سودانايل:
2025-07-05@11:41:20 GMT

6 ديسمبر 1964: كيف نفشل قبل أن ندمن الفشل؟

تاريخ النشر: 7th, December 2023 GMT

كتب الدكتور سلمان محمد سلمان كلمة في مناسبة ذكرى ثورة أكتوبر 1964 قال إنها، رغم أن مسألة الجنوب كانت من بواعثها، سرعان ما انصرفت عنها وعادت حليمة لقديمها. وسلمان في الواضح من حملة نظرية "الفشل وإدمان الفشل" لمنصور خالد التي كانت الأصل في كتاباته لتاريخ السودان المعاصر. وهي نظرية أشبه بمباراة لكرة القدم.

ينقسم فيها السودان إلى شمال شرير فاشل وجنوب ضحية خير. وهذا تبسيط لا أثر له في الواقع. وإنما هو من اصطناع المهني في القضاء الواقف (المحاماة أو التجاحد في وصف الترابي) الذي هو أصل تدريب منصور وسلمان معاً. فليس الذي ينظرا فيه مسألة سياسية التدافع فيها مختلف أشكاله وقواه ومراميه، بل هي "حجة" بين مدعى ومدعى عليه يأخذ فيها المحامي جانب موكله لا يريم. وصدف أن كان الجنوب هو موكل سلمان ضد الشماليين قاطبة. وهذا ما يجعل الكتابة في حالة التجاحد القانونية هذه مرافعة يحشد فيه المحامي بينات تثبت حق موكله ويتغاضى عن غيرها لأن تلك مهمة محامي الخصم الذي قد يغفل عنه فيخسر. أما البحث العلمي الذي يزعمه منصور وسلمان فخلاف ذلك. فالباحث فيه هو من يعرض، بعرف المهنة وضميرها، لحجج الأطراف جميعاً. فلا موكل له سوى البحث عن الحقيقة.
لم أجد في بحث سلمان ذكراً ليوم 6 أكتوبر 1964 كيوم أسود على ثورة الشعب. وهو اليوم الباكر للثورة المضادة على أكتوبر. ففيه انقسمت الخرطوم، التي وحدتها ثورة أكتوبر، إلى شمال وجنوب بسبب طائش إن لم يكن مدبراً. فاعتدى جنوبيون، وهم قلة في المدينة، على الشماليين من طرف. وكان أولئك الجنوبيون عائدين من مطار الخرطوم ساخطين لتأخر طائرة كلمنت أمبور، وزير الداخلية، في العودة من الجنوب للخرطوم فظنوا الظنون عما قد يكون حدث له. وامتصت جماعات من الشماليين صدمة العدوان ثم ردت بفظاظة وغير رحمة. وأقول انقسمت الخرطوم بحق. فأنتهى أكثر الجنوبيين في ذلك اليوم وما بعده إلى أمن إستاد الخرطوم وأم درمان شفقة بهم من التعديات. وصب ذلك اليوم الماء البارد على الثورة. وإن طمع سلمان في أن تنجز أكتوبر ما علقته هي على نفسها، وما أمله منها، كان عليه أن يسأل ما الذي اكتنفها فأفسدها وأفشلها. فلم تكن ثورة أكتوبر، ولا أي ثورة أخرى، حالة "أركانحرب" ناجزة تؤمر فتطاع، تُقدر فتنفذ. لقد أحدقت بأكتوبر، ككل ثورة، الثورة المضادة. ولم يكن الأحد الأسود باكورة نشاط تلك الثورة بل الضربة المميتة الأولى التي لم تقل أكتوبر بعدها أحيا العافية. وسنعرض ليوميات الثورة المضادة واحدة بعد الأخرى. لقد ضرب مدبرو الأحد الأسود الثورة في مقتل: في بوادر معنى الاخاء اللطيف الذي سينعقد للوطن الجديد.
أنقل لكم هنا وثيقة من رسائل السفارة الأمريكية عن الأحد الأسود مما عرّبه الأستاذ محمد على محمد صالح. وأنبه إلى الجديد الذي جاءت به حتى لو أفسدت القراءة والاستنتاج المستقلين. فقد كان يقال لنا إن الجنوبيين انتظروا الطائرة لاستقبال الوزير ولما لم تأت في موعدها ظنوا بالشماليين الظنون فخرجوا متظاهرين. وسترى في الوثيقة أن الجنوبيين الذي احتشدوا في المطار لم يأتوا للترحيب بالوزير بل للتظاهر ضده لأنه قبل بالتعاون مع الشماليين. وكانوا بالتالي طرفاً في صراع بين من قبلوا التعاطي مع الشمال لحل مسألة الجنوب ومثّلهم الشهيد وليم دينق، ومن استعلوا على ذلك بقيادة أقري جادين. وكلاهما من حزب سانو. فلم تكن حادثة المطار بالبراءة التي صوروها لنا. كانت جزءاً من عقيدة سياسية من الروافض للتعاطي مع الشماليين. وهي عقيدة انتهت بنا إلى يوم أسود (وأيام سوداء تتالت) راحت في أرجل مثل بحث سلمان الذي هو مرافعة متطوعة عن موكل لا نظراً محيطاً للمسألة. فإلى تقرير السفارة

