عربي21:
2025-05-25@07:53:21 GMT

بكاءٌ على أطلالِ غزة

تاريخ النشر: 28th, November 2023 GMT

يقف الإنسان في هذه اللحظات الدقيقة التي تمر بها غزة، بعد أكثر من خمسين يوما على العدوان وأربعة أيام من الهدنة، بخشوع أمام جلال ما حدث في أسابيع العدوان الثقيلة وتصدي المقاومة له، والأيام التي أنجزت فيها المقاومة هدنة وصفقة تبادل للأسرى مع المحتجزين لديها في غزة.. نشهد لحظات ممزوجة بالألم عاشها الشعب الفلسطيني من فداحة العدوان الشامل على غزة، وبالفرح لتحرير أسيرات وأسرى فلسطين من سجون الاحتلال.



بالنسبة للفلسطينيين وللشارع العربي، كانت عملية طوفان الأقصى حدثا كاشفا بكل معنى الكلمة، فلقد أبانت ليس فقط استحالة قدرة إسرائيل على السيطرة كل الوقت عسكريا، بل وإمكانية التصدي لهذه الغطرسة والعنجهية لمن يريد أن يغادر فرضياته القديمة عن أسطرة العدو أمام جيوش أنظمة عربية انكشفت مهامها ووظائفها منذ اندلاع الثورات العربية وتفعيل هذه الجيوش في الثورات المضادة.

كانت عملية طوفان الأقصى حدثا كاشفا بكل معنى الكلمة، فلقد أبانت ليس فقط استحالة قدرة إسرائيل على السيطرة كل الوقت عسكريا، بل وإمكانية التصدي لهذه الغطرسة والعنجهية لمن يريد أن يغادر فرضياته القديمة عن أسطرة العدو أمام جيوش أنظمة عربية انكشفت مهامها ووظائفها منذ اندلاع الثورات العربية وتفعيل هذه الجيوش في الثورات المضادة
على أية حال، العدوان المستمر في مدن الضفة النازفة شهداء وجرحى ومعتقلين، من جنين شمالا إلى الخليل جنوبا مرورا بالقدس ونابلس وطولكرم وأريحا وبقية الأرض الفلسطينية، يشكل إلى جانب هذا المشهد الغزي صوره متكاملة ترك فيها العدوان أثرا كبيرا من الحطام والشهداء والجرحى، وكشف عن جرائم كبيرة عمد الاحتلال لارتكابها كعقاب جماعي لغزة تُضاف لجرائم كثيرة مصنفة بالقانون الدولي والانساني من جرائم الإبادة والحرب وضد الإنسانية إلى جريمة التطهير العرقي، وما كان لها أن تحدث بهذه الفظاعة لولا تخلي بعض النظام الرسمي العربي عن غزة وبطريقة مهينة ومذلة.

بمرارة المواقف العربية والدولية، تذوق الشعب الفلسطيني مُجددا مذاق الخديعة وكلفتها العالية جدا من دماء أبنائه. فكانت الهدنة لإدخال مساعدات قليلة بعد تدمير القطاع الصحي في غزة وكل القطاعات الحيوية التي تجعل حياة الفلسطينيين في غزة مستحيلة وأكثر قسوة، بعدما عجز المجتمع الدولي والنظام العربي عن مد يد العون لغزة، وبقي يتفرج عليها على مدار الساعة بمراقبة "فنون" جرائم الاحتلال الصهيوني في استهداف كل شيء مُحرم على الهواء مباشرة؛ في بث تلفزيوني لم يدفع بحمية العرب ولا بقوانين النفاق الدولي للتحرك العاجل لوقف العدوان.

