قال صندوق النقد الدولي إن الحرب في غزة سيكون لها تأثيرات اقتصادية كبيرة على دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لا سيما صاحبة الاقتصادات الأكثر حساسية للتقلبات، مثل لبنان ومصر والأردن، وكذلم شعوب تلك الدول.

وأوضح الصندوق، في مقال كتبه نائبا المديرة لمنطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، جون بلودورن وتالين كورانشيليان، وترجمه "الخليج الجديد"، أن حرب غزة جاءت أساسا في وقت اقتصادي صعب، حيث كان من المتوقع بالفعل أن يتباطأ النشاط الاقتصادي في المنطقة، لينخفض من 5.

6% في 2022 إلى 2% في 2023.

ولا يزال مدى التأثير على المنطقة غير مؤكد إلى حد كبير وسيعتمد على مدة الصراع وشدته وانتشاره، كنا يرى المقال.

ومن شأن صراع واسع النطاق أن يشكل تحديا اقتصاديا كبيرا للمنطقة.، ويتوقف احتواؤه على نجاح الجهود الدولية لمنع المزيد من التصعيد في المنطقة الأوسع.

اقرأ أيضاً

البنك المركزي الإسرائيلي: حرب غزة تكلفنا 53 مليار دولار

تخفيض توقعات النمو لعدة دول

ويمضي كاتبا المقال إلى القول بأن "الأمر المؤكد هو أن التوقعات الخاصة بالاقتصادات الأكثر عرضة للخطر بشكل مباشر سيتم تخفيضها وأن السياسات الرامية إلى حماية الاقتصادات من الصدمات والحفاظ على الاستقرار ستكون حاسمة".

وأشار المقال إلى أن الاقتصاد الإسرائيلي والفلسطيني سيكونان الأكثر معاناة من عواقب الحرب، متوقعاً امتداد التداعيات إلى البلدان المجاورة مثل لبنان ومصر والأردن، والتي تشكل السياحة رافدا محوريا لإيراداتها، وبالطبع أثرت الحرب سلبا على معدلات تدفق السياح إلى تلك الدول.

وقال المسؤولان في صندوق النقد الدولي إن "الاقتصادات المعتمدة على السياحة مثل لبنان، حيث انخفضت معدلات إشغال الفنادق بنسبة 45 نقطة مئوية في تشرين الأول/أكتوبر مقارنة بالعام الماضي، ستشهد تأثيرات غير مباشرة على النمو".

اقرأ أيضاً

بسبب حرب غزة.. صندوق النقد الدولي يدرس زيادة برنامجه لمصر

أسواق الطاقة

إلا أن تأثير الحرب بسوق الطاقة والأسواق المالية كان محدوداً ومؤقتاً، فبعد الارتفاع الذي تجلى في بداية الحرب، تراجعت أسعار النفط وأضحت أقل من المستويات التي بلغتها قبل الحرب، التي لم تُفضِ إلى انقطاع في الإنتاج. وفي الوقت نفسه، أشار التقرير إلى انخفاض أسعار الغاز الطبيعي، غير أنها تبقى مرتفعة بنسبة 25% من مستويات ما قبل النزاع.

وأشار المقال إلى أن ارتفاع حالة عدم اليقين حول الاتجاه الذي تتخذه الحرب يفضي إلى تراجع ثقة المستهلكين والشركات، الشيء الذي قد يؤدي إلى انخفاض الإنفاق والاستثمار.

وبحسب المقال، من الممكن أن تكشف الأزمات أيضا نقاط الضعف الأساسية، مما يؤدي إلى تفاقم المخاطر السلبية التي تهدد الآفاق المستقبلية.

وقد يؤدي ارتفاع علاوات المخاطر إلى ارتفاع تكاليف الاقتراض، وهو ما قد يؤثر بسرعة على الاقتصادات المثقلة بالديون.

علاوة على ذلك، يمكن أن تشهد الدول الهشة والمتأثرة بالصراعات في المنطقة، مثل الصومال والسودان واليمن، انخفاضًا في تدفقات المساعدات الحيوية إذا تحول تركيز المانحين بعيدًا ولم يتسع نطاق المساعدات الدولية لتلبية الاحتياجات العالمية المتزايدة.

اقرأ أيضاً

انكماش حاد وديون متزايدة.. حرب غزة تستنزف اقتصاد إسرائيل

خطر التصعيد

ويحذر المقال بشكل خاص من خطورة تصعيد الصراع ليتحول إلى ما يشبه حربا إقليمية، حيث ستنتشر الأبعاد الاقتصادية إلى ما هو أبعد من الجيران المباشرين إلى اقتصادات مثل العراق وإيران وسوريا واليمن. وكلما طال أمد الصراع، زاد تأثيره على السياحة والتجارة والاستثمار والقنوات المالية الأخرى.

ومن الممكن أن تزداد تدفقات اللاجئين بشكل كبير، مما يزيد من الضغوط الاجتماعية والمالية في البلدان التي تستقبلهم، وربما يتسبب في مزيد من الضعف طويل الأمد.

إعادة تشكيل مستقبل المنطقة

ويرى الكاتبان أن حرب غزة ستعيد تشكيل مستقبل المنطقة.

وأضافا: حيثما يكون التأثير الاقتصادي حادا، أو تكون المخاطر مرتفعة، فإن الإدارة الحكيمة للأزمات والسياسات الاحترازية ستكون حاسمة على المدى القريب، وقد تكون هذه الأزمة بمثابة بداية حقبة من عدم اليقين الشديد في العديد من البلدان إذا لم يتم التعامل معها على النحو اللائق.

