عن فيروس "الاستقطاب" الذي ينخر مجتمعاتنا
تاريخ النشر: 12th, July 2023 GMT
شاهد المقال التالي من صحافة قطر عن عن فيروس الاستقطاب الذي ينخر مجتمعاتنا، آراءعن فيروس الاستقطاب الذي ينخر مجتمعاتنا12 7 2023الانقسامات الأفقية والعمودية أصبحت طابعا أساسيا في معظم هذه المجتمعات، خاصة تلك التي مستها .،بحسب ما نشر الجزيرة نت، تستمر تغطيتنا حيث نتابع معكم تفاصيل ومعلومات عن فيروس "الاستقطاب" الذي ينخر مجتمعاتنا، حيث يهتم الكثير بهذا الموضوع والان إلى التفاصيل فتابعونا.
آراءعن فيروس "الاستقطاب" الذي ينخر مجتمعاتنا12/7/2023الانقسامات الأفقية والعمودية أصبحت طابعا أساسيا في معظم هذه المجتمعات، خاصة تلك التي مستها رياح التغيير (شترستوك)
من جملة مآسي العالم العربي التي عشناها، ولا نزال، منذ بدء الموجة المضادة للربيع العربي، هو انتقال حالة الانقسام والاستقطاب السياسي والأيديولوجي والمذهبي من السياسة إلى المجتمع، بحيث أصبح المجتمع ميدان الصراع، وليس السياسة من حيث التنافس والتدافع، وذلك في ما يشبه نوعا من الانتحار الذاتي تمر به مجتمعاتنا العربية.
فالانقسامات الأفقية والعمودية أصبحت طابعا أساسيا في معظم هذه المجتمعات، خاصة تلك التي مستها رياح التغيير ولو من بعيد خلال السنوات الماضية، فأثر سلبا على الروابط والوشائج العائلية والاجتماعية والإنسانية التي كانت جزءا أساسيا في تماسك هذه المجتمعات، وبدأ النسيج الاجتماعي في التآكل تدريجيا تحت وطأة السياسة وصراعاتها المريرة.
ما نخشاه هو أن يتحول هذا الخطاب التحريضي إلى واقع مادي ملموس فنشهد اغتيالات معنوية ومادية تنهار معها كل الثوابت، أو تلك التي كنا نظنها كذلك، فينتقل الخلاف السياسي الطبيعي، إلى صراع أهلي دامٍ يدفع ثمنه الجميع
حتى مع الدول القومية القديمة ذات الإرث المجتمعي المتماسك تاريخيا كما هي الحال في مصر، فإن جرثومة الانقسام والاستقطاب انتقلت من الفضاء السياسي إلى الفضاءين الاجتماعي والأهلي، بحيث بات المجتمع منقسما بموازاة كثير من الخطوط السياسية والأيديولوجية والطائفية.
لذا فما أن يقع حادث إرهابي سواء ضد مدنيين أو ضد مؤسسات الدولة، حتى تبدأ آلة التلاسن والتراشق والتخوين في العمل، بحيث ينسي الجميع الحادث نفسه وكيفية التعاطي معه حتى لا يتكرر، ويركز على تحقيق مكاسب سياسية منه. بل وصل الأمر إلى حد الانقسام حول مسألة الموت.
فما أن يُتوفى شخص معروف، سواء كان ممثلا أو مفكرا أو سياسيا، حتى تدور عجلة التشاحن والتلاسن والاتهامات بين المؤيدين والمعارضين، بحيث يصبون عليه إما الرحمات أو اللعنات، وكأنهم يقسمون رحمة الله وفق أهوائهم ومزاجهم، وكأن بأيديهم مفاتيح الجنة والنار يعطونها من يحبون، ويمنعونها عمن يكرهون.
خذ أيضا ما يحدث حاليا في السودان، وما جرى في ليبيا بعد القذافي، واليمن بعد انقلاب الحوثيين، وسوريا منذ بدء ثورتها عام 2011، والعراق بعد غزوه عام 2003، وقبل هذا كله ما حدث في الجزائر أوائل التسعينيات، ولا تزال آثاره باقية حتى يومنا هذا. فقد انتقل الصراع السياسي إلى حالة استقطاب وانقسام مجتمعي وأهلي وطائفي غير مسبوقة. وانتقل فيروس الانقسام إلى دول ومجتمعات كنا نظن أنها محصّنة ضده بحكم روابط التاريخ والدم والقبيلة التي تربطها وتشد وثاقها بها، وذلك مثلما حدث في أعقاب أزمة حصار قطر عام 2017 التي قسّمت عائلات وقبائل وأسرا وقطّعت أرحاما تربطها روابط الدم والأخوة والقبيلة والتاريخ، وذلك قبل أن تنقشع الأزمة ويبقى منها في النفوس ما يبقى.
