لطيفة بنت محمد: مبادرة «ابتكارات للبشرية» تتوافق مع رؤية دبي في صناعة المستقبل
تاريخ النشر: 3rd, December 2023 GMT
دبي- وام
اختتمت، الأحد، فعاليات معرض «ابتكارات للبشرية» 2023 التي افتتحها سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي، رئيس المجلس التنفيذي لإمارة دبي، بحضور سمو الشيخة لطيفة بنت محمد بن راشد آل مكتوم، رئيسة هيئة الثقافة والفنون في دبي، «دبي للثقافة» عضو مجلس دبي، وهو أحد أهم المبادرات التي تقام تحت رعاية سموها، والتي أطلقتها دبي للاستفادة من أفكار الشباب الجامعي والخبرات الأكاديمية المتميزة لإيجاد حلول للتحديات العالمية بما يعود بالنفع على المجتمعات.
وشهدت نسخة المعرض لعام 2023 فعاليات وأنشطة متميزة بمشاركة مجموعة من ألمع العقول، والمواهب الأكاديمية في جميع مجالات علوم الطبيعة والعلوم الإنسانية والتقنية من كافة أنحاء العالم حيث تم عرض مئة من الاختراعات الرائدة المعنية بعرض حلول للمشكلات البيئية والاجتماعية، وجرى منح جوائز نقدية قدرها مئة ألف دولار أمريكي لأفضل خمسة مشاريع اختارتها لجنة تحكيم دولية ضمن فعاليات مؤتمر الأطراف COP28.
وأشارت سمو الشيخة لطيفة بنت محمد بن راشد آل مكتوم إلى أن مبادرة «ابتكارات للبشرية»، تؤكد أهمية دور العلم والمعرفة في خدمة البشرية لافتةً إلى أن هذا التجمع العالمي الذي تشهده دبي عبر هذه المبادرة التي تزامنت مع مؤتمر المناخ COP28 يعكس روح الالتزام والمسؤولية تجاه العالم الذي نعيش فيه، ويرسخ فكرة العمل الجماعي لمواجهة تحديات تغير المناخ.
وقالت سموها: «تتوافق أهداف المبادرة مع رؤية دبي في صناعة المستقبل، وسعيها المستمر لاحتضان وتشجيع الابتكار وتحفيز المواهب المبدعة من الشباب والاستفادة من الخبرات الأكاديمية، وتعزيز الوعي بدور الإبداع في تحقيق التنمية المستدامة، ترسيخاً لمكانة دبي وجهة نموذجية لصناعة وتصميم المستقبل ومركزاً محورياً لانطلاق المبادرات الإبداعية والابتكارات القادرة على إحداث تغيير إيجابي في حياة المجتمعات والتصدي لما تواجهه من تحديات.
وأضافت سموها: نعمل مع المواهب الاستثنائية من طلبة الجامعات والقدرات الأكاديمية المبدعة في جميع التخصصات من أجل صنع غدٍ أفضل، عبر توظيف أفكارهم المتميزة لتقديم ابتكارات إبداعية تساهم في التصدي للتحديات العالمية المشتركة، ومن خلال العلم والإبداع المُطلق، قدّم الفائزون هذا العام مجموعة من الحلول والبدائل الملموسة الهادفة إلى تجنب وتخفيف عواقب المشكلات والتحديات العالمية المشتركة، التي تتراوح بين الكوارث الإنسانية وانبعاثات ثاني أكسيد الكربون. وهذه الحلول بمثابة رسائل تذكيرية حاسمة تؤكد قدرة الشباب على إعادة تعريف وتشكيل العالم، وتدل على أن الالتزام بتحسين الحياة على الكوكب لا يتحقق إلا إذا تم الأخذ بعين الاعتبار مسألة التعليم والابتكار، حيث سنسعى جاهدين للاستثمار في مشاريع الفائزين وتسخيرها في مواجهة المشكلات البيئية والاجتماعية ومواكبة التغيرات المناخية، ما يساهم في خلق مستقبلٍ مستدام.