اقرأ أيضاً

محادثات مصرية لرفع قرض صندوق النقد إلى 5 مليارات دولار

وبالنسبة إلى الدول التي تستعد لموجات الصدمة المحتملة المقبلة، فمن المهم ألا يغيب عن بالهم أجندة الإصلاح والقدرة على الصمود، وخاصة في ضوء التحديات الهيكلية القائمة والبيئة العالمية الأكثر عرضة للصدمات.

ويمضي الكاتبان بالقول إنه يتعين على البلدان أن تستعد من خلال تعزيز هوامش السياسات عند الحاجة وضمان الاستدامة المالية والخارجية، ويمكن أن تساعد الإصلاحات الهيكلية المصممة والمتسلسلة بشكل مناسب في دعم النمو على المدى القريب وآفاق النمو على المدى الطويل.

برامج صندوق النقد

وفي نهاية المقال، يحاول الكاتبان الترويج لما يصفانه بالأهمية الكبيرة لبرامج صندوق النقد الدولي في عدة دول، مثل مصر والأردن وموريتانيا والمغرب، قائلا إن الصندوق يتعاون مع تلك البلدان في المقام الأول لمساعدتها على التخفيف من تأثير التداعيات السلبية.

وعلى ضوء ما يحدث، يؤكد المقال أن صندوق النقد الدولي شرع في مراجعة الآفاق الاقتصادية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالتعاون الوثيق مع أعضائه، وهو على استعداد لزيادة الدعم اللازم من خلال المشورة في مجال السياسات، والمساعدة الفنية، والتمويل لبلدان المنطقة.

المصدر | جون بلودورن وتالين كورانشيليان / صندوق النقد الدولي - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: صندوق النقد الدولي حرب غزة اقتصادات الشرق الأوسط الاقتصاد المصري الاقتصاد الأردني الاقتصاد اللبناني صندوق النقد الدولی اقرأ أیضا حرب غزة

إقرأ أيضاً:

استمرت 5 أيام.. بعثة صندوق النقد تختتم أول زيارة إلى سوريا منذ 2009

أجرت بعثة صندوق النقد الدولي زيارة استمرت 5 أيام إلى سوريا، هي الأولى منذ عام 2009، بهدف "تقييم الظروف الاقتصادية والمالية" في البلاد عقب الاطاحة بالحكم السابق، وفق ما أعلنت المؤسسة الثلاثاء.
واستغل ممثلو الصندوق المناسبة للتشاور مع السلطات بشأن السياسات الواجب اتباعها وتحديد الإجراءات اللازمة لدعم الحكومة السورية في "صياغة سياساتها الاقتصادية وتنفيذها".
أخبار متعلقة 500 مليون دولار من صندوق النقد الدولي لأوكرانياالاكتفاء بقاعدة واحدة.. واشنطن تبدأ تقليص وجودها العسكري في سورياالشرع: سوريا تستحق مستقبلًا مشرقًا وإعادة الإعمار بدأت للتوونقل بيان للبعثة عن رئيسها رون فان رودن قوله: "تواجه سوريا تحديات هائلة بعد نزاع استمر سنوات وخلف معاناة إنسانية كبيرة وقلص اقتصادها إلى جزء صغير مما كان عليه سابقًا، الاحتياجات الإنسانية وتلك المتصلة بإعادة الإعمار كبيرة جدًا".استعادة النمو الاقتصادي السوريوأقرّ الصندوق بوجود رغبة لدى السلطات في "استعادة النمو الاقتصادي وتحسين الظروف المعيشية"، لكنّه لفت إلى أن ذلك لن يكون ممكنًا إلا من خلال "دعم دولي قوي لجهودهم".
وتابع فان رودن: "يتطلب ذلك دعمًا ماليًا بأفضل الشروط الممكنة، ومساعدة كبيرة من أجل زيادة المساعدات الرامية إلى تعزيز المؤسسات الاقتصادية وتحسين الأنظمة والتكنولوجيات المتقادمة".
.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } بعثة صندوق النقد تختتم أول زيارة إلى سوريا منذ 2009 - متداولة
وسبق أن التقى ممثلون لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي السلطات السورية الجديدة على هامش اجتماعات الربيع التي عقدتها الهيئتان في نهاية مارس في واشنطن.
وكان الصندوق أشار حينها إلى أنه يتطلع في المقام الأول إلى "إعادة بناء فهمه للاقتصاد السوري، بمساعدة السلطات وبالتعاون مع المؤسسات المالية الدولية الأخرى".

مقالات مشابهة

  • اقتصادات العالم في مواجهة التراجع الديموغرافي
  • رئيس الوزراء يتابع ما تم التوصل إليه بشأن برنامج الإصلاح الاقتصادي مع صندوق النقد الدولي
  • صندوق النقد الدولي يزور دمشق ويضع خارطة طريق لتعافي الاقتصاد السوري .
  • أول زيارة لبعثة صندوق النقد إلى سوريا منذ 2009
  • 'المركزي': المركبات الكهربائية تواجه تحديات فنية تؤثر في تسعير التأمين
  • صندوق النقد: سوريا تحتاج مساعدة دولية كبيرة لتحسين اقتصادها
  • صندوق النقد يحذر: النافذة قد لا تبقى مفتوحة
  • استمرت 5 أيام.. بعثة صندوق النقد تختتم أول زيارة إلى سوريا منذ 2009
  • صندوق النقد الدولي يُشيدُ بممارسات الشفافية للبنك المركزي العُماني
  • صندوق النقد: نطمح لتوجيه خبراتنا ومواردنا نحو مواجهة التحديات الأكثر إلحاحًا في المنطقة