أحتفظ بصداقات عديدة في معظم البلدان المذكورة آنفا، وأشعر بالمرارة وخيبة الأمل حين أجد كثيرا منهم يقع في فخ هذا الاستقطاب فيتمادى فيه متجاوزا السياسة إلى العلاقات الاجتماعية والإنسانية التي تربط أصدقاءه وأقاربه وعوائلهم، فيتحول الخلاف السياسي إلي صراع هوياتي واجتماعي يستند إلى لعبة صفرية "إما نحن أو هم". وأسمع قصصا كثيرة عن أصدقاء وأقارب تقطّعت أواصر علاقاتهم بسبب السياسة وخلافاتها وصراعاتها.
الأنكي أن الآلة الإعلامية لهذا الطرف أو ذاك لا تتوقف عن تغذية الانقسامات والاستقطابات عبر حملات التعبئة والحشد لهذا الطرف أو ذاك، متغافلة، أو هكذا يبدو، عن الآثار المدمرة لتسييس العلاقات الاجتماعية وآثار ذلك الفادحة على المديين المتوسط والطويل. ويبدو خطاب الكراهية والتحريض كما لو كان هو الورقة الرائجة التي تُكِسب هذه الآلة مزيدا من الجمهور.
الصراع السياسي انتقل إلى حالة استقطاب وانقسام مجتمعي وأهلي وطائفي غير مسبوقة (شترستوك)ما نخشاه هو أن يتحول هذا الخطاب التحريضي إلى واقع مادي ملموس، فنشهد اغتيالات معنوية ومادية تنهار معها كل الثوابت، أو تلك التي كنا نظنها كذلك، فينتقل الخلاف السياسي الطبيعي، إلى صراع أهلي دامٍ يدفع ثمنه الجميع. رأينا ذلك في حالات كثيرة خلال السنوات القليلة الماضية التي تحولت فيها الخلافات السياسية إلى حالة تدمير لمجتمعات كاملة سقطت ولم تقم لها قائمة حتى الآن، وذلك نتيجة عدم وجود اتفاق ليس فقط حول قواعد اللعبة التي أصبحت لعبة صفرية كما أشرنا، وإنما حول تجنيب المجتمع وفئاته وتحييدها عن هذه الخلافات.
إذا كانت الأنظمة السلطوية هي المستفيد الرئيسي من هذه الانقسامات، وذلك على طريقة "فرق…تسد"، فإن بعض النخب العربية، بمختلف تلويناتها الفكرية والأيديولوجية والسياسية، أعطت غطاء شرعيا لهذه الانقسامات من خلال انحيازها لهذه الأنظمة، ووقوعها في فخ التوظيف السياسي والأيديولوجي لها رغبا أو رهبا. ولا تخجل هذه النخب أو قادة الرأي من التمادي في استخدام أوراق الانقسام المختلفة من أجل التعبئة والحشد باتجاه معين. ولا يدرك هؤلاء أن التعبئة على أساس قبلي أو هوياتي أو أيديولوجي في ظل حالة الانسداد والقمع السياسي تمثل الخلطة السحرية للانتحار الذاتي للمجتمعات.
كان لي صديق عزيز منذ أيام الطفولة، نأكل معا، ونلعب معا، ونذاكر معا، ونذهب للمدرسة معا، ونفرح معا، ونحزن معا. وظلت علاقاتنا على هذه الحال حتى بعد التخرج من الجامعة والحصول على الماجستير والدكتوراه، هو في مجال الطاقة النووية، وأنا في مجال العلوم السياسية والعلاقات الدولية. ولكن بعد ما حدث في مصر خلال صيف 2013 ورفضي لما وقع من جرائم ومظالم، ومجاهرتي بذلك علنا، حتى توقف عن التواصل معي أو السؤال عن أحوالي، سواء تليفونيا أو في الفضاء الإلكتروني، وسواء كان ذلك في الأفراح أو الأتراح حتى ظننت أن سوءا قد مسّه.
