قطر: نبذل جهودا حثيثة لتمديد الهدنة الإنسانية في غزة خلال الـ 48 ساعة المقبلة
تاريخ النشر: 29th, November 2023 GMT
قالت وزارة الخارجية القطرية، إن الدوحة تبذل جهودا حثيثة لتمديد الهدنة الإنسانية في قطاع غزة خلال الـ 48 ساعة المقبلة.
وأضافت الوزارة، في بيان، أنه سيتم الإفراج عن 20 رهينة من المحتجزين الإسرائيليين، مشيرة إلى أن تمديد الهدنة في غزة ليومين إضافيين جاء بذات الشروط السابقة مع الاتفاق على الإفراج عما لا يقل عن 10 رهائن إسرائيليين يوميا.
ونوهت بأن جهود الوساطة التي تعمل من خلالها قطر تستهدف الوصول إلى وقف دائم لإطلاق النار، لا سيما أن التمديد الذي تم التوصل إليه بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي جاء بناء على ملحق الاتفاقية الذي يشير إلى تمديد هذه الأيام بناء على التزام حركة حماس بالإفراج عن 10 رهائن كل يوم إضافي في الهدنة.
المتحدث الرسمي لوزارة الخارجية @majedalansari : قطر تبذل جهودا حثيثة لتمديد الهدنة الإنسانية في غزة خلال الـ 48 ساعة المقبلة
????لقراءة المزيد : https://t.co/9jar8BvSLc#الخارجية_القطرية pic.twitter.com/GmR42RiLRF
المصدر: صحيفة عاجل
كلمات دلالية: قطر
إقرأ أيضاً:
بعد شهرين من الهدنة.. شُح المساعدات يغرق الغزيين بالجوع والمرض والبرد
غزة- «عُمان»- بهاء طباسي:
بعد مرور أكثر من شهرين على توقيع اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، لا تزال المساعدات الإنسانية التي تدخل القطاع أقل بكثير من مستوى الاحتياجات الفعلية لسكان أنهكتهم الحرب والجوع والمرض. ورغم التعهدات الدولية بزيادة تدفق الإغاثة عقب الاتفاق، فإن الواقع الميداني يشير إلى استمرار القيود الإسرائيلية على معظم المواد الحيوية، ما يجعل تدفق الشاحنات غير قادر على تغطية الحد الأدنى من الاحتياجات الأساسية.
ويؤكد مسؤولون وناشطون إنسانيون أن إسرائيل تتحكم في نوعية وكميات ما يدخل إلى غزة بشكل غير مسبوق، إذ تسمح بمرور شاحنات تحمل في معظمها كماليات للقطاع التجاري، بينما تمنع دخول سلع غذائية وأدوية ومواد أساسية يحتاجها أكثر من مليوني مواطن في القطاع. ويأتي ذلك في وقت تعاني فيه الأسر من نقص كبير في الغذاء الصحي، مع غياب اللحوم والأسماك والبيض عن سلال المساعدات، وارتفاع أسعارها بشكل فاحش في الأسواق التجارية التي يصل بعضها مهربًا بأسعار «لا يقوى عليها المواطن الغزي».
وتتفاقم الأزمة الإنسانية مع استمرار منع إدخال غاز الطهي بالقدر الكافي، ما يدفع آلاف الأسر إلى الطهي على الحطب وسط ظروف مناخية باردة. ويأتي ذلك بالتزامن مع تصاعد أزمة انقطاع الدواء والمستهلكات الطبية بشكل خطير يهدد بانهيار المنظومة الصحية.
وفي خلفية المشهد، لا يزال الغزيون يتحدثون بمرارة عن دور مؤسسة «غزة الإنسانية» الأمريكية المدعومة من الاحتلال، والتي أعلنت إنهاء عملها هذا الأسبوع بعد اتهامات واسعة بضلوعها في استدراج الجائعين إلى «مصائد موت» أسفرت عن آلاف الشهداء والمصابين. وبينما طُويت صفحة المؤسسة المثيرة للجدل، وجد السكان أنفسهم أمام مأساة يومية جديدة تتمثل في نقص الغذاء والدواء وغاز الطهي.
قيود مُشددة
لا تزال إسرائيل تمنع دخول عدد كبير من المواد إلى قطاع غزة بحجة الاستخدام «المزدوج»، رغم تنفيذ وقف إطلاق النار منذ نحو شهرين، ورغم التأكيدات الدولية على ضرورة إدخال مساعدات كافية. وتُظهر متابعة منظمات إنسانية عاملة في القطاع أن قائمة المحظورات تشمل الخيام ذات الأعمدة المعدنية، وأجهزة التعقيم الكبيرة الخاصة بالأدوات الجراحية، وقطع غيار شاحنات الصهاريج، وأغطية الصوبات البلاستيكية، ومحاقن التطعيم، إضافة إلى بذور البطاطس.
