أحزاب الأردن والإخفاق مع «الطوفان»
تاريخ النشر: 29th, November 2023 GMT
أحزاب الأردن والإخفاق مع «الطوفان»
«العلة» واضحة أردنيا في بنية وأولويات وخطاب أحزاب المعارضة والموالاة معا للأسف الشديد.
التكامل بين الأحزاب في لحظات التحدي الوطنية هو المطلوب وليس التنافر أو التناقض أو المزاودات أو التنافس.
أملنا كبير في أن تدرك المعارضة أن واجبها ينبغي أن يتجاوز التشكيك فقط بالسلطة ومناكفتها وتنظيم وقفات احتجاجية.
على أحزاب الموالاة والوسط وغيرها تقديم أدلة عميقة على قدرتها على تفعيل خاصية الحلقات الوسيطة في جمع الشارع مع مؤسساته على كلمة سواء وسطية تنفع الجميع.
* * *
تبدو بعض البيانات التي تصدر عن «أحزاب جديدة» في المشهد الأردني متسرعة وانفعالية. وبالحد الأدنى لا تملك النضج المطلوب في مواجهة مرحلة حساسة وحرجة على صعيد المصالح الوطنية خلافا لأنها «استعراضية» وتجتهد في «إرضاء الظل» وجهات رسمية أكثر من شغفها بتمثيل الرأي العام أو التشبيك الاجتماعي المسيس.
معركة طوفان الأقصى التي غيرت وبدلت الكثير من معطيات وإعدادات المشهد في الإقليم والعالم مثل «البرد» كشفت عن العلل والأمراض عند بعض التجارب الحزبية المستجدة التي ارتبطت بتحديث المنظومة.
بعض التعبيرات الحزبية بدا واضحا عليها الشغف الشديد بمخاطبة «الغرائز» والمشاعر وتثوير وتأزيم المتأزم بالمستوى الشعبي.
بعضها الآخر اجتهد في تجنب مزالق «الشعبوية» التي ترافق ميكروفونات أحزاب المعارضة في المواسم الوطنية الحرجة فذهب في اتجاه «مجاملات» لا يحتاجها الموقف الرسمي وتاهت بوصلته في تبرير ودعم مواقف لا يعارضها الناس.
لاحظنا بانزعاج كيف تركز بعض تعبيرات أحزاب المعارضة الكلاسيكية على مناكفة السلطات فقط في التفاصيل وأحيانا التشكيك بالموقف الرسمي من مسارات الحدث في فلسطين المحتلة.
بالمقابل التعبيرات الحزبية التي تدعي الولاء يشعر المراقب أنها «تفتعل مشكلات» أو تحترف تسليط الضوء على إشكالات صغيرة وتبالغ فيها استرسالا في سياسة تخويف الناس والدولة معا.
حتى اللحظة ورغم تركيز الجميع على «أداء برامجي» من الصعب العثور على برنامج وطني حزبي ناضج ومقنع ومتكامل لا في صف الأحزاب المعارضة ولا تلك المحسوبة على الموالاة، الأمر الذي يحيل التجربة الحزبية في البلاد بصفة عامة إلى صيغة أقرب لشعبويات وأخرى تعارضها وبصيغة حوار طرشان لا يسمعه شعب نسبة الذين انضم من مواطنيه للعمل الحزبي لا تزيد عن «1٪» بموجب آخر استطلاع.
التكامل بين الأحزاب في لحظات التحدي الوطنية هو المطلوب وليس التنافر أو التناقض أو المزاودات أو التنافس. النضج في التعامل مع تحديات اللحظة الراهنة خصوصا بعد معركة طوفان الأقصى وما خلفته في الجميع من تساؤلات وحيرة وآلام هو الأساس وليس الانفعال أو المناكفة أو افتعال مشكلات والتركيز عليها بدلا من التكثيف فيما تحقق تاريخيا من لحظات فارقة قوامها التوثق من أن «قضية فلسطين» وحدها هي التي توحد بين الأردنيين أكثر من غيرها وفكرتها أيضا الاندماج المدهش بين الموقفين الرسمي والشعبي.
