حرب إسرائيل وحماس تضرب سياحة الشرق الأوسط في مقتل
تاريخ النشر: 30th, November 2023 GMT
شفق نيوز/ استبشرت العديد من الدول في الشرق الأوسط بتعافي قطاع السياحة وعودة مجاميع السائحين، بعد انتهاء إغلاق البلدان والمدن لحدودها جراء تفشي وباء كورونا، إلى أن هذه الفرحة لم تدم طويلاً حيث جاءت الحرب بين إسرائيل و"حماس"، لتخيب الآمال.
وذكر تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز" إن الحرب الجديدة بين إسرائيل وغزة، التي هددت أمن واستقرار المنطقة بأكملها، أثرت على قطاع السياحة في دول عديدة رائدة في المجال، لا سيما مصر والأردن، وفقاً لموقع "الحرة".
وترى الصحيفة أن تراجع عدد السياح "يشكل تهديدا كبيرا لاقتصادات مصر والأردن ودول أخرى تعتمد بشكل كبير على السياحة، وقد أدى بسرعة إلى عكس الوتيرة المرتفعة التي عرفتها تلك الوجهات العام الماضي".
انخفاض كبير بالرحلات الجوية
وأثرت الحرب على جميع القطاعات المرتبطة بالسياحة والسفر، حيث قلصت شركات السفر الدولية رحلاتها أو أجّلتها.
وأعادت خطوط الرحلات البحرية نشر السفن، بينما خفضت شركات الطيران خدماتها بشكل كبير في المنطقة.
وشعر العديد من المسافرين، الذين استجابوا لتحذيرات حكوماتهم ومخاوفها، بالقلق بشأن زيارة المنطقة، ما أدى إلى حملة واسعة من إلغاء الرحلات.
ويخشى منظمو الرحلات السياحية المحليون من أن يكون تأثير "حرب طويلة الأمد في المنطقة" أكثر ضررا بمستقبل القطاع.
وفي حين تستمر الهدنة بين حماس وإسرائيل ليومها السابع ما تزال هناك خشية من استئناف الحرب التي بدأت بهجوم حماس على إسرائيل في 7 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، قبل أن تبدأ إسرائيل في قصف للقطاع دام نحو 49 يوما.
وجهات سياحية فارغة
وقال المستشار في شركة "أميسول ترافيل مصر"، خالد إبراهيم، للصحيفة "نأمل جميعا ألا تتصاعد هذه الحرب وتحطم الآمال التي كان العرب والإسرائيليون على حد سواء يتمسكون بها".
وقال إن "أميسول ترافيل" لم تتلق سوى 40 إلى 50% من حجوزاتها النموذجية للأشهر بين شباط/ فبراير وأيلول/ سبتمبر 2024.
من جانبه، يعتقد حسين عبد الله، المدير العام لشركة "لبنان للسياحة والسفر"، أن "لبنان كله آمن بنسبة 100%"، لكنه قال إنه لم يتلق حجزا واحدا منذ بدء الحرب، مما أنهى "عامًا جيدًا للغاية" قبل الأوان.
وأضاف أن المواقع السياحية مثل مغارة جعيتا ومعابد بعلبك المدرجة على قائمة اليونسكو للتراث العالمي، والتي تستقبل عادة آلاف الزوار يوميا، أصبحت فارغة الآن.
وقال أوليفييه بونتي، نائب رئيس شركة "فوروورد كيز"، وهي شركة لتحليل البيانات تتعقب حجوزات السفر الجوية العالمية "إن الطلب في معظم دول الشرق الأوسط يتدهور".
وفي الأسابيع الثلاثة التي تلت 7 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، انخفضت حجوزات الطيران إلى الشرق الأوسط بنسبة 26% مقارنة بالحجوزات في نفس الفترة من عام 2019.
إسرائيل المتضرر الأكبر
وانخفضت التذاكر القادمة إلى إسرائيل إلى أقل من سالب 100%، مقارنة بالفترة المماثلة من عام 2019، حيث تجاوزت عمليات الإلغاء عدد التذاكر الجديدة الصادرة.
وقال بونتي إن الصراع بين إسرائيل وحماس "أضعف ثقة المستهلك في السفر إلى أماكن أخرى".
ووفقًا لتحليل "فوروورد كيز"، تراجعت حجوزات الطيران إلى جميع مناطق العالم، حيث انخفضت بنسبة 5% في الأسابيع التي تلت الحرب مباشرة، مقارنة بالأسابيع المقابلة من عام 2019.
وجاءت الحرب في وقت كانت فيه السياحة في الشرق الأوسط تشهد ارتفاعا قويا منذ انتهاء وباء كورونا.
