6 ديسمبر 1964: كيف نفشل قبل أن ندمن الفشل؟
تاريخ النشر: 7th, December 2023 GMT
كتب الدكتور سلمان محمد سلمان كلمة في مناسبة ذكرى ثورة أكتوبر 1964 قال إنها، رغم أن مسألة الجنوب كانت من بواعثها، سرعان ما انصرفت عنها وعادت حليمة لقديمها. وسلمان في الواضح من حملة نظرية "الفشل وإدمان الفشل" لمنصور خالد التي كانت الأصل في كتاباته لتاريخ السودان المعاصر. وهي نظرية أشبه بمباراة لكرة القدم.
لم أجد في بحث سلمان ذكراً ليوم 6 أكتوبر 1964 كيوم أسود على ثورة الشعب. وهو اليوم الباكر للثورة المضادة على أكتوبر. ففيه انقسمت الخرطوم، التي وحدتها ثورة أكتوبر، إلى شمال وجنوب بسبب طائش إن لم يكن مدبراً. فاعتدى جنوبيون، وهم قلة في المدينة، على الشماليين من طرف. وكان أولئك الجنوبيون عائدين من مطار الخرطوم ساخطين لتأخر طائرة كلمنت أمبور، وزير الداخلية، في العودة من الجنوب للخرطوم فظنوا الظنون عما قد يكون حدث له. وامتصت جماعات من الشماليين صدمة العدوان ثم ردت بفظاظة وغير رحمة. وأقول انقسمت الخرطوم بحق. فأنتهى أكثر الجنوبيين في ذلك اليوم وما بعده إلى أمن إستاد الخرطوم وأم درمان شفقة بهم من التعديات. وصب ذلك اليوم الماء البارد على الثورة. وإن طمع سلمان في أن تنجز أكتوبر ما علقته هي على نفسها، وما أمله منها، كان عليه أن يسأل ما الذي اكتنفها فأفسدها وأفشلها. فلم تكن ثورة أكتوبر، ولا أي ثورة أخرى، حالة "أركانحرب" ناجزة تؤمر فتطاع، تُقدر فتنفذ. لقد أحدقت بأكتوبر، ككل ثورة، الثورة المضادة. ولم يكن الأحد الأسود باكورة نشاط تلك الثورة بل الضربة المميتة الأولى التي لم تقل أكتوبر بعدها أحيا العافية. وسنعرض ليوميات الثورة المضادة واحدة بعد الأخرى. لقد ضرب مدبرو الأحد الأسود الثورة في مقتل: في بوادر معنى الاخاء اللطيف الذي سينعقد للوطن الجديد.
أنقل لكم هنا وثيقة من رسائل السفارة الأمريكية عن الأحد الأسود مما عرّبه الأستاذ محمد على محمد صالح. وأنبه إلى الجديد الذي جاءت به حتى لو أفسدت القراءة والاستنتاج المستقلين. فقد كان يقال لنا إن الجنوبيين انتظروا الطائرة لاستقبال الوزير ولما لم تأت في موعدها ظنوا بالشماليين الظنون فخرجوا متظاهرين. وسترى في الوثيقة أن الجنوبيين الذي احتشدوا في المطار لم يأتوا للترحيب بالوزير بل للتظاهر ضده لأنه قبل بالتعاون مع الشماليين. وكانوا بالتالي طرفاً في صراع بين من قبلوا التعاطي مع الشمال لحل مسألة الجنوب ومثّلهم الشهيد وليم دينق، ومن استعلوا على ذلك بقيادة أقري جادين. وكلاهما من حزب سانو. فلم تكن حادثة المطار بالبراءة التي صوروها لنا. كانت جزءاً من عقيدة سياسية من الروافض للتعاطي مع الشماليين. وهي عقيدة انتهت بنا إلى يوم أسود (وأيام سوداء تتالت) راحت في أرجل مثل بحث سلمان الذي هو مرافعة متطوعة عن موكل لا نظراً محيطاً للمسألة. فإلى تقرير السفارة
اشتباكات الجنوبيين
تعليق:
ظهر يوم الاحد 6-12، سير عدد كبير من الجنوبيين مظاهرات الى مطار الخرطوم لاستقبال كلمنت امبورو، وزير الداخلية، الذي كان زار المديريات الجنوبية. وكان جزء كبير من المتظاهرين يحمل لافتات ويردد شعارات معادية للوزير. وذلك لاتهامه بالتعاون مع الشماليين ضد مصالح الجنوبيين. وهتف بعضهم "داون داون (يسقط يسقط) كلمنت امبورو". وكان بعضهم يضع شارات سوداء على أذرعهم كرمز لغضبهم.
وعندما تأخرت طائرة الوزير، وثلاث مرات أعلن المطار تأجيل وصولها، ولم تصل، وفي السادسة مساء، تحولت المظاهرات الى تخريب بدأ من المطار واستمر حتى منتصف الخرطوم. وانتشرت اشاعات بان الجنوبيين بدأوا في قتل الشماليين. ولم تكن هناك شرطة كافية تحمى المواطنين. وسارع مواطنون كثيرون وسلحوا أنفسهم بالعصي والسياخ.
ووقعت اشتباكات مع الجنوبيين في حي المطار، وبرى، ووسط الخرطوم، والخرطوم بحري، وشمبات، وغيرها. وشبت حرائق في مدرسة كمبوني، وفي دار النشر المسيحي.
ومع بيانات من الحكومة من الاذاعة بان يطيع الناس القانون، نزل وزراء الى الشوارع لتهدئة المواطنين. وهتف مواطنون ضدهم، بسبب غياب الشرطة وقوات الامن.
