أجاب مركز الأزهر العالمي للفتوى، على سؤال بشأن حكم السمسرة بين الحلال والحرام وهل هناك نسبة تجعلها مشروعة؟، قائلا إن السمسرة تعني: التوسط بين المتبايعين لتسهيل عملية البيع والشراء، وهي جائزة شرعًا؛ لحاجة الناس إليها، ولـما فيـها من التعاون على البر المأمور به شرعًا في قوله تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى) [ المائدة: 2] ولكن يشترط أن تخلو معاملات السمسرة من الغش والتدليس والخداع، وأن يتفق السمسار مع الطرفين أو أحدهما على ما يأخذه من أجر مقابل توسطه حتى لا يقع خلاف.

السمسرة حلال والحرام 

كما قال الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر إن السَّمْسَرَةُ عبارةٌ عن التَّوسُّط بين البائع والمشتري لتسهيل عملية البيع، وهي جائزة شرعًا طالما كانت السلعة أو ما في معناها حلالًا؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «الْمُسْلِمُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ» رواه البخاري. وقال الإمام البخاري: لم يَرَ ابن سيرين وعطاء وإبراهيم والحسن بأجر السِّمْسَار بأسًا.

وفي واقعة السؤال وبناءً على ما سبق: فإن السَّمْسَرَة حلالٌ شرعًا، أمَّا تحديد العمولة فهو أمر يخضع للاتفاق بين السِّمْسَار ومن كلفه بالبيع أو الشراء، وليس له تحديدٌ مقدرٌ شرعًا، بشرط البعد عن التدليس والغرر.
 

حكم الجهاد في فلسطين ضد العدو المحتلّ.. دار الإفتاء تجيب كيف نصلي سنة الظهر إذا فات وقتها واقترب العصر؟.. دار الإفتاء توضح حكم شراء السلع المدعمة من السوق السوداء 

ما حكم شراء السلع المدعومة من تجار السوق السوداء؟ وهل من يشتري منهم يكون معاونًا ومشاركًا في الإثم؟، قالت الإفتاء إن السلع المدعومة أو السلع التموينية: هي سلع استهلاكية أساسية تتطلبها الحاجة المعيشية للأسر والأفراد في المجتمع -كالغذاء ومواد التنظيف ونحو ذلك- وتقدمها الدولة وتلتزم بتوفيرها وبيعها بثمن مُخفَّض للمواطنين المحتاجين حتى لو ارتفعت أسعار التكلفة، وتتحمل الدولة أعباء ذلك من أجل معونة قطاع كبير من المجتمع يعاني من ضيق الحال وقلة موارد الرزق.

وأضاف أن الحصول على هذه السلع المدعمة بغير استحقاق، أو الاستيلاء عليها بطريقة غير مشروعة، أو الحيلولة بين وصول هذه السلع وبين مستحقيها حرامٌ شرعًا وكبيرة من كبائر الإثم؛ لأن ذلك إضرار واعتداءٌ على أموال المستحقين، وعلى المال العام، وأكل لأموال الناس بالباطل، ويزيد في قبح هذا الذنب كون المال المُعتَدَى عليه مالًا للفقراء والمحتاجين.

وقد حذَّر النبي صلى الله عليه وآله وسلم وتوعَّد من أساء القيام بمسئوليته تجاه الناس وأوقعهم في المشقة بأن يوقعه الله تعالى في الضيق والمشقة والحرج؛ فعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قالت: سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي بَيْتِي هَذَا: «اللهُمَّ، مَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَشَقَّ عَلَيْهِمْ فَاشْقُقْ عَلَيْهِ، وَمَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَرَفَقَ بِهِمْ فَارْفُقْ بِهِ» أخرجه مسلم.

وأشار إلى أن بيع السلع المدعمة في السوق السوداء معصية كبيرة من جهة أخرى، وهي جهة مخالفة وليّ الأمر الذي جعل الله تعالى طاعتَه في غير المعصية مقارِنةً لطاعته تعالى وطاعة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم؛ قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ﴾ [النساء: 59]. قال العلامة ابن عابدين في حاشيته "رد المحتار على الدر المختار" (5/ 422، ط. دار الكتب العلمية): [مطلب طاعة الإمام واجبة. قوله: (أمر السلطان إنَّما يَنْفُذُ)؛ أَيْ: يُتَّبَعُ وَلَا تَجوزُ مُخالَفتُهُ.. وَفِي ط عَنْ الْحَمَوِيِّ أَنَّ صاحب "الْبَحْرِ" ذَكَرَ نَاقِلًا عن أَئمّتنا: أَنّ طَاعةَ الْإِمَامِ فِي غير معصيةٍ واجبةٌ؛ فلو أمر بصومٍ وجب] اهـ.

أما مَن يقوم بشراء هذه السلع المدعمة من هؤلاء المستولين عليها بغير وجه حق وهو يعلم أنها سلع مدعمة تم الاستيلاء عليها فهو بهذا الفعل يعاونهم فيما يفعلونه، وقد نهى الله سبحانه وتعالى عن التعاون على الإثم والعدوان؛ قال سبحانه: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ [المائدة: 2].

وقال الإمام أبو بكر الجصاص الحنفي في "أحكام القرآن" (2/ 381، ط. دار الكتب العلمية): [وقوله تعالى: ﴿وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾ نهي عن معاونة غيرنا على معاصي الله تعالى] اهـ.