اشتباكات الجنوبيين
تعليق:
ظهر يوم الاحد 6-12، سير عدد كبير من الجنوبيين مظاهرات الى مطار الخرطوم لاستقبال كلمنت امبورو، وزير الداخلية، الذي كان زار المديريات الجنوبية. وكان جزء كبير من المتظاهرين يحمل لافتات ويردد شعارات معادية للوزير. وذلك لاتهامه بالتعاون مع الشماليين ضد مصالح الجنوبيين. وهتف بعضهم "داون داون (يسقط يسقط) كلمنت امبورو". وكان بعضهم يضع شارات سوداء على أذرعهم كرمز لغضبهم.
وعندما تأخرت طائرة الوزير، وثلاث مرات أعلن المطار تأجيل وصولها، ولم تصل، وفي السادسة مساء، تحولت المظاهرات الى تخريب بدأ من المطار واستمر حتى منتصف الخرطوم. وانتشرت اشاعات بان الجنوبيين بدأوا في قتل الشماليين. ولم تكن هناك شرطة كافية تحمى المواطنين. وسارع مواطنون كثيرون وسلحوا أنفسهم بالعصي والسياخ.
ووقعت اشتباكات مع الجنوبيين في حي المطار، وبرى، ووسط الخرطوم، والخرطوم بحري، وشمبات، وغيرها. وشبت حرائق في مدرسة كمبوني، وفي دار النشر المسيحي.
ومع بيانات من الحكومة من الاذاعة بان يطيع الناس القانون، نزل وزراء الى الشوارع لتهدئة المواطنين. وهتف مواطنون ضدهم، بسبب غياب الشرطة وقوات الامن.
ووقعت هجمات دموية كثيرة ومتفرقة على جنوبيين. ونشرت اخبار بأن جنوبيين غرقوا وهم يحاولون الهروب، وان جثث جنوبيين ألقيت في النيل. وان ماء النيل طفح بجثثهم. وان مواطنين في شمبات والحلفاية تسلحوا بسيوف، وركبوا خيولا، وأعلنوا الحرب على الجنوبيين. وأن المستشفيات امتلأت بالجرحي، وأن الجنوبين لجأوا إلى استادي الخرطوم وامدرمان، حيث تحميهم قوات الشرطة.
في اليوم التالي، نشرت الصحف اخبارا بان عدد القتلى الجنوبين وصل الى المئات، بين وصل عدد القتلى الشماليين الى العشرات ...
ونشرت الصحف، كلها، اتهامات عن وجود "أيدي اجنبية" وراء اضطرابات الجنوبيين. وان مظاهرة المطار كانت خططت مسبقا. وان اموالا وزعت على مشتركين فيها. وعلى شراء المكرفونات واللافتات.
وفي اليوم التالي، نشرت صحيفة "الاهرام" المصرية تصريحات ادلى بها جيمس لوك، العضو الجنوبي في مجلس السيادة، هاجم فيها الشماليين، حكومة وشعبا. وهاجم وزير الداخلية الجنوبي كلمنت امبورو. وقال انه "عميل للشماليين". وهاجم سر الختم الخليفة، رئيس الوزراء. وعارض زيارة الخليفة للجنوب. واعترف بانه ايد مظاهرات الجنوبيين في مطار الخرطوم. وقال: "لن يهدا السودان ما لم ينفصل الجنوب".
وفي نفس اليوم، اصدرت جبهة الجنوب، الحزب الجديد الذي شكله الجنوبيين، بيانا دعت فيه الحكومة لترحيل الجنوبيين في استادي الخرطوم وامدرمان الى الجنوب. ولترحيل الشماليين في الجنوب الى الشمال.
ونشرت صحيفة "الميدان"، لسان الحزب الشيوعي، ارقام سيارات قالت إنها لمجموعات من القساوسة وأجانب ودبلوماسيين اجانب، هم الذين نظموا مظاهرة المطار.