فوتت العديد من التشكيلات الحزبية اللحظة الفارقة وانصرفت إلى التنافس في الشارع وكأن التظاهر هو فقط العمل الرديف الذي يمكنه أن يحمي المصالح الأردنية ويخدم قضية الشعب الفلسطيني فيما لم نقرأ مقاربات أو تقدير مواقف أو أوراق عمل حزبية متخصصة تدل الحكومة والشعب معا على كيفية التصرف وقت الأزمة.
الوقفات الاحتجاجية على أهميتها ليست هي المكان الوحيد الذي تستعرض فيه التشكيلات الحزبية قدراتها والمطلوب مقاربات عاصفة ذهنيا وإبداعيا تزيد منسوب الوحدة الوطنية بين المكونات الاجتماعية وتقرأ الحدث وتطوره بلغة علمية وتقدم وصفات للإدارة والحكومة مبنية على الخبرة والتجربة والنضج بما يحمي موقف الشارع ويؤطر برمجة القرار الرسمي.
كما قلنا مثل البرد كشف طوفان الأقصى العلة في جسد الأحزاب الأردنية وبدت وكأن مشروع تحديث المنظومة السياسية جوهره فقط إصدار بيان وتنظيم تجمع على أساس مناكفة أو منافسة التيار الإسلامي فقط علما بأن رهان القيادة على ما هو أبعد بكثير من ذلك وآمال الناس أعرض واحتياجات الوطنية أعمق.
أتفق مع شخصية سياسية بارزة حذرت من أن المشهد الإقليمي بعد 7 أكتوبر كشف عن الخطأ الفادح في عملية فك وتركيب البنية الحزبية الأردنية، فالأحزاب بدت تائهة لا تتوفر لديها قراءة للحدث وأكثرت من التركيز على سلبيات حريات التعبير بدلا من تقديم وصفات حكيمة تنفع الناس والدولة.
تم تفويت فرصة البناء على مظاهر التوحد التي أظهرها الأردنيون بعد الحدث الفلسطيني وانزلقت فرصة تقديم إطار برامجي مؤثر وعميق يؤثر بالجمهور دون أدنى انتباه للمناكفة والتمايز فقط وبصورة مرجحة اختفت الزاوية التي يقرأ فيها الأردني جديدا دسما في محتوى برامجي يقرأ الوقائع ويبحثها بعمق ويعمم ثقافة إيجابية بين الجمهور.
خطاب الدولة لم يجد حليفا مقنعا وصلبا وسط الأحزاب وتلك التشكيلات التي وسمت مبكرا بأنها «أحزاب أنابيب» بينت الأحداث أنها «لاتزال آخر من يعلم» وتركب الحافلة في آخر محطة وتستعمل لغة قديمة ومكررة ومجترة وغير علمية من الصنف الذي لا يخدم إلا التراثيات ولا يميل إلا إلى استعراضات يمكن أن تؤذي الوحدة الوطنية أو تفرق المواطنين بدلا من تجميعهم على نفس القلب والهدف. طبعا لا يمكن التعميم على جميع الأحزاب.
لكن «العلة» واضحة أردنيا في بنية وأولويات وخطاب أحزاب المعارضة والموالاة معا للأسف الشديد، وأملنا كبير في أن تدرك المعارضة أن واجبها ينبغي أن يتجاوز التشكيك فقط بالسلطة ومناكفتها وتنظيم وقفات احتجاجية، فيما على أحزاب الموالاة والوسط وغيرها تقديم أدلة عميقة على أنها قادرة على تفعيل خاصية الحلقات الوسيطة في جمع الشارع مع مؤسساته على كلمة وسطية سواء مقنعة تنفع الجميع.