ووفقًا لصحيفة «لوموند» الفرنسية، فإن أن إدخال المساعدات ما زال يخضع لقيود كبيرة، ليس فقط لأن الكميات غير كافية، بل لأن إسرائيل تواصل منع دخول مواد تعتبرها «إشكالية»، دون إعلان رسمي عن تلك المحظورات من قبل وحدة تنسيق الأنشطة المدنية للجيش الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة والمعروفة اختصارًا بـ«كوغات». ويصف العاملون في المجال الإنساني هذا التصنيف بأنه «فضفاض وتعسفي»، ويهدف لإطالة الأزمة الإنسانية وزيادة الضغط على السكان.
وترى الجهات الإنسانية أن استمرار منع هذه المواد يعيق قدرة المستشفيات والمزارعين وفرق الطوارئ على العمل، إذ لا يمكن تقديم خدمات علاجية أو تشغيل بعض الأقسام دون أجهزة التعقيم أو المستهلكات الطبية، كما لا تستطيع آلاف العائلات ترميم خيامها الممزقة في ظل غياب الأعمدة المعدنية والأغطية.
وتؤكد أن هذه القيود تؤثر مباشرة على حياة المدنيين، وتحرمهم من أساسيات الحياة اليومية، في وقت يشتد فيه البرد وتزداد الأمراض.
صرخة الخيام
تقول المواطنة «سناء بركات» (42 عامًا)، وهي نازحة في مخيم الزهراء، شمال قطاع غزة، إن أسرتها تعيش منذ أسابيع داخل خيمة مهترئة لا يمكن ترميمها بسبب منع الاحتلال إدخال الأعمدة المعدنية. وتضيف: «الخيمة تكاد تسقط فوق رؤوسنا كل يوم، والمطر يغمر أغطيتنا.. طلبنا أعمدة جديدة من الجمعيات فلم يكن لديهم شيء، وكل ما يصل للناس مجرد أغطية لا تصمد أمام الرياح».
وتشير بركات إلى أنها فقدت أدوات الطهي بعد تعرض خيمتها لحريق صغير ناتج عن الموقد البدائي الذي تستخدمه، موضحة أن أجهزة الطهي البسيطة ممنوعة من الدخول كذلك، مما يدفعها إلى الاعتماد على الحطب في كل وجبة. وتقول لـ«عُمان»: «حتى محاقن التطعيم ممنوعة.. ابني الصغير لم يحصل على جرعاته منذ شهور، وكل شيء يتأخر بسبب هذه القيود الظالمة».
وتختم: «كل يوم نعيش على أمل أن يُرفع هذا الحصار عن المواد الأساسية.. لكن إسرائيل ما زالت تتصرف وكأن وقف إطلاق النار لم يبدأ».
مساعدات لا تكفي
وفق بيان للحكومة الفلسطينية في رام الله صدر في 3 ديسمبر، بلغ متوسط الشاحنات التي دخلت قطاع غزة خلال الأسابيع الماضية نحو 287 شاحنة يوميًا فقط، في حين يحتاج القطاع إلى 1000 شاحنة يوميًا لتلبية الحد الأدنى من الاحتياجات الإنسانية. ومنذ 1 أكتوبر وحتى 29 نوفمبر، دخل 17,259 شاحنة عبر معابر كرم أبو سالم وزيكيم وكيسوفيم، بعد انقطاع طويل.
لكن البيان يؤكد أن 41% من هذه الشاحنات هي لصالح القطاع التجاري، وتحمل في معظمها كماليات، وليست موادًا غذائية أو إغاثية أساسية، ما يعني أن الكمية الفعلية التي تصل إلى الأسر أقل بكثير من المطلوب، وأن فجوة الاحتياج تتسع يومًا بعد يوم.
وحذر البيان من استمرار الانخفاض الحاد في الغذاء والمياه والدواء ومواد الإيواء، معتبرًا أن العائلات تواجه «اختبارات قاسية للصمود أمام البرد والجوع والمرض»، في ظل غياب بيئة آمنة ومفتوحة تسمح للمؤسسات الإنسانية بالعمل. وطالب المجتمع الدولي بفتح جميع المعابر دون قيود، والسماح بإدخال المساعدات بصورة منتظمة وكافية.
