عودة: علينا ألا نيأس في هذا البلد من المناشدة والطلب
تاريخ النشر: 3rd, December 2023 GMT
ترأس متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عودة، خدمة القداس الإلهي في كاتدرائية القديس جاورجيوس، بحضور حشد من المؤمنين.
بعد الإنجيل المقدس ألقى عودة عظة قال فيها: "إنجيل اليوم بحسب لوقا الإنجيلي يخبرنا عن حادثة شفاء أعمى على يد الرب يسوع. متى الإنجيلي، على عكس لوقا ومرقس الإنجيليين، يقول إن الرب شفى أعميين، لا واحدا، ومرقس يذكر أن اسم الأعمى بارتيماوس.
أضاف: "كان الأعمى جالسا يستعطي. يدل هذا على الخطيئة التي عاش فيها الشعب، فأصيب بالعمى الروحي، وسلك في الظلمة ولم يعد يرى طريق الملكوت، بل جلس يستعطي كسرة عفنة من شهوات زائلة. يقول النبي إشعياء: «الشعب السالك في الظلمة أبصر نورا عظيما. الجالسون في أرض ظلال الموت أشرق عليهم نور» (9: 2). يتحدث إشعياء عن الشعب الذي ضل وأظلم عقله وقلبه، وكان محتاجا لمن يعيد النور إلى حياته، فأصبح ينتظر مجيء المخلص من ظلام الموت وادلهمامه، فجاء المسيح، لهذا عندما نرتل قول إشعياء هذا نقول بعده: «لأن الله معنا»، وهذا معنى اسم عمانوئيل. لذلك، يقرأ هذا الإنجيل على مسامعنا في صوم الميلاد، لكي نفهم أن الآتي، عمانوئيل، هو النور الهادي حياتنا، الذي إذا تبعناه تستنير نفوسنا، هو القائل: «أنا قد جئت نورا إلى العالم، حتى كل من يؤمن بي لا يمكث في الظلمة» (يو 12: 46)".
وتابع: "رمز الأعمى في إنجيل اليوم إلى الشعب، يهودا أو أممين، ومجيء المسيح نحوهم جلب لهم الإبصار مجددا، ومع هذا كثيرون أغمضوا عيونهم لكي يبقوا في الظلمة، لأن النور فضح عدم إيمانهم، وزيف اتباعهم الحرفي للناموس. صرخ الأعمى قائلا: «يا يسوع ابن داود ارحمني». كثيرون انتهروا الأعمى لكي يسكت، كي لا ينير الموجودين حوله بصراخه النابع من اعتراف إيماني بأن يسوع هو ابن داود، وهو الرحوم، أي إنه من النسل الذي سيأتي منه المخلص بحسب الكتاب. إذا اعتبرنا أن هذا الأعمى يهودي، فهو قد سمع بالتأكيد عن المسيا، وأنه سيكون ابن داود حسب النبوءات، لذلك قوله «ابن داود» يحمل إيمانا بأن يسوع هو المسيح المنتظر. هذا يذكرنا بقول صاحب المزامير: «أقسم الرب لداود بالحق ولا يرجع عنه: من ثمرة بطنك أجعل على كرسيك» (132: 11)، وبقول إشعياء النبي القائل: «يخرج قضيب من جذع يسى، وينبت غصن من أصوله» (11: 1) ولكي ندرك أن المسيح يحترم حريتنا الشخصية، أي إنه لا يجبر أحدا على السير وراءه وقبوله، نراه يسأل الأعمى: «ماذا تريد أن أصنع لك؟». لا ننسى هنا قول الرب: «إسألوا تعطوا، أطلبوا تجدوا، إقرعوا يفتح لكم» (مت 7: 7). طبعا الله يعلم احتياجاتنا كلها، لكنه ينتظر منا أن نطلب ليستجيب، ويكون هو بدوره يحافظ على الحرية التي منحنا إياها كعطية إلهية. أجاب الأعمى بأنه يريد أن يبصر، فكان له ما طلب، لكن الأعظم من هذا أنه حين أبصر الرب أصبح تابعا له وممجدا الله. لا أحد يستطيع أن يبتعد عن الرب بعد عيشه خبرة شخصية معه. إلا أن المطلوب هو أن نسمح له، بحريتنا الشخصية، أن يمس قلوبنا ونفوسنا وعقولنا، وأن يدخل نوره إلى ظلمة حياتنا. حينئذ ندرك أننا كنا أمواتا وهو أحيانا".
