زهور البلسم تعطّر جبال محافظة ظفار
تاريخ النشر: 24th, November 2023 GMT
تغطي زهور البلسم البري مساحات كبيرة من سلسلة جبال ظفار، وهي من الزهور الحولية التي تنمو في النطاقات الإستوائية من قارة آسيا مثل الهند والصين والفلبين - التي تسمى فيها باسم Kamatigue،ويبلغ طولها ما بين 20-165 سم تقريبا، مع متن سميك وناعم. الأوراق حلزونية الاصطفاف، بطول 2.5-9 سم وعرض 1-2.5 سم، مع أطراف مسننة غير حادة، والزهور ذات لون وردي بقطر 2.
ويمتاز البلسم برائحته العطرية الفواحة، وطعمه العطري، وعند حرقه يخرج منه حمض الجاوي.
الأسرار الطبية المتنوعة لزهور البلسم
تكمن أهمية البلسم في أسراره الطبية المتعددة، فأجزاء مختلفة من هذا النبات يستخدم في علاج الأمراض والالتهابات الجلدية؛ كما أن الأوراق والبذور والمتون صالحة للأكل إذا طهيت،وتستخدم عصارة أوراق البلسم في معالجة النتوء الجلدية ولدغات الثعابين، بينما يمكن استعمال الزهور على الحروق الجلدية لتهدئتها.وبتفصيل أكبر، ثمة إفرازات من متن البلسم تسمى بـ"المرّة" تتكون من خليط من قواعد راتنجية مخلوطة تحتوي على نسبة عالية من حمض البنزويك "حمض الصمغ الجاوي"، وحمض السنامك، والزيت الطيار. وتستخدم المرّة على نطاق عالمي، فيعرف بالإنجليزية بـ Myrrh وهي مطهرة وقاتلة للكثير من أنواع البكتيريا، وتستعمل كغسول للفم لتطهير الفم وعلاج تقرحات اللثة واللسان وخلاف ذلك، كما أنها مقوية للمعدة، فتقطع البلغم وتنقي الوجه وتحلل الأورام وتعالج الجرب والقوابي وعرق النساء، وتستعمل في إكحال الغشاوة من العيون.ولا يتوقف الأمر هنا، فبينما تساهم أصماغه الراتنجية في علاج الجروح والتئام وتجلط الأوعية الدموية،وفي علاج أمراض الجهاز التنفسي والالتهابات الشعبية.
وللبلسم كذلك دور فعال في علاج الأمراض الروماتيزمية؛ لأنه يعمل على تهيج الجلد إذا دُلك به، فيزيد من توارد الدم إلى المناطق المصابة. وإذا استعمل عن طريق الفم، فإن جزءا بسيطا منه تمتصه المعدة، أما الجزء الأكبر فتمتصه الأمعاء، ومن هناك كانت فائدته في علاج الالتهابات المعدية المزمنة والدوسنتريا. كما تمتاز المستحضرات التي تحتوي على البلسم - كالمراهم والدهانات - بعدم تعرضها للتزنخ.
النطاق الموسمي في جبال ظفار
خروجا من الجانب الطبي، يتم جمع زهور البلسم بشكل واسع عالميا كزهور زينة، وقد تم تطبيعها ونشرها في العديد من جزر المحيط الأطلسي.
كما يمكن رؤية هذه الزهور بغزارة على امتداد النطاق الموسمي من سلسلة جبال ظفار التي يصل امتدادها إلى حوالي 350 كم طولا و 75 كم عرضا، وعلى الأطراف الحدودية المتصلة بها من محافظة المهرة اليمنية مع نهايات موسم الخريف ودخول موسم الصرب؛ حيث تتفتح فيه كل الزهور التي تتقاسم مهمة تعطير الجبال والسهول المجاورة بعبيرها.
نوع ضوء الشمس الذي يحتاجه نبات البلسم
يحتاج نبات البلسم عادةً إلى ضوء الشمس الكامل وغير المباشر من أجل الازدهار في الداخل. هذا يعني أن النبات يجب أن يتعرض لأشعة الشمس الساطعة التي لا تصطدم بها مباشرة من نافذة أو مصدر ضوء آخر، مثل ضوء النمو. يمكنك حمايته بسهولة من أشعة الشمس المباشرة عن طريق وضع ستارة شفافة بين نبات البلسم والنافذة، أو بوضعه خلف جزء من النافذة مع شاشة مظلمة.
