محلل أمني إسرائيلي: استراتيجية اغتيال قيادات المقاومة الفلسطينية فشلت خلال 50 عاما
تاريخ النشر: 11th, December 2023 GMT
اعتبر المحلل الإسرائيلي المتخصص في الشؤون الأمنية أن استراتيجية دولة الاحتلال المتمثلة في تنفيذ عمليات اغتيال بحق قيادات المقاومة الفلسطينية لا سيما حركتي حماس والجهاد الإسلامي؛ أثبت فشلها على مدار 50 عاما.
جاء ذلك، في تحليل نشره ميلمان، صحيفة هاآرتس العبرية وجه فيه انتقادات قوية لتسريب منسوب لمدير مدير جهاز المخابرات الداخلية الإسرائيلية شاباك رونين بار، كشف فيه عن صدور أوامر من الحكومة في تل أبيب بملاحقة قيادات حماس في الخارج، بما في ذلك قطر وتركيا ولبنان.
وأوضح أن عمليات الاغتيال تلك لم تضعف فصائل المقاومة، ولكن على العكس، مؤكدا أن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية تعاني من ما وصفه بـ"تفكير القطيع"
وأضاف أنه بعد تداول الإعلام العبري لفحوى التسريب، حذرت الحكومة التركية على الفور من أنها لن تتسامح مع الاغتيالات على أراضيها، مضيفا أن تحذير أنقرة يعني أنه "باختصار، يتمتع قادة حماس في تركيا بالحصانة، على الأقل أثناء الحرب، وربما في المستقبل أيضاً".
وفي السياق التركي، بحسب المحلل الإسرائيل يجدر أن نتذكر أنه في عام 1996 أمر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو باغتيال قادة حماس بسبب العمليات الاستشهادية التي نفذتها عناصر الحركة في القدس.
اقرأ أيضاً
مسؤولون إسرائيليون: الموساد يخطط لقتل قادة حماس حول العالم بعد حرب غزة
وأوضح المحلل الإسرائيلي أن جهاز المخابرات الإسرائيلي (الموساد) فكر حينها في القيام بعملية في تركيا، التي كانت في تلك الأيام لا تزال حليفاً استراتيجياً؛ وحافظت جهازها الاستخباراتي على علاقات وثيقة مع الموساد.
وفي نهاية المطاف، لم يتم العثور على أي زعيم لحماس يستحق الاغتيال، وأرسل رئيس الموساد في ذلك الوقت، داني ياتوم، وحدات رأس الحربة في الوكالة، قيسارية وكيدون، إلى الأردن لاستهداف خالد مشعل، الذي كان آنذاك قياديا صغيرا جداً في حماس.
وأضاف ميلمان أن مهمة استهداف مشعل فشلت وتعرضت إسرائيل للإهانة على يد الأردن وحماس.
وقال المحلل الأمني البارز إنه على مدار عقود من الزمن كان مجتمع الاستخبارات مولعا بتنفيذ عمليات الاغتيال، فقد استهدف الموساد فلسطينيين مختارين في أوروبا وسوريا ولبنان، ناهيك عن العلماء النوويين في إيران.
وفي الماضي، نفذ الشاباك أيضا اغتيالات بالجملة في غزة، وما زال يفعل ذلك في الضفة الغربية بالتعاون مع وحدات النخبة في الجيش، ولكن بعد مرور 50 عامًا، ثبت أن الاغتيالات (القتل المستهدف) ليست هي الحل.
ووفق ميلمان فإن كل شخص يُغتال، حتى لو كان كبيراً جداً - أو في اللغة الإسرائيلية "رأس الأفعى" - لديه بديل.
واستشهد بواقعة اغتيال الموساد لمؤسس حركة الجهاد الإسلامي فتحي الشقاقي عام 1995 في مالطا، مشيرا إلى الحركة أصبحت أكبر وأكثر فتكا منذ مقتله، كما رأينا خلال العقد الماضي في غزة.