وقال: "هذه المعجزة هي الأخيرة للسيد قبل دخوله أورشليم ليصلب. لقد جاء المسيح ليفتدي البشرية، أمما ويهودا، وليفتح عيون الجميع حتى يعرفوا الله ويشعروا بمحبته. يعلمنا هذا الأعمى أن نصرخ إلى الرب طالبين رحمته. أوليس هذا ما نفعله في صلواتنا، مرددين: «يا ربي إليك صرخت فاستمع لي...»، و«يا رب ارحم»؟ الإنسان الذي يلمسه الرب تصبح حياته بذاتها بشارة حية. لهذا، حين تبع الأعمى المسيح ممجدا الله، أصبحت الجموع تسبح معه. هذا هو المطلوب منا جميع، أن نصبح كارزين بالله الصانع العجائب في حياتنا يوميا، لا بل في كل لحظة. علينا أن نثق بقوة الصلاة، وأن نلح في صلاتنا، الأمر الذي عبرت عنه كنيستنا بوضعها طلبات إلحاحية في كل الصلوات، لتعلمنا أن نكون كالأرملة اللجوج، حتى ننال سؤلنا".
أضاف: "لذلك، يا أحبة، علينا ألا نيأس في هذا البلد من المناشدة والطلب، عل صوتنا يصل إلى آذان تسمع أنين شعب رازح في الفقر واليأس، يتخبط في قاع اللجة. الرب يسمع صوتنا، وفي الوقت المناسب سوف يسمح بوجود مسؤولين تخلوا عن أناهم ومصالحهم ووضعوا مصلحة البلد فوق مصالحهم، يخدمون هذا الشعب ويترأفون عليه وينقذونه من بلاياه، عوض من يسوسون البلد منذ سنوات وقد أوقعوه في الفقر والفوضى، وأفرغوه من أهله وطاقاته، وتغاضوا عن استباحة حدوده وقوانينه، واستهانوا بالإستحقاقات الدستورية فأصبحت فترات الفراغ في الحكم تفوق الأوقات المنتجة. كل هذا لأن قلوبهم عميت عن رؤية نور الرب، إذ قد أظلمتها الشهوة الشريرة، شهوة المال والسلطة. إن لم يتب مسؤولو هذا البلد عن كل خطاياهم وآثامهم لن يحصل الخلاص لا للأرض ولا لساكنيها، بل ستقود خطاياهم الجميع إلى ظلمة أعظم. وإن لم نطلب من الرب بإيمان شبيه بإيمان الأعمى وإلحاحه لن يصل صوتنا إلى مسامع الرب ولن نسمع ما سمعه الأعمى: «إيمانك قد خلصك».
وختم: "دعوتنا اليوم أن نصرخ إلى الرب دوما، وبإلحاح، طالبين إليه أن يرحمنا، وينيرنا بكليتنا، حتى ندرك الخلاص قبل فوات الأوان".
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
الحديدة تشهد وقفات شعبية نصرة لغزة وتأكيد الجهوزية
الثورة نت /..
نظمّت في مركز ومديريات محافظة الحديدة، اليوم، وقفات عقب صلاة الجمعة، تأكيدًا على استمرار التضامن مع فلسطين وإعلان النفير والجهاد في سبيل الله، والجهوزية للتصدي للأعداء، تحت شعار ” جهوزية واستعداد .. والتعبئة مستمرة”.
