أسوأ كارثة تعدين في العالم!
تاريخ النشر: 14th, December 2025 GMT
إنجلترا – في 12 ديسمبر عام 1866، شهد منجم أوكس للفحم الواقع في بارنسلي بمقاطعة يوركشاير الإنجليزية، بالقرب من ستيرفوت، سلسلة انفجارات مروعة شكلت نقطة مظلمة في تاريخ التعدين البريطاني.
في الساعة الواحدة وعشرين دقيقة بعد الظهر، وقبل أقل من ساعة على انتهاء المناوبة، هز انفجار هائل أرجاء المنجم، لتبدأ واحدة من أفظع الكوارث التي عرفتها صناعة الفحم.
في العمود رقم واحد، تسبب الانفجار في إتلاف محرك اللف وكسر قفص المصعد وفصله عن الكابل الحديدي، بينما في الحفرة رقم اثنين، انفجر القفص واصطدم بغطاء الرأس ما أدى إلى كسر الوصلة تماما.
بعد قرابة خمس دقائق من الذعر، استؤنفت عمليات التهوية بشكل جزئي، وأعيد توجيه بعض الهواء النقي إلى الأنفاق المنخفضة في محاولة يائسة لإنقاذ من كان لا يزال على قيد الحياة.
ترجع جذور هذه الكارثة إلى مجموعة من العوامل المترابطة والمتعلقة بالإهمال وغياب معايير السلامة الأساسية. وقع الانفجار الأولي نتيجة اشتعال غاز الميثان الذي تراكم بسبب سوء التهوية ونقص فادح في الإجراءات الوقائية. كما أسهمت الظروف الجيولوجية المحلية في تفاقم المأساة، حيث اشتهرت طبقة فحم بارنسلي بميلها إلى الانفجارات المفاجئة للغاز، والذي كان يتراكم بكميات وفيرة بشكل خاص في الطرق غير المستوية وفي الأكوام.
زاد من حدة الوضع غياب تام لرقابة فعالة، حيث تغيب مفتشو الحكومة عن المنجم لعدة سنوات متتالية، ما سمح باستمرار ممارسات عمل خطرة.
يعتقد بعض الخبراء أن عمليات التفجير التي كانت تجري أثناء تطوير فتحة التهوية قد تكون هي الشرارة التي أطلقت العنان للكارثة، مسببة انفجارا أوليا لغاز الميثان وغبار الفحم، أدى بدوره إلى سلسلة انفجارات متتالية ودمر أقساما كبيرة من المنجم.
تحتل كارثة منجم أوكس موقعا مأساويا في سجل الحوادث البريطانية، حيث يُعد ثاني أخطر كارثة منجم في تاريخ المملكة المتحدة، بعد حادثة منجم سينغنيد في ويلز. أسفرت الانفجارات عن مقتل 361 شخصا، بينهم عمال مناجم وواحد من رجال الإنقاذ الذين بذلوا محاولات مستميتة للوصول إلى المحتجزين. هذا الرقم الهائل يجسد الثمن البشري الباهظ الذي دفعه عمال التعدين في سبيل الثورة الصناعية.
للأسف، لا تقتصر هذه المآسي على بريطانيا وحدها، فتاريخ التعدين العالمي حافل بحوادث مماثلة مفجعة. في عام 1942، وقعت أسوأ كارثة تعدين في التاريخ المسجل في منجم “بنكسيهو” للفحم بمقاطعة لياونينغ الصينية، حيث تسبب مزيج من غاز الميثان وغبار الفحم في انفجار هائل تحت الأرض، وحاصر آلاف العمال. اتخذت السلطات اليابانية التي كانت تحتل المنطقة آنذاك قرارا مروعا باحتواء الحريق عبر إغلاق نظام التهوية ومداخل المنجم، ما أدى إلى خنق حوالي 1549 عاملا. استغرق انتشال الجثث من الأعماق عشرة أيام كاملة، في مشهد يمثل فصلا مظلما من تاريخ الحرب العالمية الثانية.
تشمل القائمة السوداء للكوارث المماثلة حادثة منجم كلايدسديل في جنوب أفريقيا، التي وقعت في الأول من يناير عام 1960، حيث كان حوالي ألف عامل تحت الأرض عندما انهارت الأقسام الداخلية، ولم يتمكن الكثيرون من النجاة، ما أدى إلى مصرع 435 شخصا.
في أوروبا، لقي 319 عاملا حتفهم في حريق اندلع في منجم بريبرام للفحم في جمهورية التشيك في 31 مايو 1892، وأصبح بذلك أخطر حادث تعدين في تاريخ البلاد.
في العصر الحديث، تذكرنا كارثة منجم سوما في تركيا، التي وقعت في 13 مايو 2014، بأن المخاطر لم تنته. هناك أودى حريق في منجم فحم كبير في مقاطعة مانيسا بحياة 301 شخص وإصابة 80 آخرين.
لا يمكن أيضا نسيان كارثة منجم سيهام في إنجلترا، التي وقعت في 8 سبتمبر 1880، وأسفرت عن مقتل 164 شخصا، بينهم عمال على السطح وآخرون من فرق الإنقاذ، في انفجار طبقة فحم تحت الأرض في منجم هوتون.
تشكل هذه الأحداث مجتمعة سجلا مأساويا يسلط الضوء على المخاطر الجسيمة التي تلازم استخراج الفحم عبر القرون، ويكشف عن الثغرات في القوانين، والإهمال في التطبيق، والظروف الجيولوجية القاسية، والتكلفة الإنسانية الهائلة التي كانت تقف وراء إمدادات الطاقة التي غذت الثورة الصناعية والتقدم الحضاري.