الوافدون للشرق الأوسط
وفي الفترة من كانون الثاني/ يناير إلى تموز/ يوليو من هذا العام، كان عدد الزوار الوافدين إلى الشرق الأوسط أعلى بنسبة 20% من نفس الفترة من عام 2019، مما جعلها المنطقة الوحيدة في العالم التي تجاوزت مستويات ما قبل الوباء، وفقًا لمنظمة السياحة العالمية التابعة للأمم المتحدة.
وقبل أسبوع واحد فقط من الحرب، قال أحمد عيسى، كبير مسؤولي السياحة في مصر، لوكالة "أسوشيتد برس" إن هناك "طلبًا غير مسبوق على السفر إلى مصر"، حيث زارها نحو 10 ملايين شخص في النصف الأول من هذا العام.
وكانت الحكومة المصرية، التي تأمل في تسجيل رقم قياسي يبلغ 15 مليون زائر في عام 2023، تسعى إلى زيادة عدد غرف الفنادق ومقاعد الطائرات المتاحة، في إطار الجهود الرامية إلى تشجيع زيادة الاستثمار الخاص في السياحة.
يذكر أن الحكومتان الأميركية والكندية، على سبيل المثال، لا تشجعان السفر إلى إسرائيل ومصر ولبنان.
وكانت وزارة الخارجية الأميركية المواطنين الأميركيين، أوصت مواطنيها بمغادرة لبنان بينما ما تزال الرحلات الجوية متاحة.
أما بالنسبة للأردن، تنصح كل من الولايات المتحدة وكندا الزوار بتوخي المزيد من الحذر.
في غضون ذلك، تراجعت الرحلات الجوية إلى إسرائيل بأكثر من النصف، مع ما يزيد قليلاً عن ألفي رحلة جوية مقررة هذا الشهر مقارنة بنحو 5000 رحلة خلال تشرين الثاني/ نوفمبر 2022، وفقًا لبيانات من شركة "سيريوم" لتحليلات الطيران.
ولم تستأنف شركات الطيران الأميركية الكبرى، التي علقت رحلاتها المنتظمة إلى المطار الرئيسي في إسرائيل بعد وقت قصير من بدء الحرب.
ولبنان ومصر والأردن، التي هي من الدول الأقرب جغرافيا إلى الصراع، تعتمد بشكل كبير على السياحة.
عائدات السياحة
ويساهم القطاع بما يتراوح بين 12 و26% من إجمالي الأرباح من الخارج لهذه الدول الثلاث، وفقا لتقرير حديث صادر عن مؤسسة S&P Global Ratings، وهي مؤسسة دولية للتصنيف الائتماني.
ووفقا للتقرير الذي نُشر في 6 تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري، فإن "هذه البلدان، المجاورة المباشرة لإسرائيل وغزة، أكثر عرضة لتباطؤ السياحة، نظراً للمخاوف بشأن المخاطر الأمنية المرتبطة بالصراع".
وجاء في التقرير أن "الأزمة في غزة أو التصعيد الخطير في الضفة الغربية يمكن أن يؤدي إلى موجة جديدة من اللاجئين التي من شأنها أن تثقل كاهل الاقتصادات في المنطقة".
المصدر: شفق نيوز
كلمات دلالية: العراق هاكان فيدان تركيا محمد شياع السوداني انتخابات مجالس المحافظات بغداد ديالى نينوى ذي قار ميسان اقليم كوردستان السليمانية اربيل نيجيرفان بارزاني إقليم كوردستان العراق بغداد اربيل تركيا اسعار الدولار روسيا ايران يفغيني بريغوجين اوكرانيا امريكا كرة اليد كرة القدم المنتخب الاولمبي العراقي المنتخب العراقي بطولة الجمهورية الكورد الفيليون الكورد الفيليون خانقين البطاقة الوطنية مطالبات العراق بغداد ذي قار ديالى حادث سير الكورد الفيليون مجلة فيلي عاشوراء شهر تموز مندلي الشرق الاوسط قطاع السياحة حرب غزة الشرق الأوسط من عام 2019
إقرأ أيضاً:
من مركزية إعلان البندقية 1982 إلى هوامش حرب غزة 2023
إذا كان استنفار بلدان الاتحاد الأوروبي لطاقاتها لمواجهة تداعيات الحرب الروسية-الأوكرانية يمثل سببا أساسيا للتراجع الأوروبي الراهن في منطقتنا مثلما يشكل تعقد صراعات المنطقة منذ نشبت الحرب في غزة 2023 سياقا طاردا للجهود الأوروبية، فإن ثمة أسبابا أخرى تستحق التسمية والتفسير.
