شكّل قطاع الاستزراع السمكي في دولة الإمارات أحد أهم الركائز الأساسية في منظومة تعزيز الأمن الغذائي، نظراً لما يمتلكه من فرص واعدة تدعم رفع مستوى الإنتاج المحلي من الغذاء، فضلاً عن عوائده الاقتصادية الكبيرة التي يتيحها التوسع في ميدان الاستثمار في هذا القطاع الحيوي الذي يحافظ على استدامة الموارد البحرية في الدولة.


وحرصت الدولة على الاستثمار في مجال الاستزراع السمكي بالاستفادة من أحدث الوسائل التكنولوجية العالمية التي تتغلب على التحديات وتضاعف الإنتاج وصولاً إلى مرحلة الاكتفاء الغذائي المحلي.
وخلال السنوات الماضية شهد قطاع الاستزراع السمكي تطوراً لافتاً وحظي بإقبال من المستثمرين مدعوماً بتشجيع حكومي، فقد بلغ عدد المزارع المسجلة لدى وزارة التغير المناخي والبيئة حتى العام الماضي نحو 15 مزرعة، حيث تملك إمارة أبوظبي أكبر عدد من المزارع السمكية ويوجد فيها 6 مزارع، كما يوجد في الفجيرة 4 مزارع، و3 مزارع في رأس الخيمة، بالإضافة إلى مزرعة واحدة في كلٍ من دبي والشارقة.
وأكدت وزارة التغير المناخي والبيئة أن دولة الإمارات مؤهلة للتحول إلى مركز إقليمي للاستزراع السمكي بالاعتماد على مخرجات البحث العلمي، وتوظيف التكنولوجيا الحديثة في تعزيز المخزون ورفع الانتاج السمكي.
وتتسق جهود دولة الإمارات لتعزيز قطاع الاستزراع السمكي، مع الأهداف المنشودة لمحور الأثر ضمن حملة استدامة التي تم إطلاقها مؤخراً بالتزامن مع قرب استضافة مؤتمر الأطراف COP28، الذي يُعقد خلال الفترة من 30 نوفمبر إلى 12 ديسمبر من العام الجاري في مدينة إكسبو دبي، والذي يروج للسبل كافة التي ترسخ الاستدامة في جميع القطاعات وعلى رأسها استدامة الأمن الغذائي، حيث يستعرض هذا المحور النتائج والتأثير الإيجابي لمبادرات الاستدامة الإماراتية على مختلف المجالات، إذ تهدف الحملة إلى نشر السلوكيات الإيجابية نحو البيئة وتعزيز الوعي حول قضايا الاستدامة البيئية، وتشجيع المشاركة المجتمعية.
-اهتمام مبكّر.
بدأ الاهتمام باستزراع الأحياء المائية في الإمارات منذ نحو أربعين عاماً، وتحديداً في عام 1984 الذي تم فيه إنشاء مركز أبحاث الأحياء البحرية بالتعاون مع أفضل الخبرات العالمية بمجال استزراع الأحياء المائية، حيث أجرى العديد من الدراسات والتجارب الخاصة بإنتاج الأنواع المحلية من الأسماك بهدف الحصول على الطرق الصحيحة التي تساهم في استكثار تلك الأنواع والتي بدورها تساهم في تعزيز المخزون السمكي، وتعزيز الأمن الغذائي وتنمية البيئة البحرية تنمية مستدامة، ومنذ ذلك الوقت شهد قطاع الاستزراع السمكي نمواً متسارعاً وحظي باهتمام الدولة، حيث عززت الإمارات جهودها بإنشاء مركز الشيخ خليفة للأبحاث البحرية عام 2014 وتجهيزه بأحدث النظم والتقنيات، حيث ساهم بدور ريادي في تطوير وتشجيع تقنية الاستزراع المائي في الدولة، وقد بلغت طاقته الإنتاجية 30 مليون اصبعية سمكية سنوية.
– تلبية الطلب المحلي.
وتسعى الإمارات من خلال دعم مشاريع الاستزراع السمكي إلى رفع مساهمة هذا القطاع في تلبية الطلب المحلي على الأسماك في ظل تنامي عدد سكان الدولة واستيرادها نحو 70% من حاجتها من الأسماك سنوياً.
وأعلنت الهيئة العربية للاستثمار والانماء الزراعي مؤخراً عن مشروعين جديدين في دولة الإمارات الأول لاستزراع السلمون بطاقة 10 أطنان في أحواض والثاني لاستزراع سمك القاروص والدينس بطاقة 10 أطنان في أقفاص عائمة.
وتتوفر في الدولة عددا مـن المفاقس التي تقوم بإنتاج اصبعيات الأسماك من مختلف الأصناف ، وذلك لدعم الاستزراع السمكي ومنها مفقس مركز الشيخ خليفة للأبحاث البحرية ومفقس مركز الأبحاث في جزيرة أبو الأبيض.