تبقى ذكرى ضحايا منجم أوكس وغيرهم من عمال المناجم الذين لقوا حتفهم في الظلام نصبا خفيا في ضمير الإنسانية، وتذكيرا صارخا بأهمية وضع السلامة البشرية فوق أي اعتبار آخر.
المصدر: RT
المصدر: صحيفة المرصد الليبية
كلمات دلالية: کارثة منجم تحت الأرض فی منجم
إقرأ أيضاً:
أسوأ سيناريو يواجهه حزب الله.. قوات دولية ستدخل الحرب؟
ما أدلى به الرئيس الأميركي دونالد ترامب مؤخراً عن وجود دول طلبت التدخل لسحق "حزب الله"، لا يُمثل كلاماً عابراً من الناحية العسكرية والسياسية، بل يُعطي مؤشرات عن إمكانية دخول لبنان في عهد "التحالفات الدولية العسكرية" في لحظةٍ من اللحظات.السيناريو هذا حصل قبيل سنواتٍ طويلة ضد تنظيم "داعش" في سوريا، وذلك حينما ترأست الولايات المُتحدة الأميركيّة تحالفاً دولياً ضد التنظيم المذكور للقضاء عليه. في المقابل، كان الموفد الأميركي توماس براك قد "ساوى" بين "الحزب" و "داعش"، حينما قال إن سوريا ستعملُ على مواجهة الطرفين، ما يفتحُ الباب أمام سيناريوهات قد تخرُج عن سياق الحرب العادية لتصبح في إطار ما يُعرف بـ"تدويل حرب لبنان".
التلميحات الإسرائيلية والأميركية تجاه "حزب الله" يمكن أن تقودَ إلى فكرة مفادها أن أي جبهة ستُفتح في لبنان قد لا تنحصرُ بإسرائيل فقط، ذلك أن الخطر قد يرتبط باشتراك دول أخرى معها، وذلك في حال كان الهدفُ القضاء على "حزب الله" تماماً. لكن في المقابل، فإن براك ذاته قال إن إسرائيل لن تستطيع سحق "الحزب" عسكرياً، وهو الكلام الذي فُهم على أنه إقرار بقوة "الحزب"، لكنه بات يُفهم انطلاقاً من كلام ترامب أنَّ إسرائيل لن تكون وحدها قادرة على مواجهة "الحزب"، ما سيتطلبُ تدخلاً لقوات أخرى.
على هذا الأساس، تنبعُ مؤخراً سيناريوهات عن إمكانية أن تشنّ إسرائيل هجمات ضد لبنان انطلاقاً من البقاع وليس من جنوب لبنان فقط، على أن يكون الهجوم من الجهة الشرقية مستنداً بشكل رئيسي إلى خطّ يبدأ من جبل الشيخ وصولاً إلى سهل البقاع، حيث يكمن الحديث عن حصول مناورة إسرائيلية برية هناك وتكثيف ضربات جوية تستهدفُ معاقل "حزب الله" اللوجستية والرئيسية هناك.
المعركة هذه، إن حصلت، ستعني أن إسرائيل وسعت إطار جبهة لبنان، فيما خط النار سيمتد مباشرة إلى البقاع لتتكون بعد ذلك فكرة منطقة عازلة هناك، وهو ما لا تستبعده مصادر معنية بالشأن العسكريّ التي تقولُ لـ"لبنان24" إنّ الجبهة لن تكون محصورة هذه المرة في الجنوب، بل ستكون مفتوحة أمام سوريا أيضاً.
توسيع جبهة البقاع والحديث عن إمكانية "تدويل حرب لبنان" سيعني أن سيناريو التمدد العسكري سيكونُ كبيراً، لكن السؤال الذي يُطرح: من هي الدول التي ستنخرط في حرب ضد لبنان؟ هل سيكون ذلك عبر قوات متعددة الجنسيات ستأتي إلى لبنان بعد "اليونيفيل" لتقوم بعملية مواجهة الحزب مع إسرائيل؟ أيضاً، ماذا عن سوريا، وهل ستكون منخرطة في أي مواجهة ضد "الحزب" أقله عند حدودها؟
ما يُمكن قوله هو إنّ أي حربٍ جديدة ستكون موسعة وستخرجُ عن الإطار التقليدي العام والذي يُعتبر سائداً إلى الآن. وحتى اتضاح صورة الوضع وتقلباته، سيبقى لبنان في "حلقة مفرغة" عنوانها استمرار الضربات الموضعية والتي قد تؤدي إلى ضربات كبيرة، وبالتالي انفلات الأمور نحو الأسوأ.. والسؤال، هل سيبقى اتفاق وقف إطلاق النار الحالي هو الضامن لوقف أي نزاعٍ مُتجدد؟ هنا، تقول المصادر المعنية بالشأن العسكري أن أي معركة ستتطلب اتفاقاً جديداً قد ينسف ما سبقه، وبالتالي مواجهة لبنان الشروط الجديدة التي لم يقبل بها سابقاً.
المصدر: خاص لبنان24 مواضيع ذات صلة خشية من "شرعنة" الحرب على "حزب الله"… ومجلس الأمن يدخل على الخط Lebanon 24 خشية من "شرعنة" الحرب على "حزب الله"… ومجلس الأمن يدخل على الخط