رفع الوعي الصحي بمخاطر المرض.. مختصون لـ«البلاد»: الدعم النفسي سلاح مهم لمواجهة «الإيدز»
تاريخ النشر: 30th, November 2023 GMT
جدة – ياسر خليل
يحتفل العالم غرة ديسمبر بيوم الإيدز ؛ بهدف رفع مستوى الوعي الصحي بمخاطر المرض ومخاطر انتقال الفيروس الشرس، وزيادة التغطية بالخدمات الوقائية والعلاجية لعدوى مرض الإيدز محليًّا وعالميًّا؛ حيث يعد الإيدز حالة مرضية يسببها فيروس يطلق عليه فيروس نقص المناعة البشرية (HIV)؛ لذلك يُعتبر هذا اليوم مناسبة عالمية محلية لتفعيل وتنفيذ أنشطة لمكافحة الإيدز.
ويؤكد الأكاديمي واستشاري مكافحة العدوى الدكتور محمد عبدالرحمن حلواني، أن التوجه العالمي لهذا العام ليوم الإيدز الذي يصادف اليوم الأول من ديسمبر، هو التشجيع على عمل الفحص المخبري للكشف عن الفيروس؛ إذ ينصح الخبراء بعمل فحص تحليل فيروس نقص المناعة المكتسبة حتى لو مرة في العمر، حتى وإن لم يكن الشخص من الفئات المعرضة للفيروس.
وأضاف حلواني أن هناك نسبة بسيطة من المصابين قد تصل إلى 1 % ممن أصيبوا لا يُعرف مصدر إصابتهم، إضافة إلى أن 13 % ممن تعرضوا لمصادر العدوى من المصابين قد لا يعرفون فعلًا أنهم مصابون، وتكون معرفتهم بالمرض بعد تغلغل الفيروس بهم وتأثر الجهاز المناعي لديهم بشكل كبير؛ مما يزيد من صعوبة الشفاء ويطيل من فترة العلاج.
وتابع حلواني: “أما من يتم اكتشاف الفيروس لديهم مبكرًا عن طريق تحليل الدم؛ فيسهل علاجهم ولا يلزمهم سوى المتابعة العلاجية مع طبيب الأمراض المعدية بشكل منتظم؛ للتأكد من تناغم الجسم مع العلاج المستخدم، وعمل تحليل دم بشكل دوري للتأكد من تحسن وضع الجهاز المناعي بعد العلاج، والذي يحتاج أن يستمر عليه المصاب طوال حياته، مثله مثل أي مرض مزمن”. وأشار إلى أنه عند الاستمرار على العلاج بشكل منتظم وحسب توجيهات الطبيب والخطة العلاجية الموضوعة؛ فإنه يكون من الصعب على الفيروس التضاعف؛ وبالتالي تقل نسبة وجوده في الدم لدرجة أنه قد يصل إلى نسبه لا يمكن تحديدها عند إجراء التحليل المخبري، وهذا يجعل الشخص غير مُعْدٍ للغير في حالة التعرض لدمه بالذات أو بعض سوائل جسمه.
وشدد د. حلواني على أهمية الحفاظ على سرية المرضى ممن هم في فترة العلاج، حتى يعيشوا حياة طبيعية بين أفراد المجتمع، دون أي ضغوط، ويتمتعوا بكل حقوقهم الاجتماعية والنفسية والتى كفلتها لهم الدوله.