وتشير منظمات إنسانية إلى أن هذا الانخفاض ينعكس مباشرة على نوعية الطعام المتوفر، إذ لا يدخل القطاع اللحوم ولا الأسماك ولا البيض، وهي مواد أساسية للمرضى، بينما تُباع كميات قليلة منها في الأسواق بأسعار باهظة بعد دخولها مهربة عبر المعابر التجارية.
أطعمة هزيلة
يقول «رامي الأشقر» (34 عامًا)، وهو أب لخمسة أطفال، إن أسرته لم تتذوق اللحوم منذ أكثر من شهرين، وإنه يعتمد في غذائه على المعلبات والعدس والطحين فقط. ويوضح: «لا تدخل مساعدات فيها بروتين.. لا بيض ولا سمك ولا دجاج. حتى إذا دخل شيء بسيط يذهب للتجار ويباع بأسعار خيالية.. البيضة الواحدة وصلت 7 شواكل».
ويشير الأشقر إلى أنه حاول شراء كيلو دجاج من السوق ففوجئ بسعره الذي تجاوز 80 شيكلًا، وهو ما يفوق قدرته. ويقول لـ«عُمان»: «ابني مريض يحتاج بروتين يومي، لكننا لا نجد شيئًا.. المساعدات لا تكفي ولا تسد رمق الناس». ويضيف أن الطوابير على المراكز الإنسانية طويلة، وأن ما يصل غالبًا مجرد كيس دقيق أو معلبات.
ويختم بالقول: «غزة اليوم تعيش على الفتات.. وإذا لم تتدخل الأمم المتحدة بشكل جدي، فإن آلاف الأطفال سيواجهون أمراضًا خطيرة نتيجة سوء التغذية».
الكرفانات الغائبة
في هذا الصدد، أكد الناطق باسم حركة حماس حازم قاسم أن الشاحنات التي تدخل القطاع «لا تلبي إطلاقًا الحد الأدنى من الاحتياجات الأساسية للسكان»، مشيرًا إلى أن معظم ما يسمح الاحتلال بإدخاله «ليس ضروريًا» في ظل الكارثة الإنسانية. وقال إن المطلوب هو إدخال مواد إغاثية أساسية وبكميات كبيرة تتناسب مع حجم الأزمة التي يعيشها أكثر من مليوني إنسان.
وأوضح قاسم لـ«عُمان» أن اتفاق وقف إطلاق النار يتضمن إدخال البيوت المتنقلة «الكرفانات»، وتم التأكيد على ذلك في اتفاق شرم الشيخ، إلا أن إسرائيل لم تلتزم به، مما أدى إلى غرق عشرات الخيام خلال المنخفضات الجوية الأخيرة، وتسرب المياه إلى مراكز الإيواء. وأكد ضرورة التحرك الجاد من الوسطاء والدول المعنية لإنقاذ المدنيين قبل وصول موجات برد جديدة.
وتشير المتابعات الميدانية لـ«عُمان»، إلى أن نقص مواد الإغاثة ومحدودية القدرة على التنقل بسبب الدمار الواسع يزيدان من معاناة السكان، في وقت يتسع فيه انتشار الأمراض المرتبطة بالرطوبة والبرد مثل نزلات البرد والالتهابات الرئوية والفطر الجلدي والإسهالات المعوية. وتخشى الجهات الصحية من أن يؤدي تأخر إدخال الكرفانات إلى زيادة الوفيات بين كبار السن والأطفال.
وفي المخيمات، يعيش السكان في بيئة غير صالحة للسكن، إذ تسببت الأمطار في إتلاف الخيام ونقل عشرات العائلات إلى مناطق أخرى، وسط عجز كبير في مواد الإيواء.
خيام غارقة
تقول «مها عوض» (29 عامًا)، وهي نازحة مع عائلتها في خيام قرب مواصي خان يونس، إنها فقدت خيمتها بالكامل خلال المنخفض الأخير، واضطرت للنوم مع أطفالها في العراء تحت الأمطار. وتضيف: «لم نحصل على كرفان رغم الوعود.. كل ما وصلنا هو خيمة رقيقة لا تحمي من المطر».
وتتابع لـ«عُمان» أن المياه غمرت المكان لعدة أيام، ولم تتمكن من إشعال الحطب للطهي بسبب شدة الرياح. توضح: «كل ما يسمح الاحتلال بإدخاله لا يعنينا.. نحن نريد مأوى ودواء وغذاء فقط». وتؤكد أن الأطفال يعانون من أمراض جلدية ونزلات برد حادة، وأن المراكز الطبية القريبة لا تمتلك الدواء الكافي.