IbrahimA@missouri.edu  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الجنوبیین فی

إقرأ أيضاً:

إلغاء تعليق الرحلات في مطارين بكندا

قال متحدث باسم إدارة الطيران الاتحادية الأميركية إنه تم إلغاء تعليق إقلاع الرحلات الجوية في مطاري أوتاوا ومونتريال الدوليين في كندا، بعد أن أدى تهديد بوجود قنبلة اليوم الخميس إلى توقف الرحلات المغادرة لفترة وجيزة.
وكتب مطار أوتاوا الدولي في منشور على منصة إكس أنه يحقق في ملابسات حادث أمني، وحذر من احتمال تعطل سير العمليات في المطار، وطلب من المسافرين التحقق من وضع رحلاتهم.
وقالت مؤسسة ناف الكندية لخدمات مراقبة الملاحة الجوية في بيان إنها علمت بشأن تهديدات بوجود قنابل تؤثر على عدد من منشآتها.
وأضافت أن الموظفين في المواقع المعنية تم إجلاؤهم بأمان، وأن المسافرين ربما يواجهون تأخيرات.
وذكرت شرطة أوتاوا في منشور على منصة إكس أنها تحقق في ملابسات حادث أمني في المطار.
ولم يتسنَ بعد الحصول على تعليق من المسؤولين في مطار مونتريال.

 

أخبار ذات صلة منتخب أميركا يكسب كندا بـ «ثلاثية» ودياً رئيس الدولة ونائباه يهنئون الحاكمة العامة لكندا بذكرى اليوم الوطني لبلادها المصدر: رويترز

مقالات مشابهة

  • كليتك في خطر.. 8 عادات تحميك من الفشل الكلوي قبل فوات الأوان
  • أستاذ تاريخ: قراءة اللحظة أول مفاتيح الفشل لدى الإخوان
  • لا تسلكوا طريق المطار يومَي السبت والإثنين.. هذا ما سيجري
  • الرجل الذي يريد أن يصبح ملكا.. قراءة في التحولات السعودية تحت قيادة ابن سلمان
  • الرجل الذي يريد أن يصبح ملكاً.. قراءة في التحولات السعودية تحت قيادة بن سلمان
  • “ريجنسي” الخرطوم.. أطلال شاهدة على “حرب البوم الذي يعجبه ليل الخراب”
  • سباق «بايك أبوظبي جران فوندو» للدراجات 21 ديسمبر
  • إلغاء تعليق الرحلات في مطارين بكندا
  • السوبر الإيطالي يُقام في السعودية ديسمبر 2025
  • مايكل جوردان.. أسطورة بكرة السلة خرجت من رحم الفشل