وفي السياق يقول استشاري علاج الأورام بالاشعة الدكتور هدير مصطفى مير: “هناك علاقة بين الأيدز ونوع من أنواع السرطان الذي يعُرف باسم ساركوما كابوسي، وهو أحد أنواع السرطانات التي تتكون في بطانة الدم والأوعية اللمفاوية، فالأفراد المصابون بفيروس نقص المناعة البشرية (HIV)، الذي يؤدي إلى الإصابة بالإيدز أكثر عرضة لخطر الإصابة بـ(ساركوما كابوسي)، حيث يسمح تلف الجهاز المناعي الناتج عن فيروس نقص المناعة البشرية (HIV) للخلايا التي تأوي الفيروس الهربسي البشري 8 بأن تتزايد، فيما تتكون الآفات المميزة من خلال آليات غير معروفة”. وقال مير، إن هناك أربعة أنواع من ساركوما كابوزي تسمى الكلاسيكية ، وعلاجية المنشأ ، والأفريقية ، والمتعلقة بالإيدز ، ويعتمد النوع على المكان الذي يتطور فيه المرض ، والنوع المرتبط بالإيدز هو النوع الأكثر عدوانية لأنه ينتشر بسرعة ليشمل الفم والحلق والمعدة والأمعاء والغدد الليمفاوية والأعضاء الأخرى ، ويبدأ الورم عادة في الوجه أو الأعضاء التناسلية أو الأطراف السفلية بما في ذلك القدمين، على عكس الأنواع الأخرى من ساركوما كابوسي ، ويتطور هذا النوع دائمًا تقريبًا في شخص مصاب بفيروس نقص المناعة البشرية و HHV8 ، إذ تعمل استعادة وظائف الجهاز المناعي الطبيعية على تحسين النتائج والبقاء على قيد الحياة لمرضى ساركوما كابوسي المرتبطة بالإيدز.
وشدد د. مير على ضرورة توعية شباب المجتمع بخطورة المرض الذي ينتقل عبر عوامل محددة وهي : “الممارسات الجنسية غير الشرعية ، نقل الدم الملوث أو أي من مشتقاته من شخص مصاب بالفيروس إلى شخص سليم ، من الأم المصابة إلى الجنين أو الطفل أثناء فترة الحمل أو الولادة أو الرضاعة الطبيعية ، وعند التعرض للوخز بالإبر أو الأدوات الحادة الملوثة بفيروس الإيدز أو مشاركة الإبر أو الحقن مع شخص مصاب بفيروس نقص المناعة البشرية”.
وتتطرق الاخصائية الاجتماعية حصة الفريح للجانب الاجتماعي لمريض الإيدز، قائلة: “بعد معرفة مريض الإيدز بإصابته، يمكنه العيش بسعادة والاستمتاع بحقوقه الاجتماعية، إذ يجب عليه الحصول على العلاج اللازم والرعاية الصحية المناسبة، والاستفادة من الدعم النفسي والمعلومات المهمة للتعامل مع المرض”.
وأكدت أنه ينبغي عليه الاهتمام بصحته العامة والحفاظ على نمط حياة صحي، كما يجب أن يكون على دراية بحقوقه الاجتماعية والقانونية والسعي للحصول على الدعم اللازم، مع الاستمرار في التواصل الاجتماعي والمشاركة في الأنشطة التي تساعده على الشعور بالانتماء والسعادة.
المصدر: صحيفة البلاد
كلمات دلالية: فیروس نقص المناعة البشریة الجهاز المناعی
إقرأ أيضاً:
مختصون: حماية الطفل في البيئة الرقمية مسؤولية تكاملية بين الأسرة والمدرسة
أوضح مختصون أن حماية الطفل في البيئة الرقمية مسؤولية تبدأ من الأسرة، وتتكامل مع المدرسة، وترتكز على وعي نفسي وتربوي عميق، وتؤكد رؤى هؤلاء المختصين في استطلاع أجرته "عُمان" أن الحل لا يكمن في المنع أو التدخل المتأخر، بل يبدأ من بناء علاقة قائمة على الثقة والتواصل، وتطوير مهارات الطفل والأسرة معًا لمواجهة عالم تتقاطع فيه الفرص مع المخاطر.
المحتوى العنيف
قالت فهيمة السعيدية عضوة جمعية الاجتماعيين العمانية: إن الاستخدام الواسع للتقنيات الرقمية دون تنظيم أو وعي يفرض تحديات مباشرة على سلوكيات الأطفال، خصوصًا عند تعرضهم المتكرر لمحتوى عنيف أو متطرف، مشيرة إلى أن هذا النوع من المحتوى ينعكس بوضوح على النمو الاجتماعي والنفسي والأخلاقي؛ إذ يتولد لدى الطفل ميل أكبر لاستخدام العنف اللفظي أو الجسدي في التعامل مع الآخرين باعتباره وسيلة لحل الخلافات أو التعبير عن الغضب.