ووفقاً لتقارير إعلامية، اغتيل عماد مغنية، "وزير دفاع حزب الله"، في عام 2008 في عملية مشتركة للموساد ووكالة المخابرات المركزية، وكانت تلك العملية بالتأكيد ضربة استراتيجية قاسية، وربما كانت أهم عملية قتل مستهدف إسرائيلية على الإطلاق.
وبالرغم من ذلك، فإن حزب الله لا يزال حياً وينبض بالحياة، كما شهدنا في الحرب الحالية، وفي لبنان واليمن وسوريا.
وخلص ميلمان أن أحداث 7 أكتوبر/ تشرين أول المنصرم أثبت أن أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية تمسكت بتصورات الحكومة، أو أنها خاضعة لها، وأنها تعمل وفقا لتفكير القطيع.
اقرأ أيضاً
أردوغان يحذر إسرائيل من اغتيال قادة حماس في تركيا.. ماذا قال؟
المصدر | يوسي ميلمان/ هاآرتس- ترجمة وتحرير الخليج الجديد
المصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: قادة حماس 7 أكتوبر الموساد الشاباك قادة حماس
إقرأ أيضاً:
رقابنا مثقلة بدمائكم.. آل غزة
كلمة الناطق الرسمي باسم كتائب القسام يوم 20 تموز/ يوليو 2025 كانت كما لو أنها كلمة "يأس" من الأمتين العربية والإسلامية، رغم أنه ظل دائما منذ انطلاق طوفان الأقصى يراهن على قوى الخير في الأمة ويأمل فيها خيرا تجاه أبناء غزة المرابطين لوحدهم في مواجهة قوى الشر العالمية. فقوله: "رقاب قادة الأمة الإسلامية والعربية ونخبها وعلمائها مثقلة بدماء عشرات آلاف الأبرياء ممن خُذِلوا بصمتهم"، هو قول مُرٌّ بل وقاتل لمن فيه هِمّةٌ العروبة ونخوة الإسلام وضمير الإنسانية، لقد كان المرءُ يقتله التعزير فكيف بهذا القول الصاعق؟
إن أي فرد سويّ من هذه الأمة لا يمكن إلا أن يتحسس رقبته مستشعرا دما غزيرا ينحدر منها إلى كتفيه ليستقر على ظهره بقعة حمراء يحملها معه يوم القيامة؛ شاهدة عليه بأنه كان غيرَ مبالٍ بما يحصل لإخوته في الدين وفي الإنسانية وهم يتعرضون لمجزرة بشعة لم يحدث مثلها في التاريخ، وهم يدافعون لوحدهم عن بقعة من الأرض صغيرة صارت باتساع مساحة الكون كله بمعايير جديدة أرساها طوفان الأقصى.
إننا جميعا في الأمة "قادة" ونُخبا" و"علماء" مثقلون فعلا بهذه الدماء الأزكى لكونها دماء مظلومين ودماء "قوم" رفضوا الاستسلام واختاروا الصمود والمقاومة؛ حتى يكون انتصارٌ جميلٌ أو يكون استشهادٌ أجملُ.
أما "القادة": فلكونهم هم من يمتلكون الأمر والنهي في بلدانهم، وكان عليهم أن يتخذوا من الإجراءات ما يساعد في تخفيف معاناة أبناء أمتهم، فهم لا يُنتَظَرُ منهم دفع الجيوش إلى الجبهات، بل وليس هذا ما تنتظره منهم المقاومة، فلم تُحمّلهم مسؤولية تجاه المقاومين وإنما حمّلتهم مسؤولية تجاه "عشرات آلاف الأبرياء ممن خُذلوا بصمتهم". لقد كان متاحا لقادة الأمة خوضُ معركة الإعلام ومعركة القانون الدولي للدفاع عن المدنيين وعن الأطفال والشيوخ والنساء، أما رجال الميدان فقد أذاقوا العدو الويلاتِ والخيباتِ وأذلوه أيما إذلال وكشفوا جبنه وعجزه وفشله، حتى فقد عقله وصار ينتقم من المدنيين في نومهم وفي طوابير تلقّي مساعدات الأغذية.