بعد فترة أخبرني صديق مشترك بأن صاحبنا يرى أن علاقتنا وصداقتنا بمثابة تهديد له ولمستقبله المه
المصدر: صحافة العرب
كلمات دلالية: موعد عاجل الدولار الامريكي اليوم اسعار الذهب اسعار النفط مباريات اليوم جدول ترتيب حالة الطقس تلک التی
إقرأ أيضاً:
من التبعية إلى الاستقلال .. المسيرة القرآنية وإعادة إنتاج الوعي السياسي اليمني
في خضمّ المتغيرات السياسية الحادة التي عصفت باليمن خلال العقود الماضية، برزت “المسيرة القرآنية المباركة” كمشروع فكري وسياسي أحدث تحوّلًا جذريًا في بنية الوعي السياسي للشعب اليمني، فقد انتقل الخطاب العام من مفاهيم التبعية السياسية والنزاعات الحزبية الضيقة إلى رؤية شاملة تقوم على الاستقلال والسيادة والمرجعية القرآنية.
يمانيون / تقرير / طارق الحمامي
هذا التحوّل لم يكن سطحيًا أو عابرًا، بل جاء كنتيجة لمسار طويل من الصراع مع الأنظمة السياسية المرتهنة للخارج، والتبعية لدوائر النفوذ الإقليمي والدولي، وفي مقدمتها السعودية والولايات المتحدة الأمريكية، اللتين كان لهما تأثير مباشر على شكل القرار اليمني لعقود.
هذا التقرير يهدف إلى تقديم قراءة تحليلية معمّقة حول كيفية إعادة المسيرة القرآنية تشكيل الوعي السياسي اليمني، وتتجلى أهمية هذا التقرير في أنه يوثق ويحلل مرحلة انتقالية فاصلة في تاريخ اليمن، تُعيد فيها الجماهير تعريف علاقتها بالسياسة، ليس فقط كأداة لإدارة شؤون الدولة، بل كجزء من هويتها الدينية والثقافية والتحررية.
ففي ظل احتدام الصراع مع قوى الاستكبار، يتضح أن معركة اليمن لم تعد مجرد مواجهة مسلحة، بل أصبحت معركة وعي وبناء مشروع مستقل، يُعيد تعريف مفاهيم السيادة، والوطنية، والاستقلال
الوعي السياسي في اليمن بين التبعية ومشاريع الاستكبار
لم يكن المشهد السياسي اليمني في العقود الماضية نابعًا من إرادة شعبية حقيقية أو رؤية وطنية مستقلة، بل ظل مرتهنًا لتوازنات إقليمية ودولية رسمت معالمه وفق مصالح خارجية لا تمتّ لمصلحة الشعب اليمني بصلة.
منذ ستينيات القرن الماضي، تغلغلت قوى النفوذ الإقليمي والدولي في صلب القرار اليمني، حيث لعبت السعودية على وجه الخصوص دور الضامن لأنظمة الحكم، سياسيًا واقتصاديًا وحتى دينيًا، في حين مارست الولايات المتحدة نفوذها غير المباشر عبر المساعدات، والسفارات، والبرامج الاستخباراتية.
على مدى أكثر من أربعة عقود، أُعيد تشكيل الوعي السياسي اليمني ليخدم مشاريع الهيمنة لا مشاريع التحرر، فتحوّلت النخبة السياسية إلى أدوات تنفيذ، وارتبطت مصالح الأحزاب والقيادات بشكل مباشر بالرضا الخليجي أو الأمريكي. وغابت الشعارات الوطنية والاستقلالية تحت عباءة الشرعية الدولية والتحالفات الإقليمية.
ورغم هذا الواقع، جاء مشروع المسيرة القرآنية المباركة ليعلن القطيعة مع هذه التبعية، ويفتح الباب أمام وعي سياسي جديد يتكئ على الهوية الإيمانية والاستقلال الحقيقي.
