28 نوفمبر، 2023
بغداد/المسلة الحدث: قال تحالف دولي لعلماء المناخ، في دراسة نشرت في دورية بايوساينس BioScience، إن العلامات الحيوية للأرض تدهورت بشكل غير مسبوق، لدرجة أن الحياة على الكوكب باتت معرضة للخطر.
والعلامات الحيوية للأرض مصطلح يستخدم لوصف المؤشرات البيئية الرئيسية التي توفر معلومات مهمة حول حالة كوكبنا وصحته.
وتم رصد ودراسة هذه العلامات الحيوية من قبل العلماء والمنظمات في جميع أنحاء العالم، لتقييم الحالة العامة للأرض وتتبع التغيرات والاتجاهات المتعلقة بالاستدامة البيئية وتغير المناخ.
وتضمنت العلامات التي تم رصدها في الدراسة الجديدة 35 علامة حيوية، من ضمنها درجة الحرارة ومستويات ثاني أكسيد الكربون ومستوى سطح البحر وكتلة الجليد وحموضة المحيطات وجودة الهواء والأنهار الجليدية علاوة على عدد السكان واستهلاك الموارد.
وقال الباحثون إن عدم اعتماد إجراءات تعالج المشكلة الجذرية، وهي أن البشر يأخذون من الأرض أكثر مما يستطيعون تعويضه، سيؤدي إلى الانهيار المحتمل للأنظمة الطبيعية والاجتماعية والاقتصادية، وعالم يعاني من حرارة لا تطاق ونقص في الغذاء والمياه العذبة.
ويشير التقرير المعنون بحالة المناخ لعام 2023: الدخول إلى منطقة مجهولة، إلى أن 20 من 35 علامة حيوية في الكوكب يستخدمها المؤلفون لتتبع تغير المناخ، وصلت إلى مستويات قياسية.
وشارك المؤلفون بيانات جديدة توضح أن العديد من الأرقام القياسية المتعلقة بالمناخ قد تم تحطيمها “بهامش هائل” في عام 2023، خاصة تلك المتعلقة بدرجات حرارة المحيطات والجليد البحري.
ويأتي التقرير بعد 4 سنوات من تحذير علماء العالم من حالة طوارئ مناخية، نشرته الدورية ذاتها، ووقع عليه أكثر من 15 ألف عالم في 161 دولة.
وتُظهر الاتجاهات الإحصائية أنماطاً مثيرة للقلق، من المتغيرات والكوارث المرتبطة بالمناخ. وقال الباحثون إنهم وجدوا “تقدماً ضئيلاً” يمكن الإبلاغ عنه فيما يتعلق بمكافحة تغير المناخ.
وقال التقرير إن حرائق الغابات في كندا نتج عنها انبعاثات تقدر بأكثر من 1 جيجا طن من ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، وهو أكبر من إجمالي انبعاثات الغازات الدفيئة في كندا لعام 2021 البالغة 0.67 جيجا طن.
وفي عام 2023 سجلت الكرة الأرضية 38 يوماً تجاوزت فيه متوسط درجات الحرارة العالمية أكثر من 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل عصر الصناعة.
كما تم تسجيل أعلى متوسط لدرجة حرارة سطح الأرض على الإطلاق في يوليو، وهناك سبب للاعتقاد بأنها أعلى درجة حرارة سطحية شهدها الكوكب خلال 100 ألف عام الماضية.
وقال العلماء إنهم يشعرون بقلق بالغ إزاء الزيادات المفاجئة في تواتر وشدة الكوارث المرتبطة بالمناخ”. وأكد التقرير أن تواتر وشدة تلك الكوارث “قد يفوق ارتفاع درجات الحرارة.
وبحلول نهاية القرن الـ21، قد يجد من 3 إلى 6 مليارات شخص أنفسهم خارج المناطق الصالحة للعيش على الأرض، مما يعني أنهم سيواجهون حرارة شديدة، ومحدودية توافر الغذاء، وارتفاع معدلات الوفيات.
ويقول المؤلفون إن هناك حاجة إلى سياسات تستهدف القضية الأساسية المتمثلة في “التجاوز البيئي”.
وعندما يكون الطلب البشري على موارد الأرض كبيراً للغاية، يؤدي ذلك إلى مجموعة من الأزمات البيئية، بما في ذلك تدهور التنوع البيولوجي.
ويشير العلماء إلى أنه طالما استمرت البشرية في ممارسة ضغوط شديدة على الكوكب، فإن أي استراتيجية تركز فقط على الكربون أو المناخ لن تحقق نجاحاً فعلياً.
ويحث المؤلفون على الانتقال إلى اقتصاد عالمي يعطي الأولوية لرفاهية الإنسان، ويحد من الاستهلاك المفرط والانبعاثات المفرطة من قبل الدول الغنية.
