الوطن:
2025-05-22@09:34:04 GMT

«على هذه الأرض ما يستحق الحياة»

تاريخ النشر: 20th, November 2023 GMT

«على هذه الأرض ما يستحق الحياة»

قبل بضع سنوات من النكبة، وتحديداً فى 1941، وُلد الشاعر محمود درويش، أحد أهم رموز المقاومة الفلسطينية، والصوت الأبرز فى التعبير عن القضية، منذ مطلع الستينات، وحتى بعد 15 عاماً على رحيله، لتبقى أشعاره حية فى وجه الدبابة والبندقية.

«أزمات طاحنة ومنافى ومعتقلات وخيام تشرد» تنقّل بينها «لاعب النرد» منذ طفولته، إذ تعرّض فى عمر الـ6 سنوات للتهجير القسرى مع أسرته إلى لبنان، تاركاً شوارع قريته وحقولها، وتعود الأسرة بعد عام، لتجد البيت والقرية مُدمّرة بالكامل، بفعل نكبة 48، وهكذا يتغير اسمه من طفل إلى لاجئ فى بلاده، بعد مصادرة أملاك الأسرة، وقطع مصدر رزقها، ليتعرّف على معنى كلمة احتلال مبكراً.

فى سنوات التحول فى التاريخ والجغرافيا، يتعرّف «درويش» على مفردات جديدة ومعنى كلمة احتلال، يستهويه الشعر مبكراً ويتبلور طموحه فى أن يكون شاعراً، رغبة فى الثأر ممن سرقوا طفولته، ويدرك أيضاً أنهم «عابرون فوق الكلمات»، وأن «على هذه الأرض ما يستحق الحياة»، يناضل بالمواقف والكلمة، فيتعرّض للاعتقال مراراً من قِبل قوات الاحتلال، ابتداءً من عام 1961، بسبب نشاطه السياسى، وهكذا يتشكّل وعيه السياسى ووعيه بذاته من أجل إثبات هويته التى يحاول المحتل العبث بها.

يفشل العدو الصهيونى فى تكبيل أحلام الشاب «محمود»، وتطلعاته للحرية، فيثور بالقصائد والكلمات من أجل توصيل معاناة «أم البدايات» إلى العالم، ويبدأ مراسلة الصحف العربية، لنشر أشعاره، فى الفترة التى لم تكن فيها الدول العربية على دراية كافية بما يدور داخل الأرض المحتلة، ولا بخطورة المستعمر الصهيونى.

تنبع قوة كلمات الشاعر من إيمانه بقضيته، وبصوته الذى أراد له أن يصل إلى العالم، فيبدأ فى مراسلة الصحافة العربية، وكان من بين القصائد التى نشرها فى 1966 قصيدة بعنوان «عن الأمنيات» فى إحدى الصحف الجزائرية، وهى القصيدة التى كانت بداية تعرّف الناقد الكبير رجاء النقاش على أشعار الشاعر الفلسطينى الشاب، مما دفعه إلى تقديم عنه بعنوان «محمود درويش.. شاعر الأرض المحتلة»، ليتحول الشاعر الشاب إلى نجم فى مصر قبل مجيئه فى 1971، قادماً من الاتحاد السوفيتى الذى توجّه إليه فى مطلع السبعينات للدراسة.

اتسمت أشعار «درويش» بالصوت الثورى من أجل مقاومة المحتل الغاشم، مُستخدماً مفردات لها خصوصية أسماء مدن فلسطين ومنحدراتها وطيورها وفواكهها وقهوتها ومقاهيها، «هذا البحر لى.. هذا الهواء الرطب لى»، «فى القدس قتلونى.. ونسيت أن أموت»، إلى أن يرحل فى 2008، فى الولايات المتحدة.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: الأدب الفلسطيني فلسطين وزير الثقافة

إقرأ أيضاً:

موفق محمد .. لسان حال الناس

فـي أحاديثه الشخصية، وفـي تصريحاته لوسائل الإعلام، اعتاد الشاعر موفق محمد الذي غادر عالمنا عن (77) عاما، أن يطلق الطرائف، راويا الكثير من المفارقات التي تصادفه فـي الحياة بروح ساخرة، هذه الروح كانت طابعا ملازما له، وقد زحفت على شعره، حتّى غطّته، وفـي كل تلك الأحاديث تراه، رغم آلامه وأحزانه، يشيع جوّا من المرح، حين يذكر مفارقات تحمل طابع الكوميديا السوداء، فـيصدق به قول الشاعر:

كالطير يرقص مذبوحا من الألم

وفـي واحد من أحاديثه قال إنه ذهب ذات صباح باكر إلى تمثاله الذي يتوسّط واحدة من ساحات مدينته الحلّة، فوجد عمّال النظافة قد بكّروا قبله لتنظيف الساحة، وحين شاهده أحدهم مستغرقا، فسأله، من دون أن يعرف أن التمثال له، عن صاحب التمثال: هل هو سياسي أم مخترع أم قائد عسكري؟ فأجابه: إنه شاعر، فأصيب عامل النظافة بخيبة أمل، وقال: الله يرحمه!

