لبنان أولاً.. تقرير لـThe Hill: كيف يمكن تجنب حرب واسعة النطاق مع إسرائيل؟
تاريخ النشر: 1st, December 2023 GMT
منذ أن شنت حماس هجومها على إسرائيل في السابع من تشرين الأول، بدأت الاشتباكات المحدودة نسبياً بين حزب الله وإسرائيل على الحدود. ومع ذلك، تبقى إمكانية تجنب توسع رقعة الصراع إلى حرب واسعة النطاق بين الطرفين ممكنة.
وبحسب صحيفة "The Hill" الأميركية، "لقد عانى لبنان من صراعات لا تعد ولا تحصى، وعانى الشعب اللبناني بما فيه الكفاية بسبب القوى الأجنبية وقوى الداخل.
وتابعت الصحيفة، "إن الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله مخلص للجمهورية الإسلامية الإيرانية، وحتى لو كان للحزب ممثلون في المجلس النيابي، إلا ان أمينه العام لم يشغل أي منصب رفيع. وعلى الرغم من الفصل بين السلطات المنصوص عليه في الدستور اللبناني، فإن نصرالله غير المنتخب وغير الخاضع للمساءلة لا يزال أقوى شخصية في تاريخ لبنان. وفي وقت سابق من هذا الشهر، انتظر الملايين خطاب نصرالله متخوفين من أن يقود حزب الله لبنان إلى المسار المدمر المتمثل في حرب واسعة النطاق مع إسرائيل".
وأضافت الصحيفة، "في عام 2006، قاد نصرالله لبنان إلى الموت والدمار بعد أن اختطف حزبه جنديين إسرائيليين. وبعد سنوات، اعترف نصرالله بأنه لو كان يعلم أن تصرفات حزب الله ستؤدي إلى مثل هذه الحرب المدمرة، لما فعل ذلك. حينها، حصل لبنان على تمويل من الغرب والمملكة العربية السعودية والكويت وقطر لإعادة إعمار البلاد، لكن الوضع تغير اليوم. ومنذ ذلك الحين، صنف الاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية ومجلس التعاون الخليجي الجناح العسكري لحزب الله كمنظمة إرهابية. ومن غير المرجح أن يكون لدى أي من هذه الدول القدرة على تحمل المخاطر لتمويل إعادة إعمار لبنان إذا استمر حزب الله في هذه الحرب التي يمكن تجنبها مع إسرائيل".
وبحسب الصحيفة، "أياً كان قرار حزب الله، فإن تصعيد الصراع المنخفض الحدة إلى حرب واسعة النطاق مع إسرائيل لن ينقذ اقتصاد لبنان أو يحسن الظروف المعيشية لشعبه. وفي الواقع، هناك عدد لا يحصى من السياسات البديلة التي يمكن للبنان اتباعها لتحسين موقعه الاستراتيجي، وخير مثال على ذلك أن الحرب الأخيرة بين حزب الله وإسرائيل انتهت قبل أكثر من 17 عاما. ومع ذلك، لم ينسحب حزب الله بعد من شمال نهر الليطاني، بموجب قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701، ناهيك عن نزع سلاحه بموجب القرار 1559. وفي الواقع، تزايدت ترسانة أسلحة حزب الله بشكل كبير لتصل إلى ما يقدر بنحو 150 ألف صاروخ موجه نحو إسرائيل".
ورأت الصحيفة أنه "إذا كان لبنان يفتقر إلى الآليات المؤسسية، والقوة القسرية، والإرادة السياسية اللازمة لنزع سلاح أقوى جهة فاعلة غير حكومية في العالم، فلا بد من التسوية من خلال دمج الجناح العسكري لحزب الله في القوات المسلحة اللبنانية. وفي الحقيقة، لا يوجد سبب قانوني أو عملي لعدم إخضاع حزب الله لقيادة الجيش طوال هذه السنوات".
وبحسب الصحيفة، "إن المجتمع الدولي ملتزم بنجاح لبنان، فقد استثمرت الولايات المتحدة وحدها أكثر من 3 مليارات دولار في بناء وتدريب وتسليح الجيش منذ عام 2006، وفي عام 2023، ساعدت الولايات المتحدة حتى في دعم رواتب الجيش. كما وتدفع واشنطن أيضًا الجزء الأكبر من الميزانية السنوية البالغة أكثر من 500 مليون دولار لقوات حفظ السلام البالغ عددها 13 ألف جندي من عشرات الدول الذين يعملون ضمن قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان، والتي دخلت الآن العام الخامس والأربعين من ولايتها "المؤقتة". إن هذه القوة المؤقتة لم تفعل إلا القليل لمساعدة لبنان على تنفيذ قرارات مجلس الأمن الملزمة قانوناً والتي يخضع لها، ولم تفعل أي شيء لمنع حزب الله من شن هجمات ضد إسرائيل. وفي الواقع، ينبغي أن يتلقى الجيش هذا التمويل، وينبغي له أيضاً أن يكون مسؤولاً عن الدفاع عن حدود لبنان الجنوبية مع إسرائيل بدلاً من حزب الله".