علقم المواقف العربية من العدوان الصهيوني الشامل، وإعلان البعض بأعلى الصوت وقوفهم لجانب المحتل وتبني روايته المُبررة لوحشيته، ووقوف البعض الآخر درعا حاميا يصون حدود المحتل رغم تعاظم المذبحة، بقيت أصابع عربية تتحرك وتعبث في الخفاء والعلن ووجدت لها بعض الصدى في تل أبيب وواشنطن، فدفع الغزيون دمهم ثمنا لهذه المواقف؛ التي يبقى فيها موقف السلطة الفلسطينية هو الأبرز في مشهد الحدث الفلسطيني، في أسابيع العدوان وأيام الهدنة وتبادل الأسرى.

غاب الرئيس عن مشهد الترحيب بالأسرى أو احتضانهم، لكن ألسن فلسطينية رسمية ونخبوية لعلعت كثيرا في أسابيع العدوان رغم تعميم الرئيس لأعضاء السلطة الالتزام بالصمت وعدم التعليق على ما حدث في غزة " طوفان الأقصى"، ثم تطور الأمر الى أن نطق نبيل أبو ردينة، مستشار أبي مازن، في لقاء مع قناة "الحرة" التلفزيونية، أنه لا علاقة للسلطة بما يجري من مواجهة بين حماس وإسرائيل في غزة". وهو محق بذلك، فالسلطة لا علاقة لها بكل ما يجري على الأرض، لا في غزة ولا في مدن الضفة والقدس والداخل الفلسطيني المحتل عام 48، باستثناء ما بات معروفا لدى الشارع الفلسطيني عن عمل وفاعلية أجهزة الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية المنصبّة على قمع الشارع الفلسطيني، وملاحقة أي تحرك يشكل خطرا على الاحتلال أو يعيق مشاريعه.

بموازاة العدوان الشامل على غزة، يشن الاحتلال عدوانا واسعا على كل المدن الفلسطينية المحتلة بالضفة والقدس وبحصيلة شهداء مرتفعة أيضا، وكما كل جولة عدوان يكون فيها الغائب أمن السلطة الفلسطينية الذي يظهر عندما ينتهي الاحتلال من عدوانه، ويحاول أن يستعرض عضلاته على الشارع الفلسطيني.

انبرت بعض الألسنة والأبواق العربية والفلسطينية للتقليل من كل ما جرى، بالتركيز على جوانب الكلفة البشرية والمادية التي يدفع ثمنها الشعب الفلسطيني؛ ليس بسبب وحشية الاحتلال وطبيعته العنصرية والسادية الفاشية بالتعاطي مع الشعب الفلسطيني، بل لأسباب تتعلق بالطعن بالمقاومة، وتركيز الهجوم عليها، وبالعزف على وتر مشروخ لم ينته منذ الانقسام الفلسطيني مرورا بالثورات العربية وانتهاء بعملية طوفان الأقصى، فهناك محاولات بائسة للتقليل من شأن الإنجازات والابتعاد عنها ومحاصرتها وحتى لا تكون نموذجا
وبعد ما صنعته المقاومة في عملية "طوفان الأقصى" وبالمواجهة التي تخوضها في غزة، ثم إبرام صفقة التبادل، تغيب السلطة الفلسطينية عن المشهد المؤازر والمساند للأسرى الفلسطينيين، ولتفادي إنجاز حركة المقاومة "حماس" للصفقة انبرت بعض الألسنة والأبواق العربية والفلسطينية للتقليل من كل ما جرى، بالتركيز على جوانب الكلفة البشرية والمادية التي يدفع ثمنها الشعب الفلسطيني؛ ليس بسبب وحشية الاحتلال وطبيعته العنصرية والسادية الفاشية بالتعاطي مع الشعب الفلسطيني، بل لأسباب تتعلق بالطعن بالمقاومة، وتركيز الهجوم عليها، وبالعزف على وتر مشروخ لم ينته منذ الانقسام الفلسطيني مرورا بالثورات العربية وانتهاء بعملية طوفان الأقصى، فهناك محاولات بائسة للتقليل من شأن الإنجازات والابتعاد عنها ومحاصرتها وحتى لا تكون نموذجا وقدوة في الساحة الفلسطينية والعربية.