فقد أسفر الابتعاد التدريجي للولايات المتحدة عن الشرق الأوسط عن الحد من أدوار الأوروبيين الذين اعتادوا الاستفادة من نفوذ القوة العظمى ومن الضمانات الأمنية التي قدمتها ومن التجارة الحرة التي رعتها لتطوير علاقات واسعة مع بلدان المنطقة، دوما ما كانت في مقدمتها إمدادات الطاقة إلى أوروبا وصادرات السلاح منها إلى بلدان المنطقة بالإضافة إلى الاهتمام بقضايا الأمن الإقليمي ومكافحة الإرهاب والحد من الهجرة غير الشرعية.
ضيق تراجع الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، إذا، من مساحات حركة الأوروبيين الذين اعتادوا أن ينشطوا دبلوماسيا وسياسيا حين تنشط حليفتهم على الجانب الآخر من المحيط الأطلسي. وها هم يستسلمون اليوم في صمت لغياب الدور الأمريكي في العراق بعد الانسحاب، وفي سوريا باستثناء مواجهة بقايا تنظيم داعش، وفي لبنان المتروك لفشل الدولة، وفي إسرائيل وفلسطين حيث لا شيء غير الحرب في غزة والمزيد من التصعيد والاستيطان والتطرف والعنف في الضفة الغربية والقدس والعجز الأمريكي عن الضغط على اليمين المتطرف في إسرائيل، وفي ليبيا حيث لا حلول سياسية يجري التفاوض عليها لإعادة بناء مؤسسات الدولة وضمان السلم الأهلي ولإخراج القوات الأجنبية ونزع سلاح الميليشيات. حتى في الملفات التي نشط بها الأوروبيون، كحرب اليمن وإدارة الملف النووي الإيراني، فلم تسفر جهودهم عن الشيء الكثير.
تابع الأوروبيون تنامي الدور الصيني في الشرق الأوسط في قلق شديد، وفسروه استراتيجيا كخصم مباشر من نفوذ الغرب بشقيه الأمريكي والأوروبي مثلما باتت الدبلوماسيات الأوروبية تنظر إلى دور الصين في إفريقيا (خاصة غربها) كعملية إزاحة طويلة المدى هدفها طرد أوروبا من القارة السمراء.
غير أن خوف الأوروبيين من تنامي دور الصين في الشرق الأوسط وعجزهم عن ممارسة النفوذ في المنطقة في ظل تراجع دور وأوراق الولايات المتحدة، فرض استسلامهم إلى قراءة صراعية لدور الصين. وتلك قراءة تصطنع من الصين «الاتحاد السوفييتي الجديد» في منطقتنا، وتدفع في اتجاه محاصرة دورها على الرغم من أن وساطتها بين إيران والسعودية قد ترتب سلاما دائما في اليمن وتخفض من مناسيب الصراع الإقليمي في الخليج وعموم المنطقة، وهو ما يتلاقي مع ما تريده أوروبا.
والحقيقة أن خوف الأوروبيين يعود إلى توجسهم من استحواذ الصين على ما تبقى لهم من حصص في التجارة مع الخليج وعموم الشرق الأوسط، ومن تنامي صادرات السلاح الصيني على نحو يفقد أوروبا، خاصة بريطانيا وفرنسا وألمانيا، سوقا هاما لتصدير أسلحتهم.
راقب الأوروبيون خلال السنوات الماضية كيف أصبحت الصين الشريك التجاري الأول لبلدان مجلس التعاون الخليجي، وتشعبت علاقات الصين والخليج لتتجاوز إمدادات الطاقة والمنتجات الصناعية إلى التعاون في مجالات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات ومشروعات البنية التحتية والطاقة المتجددة وصادرات السلاح. على سبيل المثال، تضاعفت حصة صادرات السلاح الصينية بين 2018 و2022 بنسبة 200 بالمائة وصارت تستحوذ على 5 بالمائة من سوق السلاح في الشرق الأوسط. ويؤشر ذلك بوضوح على تنامي الدور العسكري والأمني الصيني.
تابع الأوروبيون ذلك، مثلما تابعوا إكثار الإدارات الأمريكية المتعاقبة من الحديث عن الانسحاب من الشرق الأوسط والتوجه نحو آسيا حيث الفوائد «العظيمة» اقتصاديا وتجاريا وتكنولوجيا وحيث الميدان الأوسع للمنافسة الأمريكية-الصينية على قيادة النظام العالمي.
