كل حروب إسرائيل فى غزة كان لها بداية نهايتها معروفة مقدما، إلا الحرب الحالية، فإسرائيل نفسها لا تعرف لها نهاية، وهناك مخطط بأنها قد تصل إلى عام كامل، كما تريد إسرائيل خلال حربها أن تغتال ثلاثة من قادة حماس بينهم السنوار.
مصدر إسرائيلى أخبر وكالة أنباء رويترز أن إسرائيل تعتزم إقامة منطقة عازلة من شمال حتى جنوب غزة، وإذا لم يكن فى الشمال مشكلة ففى الجنوب تكمن الخطورة، لأنه يعنى الحدود المصرية.
مسؤول إسرائيلى يرى أن رفح المصرية تمثل أصل تحول حماس من حركة عادية إلى وحش لا يمكن السيطرة عليه، وأنه يجب الاهتمام بحدود غزة مع مصر، ويؤكد أن الحل هو السيطرة على المنطقة الحدودية بين مصر وغزة.
فى المقابل، يرى بعض العرب عكس الرؤية الإسرائيلية ويتهمون مصر أنها تضيق الخناق على أهل غزة ليلا ونهارا وتحرمهم من الامدادات وتمنعهم من التهجير والنزوح إلخ.. إسرائيل ترى مصر أصل قوة غزة، والعرب يرون أن مصر تخنق غزة!
الضغط الإسرائيلى متواصل على أهل غزة عبر عمليات الإبادة الجماعية التى يتعرضون لها من خلال مطاردات الموت، وهذا الأمر يعنى ببساطة أن المدرعات الإسرائيلية ستصل بين عشية وضحاها إلى الحدود المصرية.
هنا تكمن الخطورة فمع كل تصعيد إسرائيلى واجتياح لقطاع غزة يبرز ممر «فيلادلفيا» إلى الواجهة، وقد وجهت مصر إلى إسرائيل تحذير شديد اللهجة من أى عمليات عسكرية فى الممر تزامنا مع الاجتياح البرى للقطاع على اعتباره منطقة عازلة وفقا لمعاهدة السلام المصرية الإسرائيلية التى أبرمت عام 1979.
وتعود قصة هذا الممر إلى العام 2005، بموجب اتفاق مصرى إسرائيلى سمى اتفاق «فيلادلفيا» لوقف عمليات التهريب وتدمير الانفاق الموجودة بعد أن أصبحت منطقة الحدود خاضعة للفلسطينيين.
والممر الذى أطلق عليه محور صلاح الدين، عبارة عن شريط ضيق من الأرض بطول 14 كيلو مترا من البحر المتوسط حتى معبر كرم أبو سالم على طول الحدود بين قطاع غزة ومصر.
وقد سمحت بنود الاتفاقية لمصر بنشر قوات على امتداد الطريق لحراسة ذلك الشريط، ونص الاتفاق على أن القوات المصرية هى «قوة مخصصة لمكافحة الإرهاب والتسلل عبر الحدود»، وليست قوة عسكرية، كما نص على أنها «لا تلغى أو تعدل اتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية».
وكشفت صحيفة هاآرتس الإسرائيلية أن جيش الاحتلال يستعد لعملية برية فى جنوب القطاع ستكون محورها خانيونس ورفح، وتهدف إلى أمرين أولهما تفريغها من المدنيين، والثانى محاولة الوصول إلى مراكز القوة فى خانيونس، حيث قادة حماس وكبار مسؤولى الحركة والدوائر الحكومية.
ووفقا للصحيفة، فإن الجيش الإسرائيلى يستعد أيضا لدخول برى فى رفح أقصى جنوب قطاع غزة، لتكون النقطة المحورية هناك هى ممر فيلادلفيا.
باختصار.. التقارير الإسرائيلية التى وضعها رئيس أركان جيش الاحتلال هرتسى هيلفى، تعتمد على معلومات استخباراتية تشير إلى أن خانيونس أصبحت خلال الأيام الأخيرة مركزا لقادة حماس، وأن يحيى السنوار مع قادة مدنيين موجودين فيها مع من تبقى من الأسرى.
تبقى كلمة.. الحرب الشاملة ضد غزة بدأت تتخذ مسارات جديدة، والدلائل تؤكد أن الاحتلال الذى يغذى الحرب المسعورة نزع فتيل فوهة بركان ثائر، الأمر الذى يهدد بنقل الصراعات إلى بؤر جديدة.. لكن تبقى الحقيقة المؤلمة أنه ليس كل من يفجر البركان يستطيع إخماده.
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الجيش الإسرائيلي باختصار
إقرأ أيضاً:
ليست حماس فقط.. إسرائيل تستهدف الجميع
"نريد تدمير ما تبقّى من القطاع.. حتى لا يبقى حجر على حجر.. سكان غزة سينتقلون إلى جنوب القطاع، ومن هناك إلى دولة ثالثة"، بهذه الكلمات يختصر وزير المالية الإسرائيلي أهداف الحرب بعد 19 شهرًا من الوحشية، والتجويع والقتل والتدمير الممنهج.