أخيرا، من قال إن غزة والمقاومة والشعب الفلسطيني كله، سينجز نصرا عسكريا على إسرائيل وعلى الولايات المتحدة؟ ونعتقد أنه لا تدور في خلد الفلسطينيين أوهام من هذا النوع، بقدر ما يسعى الضحايا الفلسطينيون لتحقيق انتصار سياسي ومعنوي وأخلاقي وتاريخي يؤشر لتفكيك المشروع الاستعماري على أرض فلسطين في ظروف معينة، وهذه طبيعة الثورات والشعوب الخاضعة للاحتلال، ولإنجاز كثير أو قليل من ذلك، الشعب الفلسطيني بحاجة ماسة اليوم بعد أيام الهدنة وصفقة التبادل مع الاحتلال؛ لوضع أسس وقواعد تمكنه من بحث ومناقشة أو معالجة الإخفاق الكبير في عملية السلام لعقود ثلاثة ماضية، أسس تراعي حقيقة شرعية الحقوق الفلسطينية، لأن أي مسعى عربي أو دولي يحاول أن يتجاوز عدالة الحقوق الفلسطينية مصيره الفشل، وكل تخل عربي وفلسطيني رسمي عن أوراق المقاومة الرابحة من يديه ستكون أثمانه باهظة بغير البكاء على أطلال غزة. وقد ذرفت السلطة الفلسطينية بتجربة العملية السلمية دموعا كثيرة على دولة لم تولد وعلى قدسٍ تتهود وأرض تُسرق وشعب يقتل، وهي تحصي فقط تزايد عداد المستوطنين بعد تخليها عن كل ورقة رابحة ليس آخرها الدفاع عن المقاومة، أو عدم الابتهاج بتحرير أسراها والخضوع لتهديد بن غفير والبكاء فقط على أطلال غزة.

twitter.com/nizar_sahli

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة المقاومة الفلسطيني اسرى فلسطين محمود عباس غزة المقاومة مقالات مقالات مقالات مقالات رياضة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة عملیة طوفان الأقصى السلطة الفلسطینیة الشعب الفلسطینی الثورات العربیة للتقلیل من فی غزة

إقرأ أيضاً:

اليمنيون يجددون العهد بالوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني حتى النصر

الثورة نت/ ماهر الخولاني

انتصاراً لمظلومية الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، ورفضاً لجريمة الإبادة الجماعية والتجويع في غزة، خرج الشعب اليمني بمسيرات مليونية غاضبة ومستنفرة تأكيدا على ثبات موقفه المساند للأشقاء في فلسطين، وتأييده لعمليات القوات المسلحة المستمرة ضد الكيان الصهيوني المجرم.

وفي اليوم اليمني المشهود، احتشدت الجماهير المليونية في ميادين وساحات العزة والكرامة والحرية والجهاد في العاصمة صنعاء ومختلف المحافظات، حاملة رايات النصر والثبات مع غزة، معبرة عن غضبها العارم إزاء الإجرام الصهيوني المتصاعد بحق الأشقاء في فلسطين.

خرجت الحشود اليمنية، لتؤكد للعالم الأصم والأعمى، بأن شعب الإيمان والحكمة لن يترك الشعب الفلسطيني وحده مهما تخاذل المتخاذلون، وتواطأ الخونة والمطبعين، وأنه سيمضي قدماً بعزيمة إيمانية لا تنكسر، لمواجهة تصعيد العدو الصهيوني، ونصرة غزة وفلسطين بكل الوسائل والخيارات مهما بلغت التحديات.

“يا غزة لستم وحدكم، ويا فلسطين معكم كل اليمنيين”، بهذه العبارات رفعت الحشود صوتها عاليا لتسمع العالم موقفها المشرف، والمجسد للهوية الإيمانية اليمنية، والارتباط التاريخي والجهادي مع الشعب والقضية الفلسطينية، مجددة الوفاء والعهد والثبات في جبهة الإسناد لغزة وفلسطين حتى النصر.