وتابعت الصحيفة "يستطيع الجيش الإسرائيلي أن يفعل ببيروت ما يفعله بغزة. وكان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش واضحا في ما يتعلق بتداعيات قيام حزب الله بتصعيد الصراع إلى حرب واسعة النطاق: "لبنان لن ينجو". في الحقيقة، ليس أمام الشعب اللبناني خيار سوى العيش بجوار 10 ملايين إسرائيلي، وإذا كان ملالي طهران يريدون تدمير دولة إسرائيل، فعليهم أن يفعلوا ذلك بدمائهم وأموالهم، وليس بدماء اللبنانيين. ومثل اتفاقية الحدود البحرية التاريخية التي توسطت فيها الولايات المتحدة بين لبنان وإسرائيل، يمكن تسوية كل القضايا العالقة بين بيروت وتل أبيب من خلال آليات بديلة لحل النزاعات بدلاً من الحرب الواسعة النطاق".
وختمت الصحيفة، "ضعوا لبنان أولاً وتجنبوا حربا واسعة النطاق مع إسرائيل". المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: حرب واسعة النطاق حزب الله فی عام
إقرأ أيضاً:
وزير المالية السوداني: وقف الحرب أولا وشعبنا سيحكم نفسه بنفسه
وفي حلقة جديدة من بودكاست "ذوو الشأن"، سلط الدكتور جبريل إبراهيم، الذي يترأس حركة العدل والمساواة، الضوء على مسيرته الحافلة بالتحولات، من قرية طينية نائية على الحدود التشادية إلى أروقة السياسة والاقتصاد في السودان، مرورا بتجربة دراسية وعملية غنية في اليابان والسعودية ولندن.
وتناول الوزير السوداني الأوضاع الاقتصادية الراهنة، معترفا بصعوبتها جراء الحرب، لكنه نفى وجود مجاعة شاملة، مشيرا إلى وفرة الإنتاج الزراعي ومشكلة رئيسية في إيصال الغذاء للمتضررين، كما تطرق إلى جذور الصراع في دارفور، وخلفيات تأسيس حركة العدل والمساواة، وموقفه من حمل السلاح.
بدأ الدكتور جبريل إبراهيم حديثه مستذكرا طفولته في قرية صغيرة قرب الطينة، المحاذية لتشاد، حيث الحياة القاسية وشظف العيش. وقال "الناس تتنقل نصف اليوم للوصول إلى مصادر المياه، وتعُود نصف اليوم الآخر"، واصفا كيف قاده إعجابه بمظهر أخيه الأكبر الأنيق إلى الالتحاق بالمدرسة.
وروى كيف تنقل بين المدارس الداخلية من الطينة إلى الفاشر، ثم إلى جامعة الخرطوم، مواصلا "انزياحا شرقا" أوصله إلى اليابان، التي يسميها البعض "بلاد الوقواق"، موضحا أن اسمها الحقيقي "واكوكو" يعني "بلاد السلام".
إعلانوأمضى إبراهيم 7 سنوات في اليابان، حيث درس الاقتصاد وأتقن اللغة اليابانية، التي بدأت تتآكل بمرور الزمن، على حد قوله. وعن تجربته هناك، ذكر كيف كان الأفارقة منظرا غريبا لليابانيين، خاصة في القرى، حيث كان الأطفال يتجمعون حولهم.
تكوين ورؤى اقتصاديةوبعد اليابان، انتقل وزير المالية للعمل في السعودية لمدة 4 سنوات، مدرسا للاقتصاد في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، قبل أن يعود إلى السودان حيث كُلف بتأسيس شركة "عزة" للنقل الجوي، وهو الاسم المستعار الذي كان يُطلق على السودان إبان الاستعمار.
ثم غادر إلى تشاد ومنها إلى الإمارات، قبل أن يستقر في لندن لاجئا بعد أن طلبت الحكومة السودانية آنذاك تسليمه، وأوضح أن اتهامه بدعم الثورة في دارفور كان السبب وراء طلب تسليمه.
وعن الأوضاع الاقتصادية الحالية، أقر إبراهيم بصعوبتها، مشيرا إلى أن معظم النشاط الاقتصادي ومصادر إيرادات الدولة كانت متمركزة في العاصمة الخرطوم التي تضررت بشدة، وأكد أن الدولة لم تصل إلى الصفر في إيراداتها، وتعتمد حاليا على مواردها الذاتية من ضرائب وجمارك وعوائد الذهب.