بعده بأيّام، في 21 مايو/ أيار، خرج رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، في إطلالة إعلامية مباشِرة، ليحدّد أهداف الحرب على غزة؛ بتسليم الأسرى، ونزع سلاح حماس، وخروج حماس من القطاع، ومن ثم تطبيق خطة ترامب التي تعني تهجير الفلسطينيين إلى خارج القطاع.
هذا يعني وبوضوح وعلى لسان أرفع مسؤول في الحكومة؛ أن إسرائيل المحتلة لا تريد الوصول لاتفاق لوقف إطلاق النار، وما المفاوضات الجارية في الدوحة والقاهرة، إلا شكل من أشكال إدارة الحرب، فبنيامين نتنياهو أكّد أنه لو تم تسليم الأسرى كإحدى نتائج المفاوضات مع حماس، فإن الحرب ستُستأنف بعد انتهاء الهدنة المؤقتة، حتى تحقيق أهداف الحرب المشار إليها.
موقف نتنياهو يعني استدامة الحرب، بأفق زمني يقترب من عقد الانتخابات الإسرائيلية في منتصف العام 2026.
وحتى يوفّر نتنياهو لنفسه غطاءً ودعمًا أميركيًا مستمرًا لهذه الحرب، فإنه أعلن استجابته لطلب أصدقاء إسرائيل في الكونغرس الأميركي، بإدخال مساعدات لتجنّب حدوث مجاعة في غزة، كما زعم، حتى يوفّروا له غطاء لكافة متطلبات الحرب السياسية والمادية لحسم المعركة في غزة.
إعلانفي هذا السياق، قام الاحتلال الإسرائيلي بإدخال 92 شاحنة، من أصل 45 ألف شاحنة يحتاجها قطاع غزة بشكل عاجل وتدفق مستمر لتجاوز المجاعة الناتجة عن الإغلاق التام والحصار المطبق لأكثر من 80 يومًا، ما دفع مفوضة السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي كايا كالاس لوصف ذلك بأنه؛ قطرة في محيط الاحتياجات الإنسانية.
العبرة بالأفعالواشنطن وإن بدت راغبة بوقف الحرب في قطاع غزة وصناعة السلام في المنطقة العربية، كما جاء على لسان الرئيس ترامب، إلا أن سلوكها لا يشي بذلك، بل يخلق شكوكًا حول مصداقية موقفها الداعي لوقف الحرب، التي تحوّلت إلى إبادة جماعية للفلسطينيين، فإسرائيل ما زالت تقتل بلا حدود، وتجوّع الفلسطينيين بلا حدود، وواشنطن- واقعيًا وعمليًا- تدعمها بلا حدود.
واشنطن إن كانت معنية بوقف الحرب، فهي تستطيع، بقرار سياسي حقيقي وليس إدارة إعلامية، فالرئيس الأميركي آيزنهاور وباتصال مباشر مع بريطانيا، وفرنسا، وإسرائيل، استطاع أن يوقف العدوان الثلاثي على مصر عام 1956، ما أدّى لخروج بريطانيا، وفرنسا من قناة السويس، وانسحاب إسرائيل من سيناء وقطاع غزة.
الاتحاد الأوروبي والعديد من الدول الغربية- ولا سيّما بريطانيا، وفرنسا، وإسبانيا، وإيطاليا، والنرويج، وهولندا، وكندا وغيرها- دعوا رسميًا وعلى لسان أرفع المسؤولين بوقف الحرب وإدخال المساعدات فورًا وبلا قيود، وهدّدوا بمعاقبة إسرائيل على سلوكها، إن لم تستجب لدعواتهم.
هذا الموقف وإن جاء متأخرًا جدًا، شكّل نقلة نوعية في الخطاب، ولكنه في ذات الوقت أمام اختبار حقيقي، فالعبرة بالأفعال وليست بالأقوال.
يُشهَد للعديد من الشعوب الأوروبية وشرائح أميركية موقفهم التاريخي الرافض لحرب الإبادة والتطهير العرقي في غزة، بعد أن انكشف الاحتلال الإسرائيلي على حقيقته المتوحّشة، ما كان سببًا مهمًا لتغيير مواقف حكوماتهم المُحْرجة سياسيًا وأخلاقيًا أمام شعوبها التي يمكن أن تعاقبها عبر صناديق الاقتراع في أقرب الآجال.
إعلانيبقى الحكم على مواقف الدول الغربية، التي لطالما ادّعت وزعمت حمايتها للقانون الدولي والإنساني، مرهونًا بخطواتها وإجراءاتها العملية ضد إسرائيل على شكل عقوبات تحول دون استمرار عدوانها على غزة، فالاتحاد الأوروبي أخذ ضد روسيا نحو 17 حُزمة من العقوبات المتراكمة للحيلولة دون استمرار حربها على أوكرانيا، وهذا يعدّ حجة على الاتحاد الأوروبي ومصداقيته، وهو المنظومة الأكثر شراكة تجاريًا وعسكريًا وثقافيًا مع إسرائيل المحتلة.