وشدد العلماء على أن جميع الإجراءات المتعلقة بالمناخ يجب أن ترتكز على الإنصاف والعدالة الاجتماعية، مشيرين إلى أن التأثيرات المناخية المتطرفة وغيرها من التأثيرات المناخية يشعر بها بشكل غير متناسب أفقر الناس، الذين ساهموا بأقل قدر في تغير المناخ.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لا يعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
المصدر: المسلة
إقرأ أيضاً:
المؤلفون الأوائل بين النقل والانتحال
بداية، لا أكتب هذا المقال تعريضًا بكتاب، أو تشهيرًا بأحد من المؤلفين، إنما أشير فقط إلى ملاحظات وقفت عليها، أثناء قراءتي لبعض الكتب التراثية العمانية، والوقوف على منهجها التأليفي، وإذا كنت مضطرًا إلى الحديث عن بعضها، فللاستشهاد بها فقط، كأنموذج لتلك المؤلفات، التي أكثر فيها مؤلفوها من النقل من كتب غيرهم، دون الإشارة إلى المصدر الأم، حد الانتحال في بعضها، ولعل عادة بعض المؤلفين الأوائل النقل من بعضهم، فيقتطعون صفحات من كتب مختلفة، يلحقونها بكتبهم، ويدبِّجون كتابًا «توْليفًا» وليس «تألِيفًا»، ولا يجدون في ذلك حرجًا ولا غضاضة، وليس في حسبانهم أنَّ فعل النقل هذا يصل بهم إلى الانتحال، وكل ما يقومون به إضافة كلمات رابطة بين تلك الفصول، ليبدو الكتاب في ظاهره تأليفًا كله، وفي الحقيقة ما هو إلا منحول أو منخول من كتب أخرى.
في زيارة للأستاذ المرحوم عبدالله بن سلطان المحروقي (ت: 2021م)، وهو من مثقفي مدينة سناو بالمضيبي، يوم أن كان يعمل في مكتب المستشار الخاص لجلالة السلطان للشؤون الدينية والتاريخية، مُشْرفًا على مشروع نشر الكتب وطباعة المخطوطات، التي كانت تصدر من مكتب المستشار، في ذلك اللقاء بمكتبه أواخر التسعينات، تحدث معي عن شيخ عُماني مشهور بإجادته العلوم الرُّوحانية، وأن له كتابًا في «علم الرَّمل»، وكان الأستاذ المحروقي في حديثه عنه، مشوب بإعجاب وتقدير لهذا المؤلف، وأنه متمكن من هذا العلم.
وحين رجعت إلى ذلك الكتاب، وجدت أنَّ المؤلِّف أبحر كثيرًا، في تقديم كتاب طبق الأصل، من كتاب «منبع أصول الرَّمل»، لمؤلفه المصري عبدالفتاح السيِّد الطوخي، حتى أنه نقل مقدمة الطوخي كلها، ولم يقم بأية إضافة، عدا أنه ذكر في تمهيده للكتاب هذا النص: (مما قاله العلامة الرَّباني الفقيه عامر بن علي بن مسعود العبَّادي النزوي العماني، المتوفى في النصف الثاني من القرن الثالث عشر الهجري، في كتابه ديوان «أنوار الأسْرار ومنار الأفكار»، وفيه منظومتان تشتملان على أصول علم الرَّمل)، فنقل منه المؤلف ما يوثق به حجته، أن العمانيين لهم في هذا العلم منظومات ومؤلفات.
بعد تلك الفقرة، يعود المؤلف إلى كتاب الطوخي، فينقله نقلًا كاملًا، بعناوين فصوله الفرعية، والعجيب أنه حين يأتي ذكر لاسم أحد المستشفيات المصرية في كتاب الطوخي، يبدله المؤلف العماني باسم مستشفى في عُمان، وفي الغالب يكون «مستشفى خولة» بمسقط هو الأقرب، لينتهي الكتاب المنحول عند جدول حرف الطاء، بعد أن بدأها هجائيًا من الألف حتى الطاء، وهو ذات الحرف الذي توقف عنده الطوخي في كتابه، ولم يضمنه «منظومة الهمزاني» المكونة من 419 بيتًا، التي ضمنها الطوخي في كتابه، ولم ينهه بخاتمة كما أنهى الطوخي كتابه، فنُشِر الكتاب على أنه من تأليف الشيخ العُماني كله، وفي الحقيقة هو ليس له، إنما نسخة منحولة من كتاب الطوخي، وبالتأكيد لم يكن ناشر الكتاب قد قصد إجازة كتاب منحول، وكذلك أحسن الظن بمؤلف الكتاب رحمه الله، أنه لم يقم بعمله هذا، إلا بعد أن طُلب منه تأليف كتاب في علم الرَّمل، ذاكرًا هذا الطلب في مقدمته، ما يعني أنه لم يؤلفه بدافع شخصي، إنما استجابة للواجب، وقدَّم كتابًا كما طُلِب منه، وهو ليس له في حقيقة مادته.