وتضم قائمة المشاريع الخمسة الفائزة بجائزة «ابتكارات للبشرية» لعام 2023: الخمائر الاصطناعية لتعزيز الإنتاج المستدام للأغذية والوقود العضوي، وجهاز حقن الدواء عالي الكفاءة لمواجهة سيناريوهات الكوارث الطارئة، والبلاستيك الحيوي المصنوع من الأعشاب الضارة لدعم المجتمعات المحلية، وأداة المراقبة عبر الأقمار الصناعية لمنع الكوارث الناتجة عن الإهمال، والذكاء الاصطناعي للكشف عن الأنشطة المشبوهة في عمليات المشتريات العامة.
وتهدف الجوائز النقدية المقدمة للفائزين في مبادرة «ابتكارات للبشرية» إلى دعم البحث المستمر في المجالات الحيوية، ومكافأة الطلبة والأساتذة الذين يعملون على إيجاد حلول استثنائية، ويعد المعرض أحد أبرز فعاليات البرنامج الذي استمر لمدة أسبوع، وهو بمثابة أحد المحاور الأساسية لمنظومة الابتكار الإيكولوجية في دبي، حيث يستقطب خبراء عالميين في مجالات المشاريع والابتكار والأبحاث والاستثمار بهدف دعم المبدعين الأكاديميين للانتقال بمشاريعهم إلى مرحلة التنفيذ.
وتمحورت المناقشات حول تقنيات وابتكارات الطلبة التي تعكس بدورها الموضوعات العالمية المُلحة والصناعات المعنية، مثل الطاقة والبناء والرعاية الصحية والسلع الاستهلاكية والزراعة والتربة والمياه وتُسلّط المشاريع الفائزة الضوء على دور الابتكار الأكاديمي في توفير التقنيات اللازمة لتحقيق أهداف مؤتمر الأطراف COP28.
وتُعقد مبادرة «ابتكارات للبشرية» تحت رعاية كريمة من سمو الشيخة لطيفة بنت محمد بن راشد آل مكتوم، وقد ترأست سموها لجنة تحكيم جوائز المبادرة في نسختها لعام 2023.
وشملت اللجنة شخصيات بارزة في مجال الابتكار والمشاريع والدعم الإنساني وهم: الدكتورة كريستين جولبرانسون، المؤسس والرئيس التنفيذي والشريك الإداري لشركة Nova Global Ventures، وكريستوفر جاندروب-مارينو، الرئيس التنفيذي للابتكار لدى منظمة اليونيسف، وخلفان جمعة بلهول، الرئيس التنفيذي لمؤسسة دبي للمستقبل، وكريس دريك، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة هودجز آند دريك. وتم اختيار المشاريع الفائزة من بين مجموعة ضمت في البداية ما يزيد عن 2800 مشروع قُدّم إلى البرنامج من 710 جامعات من جميع القارات في أكثر من 200 مجال بحثي.
وقال خلفان بلهول، الرئيس التنفيذي لمؤسسة دبي للمستقبل: نتطلع في مؤسسة دبي للمستقبل إلى تمكين المبادرات التي تعتمد رؤية دبي نحو مستقبل أفضل، والتي تتسم بالواقعية في تحقيق الأهداف، بما يؤكد التزام الإمارة بدعم الابتكار والمواهب من أجل مجتمعات عالمية أكثر ازدهاراً وتقدماً وابتكاراً. إن الحاصلين على الجوائز الذين التقينا بهم اليوم هم شهادة على أن مجتمع «ابتكارات للبشرية» هو بمثابة قوة تعمل بما يعود بالنفع على المجتمعات، ونحن نتطلع إلى رعاية هذه المبادرة بفضل البنية التحتية المتطورة لدبي واقتصادها الحيوي وآليات الدعم التي تمتلكها.