وهتف المشاركون في الوقفات بشعارات البراءة من الأعداء والجهاد في سبيل الله والعهد والولاء لله ولرسوله وقائد الثورة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي بالسير على خطى الأنصار واستمرار الثبات على الموقف الحق في الانتصار لفلسطين.
وأكدوا استمرارهم في التعبئة والاستنفار الشعبي والالتحاق بدورات “طوفان الأقصى”، استعدادًا لمواجهة أعداء الأمة واليمن وفلسطين، والعمل وفق مقتضيات الهوية الإيمانية واستشعار المسؤولية الدينية والإنسانية والأخلاقية نصرة لغزة التي خذلها العرب والمسلمون.
وعبر المشاركون في الوقفات عن الاستهجان والغضب تجاه تصعيد الكيان الصهيوني لجرائمه في غزة على مرأى ومسمع دول العالم، مطالبين الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان بالتحرك للقيام بمسؤولياتها أمام هذه الجرائم، التي يندى لها جبين الإنسانية.
كما أكدوا جاهزيتهم لخوض المعركة والوقوف إلى جانب القوات المسلحة لإفشال أي مخططات ومشاريع تتربص باليمن وأمنه واستقراره، وتقديم الغالي والنفيس دفاعا عن المقدسات وحمل راية الجهاد والنصرة والمدد كما حملها وسار على خطاها أنصار رسول الله، الذين ناصروا نبيهم وقدموا التضحيات منذ بزوغ فجر الإسلام.
وأهاب أبناء الحديدة، بكافة أبناء اليمن، الحذر واليقظة والتسلح بالوعي والإبلاغ عن كل اشتباه في أعمال عدائية والاستمرار في التعبئة والنفير والمقاطعة لمنتجات الأعداء التي تمول الكيان المجرم لقتل مزيد من النساء والأطفال في غزة.
وأوضح بيان صادر عن الوقفات، أن الشعب اليمني يتابع مماطلة العدو الصهيوني وتنصله من التزاماته ضمن اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، مؤكداً أن الاحتلال يسعى إلى مفاقمة معاناة الشعب الفلسطيني، خصوصاً مع دخول فصل الشتاء واشتداد المنخفضات الجوية.
وأشار الى أن العدو الصهيوني، يواصل منع إدخال مواد الإيواء وإغلاق معبر رفح بالتعاون مع النظام المصري، في مخالفة صريحة لما تم الاتفاق عليه، إضافة إلى استمرار جرائمه بحق أبناء الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وتكرار تدنيس باحات المسجد الأقصى من قبل المغتصبين.
وأكد البيان، أن هذه الممارسات تأتي في ظل حرب ناعمة تضليلية وإفسادية تقودها الصهيونية العالمية، والتي نجحت في تطويع عدد من الأنظمة وإخضاعها، وتحويل ثروات الأمة إلى مورد للعدو، فيما جرى تفريغ الشعوب من محتواها الإنساني والأخلاقي والإسلامي.
ولفت إلى أن المشاركين في الوقفة، خرجوا لتجديد ثبات موقفهم المساند لغزة ولحزب الله ولأحرار الأمة الإسلامية.. مؤكدين وقوفهم خلف السيد القائد في السعي لإقامة القسط ونصرة المستضعفين، وثقتهم بنصر الله وتأييده.
ودعا البيان إلى مواجهة الحرب الناعمة التي ألحقت بالأمة أضرارا تفوق ما تسببه الحروب العسكرية، وجعلتها تعيش حالة من التيه والذلة والتبعية.. مؤكداً على ضرورة رفع الوعي وتحسين المناعة الأخلاقية والفكرية للمجتمع.
كما أكد استمرار التعبئة العامة بأنشطتها المختلفة.. داعياً قبائل اليمن إلى مواصلة وقفاتها المسلحة والمشرفة، موجهاً الشكر للمشايخ والوجهاء والأحرار على جهودهم.
ودعا بيان مسيرات الحديدة نساء اليمن والأمة عامة إلى الاقتداء بسيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء عليها السلام.