إعداد: فرانس24 تابِع إعلان اقرأ المزيد

عقب إطلاق سراح عشرات الرهائن من النساء والأطفال الجمعة، كجزء من الهدنة الموقتة المبرمة بين إسرائيل وحركة حماس التي كانت تحتجزهم منذ شهر ونص شهر في قطاع غزة، يبدو الجانب المرتبط بالصحة النفسية للمفرج عنهم حاضرا بقوة في سياق الحديث عن الوسائل والطرائق الممكنة للتخفيف من حدة التداعيات التي قد يعانونها.

 في هذا السياق، يقول الطبيب النفسي البريطاني نيل غرينبرغ المتخصص في الصدمات النفسية "لا يصاب كل الأشخاص الذين يخرجون من الأسر (...) باضطراب ما بعد الصدمة أو اضطرابات عقلية أخرى، لكن هذه حال أقلية كبيرة".

لكن، ما هي التبعات النفسية على هؤلاء الرهائن؟ وهل هناك سابقة تسمح بتوصيف علمي لآثار ما حصل بأن يكون هناك أي مجال للمقارنة بين الصدمات؟

وفق غرينبرغ، عموما "لا توجد أعراض إجهاد ما بعد الصدمة خاصة بالرهائن".

لكن تجربة الرهينة بحد ذاتها تحمل خصوصيات قد تسبب مشكلات مستقبلية مثل العزلة والتعرض المحتمل للإذلال والشعور بالعجز...

بالإضافة إلى ذلك، فإن الأضواء الإعلامية التي ترافق عمليات احتجاز الرهائن في كثير من الأحيان، تضيء على قدرة هؤلاء على التعافي أم لا.

بعضهم انهار مثل الصحافي الفرنسي بريس فلوتيو الذي أنهى حياته عام 2001 بعد ثمانية أشهر من احتجازه كرهينة في الشيشان، وجون بول غيتي الثالث (حفيد قطب النفط الأمريكي جون بول غيتي الذي كان ذات يوم أغنى رجل في العالم) الذي لم يتمكن من التعافي من صدمة اختطافه في إيطاليا في السبعينيات عندما كان طفلا وغرق في دوامة من الإدمان تركته مشلولا حتى وفاته.

كذلك، رصدت أعراض ما بعد الصدمة أقل حدة بين رهائن سابقين، مثل الصعوبة في التركيز وفقدان الذاكرة ونوبات اكتئاب أو قلق وانسحاب من الحياة الاجتماعية.

لكن الضحايا يميلون رغم كل شيء إلى استعادة السيطرة على حياتهم، وبعض الرهائن السابقين، رغم التناقض الذي قد يبدو عليه الأمر، يكتسبون في نهاية المطاف تأثيرات إيجابية من تجربتهم على المستوى النفسي.

ما تفسير هذه الاختلافات؟

يواجه الأطباء النفسيون صعوبة في الإجابة ويقرون بأنه من الصعب معرفة مسبقا ما إذا كان أحد الرهائن أكثر عرضة من غيره للإصابة باضطرابات عقلية.

وفي العام 2009، أقر معدو دراسة حول هذا الموضوع في مجلة الجمعية الملكية البريطانية للطب بأنه "لم نحدد بشكل واضح العوامل التي تؤدي إلى تطورات سلبية بعد احتجاز رهائن".

لكن حددت بعض عوامل الخطر المحتملة: أن تكون الرهينة امرأة أو ذات مستوى تعليمي متدنٍّ أو العزل لفترة طويلة... لكن تلك الدراسة قديمة ويصعب الاعتماد عليها في وضع الخلاصات العلمية.

وأوضحت الدراسة أنه "لأسباب أخلاقية وعملية، لا سيما عندما يتعلق الأمر بأطفال، من الصعب متابعة الرهائن بعد إطلاق سراحهم"، مشيرة إلى خطر إحياء الصدمة من خلال إجراء مقابلات مع الرهائن السابقين "وبالتالي فإن البيانات الطبية والعلمية المتوافرة متواضعة نسبيا".

وتعتمد الكثير من الدراسات على سير ذاتية لرهائن سابقين، وهي وجهة نظر محدودة.

وهناك عنصر آخر يزيد من تعقيد عملية تعقب الآثار النفسية، وهو أن الاضطرابات قد تستغرق وقتا طويلا للظهور.