وتُعزّز نسخة عام 2023 مكانة المبادرة الريادية باعتبارها ملتقى الابتكارات والمواهب على مستوى العالم، حيث شارك فيها خريجو جامعات مشهورة من جميع أنحاء العالم، مثل جامعة ييل وستانفورد وأكسفورد وبرينستون وبيركلي ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا وهارفارد وكامبريدج، وقدموا مجموعة متنوعة من المشاريع، كما تضمنت المبادرة عرضاً فريداً لقدرات الجامعات الإقليمية الرائدة في أكثر من مئة دولة، من البرازيل والهند والصين وجنوب إفريقيا وإيطاليا وإسبانيا وألمانيا وسويسرا.
وأظهرت مجموعة الحلول والمشاريع المعروضة في دبي الإمكانات الراسخة للأوساط الأكاديمية والحاجة إلى المناهج التكاملية لحل القضايا المعقدة.
ويواصل مركز دبي المالي العالمي بصفته الشريك المؤسس لمبادرة «ابتكارات للبشرية»، التزامه بدعم الموجة القادمة من رواد الأعمال في تحقيق نتائج متسارعة في مجال الابتكار المستدام كما سيقدم مركز دبي المالي العالمي تراخيص الابتكار لعدد من المشاريع المختارة المشاركة في مبادرة «ابتكارات للبشرية» والتي تتيح لرواد الأعمال الناشئين تأسيس أعمالهم في مركز دبي المالي العالمي والاستفادة من إمكانية الوصول إلى مساحات العمل المشتركة، وبرامج الإرشاد والتدريب، وشبكات الملكية الخاصة وتمويل المشاريع، واستديوهات بناء المشاريع.
من جانبه، قال عارف أميري، الرئيس التنفيذي لسلطة مركز دبي المالي العالمي، ورئيس مجلس إدارة «آرت دبي»: تمثلت مهمة «آرت دبي» على مدى السنوات الـ 17 الماضية في تمكين تطوّر منظومة إيكولوجية تدعم الإبداع والابتكار في دبي، من خلال إنشاء مبادرات من الطراز العالمي تعزز وتدعم مكانة الإمارة باعتبارها مركزاً عالمياً متعدد الثقافات يتطلع نحو المستقبل. ويسعدنا أن نشهد التطوّر المستمر لمبادرة «ابتكارات للبشرية»، وهي إحدى مبادراتنا، التي تدعم هذه المهمة، كما نتطلع إلى دعم الموجة القادمة من رواد الأعمال في مجال الابتكار المستدام.
من جانبه، قال مدير معرض «ابتكارات للبشرية»، تاديو بالداني كارافييري: لطالما كانت الأوساط الأكاديمية محركاً للتقدم، فقدرتها على تحديد المشكلات وتحليلها وحلها ضمن بيئة مستقلة تجعلها تقوم بدور حيوي في الدفع بعجلة التغيير وفي حين أن أهداف الاستدامة العالمية تُحددها التعهدات والاتفاقيات على مستوى الدول والمنظمات، مثل تلك التي يجري مناقشتها في مؤتمر الأطراف COP28، فإن المسار نحو تحقيق مثل هذه الأهداف يعتمد على تطوّر التقنيات الجديدة، وهو مجال يتفوق فيه مجتمع «ابتكارات للبشرية». واليوم ساهمنا في دعم بعض هذه الأفكار الرائعة لتمكينها من اتخاذ خطوة أخرى نحو جعل العالم مكاناً أفضل.
وفي ختام فعاليات المعرض تم تكريم الفائزين بجائزة «ابتكارات للبشرية» التي تبلغ قيمتها الإجمالية 100 ألف دولار، وتهدف إلى تشجيع التميز الأكاديمي في مختلف المجالات، حيث شملت قائمة الفائزين:
عن فئة الطاقة والكفاءة والنفايات: الخميرة الاصطناعية، من جامعة برينستون، حيث يُركّز مشروع الخمائر الاصطناعية للتكنولوجيا الحيوية على صنع نسخة اصطناعية من «فطريات الخميرة»- Saccharomyces cerevisiae - لإنتاج مادة كيميائية متفوقة. إنّ الكائنات الدقيقة المُعدّلة لها القدرة على إحداث ثورة في مجال الطاقة المتجددة والتصنيع المستدام، مما ينتج عنها جيل جديد من الوقود، والسلع الكيماوية، والمواد الكيميائية الزراعية، والمواد الكيميائية الخاصة، ومنتجات الطعام. وتعمل تقنية SCRaMbLE المتكاملة على تسريع تطور الصفات، مما يتيح التقدم السريع في الخصائص المرغوبة. مدعومة بالمستشعرات الحيوية المشفرة وراثياً، تقوم هذه السلالات بتحسين إنتاج الوقود الحيوي وغير ذلك من المواد الكيميائية القيمة.