وعند عدم معاونة أهل الإثم والعدوان، ومراعاة تقوى الله سبحانه وتعالى؛ فإن الله عز وجل ييسّر للإنسان أسباب رزقه الحلال، ويرزقه من حيث لا يحتسب؛ قال سبحانه: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا ۝ وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ﴾ [الطلاق: 2-3]، ومَن ترك شيئا لله جل شأنه عوضه الله خيرًا منه، وفي الحديث الشريف عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّكَ لَنْ تَدَعَ شَيْئًا للهِ إِلَّا بَدَّلَكَ اللهُ بِهِ مَا هُوَ خَيْرٌ لَكَ مِنْهُ» أخرجه أحمد في "مسنده".

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: السمسرة الأزهر مركز الازهر العالمي للفتوى صلى الله علیه وآله وسلم السلع المدعمة ى الله ع إن الس

إقرأ أيضاً:

كيف انتشرت روح المحبة بعد الهجرة إلى المدينة؟ علي جمعة يوضح

قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء في الأزهر الشريف، إن روح الحب قد سرت في المدينة بمجرد أن حل بها رسول الله واتخذ كل أنصاري لنفسه أخا من المهاجرين يقوم على إيوائه ورعايته وضيافته.

خطيب مسجد السيدة نفيسة: هذه أهم دروس وعبر الهجرة النبوية.. فيديوكيف أسس النبي الدولة الإسلامية بعد الهجرة؟..دروس في التخطيط والقيادةروح المحبة في المدينة

واستشهد علي جمعة، في منشور له على فيس بوك بقول الله تعالى: (وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (63) يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) وقَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَآخَى رَسُولُ اللّهِ بَيْنَ أَصْحَابِهِ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ، فَقَالَ: "تَآخَوْا فِي اللّهِ أَخَوَيْنِ أَخَوَيْنِ".

كما آخى رسول الله بين سعد بن الربيع وعبد الرحمن بن عوف، رضي الله عنهما، فانطلق سعد إلى داره وقال له: يا عبد الرحمن، أنا أكثر أهل المدينة مالا وأقلهم عيالا، فانظر إلى أي شطر من مالي فخذه، ثم انظر إلى امرأتي هاتين أيتهما تعجبك حتى أطلقها فتتزوج بها. فقال عبد الرحمن بن عوف: بارك الله لك في أهلك ومالك، دلوني على السوق. فدلوه، فذهب إليه وباع واشترى حتى ربح ربحا وفيرا فأثرى واغتنى.

وفي روح المحبة والإيثار التي سرت بين المهاجرين والأنصار نزل قوله تعالى: (وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ).

روح التعاون بين الصحابة

وأشار علي جمعة، إلى أن الحديث عن روح التعاون والمشاركة والإيثار بين أصحاب رسول الله والتي وصلت إلى هذا الحد قد يرفضها أو يردها بعضهم، ممن خلع نظارة الحب ولبس مكانها نظارة العصبية وتحكيم المصالح والتقاليد التي تراكمت على قلوبهم، ويرون في مثل هذا الفعل سذاجة سعد بن الربيع الذي عرض على أخيه المهاجر أن يتنازل له عن شطر ماله وأهله، ويرون في عرضه لزوجتيه على أخيه حتى يختار من يرغب في الزواج بها حتى يطلقها له عدم نخوة منه وعدم رجولة، أو يحكمون على مثل هذا السلوك بأنه تحقير للمرأة ومعاملة الزوج لها معاملة الأشياء المملوكة.

وذكر علي جمعة، أن كل هذا الفهم السقيم والنظر السيء مصدره وسببه عدم الإدراك للحب، وعدم النظر إلى الأشياء بنظارته، فإن سعد بن الربيع وزوجتيه وعبد الرحمن قد انصهروا جميعا في بوتقة حب الإسلام وحب رسول الله وحب بعضهم بعضا فصاروا جميعا كالشيء الواحد.

وتابع: وما يمكنا أن نقوله لمن أساء فهم حوادث الحب بين الصحابة: حاكموا الحب وسائلوه، فإنكم افتقدتم هذا الحب في حياتكم فصار عليكم غريبا عجيبا مستصعبا فهمه، وبفقدكم للحب فقدتم كل معنى للحياة وقست قلوبكم وتنطعت أفكاركم وتجمدت عقولكم وأرواحكم.

طباعة شارك الدكتور علي جمعة هيئة كبار العلماء الأزهر الشريف الهجرة المهاجرين الأنثار المحبة

مقالات مشابهة

  • فتاوى تشغل الأذهان| هل عدم صيام يوم عاشوراء حرام؟ زيارة مكان قوم لوط اعرف حكمها؟
  • هل عدم صيام يوم عاشوراء حرام؟ الإفتاء تجيب
  • علي جمعة: أبو بكر الصديق نال درجة الصديقية لقربه من النبي بجسده وروحه
  • حرص عليه النبي 9 أعوام| هل صيام يوم عاشوراء فرض؟.. علي جمعة يجيب
  • أفضل عمل عند الله بعد الصلاة المكتوبة.. تعرف عليه
  • هل النوم على البطن حرام؟.. انتبه لـ13 حقيقة
  • هل ينقطع بر الوالدَيْنِ بوفاتهما؟.. الأزهر يجيب
  • فضل العبادة في أوقات الغفلة وانتشار المعاصي.. الأزهر يوضح
  • كيف انتشرت روح المحبة بعد الهجرة إلى المدينة؟ علي جمعة يوضح
  • أحمد كريمة: الذكاء الاصطناعي علم نافع بضوابط أخلاقية