مرحلة قاسية اقتصاديا وسياسيا.. كيف عبرت مصر النفق المظلم وتحملت الضغوطات
تاريخ النشر: 21st, November 2023 GMT
تواجه مصر الكثير من التحديات على مدار السنوات الماضية سواء كانت تحديات خارجية أو داخلية، وتعرض الاقتصاد المصري على مدار السنوات الأخيرة، لعدد من الصدمات المتتالية، سواء من جهة الظروف والأوضاع الداخلية وكذلك ارتدادات الأزمات الإقليمية والدولية، والتي جعلته يواجه تحديات هائلة في مسعى للتعافي وإيجاد فرصة لحل الأزمات.
تأثر الاقتصاد المصري بالتوترات الإقليمية والتطورات السياسية في العالم ومنطقة الشرق الأوسط، بما في ذلك تبعات الحرب في أوكرانيا وتأثيرها العنيف على أسعار النفط والمنتجات البترولية والقطاع السياحي والغذاء.
وتعمل الدولة المصرية منذ عام 2014، على النهوض بالقطاعات المختلفة،، ونفذت في عام 2016، برنامج إصلاح اقتصادي، هو الذي صمد بالاقتصاد المصري من الأزمات العالمية والتي بدأت بجائحة فيروس كورونا، ثم التداعيات الاقتصادية للحرب بين روسيا وأوكرانيا، وأزمة التضخم العالمي، وانعاكسات ذلك على ارتفاع أسعار السلع الأساسية والاستراتيجية عالميا.
وجاء التصعيد في غزة ليضفي مزيداً من التحديات أمام الاقتصاد المثقل بالضغوطات المستمرة منذ سنوات، والتي يترجمها سعر صرف الدولار، ولكن الاقتصاد المصري أثبت دائمًا قدرته على التصدي لجميع الأزمات سواء الخارجية أو الداخلية الاقتصادية منها والسياسية، فالاقتصاد المصري لديه قدرة على توفير جميع الالتزامات التمويلية الخارجية، كما يحظى بمرونة كافية على مواجهة جميع التحديات الخارجية والداخلية المترتبة على الأوضاع الجيوسياسية، والتي تأتي في ظل صعوبة الوصول للأسواق المالية وارتفاع تكلفة التمويل بزيادة معدلات الفائدة.
كما أن مصر لديها إمكانية الحصول على 5 مليارات دولار سنوياً من البنوك التنموية متعددة الأطراف بشروط ميسرة، والذي يؤكد على ثقة تلك المؤسسات الدولية في مسار الاقتصادي الذي تتبعه الحكومة المصرية في ظل وجود الأزمات العالمية الطاحنة.
ومن جانبه، قال الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، إن مصر تتعرض لضغوط ليس فى القوت الحالي فقط ولكن منذ فترة، ولذلك الدولة كانت تسارع فى تنفيذ مشروعات تنموية والاستعداد دائما لمواجهة التحديات.
جاء ذلك خلال كلمته في الجلسة العامة لمجلس النواب المنعقدة الآن، برئاسة المستشار الدكتور حنفي جبالي، للرد على طلبات الإحاطة المقدمة من 16 نائبا، بشأن التدابير والإجراءات التى اتخذتها الحكومة تجاه منع محاولات التهجير القسري للفلسطينيين من قطاع غزة، بحضور الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء.
وقال رئيس مجلس الوزراء: "أود أن أشكر حضراتكم على إتاحة الفرصة لاستعراض موقف الولة المصرية والجهود التى تمت خلال الفترلة الماضية وتتم وستتم لدعم أشقائنا فى فلسطين على كافة المستويات السياسية والاجتماعية.
وأضاف "مدبولى": "تابعت كل طلبات الإحاطة المقدمة من النواب بشأن التدابير والإجراءات التي اتخذتها الحكومة تجاه منع محاولات التهجير القسري للفلسطينيين من قطاع غزة، والتى تعكس فهم دقيق وواضح لما تواجهه مصر من تحديات وما تتعرض له من ضغوط اقتصادية وسياسية، وهناك عدد من نواب قالوا نتوقع إنه سيكون هناك ضغوط اقتصادية وسياسية الفترة الجاية على مصر، لكن أقول لكم إن هذه الضغوط موجودة من فترة، وأرجو أن نكون منتبهين أننا فى ظل ظروف صعبة جدا لكن تكون هناك محاولات ورغبة من البعض في فرض أجندات علينا ومحاولة البحث عن نقطة ضعف لتخترق هذه الدولة".