وعن فئة علم البيانات، الذكاء الاصطناعي: التوائم الرقمية 4 سدود النفايات Digital Twins 4 Tailings Dams، جامعة أكسفورد، وهو نظام إنذار مُبكّر يعتمد على الأقمار الصناعية ويستخدم في رصد الكوارث البيئية في منشآت التعدين والوقاية منها، وبشكل خاص منشآت تخزين المخلفات. سلّط البنك الدولي الضوء على حاجة العالم لثلاثة مليارات طن من المعادن لتمكين التحوّل في مجال الطاقة؛ الأمر الذي زاد من التحديات التي تواجه قطاع التعدين. ومن اللافت للنظر أن أكثر من 98٪ من المواد مثل النحاس تنتهي كنفايات ويتم تخزينها في منشآت تخزين المخلفات، ومع وجود أكثر من 30 ألف منشأة على مستوى العالم، يتم التخلي عن ربعها وعدم مراقبتها. من خلال دمج الهندسة الجيوتقنية والاستشعار عن بعد بواسطة الأقمار الصناعية وتعلم الآلة، يطمح النظام إلى إنشاء منظومة توأم رقمي لرصد هذه البنى التحتية الحيوية.
وعن فئة الصحة والإغاثة والسلامة: الكبسولة الذهبية، جامعة هونجيك، كوريا الجنوبية، وهي عبارة عن جهاز حقن أدوية لا يحتاج إلى الطاقة، تم تصميمه لكي يستخدمه المنقذين في حالات الطوارئ والكوارث. بدلاً من الأنظمة التي تعتمد على قوة الجاذبية، يستخدم هذا الجهاز القوة المطاطية وضغط الهواء لحقن الدواء بشكل منتظم لمدة تزيد عن 30 دقيقة إلى ساعة، دون الاعتماد على الطاقة الكهربائية أو الجهد البدني. تُغلّف العبوة الشفافة للجهاز بالون مملوء بالدواء، ويمكن ضبط الجهاز بسهولة لتحديد سرعة الحقن وحتى توفير الحقن الوريدي الكامل المطلوب في حالات الطوارئ. يمكن تثبيت الجهاز بسهولة على نقالات الطوارئ؛ مما يُعزّز كفاءة المسعفين ويستغني عن الحاجة إلى حمل حقائب الحقن الوريدي يدوياً.
وعن فئة الطبيعة والغذاء وأنظمة المياه: HyaPak، جامعة إجيرتون، حيث يعمل مشروع HyaPak على تحويل نبتة «زهرة الماء» الى بدائل بلاستيكية قابلة للتحلل؛ مما يحد من النفايات ويُساعد في القضاء على هذا النوع من الأنواع النباتية الغازية. في حين تنتج نيروبي 480 طناً من النفايات البلاستيكية يومياً، يتم فقط إعادة تدوير 45% منها، كما يتسبب انتشار نبتة «زهرة الماء» في إحداث أضرار كبيرة في أكثر من 70 دولة، حيث أنها تسدّ الممرات المائية وتسببت بخسائر اقتصادية هائلة. يُقدّم HyaPak حلاً مبتكراً من خلال استخدام هذه النبتة لصنع منتجات مثل أكياس تغليف الشتلات القابلة للتحلل خلال ستة أشهر؛ وبالتالي، يعالج هذا الحل هذين التحديين البيئيين بشكل متزامن.