*بسام البدارين كاتب وإعلامي أردني
المصدر | القدس العربيالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: الأردن أحزاب المعارضة الموالاة المنظومة السياسية الوحدة الوطنية طوفان الأقصى قضية فلسطين أحزاب المعارضة
إقرأ أيضاً:
تواكُلُ المعارضة التونسية على الغرب.. إعادة إنتاج العجز في خطاب جديد
ترتفع الأصوات في تونس في نهاية العام 2025 ضد قيس سعيد إلى حد استعادة الشعار العظيم "الشعب يريد إسقاط النظام"، لكن مع أصوات الداخل نرى عيون المعارضة ترنو إلى الغرب وتنتظر خيرا من مقال هنا وتصريح هناك، فقيادة الصف الأول الغربية لم تنبس بكلمة. وهذا الأمل في إسناد غربي نسميه بلا مورابة" العاهة السياسية المستديمة للمعارضة. فكلما عجزت المعارضة عن خلق التغيير من الداخل، رفعت رأسها نحو الخارج، نحو الغرب تحديدا، طلبا للخلاص. هذا السلوك ليس طارئا ولا وليد لحظة قيس سعيّد، بل هو متجذر في عقل المعارضة تجذر العادة. فالمعارضة حين ترغب في ربح الوقت ترنو خارج الحدود، كأنّ الديمقراطية وجبة جاهزة يأتي بها "ديلفيري".
ما نراه في تونس هذه الأيام هو فصل جديد من هذه الرواية القديمة، رواية التعويل على الضمير الغربي المتخيّل، الذي تُعزى إليه صفات لم يثبت يوما أنه تبناها فعلا (نصير الديمقراطية وحامي الحريات والداعم لانتقال سياسي متوازن). غير أن الوقائع تكشف دوما عن مفارقة مدهشة، هذا الغرب الذي تراهن عليه المعارضة التونسية هو ذاته الذي يُبقي قيس سعيد في موقعه، لا تعاطفا مع مشروعه السياسي، بل لأن له فائدة وظيفية محددة في زمن عولمي تتقدّم فيه الحدود على الإنسان، والأمن على الحرية، والمصلحة على المبادئ. لقد أصبح سعيد بعد ترتيباته مع إيطاليا حارسا أمينا لبوابة أوروبا الجنوبية؛ رجلا يُقدّم للغرب ما يريده من مثله (لن يعبر الأفارقة البحر)، وما دام هذا الالتزام قائما، سيظل الرجُل مقبولا، مهما ارتجّت المؤسسات الديمقراطية وتداعى البناء من الداخل.
المعارضة التونسية: وهن القدرة ورومانسية الاستعاضة.
إن السؤال المركزي هنا ليس حول مواقف الغرب، بل في بنية المعارضة نفسها؛ لماذا تلجأ إلى الخارج كلّما عجزت عن الفعل الداخلي؟ يبدو أنّ المشكلة أعمق من اللحظة السياسية الراهنة، إنها مشكلة القدرة على التنظيم الاجتماعي لا القدرة على الخطابة. لقد عايشتُ المعارضة التونسية فوجدتها بارعة في البيانات، تتقن صياغة التوسل والرجاء، لكنها لم تملك أبدا القدرة على بناء شبكات اجتماعية تعبّئ الجمهور المسكين، فتحوّل غضبه وخيباته إلى وقود معركة سياسية منصفة. إنّها معارضة تتقن الكلام في المصادح أكثر مما تتحرك في الشارع، معارضة تُنتج مواقف ولا تصنع وقائع، تُقيم حجتها على النص لا على القوة الاجتماعية.
وهنا تتجلى المفارقة، المعارضة تطلب دعما خارجيا بينما لم تقم بواجبها الداخلي، وكأنها تجهل الوظيفة الأولى للسياسة أن تبني كتلة اجتماعية حيّة قبل أن تطلب شرعية أو دعما من الخارج. لدينا قناعة تزداد رسوخا ونحن نتابع تحركات المعارضة التونسية المشتتة، إن السياسة ليست خطابة وشعارات في مظاهرات ميكروسكوبية بل توازن قوة على الأرض. من لا يمتلك الناس، لن يمتلك التاريخ، ولن يسمعه الغرب إلا بقدر ما يخدم مصالحه. وامتلاك الناس/ الشارع طريقه مكشوفة، ولكن المعارضة تتعامى عنها وتنتظر النجدة.