تحولات في الوعي السياسي اليمني
مع توسع نفوذ المسيرة القرآنية، خاصة بعد ثورة 21 سبتمبر 2014، بدأ يتغير شكل الوعي السياسي اليمني في عدة مستويات ، أهمها تحوّل المفهوم السياسي من سلطة إلى مسؤولية إيمانية، فلم تعد السياسة مجرد صراع على الحكم، بل أصبحت وسيلة لإقامة العدل والدفاع عن المستضعفين وفق نظرة قرآنية جامعة، وبفضل الله تعالى إستطاعت المسيرة القرآنية أن تحقق أثراً ملموساً في إحداث تغيراً ملموساً في واقع الوعي السياسي الذي أدى إلى تراجع الثقة في النخب السياسية التقليدية، وتغيرت نظرة الجمهور عامة وأنصار المسيرة القرآنية إلى الأحزاب التي فشلت في تحقيق تطلعات الشعب، وكانت تابعة في قراراتها للخارج، ليتحقق التحول من التبعية إلى الاستقلال السياسي، أحد أبرز التحولات وهو تعزيز ثقافة السيادة الوطنية ورفض التدخلات الأجنبية، لا سيما من السعودية وأمريكا، وهو ما انعكس في الخطاب العام والقرار السياسي على حد سواء.
السياسة كمقاومة .. أداة لتحرير القرار اليمني
منذ اليوم الأول للعدوان الغاشم على بلادنا كرست المسيرة القرآنية المباركة عناصر الوعي السياسي من خلال المواجهة القوية للعدوان وارتباطه بمرتزقة الداخل باعتباره جزء من معركة كبرى للتحرير والاستقلال من النفوذ الأجنبي الخارجي، ومن هذا المنطلق، فإن العمل السياسي سواء عبر المفاوضات أو عبر المجلس السياسي الأعلى هو امتداد للجهاد والمواجهة العسكرية.
الوعي السياسي الذي يتبناه المنهج القرآني لم يعد يرى في التسوية أو السلام هدفًا في ذاته، بل وسيلة مشروطة برفع الحصار ووقف العدوان وخروج المحتل، وهذا ما يجعل السياسة أداة نضالية، لا مجرد إدارة شكلية للصراع مع العدو .
المنبر القرآني والإعلام .. أدوات التغيير الفكري
لعب الإعلام الثوري خصوصًا قناة المسيرة، والمنابر الثقافية، والخطاب القرآني بكل أبعاده الدينية والسياسية والثقافية والاجتماعية للسيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي يحفظه الله ، دورًا محوريًا في بناء خطاب سياسي جديد، يجمع بين الدين والسياسة، ويجعل من المسؤولية الوطنية جزءًا من الواجب الديني.
وتم تقديم السياسة في خطاب المسيرة بوصفها واجبًا دينيًا لا ينفصل عن قيم الجهاد، والكرامة، والعدالة، وهو ما أعاد تشكيل نظرة اليمنيين للانتماء السياسي ودورهم في مواجهة العدوان.
مستقبل الوعي السياسي في ظل المسيرة القرآنية المباركة
مع ترسّخ حضور المسيرة القرآنية المباركة كمشروع فكري وسياسي يقود دفة المشهد اليمني، فأن البلاد تتجه نحو تبلور نمط جديد من الوعي السياسي، يختلف جذريًا عن المرحلة السابقة، هذا النمط لا يقوم على تقليد النماذج الغربية أو الارتهان للأنظمة الإقليمية، بل على مرجعية قرآنية مستقلة، تربط العمل السياسي بالقيم الإيمانية، وتدمج بين المسؤولية الدينية والسيادة الوطنية، لتصبح اليمن منفتحة على تحولات استراتيجية باتجاه ترسيخ مفاهيم الاستقلال والصمود والعداء للاستكبار كجزء من الهوية السياسية العامة، وتراجع الولاء الحزبي التقليدي أمام الانتماء للمشروع القرآني الوطني، وتوسيع المشاركة الشعبية في الشأن العام، وربطها بالواجب الإيماني، لا بالمصالح الضيقة، كانت التحديات أمام هذا التحول الاستراتيجي التاريخي في مشهد الوعي السياسي ومحاولات التشويه الإعلامي الخارجي من قبل دول العدوان ومرتزقته.
ختاماً
تتجه اليمن في ظل المسيرة القرآنية المباركة نحو إعادة إنتاج وعي سياسي جديد، يعيد الاعتبار لقيم السيادة، والكرامة، والموقف الأخلاقي، ويمنح الشعب اليمني أداة فكرية لبناء دولته بعيدًا عن الإملاءات الخارجية.
ولا يزال هذا المشروع مستمراً في ترسيخ هذه المفاهيم، ولن تتراجع عن هذا الاستحقاق ، لأن اليمن لا يستعيد فقط قراره، بل يقدم نموذجًا فريدًا للتحرر في وجه الهيمنة، ويؤسس لمدرسة سياسية قرآنية مستقلة.