الخطلة تبرز الموروث الشعبي لأهل الريف بظفار
تاريخ النشر: 8th, December 2023 GMT
قدمت فرقة طاقة الأهلية للفنون المسرحية العرض المسرحي "الخطلة" على مسرح أوبار بالمديرية العامة للثقافة والرياضة والشباب بصلالة، ضمن العروض المنافسة في مهرجان ظفار المسرحي بنسخته الثانية، حيث شهد العرض حضورًا جماهيريًا قويًا.
العرض المسرحي من إخراج وتأليف شامس نصيب وبطولة الفنان سليم العمري والفنان عيسى عجزون، وأميرة البلوشية، وسارة فهمي، وأيهم البلوشي، ومروان باشعيب، ومؤيد محمد، وسعيد الفقيه، وأحمد النوبي، ومساعد المخرج تركي الحبشي، العرض المسرحي سلط الضوء على "الخطلة "وهي موروث شعبي لدى أهل الريف بمحافظة ظفار، وتبدأ مع بداية موسم الخريف حيث تنزح الإبل من الجبال إلى السهول، وتستمر لمدة ثلاثة أشهر ثم تعود للجبال مرة أخرى، و من خلال الأحداث التي تدور في منطقة ريفية لتوضح بُعْد العادات والتقاليد الخاصة بالمنطقة، حيث ناقش العرض قضية زواج البنات عن طريق حكمة الأب " شيخ القبيلة" في اختيار زوج لابنته رافضًا زواجها دون رضاها تنفيذًا لشرع الله تعالى، ولم تخلُ الأحداث من الصراع الأزلي بين الخير والشر، وانتصار الخير على الشر في النهاية برغم المعاناة والخسارة والتضحيات.
بعد انتهاء العرض المسرحي أقيمت الندوة التطبيقية الخاصة بالعرض والتي أدارها الكاتب المسرحي نعيم فتح بمشاركة المخرج شامس نصيب، وفي بداية الندوة قدّم الكاتب نعيم فتح سيرة المخرج شامس نصيب ثم تحدث عن العرض المسرحي فقال: "الخطلة" رحلة نزول الإبل من قمم الجبال للسهول ثم العودة مرة أخرى للجبال بعد انتهاء فصل الخريف، وفي بداية المسرحية ظهرت الثيمة التي بنيت لإظهار هذا الإرث الجميل الذي لا يعرفه الكثير من الشباب، كما أضاف المخرج قصة حب جمعت بين بنت الشيخ وشاب بسيط، تقابلا خلال وجود بعض الصراعات والغدر والطمع بجانب المشاعر الجميلة التي حرص المخرج على إدخالها في عمود الموضوع الرئيس للقصة، فالعمل جميل وراقٍ،وقدّم للجمهور جميع عناصر المتعة التي تنسجم معها جميع الفئات العمرية.
وعن العرض المسرحي قال المؤلف والمخرج شامس نصيب: أردت من خلال العرض إبراز موروث شعبي مهم ليتعرف عليه الجميع،وهو الخطلة وهي موروث شعبي بمحافظة ظفار وأردت توثيقه وإبرازه للأجيال القادمة، حيث إنها خاصة بالريف ومن أهم الموروثات الشعبية التي يحافظ عليها سكان محافظة ظُفار كتقليد سنوي، في بداية موسم الخريف تنزح الإبل من الجبال إلى السهول، وبعد انقضاء الخريف يعود رعاة الإبل إلى الجبال حيث المراعي الوفيرة والعمل امتزج بالدراما والتجريدي والواقعي كما صاحب ذلك لوحات من فن النانا الذي يشتهر بها أهل الريف.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: العرض المسرحی
إقرأ أيضاً:
كنوز الجبال.. فرصٌ مؤجَّلة تنتظر الإحياء
حمود بن سعيد البطاشي
في عُمق الجبال العُمانية؛ حيث تتشابك مسارات الريح مع ذاكرة المكان، تختبئ كنوز لا تقل قيمة عن أي مورد اقتصادي آخر، لكنها ما تزال تنتظر من يمدّ إليها يد الحياة. وبينما تتسارع خطوات سلطنة عُمان نحو تنويع مصادر الدخل والتركيز على السياحة كأفق استراتيجي واعد، تبدو بعض القرى وكأنها خارج خارطة الاهتمام، رغم أنها تحمل ما لا تحمله المدن من تنوّع جغرافي وثقافي وجمالي. هنا، يصبح السؤال مُلحًّا: لماذا تبقى هذه الكنوز نائمة إلى اليوم؟ ومن يوقظها قبل أن يفوت الأوان؟
السياحة الجبلية والبيئية ليست ترفًا؛ بل أحد أهم الموارد القادرة على خلق فرص اقتصادية مباشرة لأبناء القرى، وفتح مسارات جديدة للاستثمار، وتحريك عجلة التنمية في المناطق التي تعاني من محدودية الفرص. ولنا في سوط نموذج جليّ، فهي قرية تحمل في قلبها ما يكفي لإنتاج قصة نجاح وطنية لو وجد المشروع الذي يشعل شرارة البداية. من كهف أبي هبّان، أحد أكبر الكهوف في السلطنة وأكثرها تفرّدًا، إلى الحارة القديمة التي تحمل ملامح التاريخ الأول، مرورًا بالممشى الجبلي الذي يمتد بين الصخور والوديان، وصولًا إلى الوادي الذي يشكّل لوحة طبيعية جاهزة لا تحتاج سوى لمسات تنظيمية مدروسة.