واستطرد: "مصر منذ 2011 معروف ما هى الأجندة وما تتعرض له من ضغوط وستظل تتعرض لضغوط، بالتالى كانت رؤية القيادة السياسية تنفيذ المشروعات القومية بهذه السرعة الرهيبة وتجهيز ودعم الجيش المصرى، لمواجهة هذه التحديات على المستوى العالمى والإقليمى والدولى، والدولة المصرية كانت تعى تماما حجم التحديات".
ومن جانبه، قال كريم رضوان، الباحث والمحلل الاقتصادي، إن الدولة نفذت منذ 2016، برنامجًا قويًا للإصلاح الاقتصادي، بهدف إخراج الاقتصاد الوطني، من حالة الخمول التي تسببت بها أحداث عام 2011، والسنوات التالية، حيث انعكسب بالسلب على الاقتصاد المصري، نتيجة الأعمال التخريبية لمقدرات الدولة وخلق الأزمات، موضحًا أن الدولة تحركت في 2016 ببرنامج إصلاح اقتصادي، للعبور لبر الأمان، خاصة وقت الأزمات، ونجح البرنامج بالفعل في تخفيف آثار أزمة كورونا عام 2020، ثم الحرب الروسية الأوكرانية عام 2022.
وأضاف رضوان في تصريحات لـ"صدى البلد"، أنه فيما يتعلق بأزمة الدولار، فإن الدولة تبذل جهودا كبيرة للسيطرة عليها، وتحصل على التمويل اللازم لتوفير الاحتياجات الخاصة بالمواطنين، واحتياجات الاقتصاد إضافة لجهود تحفيز وتعزيز الإيرادات الدولارية عبر الأنشطة الاقتصادية والبرامج المالية، مشيرا إلى أن الحكومة نفذت سلسلة من تدابير التحفيز المالي والمبادرات السياسية لمساعدة الشركات.
وأكد أن هذه السياسات المساعدة، استجابت لها الشركات من خلال التكيف بسرعة مع الظروف الجديدة، عبر مجموعة متنوعة من القطاعات، بما فى ذلك الخدمات المالية وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات والبناء والصناعة وتجارة التجزئة والطاقة، مسترشدة باستراتيجية رؤية مصر 2030 والتي تحدد ما يقرب من 80 برنامجًا ومشروعًا، بما فى ذلك تطوير النقل النهرى، وبرامج ريادة الأعمال، ومراكز الخدمات اللوجستية والمشاريع البيئية.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: مصر ضغوط ضغوط خارجية الإقتصاد المصرى الاقتصاد مدبولى غزة الاقتصاد المصری
إقرأ أيضاً:
توقعات بأحكام قاسية في التآمر 2 بتونس
تونس- أجّلت المحكمة الابتدائية بتونس، أمس الثلاثاء، النظر فيما يُعرف بقضية "التآمر على أمن الدولة 2″، إلى يوم الجمعة المقبل، للاستماع إلى مرافعات هيئة الدفاع، في قضية اعتبرتها المعارضة "حلقة جديدة" من مسلسل استهداف رموزها وتوظيف القضاء لتصفيتهم.
وتأتي هذه القضية في سياق تواتر أحكام سجن صارمة ضد شخصيات معارضة بارزة ومسؤولين سابقين، مما يثير جدلا سياسيا وحقوقيا واسعا بشأن استقلالية القضاء وتوظيفه من قبل السلطة القائمة في تصفية الخصوم السياسيين.
وتضمّ قائمة المتهمين في القضية زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي ومسؤولين سابقين من بينهم رئيس الحكومة الأسبق يوسف الشاهد، ومديرة الديوان الرئاسي السابقة نادية عكاشة، ووزير الخارجية الأسبق رفيق عبد السلام. كما تضم أيضا مجموعة من القيادات الأمنية السابقة.
