لجريدة عمان:
2025-12-15@03:51:20 GMT

هل آن أوان جائزة الدولة التقديرية للعُمانيين ؟!

تاريخ النشر: 14th, December 2025 GMT

من حين إلى آخر، تعلو نبرة مُتشنّجة حول مزاحمة الكُتّاب أصحاب المشاريع المُتحققة -إن صح القول- للكتّاب الشباب أصحاب الإصدارات الأولى، في الجوائز المحلية على قلّتها. إذ يقعُ الكاتبُ العُماني اليوم في مأزق حاد بين جائزتين يتيمتين: جائزة السلطان قابوس للثقافة والفنون والآداب، والتي تُعدّ جائزة تشجيعية على المستوى المحلي، إذ تقدّر عملا واحدا لكاتب من دون أن تنشد تجربته الكاملة، غير أنّ قيمتها المالية كبيرة نسبيا مقارنة بجوائز محلية أخرى.

وجائزة جمعية الكتّاب والأدباء، التي تُركّز على الإصدار في حدّ ذاته، بغضّ النظر عن مسار الكاتب أو مشروعه الأدبي. 

وبين هذين الخطّين المتباعدين في الشروط وفي القيمة المادية، يتجلّى الغياب الحادّ واللافت لجائزة الدولة التقديرية، بوصفها الحلقة المفقودة التي يعول عليها تجسير الهوّة. وليس من الإنصاف في هذا السياق لوم طبيعة الجائزتين أو اشتراطاتهما أو حتى قيمتهما المادية، إذ إن لكلٍّ منهما فلسفته التي صُمِّمت عليها منذ البداية. 

وبينما نؤكدُ على أهمية ألّا تنحسر مشاركة الأسماء الجادّة، سواء من الكتّاب الشباب أو من أصحاب التجارب المُتحقّقة، كيلا تغدو الجوائز القائمة من نصيب الكتابة السطحية والساذجة، إلا أنّ ذلك لا يُلغي السؤال الجوهري: متى سنصلُ إلى قناعة راسخة بأنّ جائزة الدولة التقديرية ليست ترفًا ثقافيًا، بل ضرورة أصيلة، تُحقّق للكاتب بُعدين أساسيين: بُعدا معنويا يتمثّلُ في التعريف به وتمنح تجربته التفات الصحافة والنقد؛ وبُعدا ماديا: يتيحُ للكاتب الاستمرار دون أن يستنزفه قلقٌ من ضيق العيش. 

«في حوار لافت مع ساراماغو على شبكة الإنترنت، وجوابًا على سؤال طرحه أحد المشاركين حول ما إذا كان مُستعدًا لنشر رواياته على الشبكة مجانًا، قال ساراماغو: لمَ لا؟ نعم، إننا على استعداد لنشرها دون مقابل، إذا كان الخبازون وباعة الأجبان والملابس والأحذية والدفاتر مُستعدين لتقديم بضاعتهم بدون مقابل أيضًا!»، وقد أشارت فرجينيا وولف، مبكرًا في عام 1929، في كتابها «غرفة تخصّ المرء وحده» إلى هذه الحاجة الجوهرية حين أكدت على أنّ الكاتب يحتاج إلى «مال وغرفة إذا أراد أن يكتب الأدب». 

غياب جائزة الدولة التقديرية، بتعدّد فروعها التي يمكن أن تشمل مختلف الأشكال الكتابية، وباشتراطات تُراعي الفروق بين أصحاب المشاريع المتحققة والتجارب الشابة، يدفعُ الكاتب العُماني إلى خوض منافسات عربية وخليجية كبرى -وهو أمرٌ لا يختلفُ اثنان على أهميته- غير أنّه في الوقت نفسه، يُكرّس غياب المساندة المؤسسية المحلية، ويكشف عن خلل في الرؤية الثقافية العامّة! 

لاسيّما وأنّ الغالبية الساحقة من هؤلاء الكُتّاب لن يتمكنوا من بلوغها! 

الكتابة المُضنية تأخذُ من الكاتب الجاد وقته وحياته، وعندما يغدو غير قادر على الاستمرار، سيُفسح المجال للكائنات «المسترزقة» لأن تطفو على السطح. 

يُذكرني الأمر بما قالته توني موريسون: «عليك أن تبقى حيًّا وأنت تكتب»، لأنّ فكرة التضحية مع أجل الكتابة باتت فكرة رومانسية على نحو بغيض ومُجرد من النُبل! إذ لا ينبغي للكاتب أن يخوض معاركه وحيدا وكأننا نُقوضه أو ندفعه للتآكل. 

فالاستقلال الرمزي للكاتب لا يُلغي تقدير منجزه الذي يُحدثُ أثرا في الطيات الأعمق من المجتمعات. 

لنقل ذلك بقدر من الصدق: نحن نعيشُ في بيئة ثقافية تعاني هشاشة الدعم، وضعف التلقي، وغياب النقد الجاد. ومن هنا، يمكن لجائزة الدولة التقديرية -بوصفها استحقاقا سنويا- أن تتحوّل إلى مُنشّطٍ أصيل لحالة الركود هذه؛ تُحرّك فعل الكتابة، وتستدعي المراجعات الصحفية والنقدية، وتُعيد إشعال جذوة السجال الثقافي. وفي هذا كلّه، تكمنُ البذور الأولى لتشكيل وعيٍ جماعيّ أنّ الكتابة ممارسة مركزية تصبُّ في خزان الذاكرة الجمعية، وتلتقطُ دبيب حياتنا. 