– مبادرات لتنمية قطاع الاستزراع.
وتتولى وزارة التغير المناخي والبيئة إعداد برامج وطنية لرفع كفاءة إنتاج مزارع الأحياء المائية المسجلة لديها، كما تسعى لاستقطاب الاستثمار في هذا المجال من خلال الإرشاد الفني لرفع القدرات والأبحاث التي حددت بعض الأنواع القابلة لاستزراعها حسب الظروف البيئية والمناخية للدولة.
وقدّمت الوزارة حزمة خدمات ذكية وإلكترونية لترخيص مزارع الأحياء المائية واستيراد غذاء الأحياء المائية واستيراد أمهات ويرقات الأسماك وتصدير الأسماك المحلية والإفراج المحجري لتعزيز استمرارية ومرونة تقديم الخدمات وفق قياس زمني قصير للحصول على الشهادات الخاصة بهذه الخدمات.
وحددت اللجنة العليا لحماية واستغلال وتنمية الثروات المائية الحية 6 مبادرات في قطاع استزراع الأحياء المائية في الدولة والتي تعمل عليها وزارة التغير المناخي والبيئة بالتعاون والتنسيق مع الجهات المعنية على مستوى الدولة، وتشمل مبادرة تقييم أنظمة استزراع الأحياء المائية في المواقع البحرية بهدف تطوير الاستزراع البحري لدعم التوسع والاستدامة في قطاع استزراع الأحياء المائية، ومبادرة دراسة نمط واختيارات المستهلكين، ومبادرة دليل الأمن البيولوجي على مستوى المزرعة لتقليل مخاطر وتهديدات الأمن البيولوجي على استمرارية أعمال الاستزراع.
كما تتضمن المبادرات مبادرة تعزيز تنافسية نظام استزراع الأحياء المائية المغلق، ومبادرة إنشاء قاعدة بيانات استهلاك المأكولات البحرية، بالإضافة إلى مبادرة دليل نبض الاستزراع السمكي الذي أطلقته حكومة الإمارات في عام 2020 ويعد مرجعاً للمهتمين بزراعة الأحياء المائية ومفاقس الأسماك في كل إمارات الدولة، ويهدف إلى دعم مساعي الدولة نحو تعزيز هذا القطاع الحيوي، من خلال تقييم الفرص المتاحة للاستثمار في القطاع، وتوفير دراسة لأنماط الاستهلاك في السوقين المحلي والعالمي، ومواصفات الإنتاج من حيث الجودة والحجم، وتوفير سبل نجاح مزارعي الأحياء المائية في مختلف إمارات الدولة.
وتأتي مفاقس الأسماك كأحد ركائز الدليل حيث يلقي الضوء على توافر العديد من المفاقس المخصصة لإنتاج إصبعيات الأسماك بمختلف أنواعها في المزارع السمكية والمفاقس المتخصصة الضخمة التي تنتج نحو 35 مليون أصبعية، ويأتي على رأس ذلك مفقس مركز الشيخ خليفة للأبحاث البحرية في أم القيوين.

– أنظمة استزراع الأحياء المائية في الدولة.

وتتنوع الأنظمة المستخدمة بمزارع تربية الأحياء المائية ما بين النظام المغلق والنظام المفتوح واستخدام نظام الأكوابونيك، والذي يدعم إنتاج الأحياء المائية مع الإنتاج الخضري.

ويمثل النظام المغلق 50% من الأنظمة المستخدمة لتربية الأحياء المائية في الدولة والذي يعتمد على الأحواض الداخلية، ويتميز عن النظام المفتوح بالكثافة العالية بوحدة الإنتاج؛ ففي الأحواض المغلقة يتم التحكم بمواصفات الماء وتدويرها واستخدام التقنيات، واستخدام أعلاف للأسماك بمواصفات وجودة عالية.
– إشادة دولية.
ولاقت جهود دولة الإمارات في مجال الاستزراع السمكي إشادة وتقديراً من قبل منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة “الفاو”، التي استعرضت في تقرير لها المشاريع الطموحة التي تشهدها الدولة لاستزراع الأسماك في الأراضي الصحراوية القاحلة، معتبرة أن هذه المشاريع تعكس نجاح الإمارات في تسخير التكنولوجيا الحديثة، من أجل إرساء إنتاج مستدام للأسماك والأحياء المائية بما يعزز أمنها الغذائي.وام


المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: وزارة التغیر المناخی والبیئة دولة الإمارات الأمن الغذائی فی الدولة

إقرأ أيضاً:

آل علي يتقدم إلى وصافة الترتيب العالمي في «الدراجات المائية»

 
أبوظبي (الاتحاد)

أخبار ذات صلة منتخب الجودو للناشئين يعود من أوزبكستان مطار دبي" يسجّل أعلى حركة مسافرين في تاريخه خلال النصف الأول

واصل أبطال الإمارات تألقهم في المحافل العالمية، وحقق المتسابق الشاب علي آل علي إنجازاً نوعياً جديداً لرياضة الدراجات المائية، بحصوله على فضيتين ضمن الجولة الثانية من بطولة العالم، التي أقيمت في بحيرات «أو دو هور» البلجيكية بمشاركة أكثر من 200 متسابق يمثلون 33 دولة.
وبهذا الإنجاز المزدوج، صعد آل علي إلى المركز الثاني في الترتيب العام العالمي، ليعزز حظوظه في المنافسة على اللقب، خلال الجولة الختامية المرتقبة، والمقرر إقامتها في باتايا التايلاندية 17 ديسمبر المقبل .
وقال علي آل علي عقب نهاية السباق: «كل جولة أخوضها هي خطوة نحو حلم رفع علم الإمارات على منصة التتويج العالمية، المنافسة قوية، لكنني دخلت كل جولة بعقلية البطل، القادم أهم».
ويعكس الإنجاز الكبير التطور المتسارع للدراجات المائية في دولة الإمارات، ودور المواهب الوطنية الصاعدة في ترسيخ حضور الدولة على الساحة الرياضية العالمية.
وحصد المتسابق محمد محسن ميدالية برونزية، بعد سباق اتسم بالندية أمام نخبة من الأبطال الدوليين، وفي المقابل، اضطر المتسابق أحمد الطاير للانسحاب نتيجة عطل فني، بينما خرج سيف الشويهي من السباق، بعد تعرضه لحادث خلال إحدى الجولات، من دون أن يُصاب بأي أذى.
وأشاد محمود المنصوري، المدير الفني لاتحاد الرياضات البحرية، بأداء الأبطال، وقال: «علي آل علي مشروع بطل عالمي بكل المقاييس، ما يقدمه في كل جولة يعكس موهبة استثنائية والتزاماً كبيراً، وهو ثمرة عمل ضمن خطط الاتحاد لتأهيل وصقل الكفاءات الوطنية، ونحن على ثقة بقدرته على المنافسة على الذهب في الجولة الختامية».
يتولى اتحاد الرياضات البحرية مسؤولية الإشراف على تنظيم وتطوير الرياضات البحرية في الدولة، ويعمل بقيادة الشيخ محمد بن سلطان بن خليفة آل نهيان، على إعداد الكفاءات الوطنية، واستضافة كبرى الفعاليات، وتعزيز الحضور الإماراتي في البطولات الدولية، بالشراكة مع مؤسسات عالمية. 

مقالات مشابهة

  • سلطنة عُمان تستعرض تقدمها في مؤشرات الأمن الغذائي بقمة الأمم المتحدة في إثيوبيا
  • الأغذية العالمي:كافة سكان غزة يواجهون انعدام الأمن الغذائيّ الحاد
  • تقرير أمميّ: كافة سكان غزة يواجهون انعدام الأمن الغذائيّ الحاد
  • آل علي يتقدم إلى وصافة الترتيب العالمي في «الدراجات المائية»
  • شيمي: قطاع التشييد ركيزة أساسية للتنمية العمرانية
  • المؤتمر الحكومي يستعرض الأربعاء مستجدات الأمن الغذائي في السعودية
  • وزير البترول: توطين الصناعات ركيزة أساسية لتقليل فاتورة الاستيراد
  • 18 سدًا أهليًا تعكس الشراكة في استدامة الموارد المائية بالظاهرة
  • أمير الشرقية: الجامعات تمثل ركيزة أساسية في إعداد الكفاءات الوطنية
  • أسعار الأسماك بأسواق الوادي الجديد اليوم الأحد