وبيّنت أن مشاهدة الأطفال المستمرة للمحتوى العنيف تؤدي إلى ارتفاع مظاهر التنمر بأشكاله المختلفة، وإلى تراجع السلوكيات الاجتماعية الإيجابية مثل التعاون والمساعدة والتعاطف، وتنمية النزعات العدائية لديهم؛ حيث إن بعض الأطفال قد يتأثرون بالأفكار المتطرفة التي تظهر في بعض المنصات الرقمية، مما ينعكس على شعور الانتماء الوطني والديني، ويزيد من احتمالية الانخراط في سلوكيات غير مسؤولة أو مهددة للسلامة.
وحول تعرض الأطفال لتنمر إلكتروني، أوضحت السعيدية أنه يمكن رصد ذلك من خلال مجموعة من العلامات النفسية والسلوكية، من بينها القلق المفاجئ، والخوف عند تلقي رسائل على الهاتف، أو إظهار توتر ملحوظ عند اقتراب أحد أفراد الأسرة من الجهاز، وبيّنت أن بعض الأطفال يميلون إلى العزلة والانسحاب الاجتماعي، وقد تظهر عليهم أعراض جسدية كالإرهاق المستمر، وفقدان الشهية، أو آلام البطن والصداع دون سبب طبي واضح. كما أكدت أن التراجع المفاجئ في المستوى الدراسي يعد من المؤشرات المهمة، إذ يلجأ بعض الأطفال إلى التغيب عن المدرسة أو إهمال الواجبات الدراسية بسبب الضغط النفسي الذي يرافق تجربة التنمر الرقمي.
علاقة حوارية
وأشارت إلى أن الأسرة قادرة على بناء علاقة حوارية داعمة من خلال تبنّي أسلوب تواصل إيجابي يتيح للطفل التحدث بأريحية عن تجاربه في الإنترنت، وبيّنت أن مشاركة الوالدين لخبراتهم الرقمية، أو مناقشة المحتوى الذي يفضله الطفل، يعزز ثقته ويجعله يعتبر الأسرة خط الدفاع الأول في حال تعرضه لأي مشكلة، وأن الأنشطة الرقمية المشتركة مثل لعب ألعاب يحبها الطفل أو تصفح مواقع يفضلها تخلق مساحة آمنة للحوار، مضيفة إن إشراك الطفل في وضع قواعد الاستخدام الآمن للأجهزة يرسخ لديه الشعور بالمسؤولية ويقوي العلاقة التواصلية داخل الأسرة.
علامات الخطر الرقمية
أوضح الدكتور سالم بن راشد البوصافي مشرف إرشاد نفسي بتعليمية مسقط أن المدرسة تشكل خط حماية مهمًا بجانب الأسرة، إذ تتعامل مع حالات المحتوى غير الآمن أو التنمر الإلكتروني وفق منهجين متكاملين: الوقائي والعلاجي، مبيّنًا أن المنهج الوقائي يقوم على نشر ثقافة الوعي الرقمي بين الطلبة من خلال الحصص التوجيهية والبرامج الإرشادية والإذاعة المدرسية، بهدف ترسيخ قيم الاحترام والمسؤولية في التفاعل الإلكتروني، وتشجيع الطلبة على الإبلاغ عن أي تجربة ضارة.
وأشار إلى أن المنهج العلاجي يُفعّل فور رصد حالة تنمر، حيث يتم تقييم الوضع من حيث الخطورة النفسية والاجتماعية، وأن الأخصائي النفسي والاجتماعي في المدرسة يقدم الدعم العلاجي للطالب المتعرض للتنمر، من خلال الجلسات الإرشادية الفردية التي تسهم في تعزيز الشعور بالأمان واستعادة التوازن الانفعالي.
وبيّن البوصافي أن الطالب المتسبب في التنمر يخضع لبرامج تهدف إلى تعديل السلوك وتعزيز القدرة على ضبط الذات والانفعالات، إلى جانب رفع وعيه الرقمي وتأكيد احترامه لحقوق الآخرين، كما أن التعاون بين الأسرة والمدرسة يمثل ركيزة أساسية لضمان بيئة رقمية آمنة للطفل، وأن المتابعة المستمرة من الطرفين تعد أحد أهم ضمانات الحماية.