وتوضح الطبيبة النفسية كريستين روليير المتخصصة في اضطرابات ما بعد الصدمة "قد تظهر بعد سنة أو سنتين أو عشر سنوات، ولا يمكن توقعها على الإطلاق"، مشددة على ضرورة متابعة الرهينة على المستوى النفسي فور إطلاق سراحها.

وتؤكد ضرورة "السماح للشخص على الفور بالتحدث عما مر به. إنها طريقة لإعادة الأحداث الاستثنائية" التي نقلته لعالم مغاير، مضيفة أن "الهدف هو مرافقته في طريق العودة إلى عالم الأحياء".

يذكر أن حركة حماس شنت هجوما غير مسبوق على أراضي الدولة العبرية في السابع من تشرين الأول/أكتوبر، تم خلاله أخذ زهاء 240 شخصا رهائن، بحسب السلطات الإسرائيلية، ومقتل 1200 شخص غالبيتهم مدنيون قضى معظمهم في اليوم الأول، وفق المصدر نفسه. ومذاك تنفذ إسرائيل قصفا مدمرا على غزة أوقع 14854 قتيلا، حسب حماس.

فرانس24 / أ ف ب

المصدر: فرانس24

كلمات دلالية: الحرب بين حماس وإسرائيل الحرب في أوكرانيا ريبورتاج غزة إسرائيل الحرب بين حماس وإسرائيل النزاع الإسرائيلي الفلسطيني حماس فلسطينيون هدنة الصليب الأحمر صحة رهائن إسرائيل الحرب بين حماس وإسرائيل غزة النزاع الإسرائيلي الفلسطيني حماس الجزائر مصر المغرب السعودية تونس العراق الأردن لبنان تركيا ما بعد الصدمة

إقرأ أيضاً:

بين التجويع والإنكار: إسرائيل تصعّد تهديداتها وتنفي حدوث مجاعة في غزة

في ظل تصعيد إسرائيل العسكري وإنكارها وجود مجاعة في غزة، تواجه مئات آلاف الأسر أزمة غذائية وإنسانية حادة تؤكدها تقارير أممية ومنظمات حقوقية، بينما تتهم إسرائيل حركة حماس بسرقة المساعدات وتواصل حصار القطاع. اعلان

بينما يلفّ شبح الجوع قطاع غزة ويخنق سكانه في واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في التاريخ الحديث، اختار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو نفي الواقع بالكامل، واصفًا الحديث عن وجود مجاعة في القطاع بـأنها "كذبة وقحة"

وفي مؤتمر صحفي عقده أمس الأحد في القدس، رفض نتنياهو بشدة الاتهامات التي توجه لإسرائيل حول فرض سياسة تجويع على سكان غزة، واصفًا الحديث عن وجود مجاعة في القطاع بأنها "كذبة وقحة".

وقال نتنياهو: "يتم تصوير إسرائيل وكأنها تطبق سياسة تجويع على غزة. هذا افتراء وقح. لا توجد سياسة تجويع، ولا مجاعة في غزة."

وأكد أن إسرائيل فتحت ممرات إنسانية آمنة لإدخال المساعدات، قائلاً: "لقد سمحنا بدخول المساعدات الإنسانية طوال مدة الحرب، وإلا لما بقي أي شخص حي في غزة."

ولم يتوقف نتنياهو عند ذلك، حيث حمّل حماس مسؤولية سرقة هذه المساعدات الإنسانية، متهمًا الحركة بتضليل العالم قائلا: "المنع الحقيقي هو من جانب حماس، التي تسرق المساعدات وتستخدمها كذريعة لتوجيه الاتهامات لإسرائيل. على الأمم المتحدة التوقف عن الكذب، وعدم إيجاد الأعذار، والقيام بواجبها في إيصال المساعدات."

وكان نتنياهو قد أعلن عن فتح ممرات إنسانية جديدة، موجهًا رسالة صريحة للأمم المتحدة قائلاً: "لم يعد لديكم أعذار. توقفوا عن الكذب، وابدأوا بالعمل الحقيقي. إسرائيل ملتزمة بأهداف حربها، وسنواصل حتى تحرير الرهائن وتدمير القدرات العسكرية والإدارية لحماس."