ووقعت هجمات دموية كثيرة ومتفرقة على جنوبيين. ونشرت اخبار بأن جنوبيين غرقوا وهم يحاولون الهروب، وان جثث جنوبيين ألقيت في النيل. وان ماء النيل طفح بجثثهم. وان مواطنين في شمبات والحلفاية تسلحوا بسيوف، وركبوا خيولا، وأعلنوا الحرب على الجنوبيين. وأن المستشفيات امتلأت بالجرحي، وأن الجنوبين لجأوا إلى استادي الخرطوم وامدرمان، حيث تحميهم قوات الشرطة.
في اليوم التالي، نشرت الصحف اخبارا بان عدد القتلى الجنوبين وصل الى المئات، بين وصل عدد القتلى الشماليين الى العشرات ...
ونشرت الصحف، كلها، اتهامات عن وجود "أيدي اجنبية" وراء اضطرابات الجنوبيين. وان مظاهرة المطار كانت خططت مسبقا. وان اموالا وزعت على مشتركين فيها. وعلى شراء المكرفونات واللافتات.
وفي اليوم التالي، نشرت صحيفة "الاهرام" المصرية تصريحات ادلى بها جيمس لوك، العضو الجنوبي في مجلس السيادة، هاجم فيها الشماليين، حكومة وشعبا. وهاجم وزير الداخلية الجنوبي كلمنت امبورو. وقال انه "عميل للشماليين". وهاجم سر الختم الخليفة، رئيس الوزراء. وعارض زيارة الخليفة للجنوب. واعترف بانه ايد مظاهرات الجنوبيين في مطار الخرطوم. وقال: "لن يهدا السودان ما لم ينفصل الجنوب".
وفي نفس اليوم، اصدرت جبهة الجنوب، الحزب الجديد الذي شكله الجنوبيين، بيانا دعت فيه الحكومة لترحيل الجنوبيين في استادي الخرطوم وامدرمان الى الجنوب. ولترحيل الشماليين في الجنوب الى الشمال.
ونشرت صحيفة "الميدان"، لسان الحزب الشيوعي، ارقام سيارات قالت إنها لمجموعات من القساوسة وأجانب ودبلوماسيين اجانب، هم الذين نظموا مظاهرة المطار.
IbrahimA@missouri.edu
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الجنوبیین فی
إقرأ أيضاً:
أسامة نبيه: لن أعتذر عن الفشل.. ما حدث عدم توفيق فقط
شهدت حلقة الكورة مع فايق على قناة “MBC مصر” مواجهة نارية بين الإعلامي إبراهيم فايق والمدير الفني لمنتخب الشباب أسامة نبيه، حيث تحولت المقابلة إلى مناظرة مفتوحة حول أسباب إخفاق المنتخب في التأهل إلى كأس العالم للشباب، وسط تبادل الاتهامات وتبريرات حادة من نبيه.
في بداية الحوار، واجه فايق ضيفه قائلاً: “أنت ليه ما اعتذرتش لشعب مصر؟”، فرد نبيه قائلا: “شعب مصر عاوز يسمعني وأنا بعتذر عن عدم التوفيق، مش عن الفشل، لأن المنتخب مفشلش”.
واستمر الجدل بعدما تساءل فايق عن سبب احتفال الجهاز الفني بالفوز على تشيلي رغم معرفة الفريق بأن “اللعب النظيف” سيحسم المتأهل، ليرد نبيه: “أنا ما احتفلتش، وقعدت على الدكة وقلت أعرف الحسبة الأول”.
ودافع نبيه عن اختياراته المثيرة، مؤكدًا أنه كان يحتفظ ببعض اللاعبين المهمين “لدور الـ16”، وقال: “كنت محوشهم للمباريات الأصعب، وده قرار مدرب”.
لكن فايق رد بحدة: “يا كابتن احنا خرجنا وانت بتقول كنت محوشهم!”
وفي المقابل، اعتبر نبيه قراراته “صحيحة من وجهة نظر تدريبية”، مضيفًا أن عملية التدوير “روتيشن” كانت جزءًا من خطته لمواجهة المكسيك لو تأهل المنتخب.
وعندما سُئل عن استبعاد لاعبين محترفين مثل كاميرون إسماعيل (أرسنال) وكريم أحمد (ليفربول)، قال نبيه إنه لم يكن يستطيع الحكم على إسماعيل من مباراة واحدة أمام مالية كفر الزيات، ما دفع فايق للرد ساخرًا: “يعني بتاخد لاعب عشان بيتدرب مع فريقه، وتستبعد لاعب أرسنال لأنك محتاج تشوفه أكتر؟!”
كما أثار فايق دهشة المشاهدين حين كشف أن نبيه دخل البطولة “بدون ظهير أيمن أساسي”، ليرد الأخير: “كان عندي لاعيبة بتلعب في كذا مركز، زي نايل مثلاً، لعب باك رايت شوط كامل”.
ليعلق فايق بانفعال: “نايل اللي كنت بتلعبه راس حربة، تلعبه باك رايت؟!”
ورغم الانتقادات، تمسك نبيه بموقفه حتى النهاية قائلاً:“عمري ما هعتذر عن فشل، لأن مفيش فشل.. اللي حصل عدم توفيق”.
بينما ختم فايق الحلقة بقوله: “من الواضح إن الكابتن أسامة شايف إن كل قراراته صح، رغم إن النتيجة بتقول العكس.”