وتوضح: «إذا جاء منخفض جديد قبل إدخال الكارافانات، فإن كثيرًا من العائلات لن تصمد».
دواء مفقود
في سياق متصل، أعلنت وزارة الصحة في غزة، أن مخزون الدواء والمستهلكات الطبية وصل إلى مستويات «كارثية»، إذ أصبحت 52% من قائمة الأدوية الأساسية، و71% من المستهلكات الطبية، و70% من المستلزمات المخبرية بلا مخزون نهائي. ويأتي ذلك في وقت تتزايد فيه أعداد الجرحى والمرضى، وخاصة في أقسام العناية المركزة والعمليات والسرطان وأمراض الدم.
وحذرت الوزارة من أن أقسام جراحة العظام وغسيل الكلى والعيون والجراحة العامة تواجه «تحديات كارثية» تهدد بوقف العمل فيها، فيما تطالب الجهات الدولية بتعزيز الإمدادات الطبية بصورة عاجلة لمنع انهيار منظومة الصحة في القطاع. وتقول الطواقم الطبية إن العمل يتم اليوم بوسائل بدائية، وإن كثيرًا من العمليات يتم تأجيلها لغياب المستلزمات الأساسية.
وتشير شهادات المرضى لـ«عُمان» إلى أن بعضهم توقف علاجه تمامًا، مثل مرضى السرطان الذين لم يتلقوا جرعاتهم منذ أسابيع، ومرضى الكلى الذين تقلصت جلساتهم إلى النصف. ويؤكد الأطباء أن استمرار النقص سيؤدي إلى مضاعفات خطيرة خلال أيام قليلة.
وفي المستشفيات، تحولت الممرات إلى غرف للعلاج بسبب الاكتظاظ، بينما تعمل المولدات الكهربائية بأقل طاقة ممكنة للحفاظ على الوقود.
وجع المرضى
تقول «هالة شهاب» (50 عامًا)، وهي مريضة سرطان من مدينة غزة، إنها لم تتلق جرعتها العلاجية منذ شهر ونصف. وتضيف: «المشفى أخبرني أن الدواء غير متوفر.. كل يوم أنتظر اتصالًا يخبرني بوصول الكمية، لكن لا شيء يدخل». وتشير لـ«عُمان» إلى أن الطبيب حذرها من أن توقف الجرعات سيؤدي إلى تدهور سريع في حالتها.
وتروي شهاب أنها شاهدت العشرات من المرضى ينتظرون في طابور طويل، بعضهم عاد إلى منزله دون علاج. وتقول: «حتى المسكنات نفدت.. لم يعد لدينا شيء». وتصف الوضع في المستشفى بأنه «مرعب»، إذ يعمل الأطباء تحت ضغط شديد، والممرضات يعتذرن للمرضى لعدم وجود المستلزمات.
وتُبين والدموع تنساب من عينيها: «نحن نموت ببطء.. وإذا لم تصل الأدوية خلال أيام، فإن الكارثة ستصبح أكبر».
تفاقم أزمة غاز الطهي
وعلى جانب آخر، تفاقمت أزمة غاز الطهي، إذ كشف المكتب الإعلامي الحكومي في غزة أن الاحتلال سمح بدخول 104 شاحنات فقط من غاز الطهي منذ وقف إطلاق النار وحتى 6 ديسمبر، من أصل 660 شاحنة مقررة، أي بنسبة 16% فقط. ويعاني أكثر من مليوني شخص من نقص حاد في الغاز، مما يؤثر على المنازل والمستشفيات والمخابز والمطابخ الجماعية.
وبحسب بيان لمكتب الإعلام الحكومي، تبلغ حصة الأسرة الواحدة 8 كيلوغرامات فقط في كل دورة توزيع، ولا يسمح بالاستفادة إلا مرة واحدة. وحتى الآن حصلت 252 ألف أسرة فقط على حصتها من أصل 470 ألف أسرة مستهدفة. ووفقًا لما رصدته جريدة الأيام، فإن الطهي على الحطب أصبح الخيار الوحيد أمام آلاف العائلات، رغم مخاطره الصحية والبيئية.
وتضررت المخابز بشكل كبير كذلك، إذ تعمل بنصف طاقتها تقريبًا، وتعتمد على الحطب والأفران الطينية في بعض الأحيان لتوفير الخبز للنازحين.