وعن فئة التعليم والمساواة والمجتمعات: كاباك، سان فرانسيسكو دي كيتو، وهو عبارة عن تطبيق إلكتروني لمكافحة الفساد في نظام المشتريات العامة في الإكوادور باستخدام تقنيات علوم البيانات والذكاء الاصطناعي.
المصدر: صحيفة الخليج
كلمات دلالية: فيديوهات الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم مرکز دبی المالی العالمی محمد بن راشد آل مکتوم الرئیس التنفیذی لطیفة بنت محمد أکثر من من خلال فی مجال عن فئة فی دبی
إقرأ أيضاً:
لطيفة بنت محمد: نحتاج إلى إعلام بعمق ثقافي يعيد الإنسان إلى الواجهة
دبي: «الخليج»
شهدت سموّ الشيخة لطيفة بنت محمد بن راشد آل مكتوم، رئيسة هيئة الثقافة والفنون في دبي، فعاليات قمة الإعلام العربي 2025، التي عقدت برعاية صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، ونظمها «نادي دبي للصحافة».
ألقت سموّها كلمةً مهمة تطرّقت فيها للحديث عن دور الإعلام في عصر الخوارزميّات. مشيرةً إلى أننا نعيش في مرحلةٍ فارقة، يتقاطع فيها الإعلام مع التحوّل الرقمي، وتتبدل فيها قواعد التأثير والتواصل، وتتغيّر فيها أدوار المؤسسات والأفراد، وهو ما يستدعي وقفة تأمل، وطرح أسئلة جوهرية تتمحور حول ماهية الإعلام الذي نريده، ودور المؤثر الحقيقي، وكيفية حماية مجتمعاتنا من الفوضى الرقمية دون أن يؤدي ذلك إلى عزلها عن التطور.
أكدت سموّ الشيخة لطيفة بنت محمد بن راشد آل مكتوم، رئيسة هيئة الثقافة والفنون في دبي، أن «الخوارزميات والذكاء الاصطناعي ما هي إلا أدوات صنعناها نحن، ونمتلك مفاتيحها، ويجب أن ننظر إليها على أنها فرص حقيقية لصناعة المستقبل، وعلينا أن نتعامل معها بالوعي المسؤول الذي نمتلكه، فنحن أصحاب العقول، ونحن المبتكرون، ونحن من يحدد الهدف ويوجه المسار، وقد حان الوقت لنستعيد زمام الأمور لنكون نحن من يقودها لا العكس، فقدرتنا على التوجيه تستند إلى المعرفة والإحساس بالمسؤولية تجاه أنفسنا وتجاه المستقبل.
عالم متغيّرولفتت سموّها إلى أن «عالمنا الذي نعيشه اليوم عالم متغيّر لم تعد ترسمه الجغرافيا ولا تحدُّه الحدود بين الدول، بل تصنعه الخوارزميات التي أصبحت تنسق تفاعلنا مع المحتوى، وتأخذنا لعوالم جديدة لكل منها هويّته وأفكاره وروحه، ما أثمر تشكّل المجتمعات الرقمية التي لا تُقاس فيها الهُوية بالمكان أو الجنسية، بل بالفكرة والانتماء والاهتمامات والانطباعات المشتركة، لتتحوّل إلى مساحات للنقاش والمشاركة والبوح والتأثير، تمنح الفرصة للإنسان لأن يكون مرئياً ومسموعاً بعد أن كان مُهمّشاً في واقعه، حيث تجاوزنا اليوم عصر الإعلام المركزي، ودخلنا عصر المحتوى غير المركزي الذي تتعدد فيه المصادر وتتناثر فيه الحقائق، ليصبح بإمكان كل فرد أن يكون «وسيلة إعلامية» قائمة بذاتها».