"قادة" الأمة هؤلاء لم يكتفوا بعجزهم وصمتهم، بل إن بعضهم صار شريكا في العدوان حين دفع للعدو من مال الأمة ما كان سيكفي لرفع الضيق عن أهلنا، حتى دون انخراط فيما يخشونه مما يرونه "تورّطا" في التسليح.
لقد كان خذلان أولئك "القادة" عظيما وهم يُبدون مودة للمعتدين ويساهمون في قُدراتهم المادية على الفتك، وربما فيهم من ساهمت استخباراتُه في مساعدة العدو على الوصول إلى بعض قادة المقاومة الميدانيين فكانوا شهداء.
وأما "النُّخَبُ" من مفكرين ومثقفين وفنانين وسياسيين، وهم المحمول عليهم نقد النظام الرسمي وتوعية الناس والتواصل مع نُخب العالم للتعريف بمظلمة الشعب الفلسطيني ولكشف جرائم العدو وبشاعة اعتداءاته، حتى وإن كنا في زمن سيلان المعلومة وتدفق الصورة وبلوغ صرخات الموجوعين عنان السماء وتجاويف الأرض، فإن فيها من يستشعر مسؤوليته فيفعل بقدر استطاعته، مع شعور مُرّ بالعجز ومع مداومة على الدعاء وعلى النشر وفق ما تسمح به معايير سلطة الفضاء الافتراضي.
وإن في هذه "النّخَب" أيضا من يتهيّب بطش سلطة بلاده المنخرطة في التطبيع، وفيها من يرى نفسه عاجزا عن فعل ما يناسب العدوان ولا يرى جدوى في بيان أو قصيدة أو خطاب، ومنها من هو مطبّع في سياق ما صار يُعرف عربيا بـ"التطبيع الأكاديمي"، ومنها من يمارس التضليل الإعلامي فلا ينقل الوقائع كما هي وإنما يتعّمد تلبيس الحق بالباطل بدعوى "الحياد"، حتى لا يكون المعتدي مدانا ولا يكون المعتدى عليه على حق تُقرّه الشرائع والقوانين الدولية والأخلاق الإنسانية.
وأما "العلماءُ"، فالأرجح أنه يقصد علماء الدين، إذ هم عادة محلّ تقدير عموم الناس؛ يثقون بهم ويستجيبون في الغالب لدعواتهم خاصة حين تكون دعوة في شكل "فتوى" تتخذ صبغة شرعية وتكون بمرتبة الفرض، عينا أو كفاية. وليس المطلوب مع غزة نفيرا للقتال، إنما المطلوب نفير سلمي في الشوارع والساحات للضغط على الحكومات، ولإرسال رسائل واضحة للغرب بأن حلفاءه العرب ليسوا محل ثقة شعوبهم بسبب تخاذلهم وتواطئهم وأنهم قد يُطاح بهم إذا استمر العدوان على أهلنا في غزة.
أولئك العلماء فيهم من غيّبه الموت، وفيهم من هم في غياهب السجون، وفيهم من صوته خافت، وفيهم من أسكته الخوف أو الطمع فباع آخرته بدنياه؛ وهو حال كثير من القادة والنخب أيضا.
لا يبدو أن المقاومة ما زالت تُعوّل على أولئك الذين رأت على أعناقهم دماء أبرياء غزة، فقد بلغ يأسها منهم مبلغه، إذ يقول المتحدث للجميع بكل مرارة: "أنتم خصومنا أمام الله عز وجل".
لقد خرجت جماهير في أكثر من بلد عربي وأوروبي، وصرخ كتاب وشعراء وفنانون وخطباء مساجد، وصرخت جماهير الرياضة على مدارج الملاعب، غير أن الحسم دائما للقوة، وما زالت المقاومة تُبدي قوة وعزما وثباتا ولن يكون الحسم لا بالقوانين الدولية ولا بخطب المنابر وإنما بتغيّر موازين القوة لصالح الشعوب حين تُطيح بالأنظمة الاستبدادية المتخاذلة، ولصالح المقاومة حين تتسع حاضنتها عربيا وإسلاميا فتزداد قوة واقتدارا.
x.com/bahriarfaoui1