الطبخ على الحطب
يقول «أبو طه النجار» (58 عامًا)، من مخيم جباليا، إن أسرته تعتمد منذ شهر على الطهي بالحطب بعد نفاد الغاز من منزله. ويضيف: «الحطب يحتاج وقتًا وجهدًا.. نخرج كل صباح للبحث عن بقايا خشب. أحيانًا نحرق الكرتون والبلاستيك رغم خطورته». ويشير إلى أن ذلك تسبب في مرض حفيده الذي يعاني من ضيق شديد في التنفس.
ويضيف لـ«عُمان» النجار أنهم اصطفوا 7 ساعات أمام مركز توزيع الغاز ولم يحصلوا على شيء بسبب الكميات المحدودة. ويوضح: «الحياة أصبحت صعبة جدًا.. لا دواء ولا غذاء ولا غاز». ويؤكد أن الطهي أصبح مهمة مرهقة خاصة في ظل البرد القارس.
ملف « GHF» الأسود
إلى ذلك، أعلنت مؤسسة «غزة الإنسانية» الأمريكية المدعومة من الاحتلال، مطلع شهر ديسمبر الحالي، إنهاء عملها في القطاع، بعدما ادّعت أنها قدمت أكثر من 187 مليون وجبة للنازحين في غزة منذ مايو الماضي، ووصفت عملها بأنه «مهمة إنسانية ناجحة». لكن الإعلان أثار موجة غضب واسعة، إذ تعارضت رواية المؤسسة مع شهادات مدنيين ومنظمات حقوقية اتهمتها بالضلوع في استدراج الجائعين إلى مناطق مكشوفة تعرضوا فيها للقنص والاعتقال والإذلال.
وتشير الإحصاءات الحكومية إلى استشهاد 2615 مدنيًا خلال عمليات البحث عن المساعدات، بينهم 1213 سقطوا بنيران قناصة الاحتلال ضمن عمليات استدراج ممنهجة ارتبطت بنشاط المؤسسة. وانتشر وسم «مصيدة الموت» على منصات التواصل، وسط مطالبات بفتح تحقيق دولي وكشف حقيقة الدور الذي لعبته المؤسسة، التي يقول سكان إنها عملت بطريقة «مغلقة وغامضة» وساهمت في الفوضى وارتفاع الأسعار.
ويؤكد أمجد الشوا، مدير شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية، أن المؤسسة غادرت غزة محمّلة بملف أسود، بعدما أصبحت رمزًا للعنف الذي رافق مراحل توزيع المساعدات خلال الحرب، وتركت خلفها مشاهد مأساوية لأطفال وشباب قُتلوا أثناء محاولتهم الحصول على الطعام.
«نريد منظمات الأمم المتحدة»
وتأتي مغادرة المؤسسة في وقت يطالب فيه الغزيون بالسماح للمنظمات الإنسانية التابعة للأمم المتحدة، ووكالة «الأونروا»، والمنظمات الدولية الأخرى، بالعمل بحرية داخل القطاع دون قيود، وتمكينها من إدخال ما تحتاجه من مساعدات غذائية وطبية ومواد إيواء دون تعطيل أو منع. ويؤكد السكان أن الحل الحقيقي يبدأ بإتاحة المجال لهذه المؤسسات للعمل وفق معايير العمل الإنساني الدولية، بعيدًا عن أي تدخل أو شروط سياسية، بما يضمن وصول المساعدة إلى مستحقيها بطريقة آمنة ومنتظمة.
يقول «سامر النداوي» (37 عامًا) من حي الشجاعية، إنه فقد شقيقه أثناء توجهه للحصول على مساعدات من نقطة توزيع تابعة لمؤسسة «غزة الإنسانية» في منطقة زيكيم، شمال قطاع غزة. ويوضح: «قالوا لنا إنها توزع الطعام، لكن المكان كان مكشوفًا.. فجأة بدأ إطلاق النار.. سقط أخي أمامي». ويشير لـ«عُمان» إلى أن عشرات الشبان كانوا يصرخون ويحاولون الهرب في مشهد وصفه بأنه «مصيدة موت».
ويضيف أن الجنود اعتقلوا عددًا من الشبان بعد استدراجهم للموقع، وأن بعضهم تعرض للتعذيب قبل الإفراج عنه. ويوضح: «لم تكن مؤسسة إنسانية.. كانت فخًا». ويؤكد أن قرار مغادرة المؤسسة لم يمحُ الذاكرة المؤلمة لدى الأهالي الذين فقدوا أبناءهم.
ويختم: «هربوا بجرائمهم، وجودهم كان مثل عدمه، فاقموا أزمة الجوع عوضًا عن حلها. نطالب فقط بالسماح للمنظمات الإنسانية الحقيقية بالدخول والعمل دون منع أو ابتزاز».