أفضل وقت لتخصيب نبات البلسم
يمر نبات البلسم بمرحلتين رئيسيتين على مدار كل عام،المرحلة الأولى هي المرحلة الخاملة، حيث سيضع هذا النبات الحد الأدنى من النمو الجديد،وتحدث هذه المرحلة الخمول خلال فصل الشتاء والمرحلة الأخرى هي مرحلة النمو النشط، والتي تحدث خلال الربيع والخريف، وهو الوقت الذي سيحتاج فيه نبات البلسم إلى الإخصاب أكثر من غيره بشكل عام، من الأفضل تسميد نبات البلسم بدءًا من أشهر الربيع ويجب أن تكرر الإطعام مرة واحدة شهريًا طوال بقية الربيع وخلال معظم فصل الصيف و مع اقتراب الخريف، يمكنك البدء في تقليل معدل الإخصاب.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: فی علاج
إقرأ أيضاً:
الهويات الترويجية.. تسويق أم انتماء؟
جرت أحاديث كثيرة وكُتبت آراء عدة بعد الإعلان عن الهوية الترويجية لمحافظة ظفار، تحت شعار «ظفار أرض التباشير»، وبين الرأي المؤيد والآخر المعترض نطرح رأينا حول الموضوع بحياد وموضوعية. فالآراء المعترضة ترى بأن هوية ظفار الترويجية هي شجرة اللبان نظرا لمكانتها التاريخية والاقتصادية والثقافية، بينما يرى الطرف الآخر أن «التباشير» تحمل دلالة البشائر، بينما معناها في معاجم اللغة تحيل إلى «الطرائق على الأرض من آثار الرياح، وأوائل كل شيء (لا تستعمل إلا جمعا) تباشير الصباح/ التقدم/ المستقبل/ النهضة».
تعكس الآراء حالة من التفاعل الإيجابي والحرص على تقديم الأفضل للمحافظة وسكانها وزوارها، فلا أحد يشكك في النوايا ولا الاجتهادات التي تقف خلف الهوية الجديدة ولا المعترضين على التسمية، لهذا يستوجب طرح كافة الآراء على منصات الحوار؛ بهدف التوصل إلى صياغة توفيقية تلبي الرغبات وتحقق الأهداف والغايات. لذلك يتوجب طرح مفهوم الهوية الترويجية للنقاش «ظفار أرض التباشير»، والتي أراها هوية مادية تسويقية لا تمس الهوية الثقافية المعنوية القائمة على قيمتي الولاء والانتماء. إضافة إلى أن الهوية «فكرة اخترعتها الحداثة، مثلما خلقت أيضا مقولات السيادة والإقليم والعلم والوطن، والهوية سيرورة من التحول الدائم» (اليزيد بوعروري، الهوية السائلة في المجتمعات المعاصرة: 2022). ولذا فإن الهوية الترويجية تستهدف الآخر الذي قد يكون سائحا أو مستثمرا، مما يعني أنها هي لا تمس الانتماءات ولا القيم، بل تستثمر الماديات كقوة جذب.
إذا سلّمنا بأن الترويج يحمل فكرة التسويق المعلن للعناصر الثقافية والسياحية بهدف خلق قوة جذب في منطقة تشهد طفرة في استقطاب رؤوس الأموال والبناء والتطوير، فإن اللبان يُعد من أهم عناصر الجذب نظرا لقيمته المادية والروحية، فاللبان منتج تجاري حتى وإن أحيطت به القداسة ورفعته الأسطورة. لذلك يتعين إعادة التفكير في توظيف اللبان باعتباره أهم عنصر ترويجي للمحافظة.
لا ننكر أننا نعيش لحظة من التحولات الكبرى التي تستوجب انتهاج طرق مختلفة في التعامل والتفاعل مع المستجدات الراهنة والمستقبلية، بدلا من لعب دور المستهدف وتمثل شعوره، أو التماهي مع أحجار الوادي التي يُخيل للناظر تماسكها وثباتها إلى أن يجرفها السيل.
إننا جزء من العالم الذي تأثر منذ نهاية القرن الماضي بتأثير العولمة والقرية الكونية القائمة على النزعة الاستهلاكية التي تتطلب منا المزيد من تنويع الخيارات والمرونة في التعامل مع أدوات وشروط السوق المهيمن على قرار المجتمعات. وقد وصفت اللحظة الراهنة بالزمن السائل والتي تحتم على الإنسان التفاعل معها بذهنية المؤثر لا المتأثر. ومثلما أسلفنا بأننا جزء من هذا العالم المتأثر بسياسات اقتصادية، فإن المطلوب من المواطن في أي محافظة من المحافظات، المساهمة والعمل على شحذ العزائم لإيجاد مصادر الدخل، والمشاركة مع المؤسسات المعنية لتجاوز المعوقات التي تعترض سبل التحديث والتطوير، والتخلي عن فكرة الهويات البيئية -الحضر، والجبل، والبادية- والتي قد تمثل عناصر هدم وتقوقع وتثبيط همم.
لهذا نراهن على قيمة المواطنة وقوتها في تشكل الوعي المنسجم مع التغييرات المتسارعة على كافة الأصعدة وفي كل الميادين، ولا يمكن مقاومة التغيير إلا بالعلم والعمل. أخيرا نقر بأنه لا ثبات في الحياة فكل شيء قابل للتغير والتمسك بالماديات رهان بائس في عالم يفرض هيمنته وشروطه على الإنسان أي كان موقعه، ولذلك علينا أن نتجنب مصير (أوخيد) بطل رواية التبر للكاتب والروائي الليبي إبراهيم الكوني، والذي لم يتحمل تعذيب جمله (الأبلق) واستسلم لأعدائه وقتلوه؛ لأن الأعداء عرفوا نقطة ضعف (أوخيد) المتمثلة في تعلقه المادي في (الأبلق) وتخليه عن الروح التي لا يصل إليها أحد ولا تُستغل ضده.