كان موفق يروي الواقعة وهو يضحك، (هل سيضحك وهو فـي قبره حين يسمع أن هناك من يقف اليوم أمام تمثاله ويترحم له ؟) وجه المفارقة فـي الحكاية أن الناس اعتادوا على تكريم المخترعين، والشهداء، والقادة، بوضع التماثيل لهم، أما الشعراء، فحظهم هو الأقل فـي ذلك، ومن هذا القليل تمثال الشاعر بدر شاكر السياب المتوفى عام 1964 الذي أزيح عنه الستار عام 1971م فـي مدينته البصرة، وكذلك الرصافـي، وعبد المحسن الكاظمي، ومحمد سعيد الحبوبي، وكلهم، جرى تكريمهم، بعد وفاتهم، أما الشاعر موفق محمد، فقد كان استثناء، فقد نصبوا له تمثالا فـي حياته، وكان على نفقة أحد تلامذته الذين أصبحوا من رجال الأعمال، وقد افتتح بحضوره، وهذا دليل على احتفاء المحيط به، وتقديره له، فقد عاش علما من أعلام مدينته الحلة ونجما ساطعا من نجومها، وهذا نادرا ما يحدث فـي زمننا، الذي نشهد به تراجعا ملحوظا لمكانة الشعر ومع تراجعها، تراجعت مكانة الشاعر، إلّا موفق محمد فقد بقيت مكانته عالية، ولكن كيف اكتسب هذه المكانة؟ هذا ما سنحاول أن نجيب عنه، وأوّلها أنه كان قريبا من آلام البسطاء، فكان صوت الناس، المعبّر عن آلامهم، وآمالهم، لذا أحبّوه، فحين سئل القاضي الفاضل عن سبب إقبال الناس على شعر المتنبي، أجاب: «إن أبا الطيب ينطق عن خواطر الناس» فموفق محمد نطق عن خواطر الناس، فكان لسان حالهم، فأحبّوه:

«طفلةً حافـيةً ترقص تحت وابل من الرصاص

فـي الطريق إلى المدرسة وهي تجر خلفها حقائب من الأسى،

وكان اسمها زيتونةً وقلبها ينبض كالغصن يميل مع الرصاص يمينا وشمالا

ولا يسمع جرس الدرس الأول فـيعود منكسرا إلى قفصه ..

لقد أحدودبت ظهور أطفالنا

وأعشوشب الضيم فـي صدورهم»

وتنطوي قصيدته على مفارقة، ففـي قصيدة يصور فـيها قسوة الحصار الذي فرضته أمريكا على العراق فـي التسعينيات، فـيقول:

رسم المدرس برتقالة

فوجد الطلاب يقشّرون السبورة

رسم المدرس دجاجة

فوجد الطلاب يلوّحون لها بالسكاكين

ترك المدرس قبره

وأصرّ أن يعطي الذين أحبهم

بعض الدروس

وجد الجميع بلا رؤوس

تميّزت قصيدة بالعفوية، والتلقائيّة، وحرصه على موسيقى الشعر:

شلوا يمينك واستعانوا بالذئاب على يسارك

هذا جزاؤك أن تموت فدى لصوتك واختيارك

وقد اعتاد أن يرسم مشاهد بصريّة يلتقطها من الواقع بعين الشاعر الذي يرى ما لا يراه الآخرون، ويعبّر عن تلك المشاهد القاسية بعذوبة آسرة تجعل القارئ يعيد قراءة النص عدّة مرّات:

فـي براد الموتى

وبعين مرعوبة ميّز وجه أخيه

حدق فـي جبهته المثقوبة

فرأى أما معطوبة وغرابا ينقر فـي عين أبيه

وهو غزير النتاج الشعري، كثير التنوّع، كتب قصيدة الشطرين، والتفعيلة، وقصيدة النثر والشعر الشعبي وزاوج ما بين الفصيح والشعبي فـي قصائده الساخرة المريرة، جاعلا من اللغة أبرز أدواته التعبيرية، معتمدا على اللغة المركزة:

عشرة أيتام

كنا حين ينام النهر ننام

ويعتمد فـي شعره على المفارقة:

أحياء ما زلنا أحياء

نحيا فـي حي الأسرى والمفقودين

وحي الشهداء.

جمعني به مهرجان المربد الشعري الذي أقيم فـي البصرة عام 2010، وتكررت لقاءاتنا فـي مهرجان بابل 2022 م ورأيته كما هو فـي شعره، عفويا، متوحّدا مع كلماته، فهو لا ينفصل عنها، بسيطا، حاملا أوجاعه التي يغطي عليها بسخرية مريرة، وخصوصا وجعه الكبير بتغييب ولده عام 1991 الذي خلّف جرحا لا يندمل عبّر عنه بالكثير من القصائد.

مقالات مشابهة

  • موفق محمد .. لسان حال الناس
  • خميس: النصر كان يستحق المشاركة في مونديال الأندية بنظام الدعوات .. فيديو
  • مؤتمر الزراعة نبض الحياة انطلق في بيروت.. ودعوة لتعزيز الأمن الغذائي واستدامة القطاع
  • جاري نيفيل: مانشستر يونايتد لا يستحق الحصول على موكب شرفي لو فاز بالدوري الأوروبي
  • هل يستحق الهلال الحصول على دعم إضافي قبل مشاركته في كأس العالم للأندية
  • يستحق أي قيمة مالية.. نجم الأهلي السابق يشيد بإمام عاشور
  • شاب متعدّد اللغات يحصد الملايين من المعجبين عبر الإنترنت.. ماذا قال عن اللغة العربية؟
  • كريمة أبو العينين تكتب: السيسي والقمة العربية
  • مصرع عنصريين إجراميين شديدى الخطورة قاما بقتل شاب بالشرقية
  • شاب سوري يقتل والدته بعد الاعتداء عليها ضرباً