الحديث ذو شجون حول هذا الجانب، حتى أنها طالت مؤلفين كبار، لهم باع في التأليف، وأجدني مضطرًا إلى الحديث عن بعضهم، ولكن ليس من باب التشهير والتعريض، فهم في أعزِّ مكانة وأجلِّ قدرًا، وقد ينقل أحدهم فصلًا أو فصولًا، يضمنها كتابه، ولا يرى في ذلك انتحالًا، وهذا ما قام به الشيخ السلوكي ناصر بن أبي نبهان الخروصي (ت: 1262هـ/ 1847م) عليه رحمة الله، وهو أعز من أن ينتحل كتابًا ليس له، ناهيك أن له مؤلفات كثيرة بلغت ذروة من الإبداع في التأليف، لكنه وللأسف الشديد نقل فصولًا من كتب أخرى، في كتابه الأدبي المهم «فَلَكُ الأنْوار ومَحَكُّ الأشْعار»، الصادر عن وزارة التراث والثقافة عام 2020م، بتحقيق أ. د. عبدالمجيد بنْجلَّالي، ومحمد بن علي الهنائي، ومن مقدمة الكتاب، نفهم أن المُحقِّقَيْن بذلا جهدًا في تحقيقهما وترتيب أبواب الكتاب، وإرجاع أصل مادته إلى الكتب التي نقل منها المؤلف، يؤكد هذا النقل كاتب مقدمة التحقيق الدكتور بنْجلَّالي، مشيرًا إلى أنَّ النساخ عاثوا فسادًا في مخطوطة الكتاب، فلم يفرِّقوا في بعض الأحيان بين حديث نبوي شريف وقرآن كريم، أو نسبة شعر إلى غير قائله، أو قائل لشعر ليس له وإنما لغيره، وأشكال متنوعة من عبث النساخ، ظهرت في مخطوطة الكتاب.
يكتب بنْجلَّالي في تقديم تحقيقه لفلك الأنوار: أنَّ الكتاب (يكشف عن الرؤية النقدية للكاتب، غير أن هذه الرؤية لم يقدمها من خلال دراسة قام بها الكاتب من دراسات خاصة به، وإنما من خلال الآخرين، أي أنه قام بنقل ما كان يتصوره في مخيلته، عبر وسيط جاهز وجده في الكتب، وأن الباب الأول من الكتاب يقع في حدود 34 صفحة، فلا يشير الشيخ ناصر فيه إلى أي مصدر من المصادر التي نقل منها، فيما نقل بعد ذلك من كتاب «إيساغوجي» في علم المنطق، للمفضل بن عمر الأبهري، و«نَظْم متن إيساغوجي» لأبي الفتح المالكي، و«شَرْح نَظْم المَتْن إيساغوجي»، لم يذكر اسم الشارح، وإنما اكتفى بوصفه أحد المنطقيين فقط.
ونقل كذلك من كتاب «تلخيص المفتاح» للقزويني في علم البلاغة، ومن كتاب «المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر» لابن أثير الجزري، وغيرها من الكتب، يكتب المحقق في ذلك: (غير أن النقل من هذه الكتب، هو ما أتعبنا في التحقيق، لأن الخروصي يتنقل بين صفحات الكتب، التي ينقل عنها بطريقة غريبة، يأخذ ما يشاء، ويتصرَّف كيف يشاء، ويقفز على صفحات متى شاء، ويغيِّر في العبارات، ويضيف كلمات، ويحذف أخرى، إلى حد يتغيَّر معه المعنى تمامًا، وقد يعطي معنى عكسيًا)، ويضيف أيضًا: (ولكن يُحسَب للخروصي أنه جمع في كتابه ما يُعَدُّ دستورًا للنقاد والبلاغيين، في اختياره لمعايير يؤول إليها الناقد والبلاغي، ليزن به سُلَّم الرفعة في المنظوم والمنثور).
ومن حسن حظ هذا الكتاب، أن وقع بين يدي ناقد حصيف، استطاع أن ينخله ويضبط نصه، ويرجع كل نص لصاحبه، ليبدو الكتاب كما أراد له المؤلف، تحفة أدبية، تضاف إلى المكتبة العُمانية، وإلى قائمة مؤلفات العلَّامة السلوكي، والمكتبة العمانية مليئة بالمؤلفات، ولعلها مليئة بالكتب المنقولة عن كتب الآخرين، لذلك بلغت بعض المصنفات الفقهية عشرات الأجزاء، وفي بعضها نقْلٌ من كتب المؤلفين السابقين، فيخترم منه المؤلف ما يشاء، ويضيفه إلى كتابه الجديد ليكون باسمه، والمندوحة في ذلك هو نشر العلم.
إن تحقيق الكتب التراثية عملية مضنية، لا يكفي تصحيح مادتها لغويًا، والاشارة إلى عناوين المصادر القرآنية والحديثية والشعرية وغيرها، ولكن الالتفات بذكاء إلى أصل مَتْن الكتاب، فقد يكون نقلًا من كتب أخرى، دون الإشارة إليها، أو يشار إليها تلميحًا، بذكر اسم الكتاب المنقول عنه دون ذكر اسم المؤلف، أو اسم المؤلف دون ذكر اسم الكتاب، مع التأكيد والتركيز على العبث الذي قام به بعض النساخ في نسخهم للمخطوطات، حيث يغلطون كثيرًا في نسخ الكتب إلى حد التشويه.