ومن الضروري، أيضا التأكيد على أهمية أن تحظى جائزة من هذا النوع برؤية ثقافية واضحة، تتجاوز الطقوس الاحتفالية الزائفة والمجانية لصالح المضامين والقيمة الرصينة. لا ينبغي أن يبقى الكاتب العُماني في ظلّ التجاهل، أو في انتظار جائزة تُنتشله من واقعه. فالتقدير الحقيقي يبدأ دوما من الداخل. فالعمل الشاق، غير المنظور، الذي يُنجزه الكاتب وحيدا في عزلته، لا بد أن يرى الضوء في آخر النفق!   

هدى حمد كاتبة عُمانية ومديرة تحرير مجلة «نزوى» 

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: جائزة الدولة التقدیریة

إقرأ أيضاً:

فاطمة البلوشي.. مروِّضة خيول تتحدى الصعوبات

خولة علي (أبوظبي) بدأت الفارسة الإماراتية فاطمة البلوشي رحلتها في عالم ترويض الخيل، مدفوعة بحب عميق لهذه الرياضة، ورغبة قوية في إثبات أن الإرادة تتفوق على أي تحدٍ، انطلقت من الإسطبلات الأميرية في أبوظبي، حيث وجدت البيئة الداعمة التي صقلت موهبتها، لتشق طريقها بثبات نحو رياضة «البارا دريساج»، وتحول شغفها بالفروسية إلى قصة نجاح تلهم أصحاب الهمم، وتؤكد أن الطموح والعمل الجاد هما السبيل لتحقيق الأحلام والريادة.

إنجاز مبهر عن بداياتها
تقول فاطمة: «بدأت رحلتي من الإسطبلات الأميرية في أبوظبي، وهناك وجدت فريقاً مؤمناً بقدراتي وداعماً لمسيرتي، حتى أصبحت الفروسية بالنسبة لي شراكة وثقة وتحدياً، وشعرت بأنها مكاني، حيث انطلق مشواري بالتدريب والطموح».
طريق فاطمة البلوشي لم يكن سهلاً، فرياضة الترويض تتطلب دقة عالية وفهماً عميقاً لكل حركة، وتصف هذا التحدي قائلة: «رياضة الترويض تحتاج إلى تركيز وتفاصيل دقيقة، وهذه التحديات لم تثنني عن مواصلة حلمي، فواجهتها بالإصرار ودعم المحيطين بي، وقد تُوج هذا الإصرار بإنجاز مبهر حين حصلت على التصنيف الدولي Grade 3، من الاتحاد الدولي للفروسية، بعد أشهر من التدريب، ما جعلني أؤمن بأنه لا مستحيل أمام العمل بجد وثقة وإيمان». كما خضعت للتدريب المكثف في بريطانيا، حيث تعلمت تقنيات متقدمة وتعرفت على مدربين دوليين، وبالإرادة نجحت في تحقيق هذا الإنجاز.
رسائل ملهمة
لم تكتف فاطمة بتحقيق إنجازاتها الرياضية، بل جعلت من منصات التواصل الاجتماعي نافذة لنشر رسائلها الملهمة. وتقول: «أشارك الناس رحلتي، وأثبت أن الطموح لا يعرف حدوداً، وذلك من خلال استخدام منصات التواصل في نشر الوعي برياضة الفروسية ودعم أصحاب الهمم».

أخبار ذات صلة «الهدف الذهبي» يُتوِّج الحبتور بطلاً لكأس ونستون تشرشل للبولو الذكاء الاصطناعي في الإمارات.. تجربة ملهمة وريادة تؤكدها الأرقام

كما تعبر عن شغفها بالأعمال التطوعية، وتسعى لأن تكون جزءاً من أي مبادرة تطوعية تخدم المجتمع، ما يمنحها طاقة إيجابية.
وتضيف: «طموحي أن أصل إلى العالمية، وأمثّل الإمارات في (بارالمبياد 2028)، وأكون شخصية ملهمة لأصحاب الهمم، مؤكدة قدرة هذه الفئة على الوصول إلى أحلام بعيدة المنال».وتذكر فاطمة البلوشي أن دولة الإمارات هي خير داعم لمسيرتها ومسيرة أصحاب الهمم، قائلة: «دولتنا سبّاقة في تمكين أصحاب الهمم، سواء في الرياضة أو في المجالات الأخرى، في ظل دعم القيادة الرشيدة، وتوفير فرص وبرامج تأهيل على أعلى المستويات، ما يشعرنا بأننا جزء مهم من الوطن».

مقالات مشابهة

  • بين روايته «حانة الست» وفيلم «الست».. الكاتب محمد بركة يصدر بيانا مثير للجدل
  • عجلة الإحلال المعطّلة.. من يُحاسَب على تسريح العُمانيين؟
  • نائب القائد العام: نبارك إجراء الانتخابات البلدية ونؤكد دعمنا للاستحقاقات الوطنية التي تدعم مسار بناء الدولة
  • عام الرحيل الثقافي.. مصر تودّع قامات بارزة من الكتابة والنشر والنقد خلال 2025
  • فاطمة البلوشي.. مروِّضة خيول تتحدى الصعوبات
  • عبر الخريطة التفاعلية.. ما أهمية المنطقة التي وقع فيها كمين تدمر؟
  • مدبولي يؤكد دعم الدولة لمختلف المشروعات الثقافية المتنوعة التي تستهدف تقديم الخدمات خاصة للشباب والنشء
  • «المجلس العربي للآثاريين» يتوّج «دبي للثقافة» بجائزته التقديرية
  • مصطفى بكري يُشيد بسرعة ضبط المتهمين بمحاولة اغتيال الكاتب الصحفي عبده مغربي