ونفى الوزير وجود مجاعة شاملة، مؤكدا أن إنتاج السودان من الغلال يفوق الحاجة، وأن برنامج الغذاء العالمي يشتري الذرة من السودان لتصديرها، وأرجع شح الغذاء في بعض المناطق إلى ممارسات "المليشيا المتمردة" التي تمنع وصوله، فضلا عن فقدان القدرة الشرائية للمواطنين النازحين.
رؤية لإعادة البناءوطرح الدكتور جبريل إبراهيم رؤيته لإعادة بناء الاقتصاد السوداني، مرتكزة على محورين: الأول هو الاستثمار في "رأس المال البشري" عبر التعليم النوعي والخدمات الصحية، والثاني هو تطوير البنية التحتية المادية من طرق وجسور والسكك الحديدية وموانئ وشبكات خدمات.
وأشار إلى سعي وزارته قبل الحرب لرفع نصيب التعليم والصحة في الميزانية إلى 40%. ولتمويل البنية التحتية، دعا إلى شراكات إستراتيجية بنظام البناء والتشغيل ثم تحويل الملكية "بي أو تي" (BOT)، مؤكدا تهيئة البيئة التشريعية لذلك.
إعلانوفيما يتعلق بالمساعدات الخارجية، أوضح أن أموال الغرب "مُسيّسة"، وأن الدعم حاليا يأتي عبر طرف ثالث، غالبا وكالات الأمم المتحدة، بعد تصنيف التغيير في 25 أكتوبر/تشرين الأول 2021 انقلابا، وأشاد بالدعم الإغاثي من الدول العربية والخليجية وإيران وتركيا.
الحرب والسياسة والمستقبلوتطرق وزير المالية إلى الحرب الدائرة مع قوات الدعم السريع، معتبرا إياها "مشروعا إقليميا ودوليا كبيرا" وأن الدعم السريع "مجرد أداة تستخدم مرحليا"، وربط الصراع بأطماع في سواحل البحر الأحمر وموارد السودان المائية والزراعية والمعدنية، وربما بمحاولة "تغليف المسألة بمحاربة الإسلام السياسي".
وبشأن الأوضاع في الفاشر، أكد صمود المدينة أمام هجمات الدعم السريع المتكررة، قائلا "لن تسقط بإذن الله"، مشيرا إلى رمزيتها التاريخية كعاصمة لإقليم دارفور.
وعن موقفه من الحكم العسكري، قال إبراهيم إنه مع الحكم المدني تماما، وإن الظرف الحالي فرض وجودا عسكريا في السلطة، مددت الحرب عمره.
وأعرب عن ثقته في قدرة الشعب السوداني على تغيير الأنظمة العسكرية عبر الثورات، متوقعا حوارا سودانيا-سودانيا شاملا بعد الحرب لرسم خارطة طريق نحو انتخابات حرة.
وردا على تصريحات الفريق البرهان حول أداء بعض الوزراء، نفى الدكتور جبريل أن يكون من المقصودين، مؤكدا أن التعيينات في الدولة تخضع لإجراءات وقوانين تحد من سلطة الوزير المطلقة، وأن صلاحياته في التعيين المباشر تقتصر على 3 أشخاص.
جذور الصراع في دارفوروعاد إبراهيم بالذاكرة إلى نشأة حركة العدل والمساواة، مؤكدا أنها حركة قومية وليست قبلية أو إقليمية، تهدف إلى تحقيق العدالة والتنمية المتوازنة في كل أقاليم السودان. وأوضح أن فكرة الحركة تبلورت منذ عام 1995 نتيجة شعور بالظلم والتهميش.
وكشف الوزير أنه كان "الوحيد الذي اعترض على حمل السلاح" في المؤتمر الذي تقرر فيه ذلك بألمانيا، مفضلا الحوار، لكن قناعة الأغلبية كانت أن الحكومة آنذاك "لا تسمع إلا أصوات المدافع". ورغم ذلك، أكد أنه ليس نادما على خيار التمرد المسلح الذي فرضته الظروف.
إعلانوأرجع أسباب الصراع في دارفور إلى الشعور بالظلم من قبل المركز في توزيع الفرص والمشروعات التنموية، وإلى دور الحكومة أحيانا في "اللعب على التناقضات القبلية وتفضيل مكونات على أخرى"، مما أدى إلى تطاحن كبير.
واختتم الدكتور جبريل إبراهيم حديثه بالتأكيد على أن وقف الحرب هو الأولوية، وأن الشعب السوداني بعد ذلك "سيحكم نفسه بنفسه"، معربا عن تفاؤله بمستقبل السودان رغم التحديات الجسيمة.
30/5/2025