كما صدحت الحشود الجماهيرية عزة وشموخاً، معبرة عن صدق الانتماء والوفاء المتجدد لقضية الأمة الأولى فلسطين.

الخروج المهيب في العاصمة والمحافظات، أعلن التأييد والمباركة للعمليات البطولية المتصاعدة التي تنفذها القوات المسلحة اليمنية ضد الأهداف الحيوية للعدو الصهيوني في عمق الأراضي المحتلة، وما تفرضه من حظر بحري وجوي على المطارات والموانئ الإسرائيلية.

وبكل فخر واعتزاز، أعلنت الحشود دعمها الكامل لكل خيارات القوات المسلحة، والوقوف إلى جانبها في “معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس”، لردع غطرسة العدو الإسرائيلي حتى إيقاف عدوانه على غزة ورفع الحصار عنها.

وجددت الحشود، العهد والولاء لقائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي، والتأكيد على أن الشعب اليمني على أهبة الاستعداد والجهوزية لتنفيذ كل الخيارات الكفيلة بمواجهة تصعيد العدو الصهيوني، وإفشال المؤامرات والمخططات الإجرامية التي تستهدف اليمن ومقدراته، والتصدي لكل الخونة والعملاء.

بهذه المواقف الإيمانية يخوض الشعب اليمني أقدس المعارك وأشرفها دعماً ومساندة للمظلومين في غزة الذين يتعرضون لإبادة جماعية وتجويع من قبل العدو الصهيوني، وجرائم لم يسبق لها مثيل على مر التاريخ.

جسدت الحشود التي تدفقت من كل حدب وصوب نحو ميادين الحرية والإباء، رافعة العلمين اليمني والفلسطيني، قوة حضور ورسوخ فلسطين في وجدان الشعب اليمني، مجددة التأكيد على الاستمرار في النفير العام والتعبئة وتعزيز الجاهزية لمواجهة العدو الصهيوني.

مثلت المسيرات المليونية، لوحة مشرقة لشعب الإيمان والحكمة، الذي وقف بكل قوة إلى جانب المظلومين والمستضعفين في فلسطين والدفاع عن مقدسات وقضايا الأمة، رغم معاناته المستمرة بعد عشر سنوات من العدوان والحصار، إلا أن ذلك لم يمنعه من القيام بواجبه الإيماني والإنساني والأخلاقي تجاه فلسطين، باعتبارها القضية الأولى لكل أحرار الأمة والعالم.

بلا منافس يستمر الشعب اليمني بحضوره المهيب والأكبر، في تصدر الشعوب على مستوى المنطقة والعالم في نصرة ومساندة غزة، والوقوف بصلابة وشجاعة منقطعة النظير في مواجهة العدو الصهيوني.

مقالات مشابهة

  • تظاهرات في مدن وعواصم عالمية تنديدا باستمرار العدوان على قطاع غزة
  • البرلمان اليمني يثمن مواقف البرلمانين الإسباني والبريطاني تجاه العدوان على الشعب الفلسطيني
  • الهيئة النسائية في حجة تنظم وقفات تضامنية مع الشعب الفلسطيني
  • مجلس النواب يثمن مواقف البرلمانين الإسباني والبريطاني تجاه العدوان على الشعب الفلسطيني
  • “لجان المقاومة”في فلسطين : التجويع الصهيوني جريمة حرب مكتملة الأركان
  • لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني تعلن الاتفاق على إطلاق مسار تسليم سلاح الفصائل الفلسطينية
  • اليمنيون يجددون العهد بالوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني حتى النصر
  • المجلس الوطني الفلسطيني: عدوان المستوطنين على شعبنا يهدف إلى اقتلاع وجودنا
  • الرئيس الفلسطيني يؤكد ضرورة وقف العدوان الإسرائيلي وإدخال المساعدات لقطاع غزة
  • المقاومة الفلسطينية تؤكد : استمرار الضربات الصاروخية اليمنية تفتح جبهة جديدة مباشرة تربك حسابات العدو (تفاصيل)