Related غزة على حافة المجاعة: أطفال يموتون جوعًا وسط حصار مطبق وتحذيرات أمميةالمجاعة في غزة: وفاة رضيعة بسوء التغذية تُجسّد تفاقم الأزمة الإنسانية في القطاعإسرائيل تتنصل من مسؤوليتها عن المجاعة في غزة: حماس تفتعل أزمة غذاء في القطاع تهديدات من "بوابات الجحيم"

في مشهد موازٍ من التصعيد، أكد وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس أن بلاده ستشدد ضرباتها إذا لم تطلق حماس سراح الرهائن المحتجزين.

وقال كاتس: "إذا لم تطلق حماس سراح الرهائن، ستُفتح أبواب الجحيم في غزة. نحن نستخدم قوة كبيرة الآن، ولكننا سنفعل أكثر. سنهاجم كل ما يتعلق بحماس حتى يتم تحرير الرهائن."

تماهٍ أمريكي مع النفي الإسرائيلي

في تصريحات أدلى بها الأحد خلال لقاء مع رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين في أسكتلندا، قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب: "لا أعلم ما الذي سيحدث في غزة، وعلى إسرائيل أن تتخذ قرارها."

وأشار إلى أن حماس يجب أن تعيد المحتجزين، وأن بلاده قدمت 60 مليون دولار كمساعدات غذائية لغزة، وأضاف:

"لا أعتقد أن هناك مجاعة هناك، ربما هناك سوء تغذية، وحماس تسرق المساعدات."

تصريحات ترامب تتماهى مع الخطاب الإسرائيلي، في وقت تؤكد تقارير من الأمم المتحدة ومنظمات دولية أن أجزاءً من غزة باتت تعاني فعلاً من المجاعة.

المنظمات الإنسانية تُحمّل إسرائيل المسؤولية

على الرغم من هذه الإنكار والتصريحات السياسية، تؤكد تقارير الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة أن قطاع غزة يواجه أزمة غذائية طاحنة.

وتشير التقارير الأممية إلى أن دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة يواجه عراقيل متكررة، مع رفض إسرائيل لأغلب طلبات الدخول أو تأخيرها عند نقاط التفتيش.

وفيما تستمر السلطات الإسرائيلية في التأكيد على توفير "ممرات آمنة"، تؤكد منظمات الإغاثة أن الواقع مختلف تمامًا، مع استمرار الحصار والقيود على إيصال المساعدات إلى المحتاجين.

وتُحمل منظمات حقوقية وإنسانية الدولة العبرية المسؤولية المباشرة عن الوضع، مُعتبرةً ما يحدث "مجاعة من صنع الإنسان" نتيجة لـ "الحصار المتعمد'' و"استهداف المدنيين كوسيلة ضغط عسكري".

وتؤكد المنظمات أن استمرار الحصار وعرقلة دخول المساعدات سيؤدي إلى كارثة إنسانية يصعب تخيل حجمها، داعية المجتمع الدولي للضغط على إسرائيل لفتح المعابر وإنهاء معاناة السكان.

وتُظهر الصور ومقاطع الفيديو من غزة مشاهد مأساوية، حيث يُسقط الأطفال والنساء وكبار السن في الشوارع نتيجة الجوع الشديد، ويُعاني السكان من انعدام شبه كامل للغذاء وحرمان من الدواء والعلاج في ظل تدهور كامل في البنى الصحية.

انتقل إلى اختصارات الوصول شارك هذا المقال محادثة

مقالات مشابهة

  • وزير التراث الإسرائيلي يثير ضجة: "قضية الرهائن ليست أولوية"
  • نتنياهو: نواصل جهود "إعادة الرهائن" رغم رفض حماس
  • نتنياهو: نواصل جهود "إعادة الرهائن" رغم رفض حماس
  • القناة 13: جيش الاحتلال يعرض خطة للسيطرة على 90%-100% من غزة وسط مخاوف على حياة الرهائن
  • بين التجويع والإنكار: إسرائيل تصعّد تهديداتها وتنفي حدوث مجاعة في غزة
  • وزير مالية إسرائيل: ليس من الصواب اتخاذ قرارات سياسية بشأن هدنات غزة
  • بث مباشر.. الشاحنات المصرية تتحرك من معبر رفح نحو قطاع غزة محملة بالمساعدات الإنسانية
  • اسرائيل تطلق سراح بعض نشطاء "حنظلة".. ومؤشرات عن كون البقالي ضمن المفرج عنهم
  • ترامب: لا أعلم ماذا سيحدث في غزة وعلى إسرائيل "اتخاذ قرار"
  • ترامب: لا أعلم ماذا سيحدث في غزة وعلى إسرائيل "اتخاذ قرار"