واقع موازوأشارت سموّها إلى أن المجتمعات الرقمية أصبحت واقعاً موازياً يُزاحم الواقع الفعلي في تشكيل الهوية، وتكوين العلاقات، وصناعة القرار. وشاركت بعض الأرقام كشفت بها طبيعة الواقع الذي نعيشه اليوم، فهناك ملايين المجتمعات الرقمية المصغّرة التي تتشّكل وتتنامى على مئات منصات التواصل النشطة في جميع أنحاء العالم، في حين يُقدَّر عدد سكان العالم في 2025 بنحو 8 مليارات، وهناك نحو 5 مليارات هوية تعكس عدد المستخدمين النشطين لمواقع التواصل، أي ما يمثل 64.7% من سكان العالم.
وذكرت سموّها أن العام الماضي فقط شهد زيادة 241 مليون مستخدم، أي نحو 660 ألفاً جديداً يومياً، وهذا إن دلّ على شيء، فإنه يدل على أننا لا نشهد مرحلة تطورٍ تكنولوجيٍّ فحسب، بل تحوُّل جذري يعيد تشكيل علاقتنا بأنفسنا، وبالعالم من حولنا.
منظور جديدوعرضت سموّها بعض الأمثلة التي تؤكد أن المجتمعات الرقمية ليست مجرد مجموعات، بل ثقافات وعوالم تتكوّن لتفتح آفاقاً للتواصل والولاء تتجاوز ما كان مألوفاً.
وقالت: أخاطبكم اليوم بكوني فرداً من المجتمع، وعضواً في هذه المجتمعات الرقمية التي أعادت رسم خريطة العالم بمنظورها الجديد، المنظور القائم على التواصل العالمي، فشابٌّ في الإمارات يشارك الآن خبراته في «الأنمي» مع مجموعة في اليابان.. وآخر في هولندا يشعر باتصال مع لاعبه المفضل في البرازيل، أكثر من جيرانه في الحي.. وآخر في إحدى البلدان يعرض تجربته مع التنمّر، ويتأثر بها متابعوه في مصر ولبنان وأستراليا، أو غيرها من الدول، جميعهم متصلون عبر شبكة عالمية تتخطى الحدود والقارات، حيث يجدون في هذا الانتماء الجديد معنى أعمق وربما أكثر صدقاً من ارتباطهم بالمكان الجغرافي الذي يعيشون فيه.
تشكيل الوعيولفتت سموّها إلى أن المؤثرين أسهموا اليوم في تشكيل الوعي العام، وأصبحوا جزءاً من الذاكرة الثقافية لعصرنا بفضل قدرتهم على الوصول المباشر والسريع إلى الجماهير، حيث باتوا ينافسون وسائل الإعلام التقليدية في التأثير في الرأي العام.
ووسط كل هذه التحوّلات، طالبت سموّ الشيخة لطيفة بنت محمد، بإعادة التفكير في دور الإعلام وعلاقته مع الإنسان، متسائلةً «كيف سيخاطب الإعلام ملايين المجتمعات الرقمية الصغيرة؟ وكيف يمكنه فهم الهويّات الجديدة التي تشكّلها الخوارزميات والتفاعل والتواصل معها؟»، مشدّدةً على أهمية دور الإعلام مرشداً، ومسؤوليته الأخلاقية والمهنية المتمثلة في التحقق من المعلومات، وكشف الأخبار المضللة، وتقديم محتوى موثوق مبني على الحقائق والشمولية رغم سيطرة التكنولوجيا. وخاطبت سموّها المؤسسات الإعلامية، قائلة: «الإعلام غير مطالب بأن ينافس المؤثرين في صراع «الترند»، بل نريده أن يرسّخ المعنى، يعيد بناء الثقة، ويقدّم سرداً إنسانياً عميقاً، وسط سيل المحتوى السريع والمختَزل. نحتاج في هذه المرحلة إلى إعلامٍ لا يركز على مواكبة التحوّل الرقمي فحسب، بل قيادة صناعة المحتوى من جديد بعمقٍ ثقافي وإنساني».