وأجريت ثاني جلسة لبعض المتهمين الموقوفين في هذه القضية أمس الثلاثاء عن بُعد، في حين رفض آخرون الحضور وعلى رأسهم الغنوشي، الذي يواصل مقاطعة المحاكمات احتجاجا على ما يعتبره انتفاءً لشروط المحاكمة العادلة.
وتتعلق التهم الموجهة إلى المتهمين في هذا الملف بجرائم خطيرة وفقا لقانون مكافحة الإرهاب، من بينها: تكوين تنظيم إرهابي، وانتداب وتدريب أفراد لارتكاب جرائم، وتوفير أسلحة ومتفجرات، والتجسس لفائدة أطراف أجنبية. ويواجه المتهمون في هذا السياق أحكاما قد تصل إلى السجن المؤبد.
واعتمد قاضي التحقيق عند توجيه التهم على شهادة شخصين محجوبَي الهوية في غياب تام لما يُمكن أن يُعتدّ به كأدلة مادية، وفق فريق الدفاع، الذين قالوا إن ملف القضية فارغ من أي قرائن أو إثباتات ملموسة، نافين وجود علاقة تنظيمية أو لوجستية بين الأطراف المتهمة.
ونقل محامون من داخل المحكمة مشهدا يعمّق الشكوك في سلامة الإجراءات، حيث ندد بعضهم بإقرار المحكمة إجراء المحاكمة عن بعد ورفض جلب الموقوفين إلى قاعة الجلسات لأسباب أمنية، في حين يتنقل القضاة والموظفون والمحامون والموقوفون في قضايا حق عام يوميا إلى المحكمة.
إعلانوأكدت المحامية إيناس الحراث التي ترافعت في هذه القضية، أن المتهمين الذين يحاكمون عن بُعد لا يرون إلا منصة القضاة عبر الشاشة، ولا يرون محاميهم، ولا يسمعون مرافعاتهم، حيث يتحدث الدفاع دون ميكروفون، ما يجعل حضور المحامين بلا معنى.
كما عرّجت على الصعوبات الكبيرة التي يواجهها فريق الدفاع في النفاذ إلى ملفات القضية بسبب مماطلة إدارة المحكمة في تسليم نسخ الملفات بحجج واهية، وفق تعبيرها.
محاكمة مفتعلة
وحول هذه المحاكمة، يقول القيادي بحركة النهضة رياض الشعيبي إن "قضية التآمر 2" هي فصل جديد من المحاكمات الجائرة المفتعلة، التي لا تقوم على أية وقائع حقيقية، مضيفا أن "الملف مبني بالكامل على شهادات واهية من وشاة مجهولين ولا يحقق الحد الأدنى من المحاكمة العادلة".
ويؤكد الشعيبي للجزيرة نت أن تلاحق المحاكمات "لا يرقى حتى إلى توصيف المحاكمات السياسية التقليدية"، مفسّرا ذلك بأن "القضية ليست مبنية على وقائع حقيقية، بل على روايات ملفقة ووشايات لا يُعرف مصدرها ودون أية أدلة مادية".
وعبّر القيادي بحركة النهضة عن يقينه بأن مسار الأحكام القضائية في قضايا المساجين السياسيين يتجه نحو مزيد من التشدد، مؤكّدا أنه لم يعد مجرد احتمال أن تُصدر المحاكم أحكاما قاسية، بل أصبح ذلك أمرا مؤكدا في ظل الخطاب الرسمي المتوعد للرئيس قيس سعيد.
وحول الوضع الصحي للمساجين السياسيين يقول الشعيبي إن أغلبهم من كبار السن وعلى رأسهم راشد الغنوشي (84 عاما)، معربا عن قلقه البالغ من تدهور صحتهم داخل السجون.
ويقول "أغلب الموقوفين من كبار السن وفي ظل ارتفاع درجات الحرارة، واكتظاظ السجون، وغياب الرعاية الطبية، أصبحت حياتهم في خطر دائم".
وحذر القيادي من الانسداد السياسي الكامل بالبلاد وتداعياته على الاستقرار في البلاد، معتبرا أن "منع المعارضة من أداء دورها الطبيعي كمتنفس في المجتمع وكصمام أمان سياسي ينذر بانفجار اجتماعي شبيه بما حدث في أواخر عهد الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي في 2011″.