التاريخ يعيد نفسه بلا خجل
من حقبة بورقيبة إلى حقبة بن علي والآن مع قيس سعيد؛ يتشابه المشهد وإن تغيّرت الوجوه. هذا لا يشير فقط إلى فشل سياسي، بل إلى عجز بنيوي في الخيال الاستراتيجي للمعارضة؛ وكأنها لا تتعلم من التاريخ لأنها لا تعتبره مصدر معرفة، بل خزانا للندب والعويل. إنّ السلوك السياسي الذي لا يتغير أمام الخيبة المستمرة، لا يسمى إصرارا أو مبدأ، بل يسمى مرضا معرفيا. المعارضة التونسية لا تكفّ عن تكرار الرواية نفسها بانتظار نتيجة مختلفة؛ وهذه علامة كلاسيكية على أن الوعي السياسي لم يُجرِ نقدا جذريا لذاته، النقد الذي يتجاوز التكتيك إلى سؤال البنية لماذا لا نُنتج قوة؟ لماذا نُعلّق فشلنا على الخارج ثم ننتظر منه النجدة؟
الغرب ليس نبيا ديمقراطيا بل قوة مصلحة
تُهمل المعارضة التونسية معادلة بسيطة في وضوحها مفادها أنّ الغرب ليس ذاتا أخلاقية بل جهاز مصلحي، والديمقراطية ليست مبدأ مطلقا عنده، بل سلعة، وأداة، وخطاب جاهز للاستخدام حين تنسجم نتائجه مع مصالحه الاستراتيجية. وما دامت تونس اليوم تؤدي وظيفة حراسة الحدود، فهي شريك لا عبء، وشريك لا يزعج إلا عندما يتجاوز دوره. بل يمكن القول بوضوح، تونس في هذه اللحظة ليست دولة، بل سياج بشري يحمي أوروبا من الجنوب. هذه الحقيقة التي تعرفها المعارضة جيدا، لكنها تتغافل عنها لأنها تفضّل التعلّق بأمل خارجي هلامي بدل مواجهة سؤالها الأصعب: كيف تصنع قوة في الداخل؟
الغرب لا يتدخّل لإسقاط سعيّد لأن إسقاطه يفتح حدودا، يعيد حركة الأفارقة نحو البحر، يخلق فوضى سياسية قد تجبر أوروبا على تحمل ما لا تريد. لذلك، فدعم الديمقراطية في تونس بلغة المصالح ليس أولوية، الأولوية الغربية هي الاستقرار الأمني ومنع الهجرة غير النظامية، وهي أدوار يقوم بها قيس سعيد دون كلفة كبيرة على الشركاء الأوروبيين. لماذا يتخلى الغرب عنه إذن؟ ومقابل ماذا؟
إنّ السياسة في النسخة الغربية ما بعد 2015 واضحة جدا، الحدود أولا، ثم نرى. ومن يضمن الحدود يضمن الدعم، ومن لا يضمنها، لن تنفعه الصور في مؤتمرات المعارضة ولا المقالات التي تُنشر في جريدة لوموند.
التواكل السياسي: بنية نفسية قبل أن يكون خيارا استراتيجيا
يمكن فهم هذا التواكل من زاوية سوسيولوجية أيضا المعارضة التونسية (كغيرها من معارضات عربية يقيم كثير منها في عواصم الغرب نفسه ويحظى باللجوء السياسي) لم تتربّ في حضن الثقة الشعبية، بل في حضن المثقفين والصحافيين والدوائر النخبوية. إنها تعيش داخل الفضاء الرمزي أكثر من الفضاء الاجتماعي، لذلك، حين تكتشف عجزها عن التعبئة، تبحث عن سند بديل. الخارج هنا ليس فقط خيارا سياسيا، بل تعويضٌ نفسي عن غياب القدرة الداخلية. الخارج يُشعرها بأنها لا تزال فاعلا، حتى ولو كان الفعل ورقيا، لغويا، رمزيا.
