي، فكان لزامًا أن يعزّزَ بَيْنَهما بلاصق فكري ومعرفي وعلمي مُهمٍّ للغاية، أقصد مراكز البحوث والمعرفة.
محمد بن سعيد الفطيسي
باحث في الشؤون السياسية والعلاقات الدولية
رئيس تحرير مجلة السياسي – المعهد العربي للبحوث والدراسات الاستراتيجية
[email protected]
MSHD999 @

المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: کاء الاصطناعی الم جتمع الق ی م م جتمع ه الله

إقرأ أيضاً:

حيثيات الحكم على المتهم بقتل مسنة لسرقة أموالها بعين شمس.. خاص

أودعت محكمة جنايات شمال القاهرة المنعقدة في مجمع محاكمة العباسية، حيثيات حكمها بالسجن المؤبد لعاطل، لاتهامه بقتل مسنة لسرقة أموالها، بعد ايهامها بأنه جامع قمامة، وتمكن بتلك الطريقة من دخول مسكنها بمنطقة عين شمس.

قرار عاجل بشأن المتهم بالتحرش بسيدات في سيارة أجرة بالبساتينتشاجروا بالأسلحة البيضاء وسط الشارع.. القبض على سائقي توكتوك بالجيزة| فيديوكوكاين وMDMA.. الداخلية تحبط ترويج مخدرات بـ 26 مليون جنيه| صوراندلاع حريق بمصنع فوم بقليوب والدفع بـ 7 سيارات لإخماد النيران.. صورحيثيات الحكم على المتهم بقتل مسنة لسرقة أموالها بعين شمس 

وقالت المحكمة في حيثيات حكمها إنه اطمأن  يقينها واستقر في وجدانها أن المتهم قتل مسنة ، عمدا مع سبق الإصرار، بأن عقدت العزم وبيتت النية على قتله بدافع السرقة بعد ايهامها بأنه جامع قمامة، وتمكن بتلك الطريقة من دخول مسكنها .

وأوضحت المحكمة أن المتهم الذي لا يعمل اعترف بارتكاب الواقعة لمروره بأزمة مالية، حيث كشف أنه قام بمراقبة المجني عليها عقب رؤيتها تصرف المعاش من أمام البريد، منذ شهرين وتتبعها، وعلم أنها تحتفظ بالمال داخل مسكنها وتقيم بمفردها، مضيفا أنه جمع معلومات عنها وعلم أن نجلتها تأتي إليها يوم الجمعة فقط لزيارتها.

وأكدت الحيثيات أنه بالكشف علي المتهم تبين أنها ارتكبت واقعة القتل في كامل قواه العقليه، وأنه انتظر 
شهرين وتتبعها، وعلم أنها تحتفظ بالمال داخل مسكنها وتقيم بمفردها، مضيفا أنه جمع معلومات عنها وعلم أن نجلتها تأتي إليها يوم الجمعة فقط لزيارتها.

وكشفت المحكمة، أن المتهم غفل المجني عليها بعد أن دخل الي شقتها وقيدت حركته ثم أقدم علي خنقها لسرقة أموالها وبعد تأكده من وفاتها فر هاربا، قاصدة إزهاق روحها على النحو المبين بالتحقيقات.

وكان قسم شرطة عين شمس، تلقي بلاغا من الأهالي يفيد بالعثور علي سيدة مسنة مقتولة داخل شقتها بدائرة القسم، وعلى الفور انتقلت الاجهزة الامنية الي مكان البلاغ.

وبالفحص والتحري، وتفريغ كاميرا المراقبة تبين أن عاطلا انتحل صفة جامع قمامة ودخل إلي شقة المجني عليها ثم أقدم علي خنقها لسرقة أموالها وبعد تأكده من وفاتها فر هاربا.

وبعمل التحريات اللازمة وجمع المعلومات توصلت قوات الأمن إلي المتهم وبإعداد الأكمنة اللازمة تمكنت قوات الأمن بمديرية أمن القاهرة من القبض عليه وتبين أنه عاطل مقيم بدائرة القسم.

وبمواجهته اعترف بارتكاب الواقعة وأرشد عن المسروقات، وأنه قام بالتصرف في جزء من المال علي متطلباته الشخصية، وتم اتخاذ الإجراءات، وتمت إحالته إلى النيابة التي تولت التحقيقات.

طباعة شارك القاهرة محكمة جنايات شمال القاهرة محكمة سرقة محاكمة

مقالات مشابهة

  • بالقانون.. الغلق وغرامة 50 ألف جنيه عقوبة إقامة منشآت طبية بدون ترخيص
  • سالم بن عبد الرحمن يشهد حفل المركز الاجتماعي السوداني السنوي بالشارقة
  • عُمان خط أحمر.. فلننتبه جميعا
  • 12 جريحًا إثر إصطدام حافلة وسيارة بعين تموشنت
  • دعاء النبي عند رؤية هلال شهر صفر.. تعرف عليه وردده
  • أسعار المحروقات انخفضت على المستوى الدولي وارتفعت وطنيا وفق تقرير لمجلس المنافسة
  • تنافس في ختام النسخة الثانية لـ «مهرجان عُمان للتزلج المظلي»
  • الحمصاني: محطة الضبعة مشروع استراتيجي لتحقيق أمن الطاقة والتحول للمستقبل
  • الأميرة ريم بنت الوليد تكشف كيف ورطها خط والدها في المدرسة.. فيديو
  • حيثيات الحكم على المتهم بقتل مسنة لسرقة أموالها بعين شمس.. خاص