وفي مقابل مقولات الانسحاب الأمريكية، ركزت الصين على تقوية علاقاتها مع كافة بلدان الشرق الأوسط وبمعزل تام عن تناقضات المصالح والسياسات فيما بينها. طورت الصين شراكة استراتيجية مع إيران بها تعاون اقتصادي وتجاري وعسكري ضخم، ووسعت تعاونها مع السعودية إلى الحد الذي صارت معه الشركات (الحكومية) الصينية من أهم موردي تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والبنية التحتية لمشروعات رؤية 2030 ورفعت على نحو غير مسبوق من مستويات استثماراتها الاقتصادية واستثمارات البنية التحتية في مصر، وحافظت على علاقاتها الجيدة مع إسرائيل التي تتشارك معها مجالات البحث العلمي والتطوير التكنولوجي ومشروعات الطاقة المتجددة. ومكنت العلاقات الوطيدة مع إيران والسعودية، وعلى الرغم من تناقضات المصالح والسياسات بين البلدين فيما خص أمن الخليج وفي اليمن، تمكنت الصين من الوساطة الناجحة لاستئناف العلاقات الدبلوماسية بينهما واعتماد مبدأ عدم التدخل في شؤون الغير كأساس للأمن الإقليمي والشروع في مفاوضات سلام دائم في اليمن.
نجحت الصين أيضا بعلاقاتها الجيدة مع كافة بلدان الشرق الأوسط في تنشيط العمل الدبلوماسي متعدد الأطراف على النحو الذي أسفر مؤخرا عن انضمام مصر والسعودية والإمارات وإيران كدول كاملة العضوية في تجمع «بريكس» ونتج عنه قبل ذلك مؤتمرات قمة متتالية بين الصين وبين أطراف شرق أوسطية متعددة.
والحقيقة أيضا أن خوف الأوروبيين من ضياع نفوذ الغرب الأمريكي والأوروبي وصعود الصين له سياقات عالمية لا يمكن إنكارها. وهنا الأمر الثالث الذي يتعين تناوله بالتفسير.
في خطاب ألقته العام قبل الماضي، طالبت السيدة أورسولا فون دير لاين، رئيسة مفوضية الاتحاد الأوروبي بضرورة صياغة سياسة أوروبية موحدة تجاه الصين. وحددت أهدافها في استعادة التوازن الغائب عن العلاقات الاقتصادية والتجارية والتكنولوجية مع العملاق الآسيوي، حماية الاتحاد الأوروبي (خاصة بلدانه الصغيرة) من الوقوع في فخ التبعية الاقتصادية والتجارية للصين.
بدو أوروبا وكأنها تسارع الخطى للالتحاق بالولايات المتحدة في التعامل مع الصين
وقد سيطر على خطاب فون دير لاين الخوف من ضغوط صينية محتملة على الاتحاد الذي تستورد بلدانه الكثير من العملاق الآسيوي والذي قد يتعرض بفعل هذه الضغوط لما يشبه الابتزاز الروسي الموظف لإمدادات الغاز الطبيعي والبترول كوسيلة للضغط على الأوروبيين بهدف التاثير على قراراتهم في السياسة الخارجية. ولمواجهة الصين، أكدت رئيسة المفوضية على تثبيت دعائم التحالف الاستراتيجي مع الولايات المتحدة لكي يتمكن الغرب من تحجيم الخطر الذي ينتج عن علاقات اقتصادية وتجارية واستثمارية ضخمة ومتشعبة مع الصين.
ولذلك تبدو أوروبا وكأنها تسارع الخطى للالتحاق بالولايات المتحدة في التعامل مع الصين من داخل خانات حرب باردة تستهدف أمريكيا إضعاف الصين وأوروبيا تجنب الوقوع في فخ التبعية لتكنولوجيتها وصادراتها واستثماراتها.
أما فيما خص روسيا، فالتنازعات والتناقضات الأوروبية-الأوروبية تحول دون وجود خط سياسي واضح وترتيب دعم عسكري ومالي مستمر من قبل البعض لأوكرانيا وتحفظ أو امتناع من قبل البعض الآخر. ليس في تبعية الأوروبيين للسياسات الأمريكية تجاه الشرق الأوسط وتأثرهم بحالها، صعودا وهبوطا، سوى تعبير استراتيجي عن حال القارة العجوز في داخلها وفي كافة أقاليم العالم الواقعة خارجها.
من يبحث اليوم في أوضاع منطقتنا وأحوال القوى العظمى المتنافسة على النفوذ والمصالح بين الخليج والمحيط، سيكتشف المحدودية البالغة للدور الراهن للاتحاد الأوروبي الذي بات همه الوحيد هو الحد من الهجرة غير الشرعية عبر البحر المتوسط.
القدس العربي