هذا ما يفسّر ازدهار البيانات، والندوات، والرسائل الموجهة للأصدقاء الديمقراطيين ولمنظمات حقوق الإنسان. المعارضة تصنع حدثا لغويا، لا حدثا سياسيا، تكوّن حضورا خطابيا بديلا عن حضورها الميداني، إنها تُراكم الكلمات لأنها لا تملك الأرض.
الأسباب التي جاءت بسعيّد لا تزال قائمة
لا يبدو المشهد التونسي اليوم غريبا إذا ما استُحضر عمق الانقسام التاريخي داخل المعارضة نفسها. فالأسباب التي جاءت بقيس سعيّد إلى الحكم لم تتغير، بل ما تزال تُنتج أثرها بهدوء. هذه معارضة ممزقة على أسس استئصالية، تحكمها ذاكرة الصراع أكثر مما يحكمها وعي المصلحة العامة. إنّ التيار الحداثي أو اليساري لا يزال يعتبر الإسلاميين كيانا رجعيا ظلاميا لا يُعقد معه ميثاق ولا تُكتب معه صفحة جديدة، حتى وإن كان هذا الرفض يكلّف البلاد انسدادا سياسيا طويلا. لقد أسقطوا حكومة النهضة حين كانت فرصة التعايش ممكنة، ثم شكرهم الغرب بجائزة نوبل للسلام مكافأة على تحويل الخصومة السياسية إلى قاعدة استقرار شكلي. لكن الثمن الحقيقي لهذا الانتصار كان غياب القدرة على الحكم بعد ذلك، وغياب القدرة على المعارضة أيضا.
إنّ الخلل لا يكمن فقط في قصر نظر الغرب أو مصلحته، بل في عجز النخبة التونسية عن تجاوز ثنائيات ما قبل الدولة الحديثة. فالمعارضة التي أطاحت بالإسلاميين بالأمس -بدل أن تُفاوضهم وتُهذّبهم داخل اللعبة الديمقراطية- هي المعارضة نفسها التي تحاول اليوم إسقاط قيس سعيّد دون أن تغيّر أدواتها ولا تصورها للآخر السياسي. إنها تخوض معركة جديدة بذات المنطق القديم (استبعادٌ بدل ائتلاف، قطيعة بدل بناء، إقصاء بدل تعلّم من التاريخ). وهكذا يستمر الوضع من عاش على الاستئصال مات به، ومن رفض الشريك اليوم لا يجد من يشترك معه غدا.
لذلك يمكن القول إنّ سعيّد ليس شذوذا في المسار السياسي، بل نتيجة طبيعية لانكسار توافقي لم يلتئم. هو ابن الفراغ، ابن القطيعة، ابن تلك اللحظة التي فضّل فيها الجميع الانتصار الأيديولوجي على الحلّ السياسي. وما لم تتغير بنية الوعي داخل المعارضة أي داخل المجتمع فإنّ تونس لن تنتج بديلا، بل ستبدّل ألوان الأزمة فقط. فالحكم قد يتغيّر، لكن المنطق المُنتِج للأزمة باقٍ كما هو.
ربما لا تحتاج البلاد اليوم إلى بيانات جديدة بقدر حاجتها إلى عين نقدية تُبصر الجرح لا السكين فقط، إلى معارضة تُصلح ذات بينها قبل أن تحلم بإصلاح السلطة. فإنّ من لم يُجد صياغة تحالف يُحسن فقط صياغة عريضة احتجاج، وإن لم يحدث التحوّل في بنية التفكير، فسيتغيّر الأشخاص وسيبقى الجوهر كما هو يعيد إنتاج نفسه بثبات هندسي لا يفاجئ إلا من لا يقرأ التاريخ.