احتجاز قسريمن جانبه، يقول أستاذ القانون والناشط السياسي المعارض عبد الوهاب المعطر للجزيرة نت، إن "قضية التآمر 2" ما هي إلا نسخة مطابقة لقضية "التآمر 1″، التي حوكم فيها منذ شهرين عشرات المساجين السياسيين بتهم إرهابية وصدرت في حقهم أحكام سجن ثقيلة.
ويضيف معطر "الحقيقة لا تستحق قضية التآمر 2 التعليق عليها أصلا لغياب أي منطق قانوني أو قضائي فيها"، موضحا أن "الهدف من ورائها هو الانتقام من المعارضين الذين حاولوا بطرق سلمية تغيير الواقع السياسي للبلاد في ظل الاستبداد".
واتهم القانوني السلطة باحتجاز الشخصيات السياسية الموقوفة على ذمة هذه القضية "احتجازا قسريا"، معتبرا أن الرئيس قيس سعيد قد وظف القضاء وطوّعه لاختلاق سيناريوهات وهمية لتصفية المعارضة وإبعاد النشطاء المعارضين لسياساته عن طريقه.
ويقول "يوم يغادر الرئيس قصر قرطاج، سيخرج هؤلاء المعتقلون كرموز وطنية واجهت الاستبداد، وليس كمتآمرين على أمن الدولة. وسيحفظ التاريخ في ذاكرته أن الرئيس سعيد هو من تآمر على المعارضة وليس العكس".
وتأتي هذه القضية بعد أسابيع قليلة من إصدار المحكمة الابتدائية في تونس أحكاما مشددة بالسجن ضد الرئيس الأسبق المنصف المرزوقي وقيادات سياسية أخرى، تراوحت بين 12 و22 سنة، على خلفية تصريحات وندوات في الخارج، وهو ما اعتبرته أطراف سياسية وحقوقية استمرارا في نهج تصفية الحسابات السياسية عبر القضاء.
إعلانكما تأتي هذه المحاكمة بعد حوالي شهرين من صدور أحكام مشددة فيما يُعرف بقضية "التآمر 1″، والتي شملت معارضين بارزين مثل الأمين العام السابق للتيار الديمقراطي غازي الشواشي، والأمين العام للحزب الجمهوري عصام الشابي، والقيادي بجبهة الخلاص المعارضة جوهر بن مبارك والناشط السياسي خيام التركي، والقيادي المستقيل من حركة النهضة عبد الحميد الجلاصي وغيرهم. وتراوحت الأحكام فيها من 13 إلى 66 عاما.
واعتبرت حركة النهضة، في بيان لها أمس الثلاثاء، أن "قضية التآمر 2" حلقة جديدة من مسلسل "المحاكمات العبثية المبنية على شهادات ملفقة ووشايات لا مصداقية لها". واتهمت السلطة الحاكمة بالسعي إلى "ترهيب القوى الوطنية الرافضة للانقلاب 25 يوليو 2021″، تاريخ إعلان الرئيس سعيد التدابير الاستثنائية التي حكم بها البلاد بقبضة قوية.
في السياق نفسه، عبّرت جبهة الخلاص المعارضة عن استهجانها لما اعتبرته أحكاما جائرة، متهمة السلطة الحاكمة بالبحث عن أكباش فداء لتغطية عجزها في حلحلة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المتدهورة، عبر اختلاق مؤامرات خيالية تنسب للمعارضة، بحسب بيانها.
وفي ظل حالة الانسداد السياسي الذي تعيشه البلاد، أعلن عدد من النشطاء المعارضين رفعهم دعوى قضائية ضد السلطة التونسية لدى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة والمحكمة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب.
وأوضحت جمعية "ضحايا التعذيب"، في ندوة صحفية بجنيف، أن هذه الدعاوى تستند إلى انتهاكات متكررة لحقوق الإنسان وحرية التعبير والمشاركة السياسية في تونس.
في المقابل وصف أنصار الرئيس قيس سعيد هذا التحرك بأنه "خيانة وضرب للسيادة الوطنية"، متهمين الموقوفين على ذمة ما يعرف بقضية التآمر على أمن الدولة بارتكاب "جرائم في حق الدولة".