الخلل لا يكمن في غياب المقومات؛ بل في غياب الاستثمار المنهجي، والتخطيط الطويل المدى، والرؤية التي تربط بين ما هو موجود وما يمكن أن يكون. قد نمتلك مواقع خلابة، ولكننا لا نمتلك منظومة متكاملة تجعل السائح يقصد المكان ويعود إليه. فالسياحة ليست فقط مكانًا جميلًا؛ إنها تجربة عاطفية، ومسار مدروس، وبيئة خدمية، وبنية تحتية تستقبل الزائر بثقة واحترام.
وما ينقص هذه المواقع ليس الكثير؛ بل حُسن الإدارة، وتفعيل الشراكة، وتحريك الاستثمار المحلي والخاص. فكهف أبو هبّان مثلًا ليس مجرد تجويف صخري؛ إنه مشروع اقتصادي ضخم جاهز للانطلاق. يمكن أن يتحول إلى مقصد سياحي عالمي عبر مسارات آمنة، وإضاءة مدروسة، ولوحات تعريفية، ومركز استقبال للزوار، ومرافق بسيطة تضمن الأمن والجاذبية. وما حوله من تضاريس يمنح فرصًا للمغامرات، ومسارات المشي، والفعاليات الجبلية التي يعشقها السياح من كل مكان. إنه كنز، والكنز إمّا أن يُستثمر، أو يُترك يضيع في صمت الزمن.
وفي الحارة القديمة، تتكرر القصة. إرث معماري لو كان في دولة أخرى لرأينا حوله مقاهي تراثية، وورشًا للحرف، وأماكن للتصوير، ومسارات ليلية مضاءة بعناية. بينما لا يحتاج اليوم سوى إلى دعم بسيط يفتح الباب أمام شباب القرية والأسر المنتجة ويمكّنهم من صناعة منتجات تراثية تمثّل روح المكان.
وما يحدث في سوط يحدث في عشرات القرى بالشرقية والباطنة والظاهرة والجبال الجنوبية. مواقع فريدة، ولكن بلا إدارة سياحية حقيقية. والنتيجة أن الفرص موجودة… لكنها مؤجّلة.
ولكسر هذا الجمود، لا بد من خطة وطنية واضحة للسياحة الجبلية والريفية تشمل:
تحديد المواقع ذات الأولوية وفق معايير الجذب وقابليتها للتطوير. إنشاء بنية أساسية: مسارات، مواقف، لوحات، نقاط خدمات. منح امتيازات وتسهيلات للمستثمرين المحليين. تمكين الشباب بمشاريع صغيرة: بيوت ضيافة، أدلاء سياحيون، مقاهٍ، ورش حرف، فعاليات موسمية. تفعيل دور البلديات والمحافظات في إزالة العوائق وتسريع الموافقات.لا شك أن الاستثمار في القرى ليس ترفًا؛ بل ضرورة اقتصادية. وفي زمن تتجه فيه دول العالم للسياحة البيئية، تملك عُمان خامات طبيعية وثقافية لا تتكرر. وإن لم نتحرك اليوم، سنجد غدًا أن الفرص التي كانت في متناول اليد قد ذهبت لمن استثمر قبْلنا.
إننا لا نطالب بمشاريع بملايين الريالات؛ بل بمشاريع ذكية وصغيرة وقادرة على خلق أثر سريع. ممشى واحد قد يغيّر اقتصاد قرية. كهف واحد مُستثمَر جيدًا قد يصنع وجهة سياحية عالمية. حارة واحدة مُعاد إحياؤها قد تُعيد القرية إلى خريطة السياحة الداخلية.
إن كنوز الجبال فرصٌ مؤجلة تنتظر الإحياء. وما لم نوقظها اليوم، سيوقظها الزمن لصالح آخرين. فالجبال تنادي… والزمن لا ينتظر.