دور الإرشاد الأسري
تشير ابتسام الحبسية أخصائية نفسية بوزارة التنمية الاجتماعية إلى أن التغيرات التي فرضتها الثورة الرقمية دفعت الأسر لمواجهة تحديات غير مسبوقة، حيث لم يعد التعامل مع التكنولوجيا مقتصرًا على المنع أو الرقابة، بل أصبح ضروريًا أن تمتلك الأسرة فهمًا عميقًا لسلوك الطفل في العالم الرقمي، موضحة أن البرامج الإرشادية الحديثة في سلطنة عُمان باتت تركز على التنشئة الرقمية الواعية، وذلك ضمن مبادرة شملت جميع محافظات سلطنة عُمان بهدف تعزيز مهارات الوالدين في التعامل مع البيئة الرقمية.
وأوضحت الحبسية أن ردود فعل الوالدين تجاه سلوك الأبناء الرقمي غالبًا ما تكون نابعة من قلق طبيعي، لذلك يجب أن يتم تدريبهم على تقنيات تساعدهم على التهدئة وإعادة تأطير الموقف قبل معالجة سلوك الطفل، مؤكدة أن هذه المهارات تعزز وجود بيئة أسرية هادئة تقل فيها الصدامات الناتجة عن الغضب أو سوء الفهم.
وبيّنت أن تمكين الأسرة من التفكير التحليلي خلال التعامل مع المحتوى يعد أحد أقوى أدوات الحماية؛ إذ يساعد الوالدين والأبناء على التمييز بين الموثوق والمضلل، ويجب على الأسرة أن تُدرَّب على طرح أسئلة عند مشاهدة أي محتوى، من بينها: هل هذا المصدر موثوق؟ ما هدف الرسالة؟ هل ما يُعرض حقيقي أم مبالغ فيه؟ حيث إن هذه القدرة الذهنية ستسهم في حماية الجميع من الوقوع في التضليل أو الخوف المبالغ فيه.
التواصل الآمن
أوضحت الحبسية أن الأسرة تحتاج إلى قراءة "الإشارات الحمراء" التي قد تدل على تعرض الطفل لمحتوى ضار، لكن الأهم هو توفير قناة تواصل يشعر فيها الطفل بأنه مسموع وآمن، وبيّنت أن أسلوب الحديث هو العامل الفارق، فطرح الأسئلة بلهجة اتهامية يغلق أبواب الحوار، بينما الأسلوب الهادئ يبعث الطمأنينة ويشجع الطفل على الإفصاح.
وأشارت إلى أن التواصل الآمن يُبنى عبر تفاصيل صغيرة لكنها مؤثرة، مثل مشاركة الطفل محتوى يحبه، أو فتح نقاش حول لعبة جديدة، أو المرافقة الهادئة عند ملاحظة سلوك غير معتاد، مؤكدة أن بناء علاقة تقوم على الثقة يبدأ بالحضور العاطفي، بمعنى أن يشعر الطفل بأن والديه قريبان من عالمه الرقمي دون أن يمارسا دور الرقيب الصارم، وبيّنت أن مشاركته في وضع قواعد رقمية مشتركة مثل تحديد أوقات الاستخدام أو مراجعة التطبيقات يجعله شريكًا في القرار، مما يقلل من التوتر والتمرد.
كما أشارت إلى أن لحظة تعرض الطفل لموقف مزعج تعد اختبارًا حقيقيًا للعلاقة، إذ تمثل ردة فعل الوالدين العنصر الحاسم فيما إذا كان الطفل سيحكي أو سيخفي الأمر، وأكدت أن استخدام عبارات مثل "أشكرك على صراحتك" أو "دعنا نتحدث معًا عن كيفية منع تكرار ذلك" كفيل بطمأنة الطفل وتعزيز ثقته.
وبيّنت ابتسام الحبسية أن بناء علاقة تواصل آمنة ليست خطوة واحدة، بل هي ممارسات يومية تتشكل من نبرة لطيفة، وسؤال بسيط، وقواعد واضحة، لتقول للطفل في كل مرة كلمات بمعنى: "أنت محبوب حتى إذا أخطأت".