حماس ليست الهدف الأساسإن كان الحديث عن الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي أساسيًا بحكم موقعهما الأكثر تأثيرًا على المنظومة الدولية وعلى إسرائيل بوجه خاص، فهذا الأمر لا يُعفي جامعة الدول العربية والدول العربية من مسؤوليتها الأخلاقية والقومية والسياسية، وهي الأكثر قربًا وتأثّرًا بتداعيات الأحداث الدامية في قطاع غزة، وهي الأكثر تأثيرًا على إسرائيل إذا أرادت استخدام أوراق قوّتها لوقف الإبادة الجماعية وتهجير الفلسطينيين من أرضهم.
الدول العربية باستطاعتها وقف التطبيع مع إسرائيل المحتلة، ووقف كافة الشراكات الاقتصادية والأمنية معها، وتفعيل المقاطعة الشاملة ضد الاحتلال، حتى وقف هذه المقتلة بحق الفلسطينيين والإنسانية، فالصمت يشجّع الاحتلال على ارتكاب المزيد من الحماقة والجنون الذي سيطال الجميع فلسطينيين وعربًا.
من نافلة القول، أن معركة إسرائيل ليست مع حركة حماس والمقاومة الفلسطينية بشكل أساس، وإنما مع الشعب الفلسطيني وتطلعاته الوطنية، ومع الأطفال والنساء والشباب الفلسطيني؛ فالاحتلال يعتقد أن الديمغرافيا الفلسطينية، والعنفوان الفلسطيني، والكفاءات العلمية الفلسطينية هي تحدٍ تاريخي له، فهم أصحاب الأرض الأصليون ويرفضون التخلّي عنها، وهذا ما كان طوال 77 سنة من الاحتلال القائم على القتل والتهجير.
إعلانمعركة إسرائيل مع الجميع وتستهدف فيها الجميع. فحركة حماس هي حلقة من حلقات النضال، وإن ذابت وفنت فلن يفنى النضال ولن تتراجع الثورة الفلسطينية عن التحرير والعودة لشعب قارب تعداده الـ 15 مليون نسمة، نصفهم داخل فلسطين، والنصف الآخر مهجّر يعيش أغلبه في دول الطوق العربي.
الناظر يرى مستوى وحشية الاحتلال، وكراهيته وانتقامه من المدنيين الفلسطينيين في غزة، فغالبية الشهداء من المدنيين، وثلث الشهداء البالغ عددهم نحو 54 ألفًا إلى اللحظة من الأطفال.
الاحتلال ومنذ الأشهر الأولى من هذه المعركة، سعى لتدمير الجامعات والمدارس؛ لأنها منبع التربية والمعرفة، كما سعى لقتل الأطباء والمهندسين والمعلمين والأكاديميين والصحفيين وموظفي القطاع العام ونشطاء المجتمع المدني؛ لأنه يرى فيهم عدوًا عنيدًا صلبًا في مواجهته كاحتلال فاشيّ متوحّش.
الاحتلال كان وما زال يرى في الفلسطيني عدوًا يجب التخلّص منه؛ فمن دمّر أكثر من 500 بلدة وقرية وهجّر ثلثي الشعب الفلسطيني في العام 1948، ما زال يعمل بنفس العقلية وعلى ذات النهج والسياسة.
إذا كان بعض العرب يرى في حركة حماس والمقاومة الفلسطينية طرفًا غير مرغوب فيه لخلفيتها الإسلامية، فهذا ليس مبرّرًا للصمت على قتل الأطفال، وتدمير معالم الحياة في قطاع غزة.
علاوة على ذلك فإن تهجير الفلسطينيين، سيُعيد ثِقل النضال الوطني من الداخل إلى الخارج، وهذا ليس في صالح الفلسطينيين والعرب على حد سواء، وفقًا لتجربة الثورة الفلسطينية؛ فإسرائيل تسعى لنقل أزمتها كاحتلال إلى الدول العربية، لتصبح المشكلة بين الفلسطينيين الساعين للتحرير والعودة، وبين الدول العربية التي ستكون في موقع الدفاع عن إسرائيل بحكم اتفاقيات التطبيع.
حركة حماس أحسنت لفلسطين وللدول العربية عندما نقلت النضال من الخارج إلى الداخل، ولم تتدخل في شؤون الدول العربية بذريعة مقاومة الاحتلال، وهذا يتطلب أقلّه دعمًا للفلسطينيين إن لم يكن وقوفًا مع حركة حماس والمقاومة الفلسطينية في وجه الاحتلال، الذي يشكّل خطرًا إستراتيجيًا على الأمة العربية كلها والإنسانية بأكملها، والذي بات اليوم واضحًا أكثر من أي وقت مضى.
إعلانالواقع الكارثي الذي يعيشه الفلسطيني في قطاع غزة، وعلى شاكلته في الضفة الغربية والقدس، بسبب الاحتلال الإسرائيلي، يضع العرب والإنسانية أمام امتحان تاريخي؛ فالعالم إما أن يستمر في صمته المخجل ويخسر إنسانيته، وإما أن يتحرك لإنقاذ البشرية والتي أضحى أحد أهم عناوينها غزة.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outline