وفي خطوةٍ إيجابية وسعيٍ جاد لترك بصمةٍ رقمية تعبّر عن روح هذا اللقاء، أطلقت سموّ الشيخة لطيفة بنت محمد، خلال الجلسة وسماً جديداً بعنوان: «محتواك أثرك»، وقالت عنه: هذا الوسم سيكون حلقة الوصل التي تربطنا ببعضنا أينما كنّا، وسينعكس فيه وعينا وقيمنا ومبادئنا، وستتجسّد عبره تطلعاتنا نحو المحتوى الذي نطمح إليه، ليكون النتاج رصيداً غنياً من المضامين الهادفة التي نفخر بها.
تعزيز التفاهمأكدت سموّ الشيخة لطيفة بنت محمد ضرورة أن يصافح الإعلام العصر الرقمي من جهة، ويحافظ على أصالة القيم من جهة أخرى. كما يتوجّب عليه أن يفسر الحقائق ويترجم المفاهيم، ليعزز التفاهم والقيم الإنسانية المشتركة، لا تأجيج الانقسامات، وبهذا يستعيد مكانته راوياً واعياً مسؤولاً يمتاز بالنزاهة والأصالة والانفتاح.
ودعت الجمهور للنظر إلى المجتمعات الرقمية فرصاً لبناء الجسور وتبادل المعرفة وصناعة محتوى هادف، لا تهديداً.
مؤكدة أننا اليوم في أمسّ الحاجة إلى نشر رسائل الأمل والخير والإيجابية، وهذا ما ينبغي على وسائل الإعلام عمله، أن تكون مناراتٍ للإلهام، وصوتاً للأمل، وشعلةً تُنير دروب المستقبل، لتمنحنا الثقة بغدٍ واعدٍ أكثر إشراقاً وإنسانية.
ووجّهت سموّها رسالةً للمؤثرين، قالت فيها: «أنتم لا تُمثّلون أنفسكم فحسب، بل تمثلون جيلاً كاملاً من الشباب الطامح الباحث عن الإلهام والقدوة، تقع على عاتقكم مسؤولية المساهمة في التغيير إلى الأفضل عبر محتواكم الهادف. ونفخر بكل مؤثرٍ نجح في إحداث تأثير إيجابي، ووضع مسؤوليته الأخلاقية نصب عينيه، وسخّر وعيه في خدمة محتواه، فاسعوا إلى ترك أثرٍ طيّب، فالأثر الطيب لا يُمحى».
خطاب جديدطالبت سموّ الشيخة لطيفة، المؤسسات الإعلامية والمؤثرين وصنّاع الرأي بالعمل معاً لصياغة خطابٍ إعلامي جديد أساسه المسؤولية والوعي، يضع المعايير الأخلاقية والمهنية في قلب المعادلة.
وختمت سموّها كلمتها بتأكيد أن المجتمعات الرقمية نشأت بوصفها امتداداً طبيعياً لعلاقة الإنسان بالإنسان، وحاجته إلى بناء الروابط وتبادل الأفكار والمشاعر، وتحقيق تطلُّعاته للتواصل والمشاركة والتأثير.
داعيةً إلى الانطلاق من القمة نحو أهداف أسمى وأكبر وأعمق، بحيث نستثمر مواقع التواصل، في بناء مجتمعات إيجابية فاعلة - واقعية أو رقمية - لتحقيق أهداف إنسانيتنا المشتركة رغم كل الحدود والمسافات.
«#محتواك_أثرك».. يعكس الهوية ويجسّد القيمأطلقت سمو الشيخة لطيفة بنت محمد بن راشد آل مكتوم، رئيسة هيئة الثقافة والفنون في دبي، وسم (#محتواك_أثرك)، وذلك خلال جلستها «دور الإعلام في عصر الخوارزميات»، ودعت من خلاله إلى ترك بصمة رقمية مؤثرة تعكس هويتنا وتُجسّد قيمنا عبر ما نقدمه من محتوى هادف.
وعبّرت سموها عن فخرها بكل الإعلاميين والمؤثرين والأفراد الذين نجحوا في ترك أثر ملموس عبر محتواهم الهادف، وقالت: «كونوا جزءاً من رحلة التغيير والتأثير الإيجابي، وشاركوا معنا بمحتواكم المؤثر عبر هاشتاغ #محتواك_أثرك».