شهدت مدينة إسطنبول التركية، يومي السبت والأحد (6 و7 كانون الأول/ ديسمبر 2025)، انعقاد مؤتمر "العهد للقدس" تحت عنوان "نحو تجديد إرادة الأمة في مواجهة التصفية والإبادة" على مدى يومين، بمشاركة أكثر من 300 شخصية من أكثر من 30 دولة، وذلك بهدف تجديد موقف الإجماع الشعبي العربي والإسلامي والعالمي المتمثل في إدانة الإبادة "الإسرائيلية" في غزة وتجريمها وتفعيل جهود ملاحقة مرتكبيها، ورفض التطبيع العربي والإسلامي مع العدو الصهيوني بكل أشكاله، وتأكيد حق الشعب الفلسطيني في المقاومة حتى استعادة كامل حقوقه، وكذلك استعادة القدس بهوّيتها العربية ومقدّساتها الإسلامية والمسيحية.



وانعقد المؤتمر بدعوة من "مؤسسة القدس الدولية" ومشاركة مؤسسات شعبية وأهلية عربية وإسلامية، من بينها "الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين"، و"المؤتمر القومي الإسلامي"، و"المنتدى العالمي للوسطية"، و"رابطة برلمانيون من أجل القدس"، و"منتدى مسلمي أوروبا"، و"هيئة علماء فلسطين"، و"جمعية البركة الجزائرية"، "الائتلاف العالمي لنصرة القدس وفلسطين". وتميّز المؤتمر بحضور وفود من العديد من الحركات الإسلامية ووفد كبير من إيران برئاسة آية الله الشيخ محمد حسن أختري، ووفد حزب الله برئاسة مسؤول العلاقات العربية والدولية السيد عمار الموسوي، ووفود من حركة حماس والجهاد الإسلامي وحركة فتح والتنظيمات الفلسطينية، والعديد من الشخصيات الفلسطينية وحضور شخصيات تركية من البرلمان التركي وحزب العدالة والتنمية، إضافة لشخصيات عالمية عملت من أجل القضية الفلسطينية ولا سيما بعد معركة طوفان الأقصى.

وشهد المؤتمر جلسات عديدة لمناقشة مختلف التطورات والقضايا المتعلقة بالقضية الفلسطينية، وكيفية مواجهة حرب الإبادة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني اليوم، وكذلك مشاريع التطبيع والاتفاقات الأمنية والسياسية مع الكيان الصهيوني، والعمل من أجل تقديم كافة اشكال الدعم للشعب الفلسطيني وخصوصا لأبناء قطاع غزة، وكيفية مواجهة ما يجري في القدس والضفة الغربية من عملية تهويد واستيطان وتهجير للشعب الفلسطيني. وصدرت عن المؤتمر ثلاث عهود ضد التطبيع وضد الإبادة ومن أجل الدفاع عن القدس وفلسطين.

ولا يمكن تلخيص كل الأفكار والاقتراحات التي قدمت خلال المؤتمر خلال يومي العمل وخلال العديد من الجلسات والندوات التي عقدت؛ لأن معظم ما قُدم يشكّل اقتراحات عملية من أجل العمل دفاعا عن القدس وفلسطين. كما شهد المؤتمر انتخاب الدكتور محمد سليم العوا رئيسا لمجلس الأمناء لمؤسسة القدس، وتجديد الثقة بالهيئة الإدارية لمؤسسة القدس، وتكريم المناضل معن بشور كونه عميدا للوحدة العربية.

لكن يمكن القول إن كلمة القيادي في حركة حماس والمسؤول عن الحركة في خارج فلسطين، خالد مشعل، من أهم الكلمات لأنها قدمت برنامج عمل من عشر نقاط، وأهمها العمل لتشكيل تحالف عالمي من أجل الدفاع عن فلسطين، وصولا لخوض معركة تجريم الكيان الصهيوني بوصفه كيانا عنصريا كما حصل مع دولة جنوب أفريقيا.

وحذر مشعل من وجود "مشروع شامل لإعادة هندسة غزة جغرافيا وديمغرافيا وأمنيا، وضرب سلاح المقاومة وفرض الوصاية على القرار الفلسطيني، واستكمال تهويد القدس وضم الضفة واستهداف الأسرى والمنطقة برمتها تحت عنوان إسرائيل الكبرى".

ودعا مشعل إلى خطوات استراتيجية من بينها: جعل تحرير القدس مشروع الأمة المركزي، وتسخير الإمكانات لغزة وفك الحصار عنها، رفض كل أشكال الوصاية والانتداب، حماية سلاح المقاومة، وإنقاذ الضفة والداخل الفلسطيني من الاستيطان والتهجير، وتحرير الأسرى، وبناء وحدة وطنية حقيقية، واعتماد إستراتيجية عربية وإسلامية في مواجهة التطبيع والهيمنة، وملاحقة الكيان أمام المحافل الدولية.

هذه الأفكار التي طرحها الأستاذ خالد مشعل ومعظم المتحدثين في المؤتمر والتي ضُمنت في العهود الثلاثة التي صدرت عن المؤتمر؛ يمكن أن تشكل برنامج عمل حقيقيا لكل القوى والحركات الإسلامية والقومية واليسارية ومؤسسات حقوق الإنسان ولكل المتضامنين مع فلسطين والقدس في المرحلة المقبلة.

وأهمية مؤتمر القدس في إسطنبول أنه يؤكد وجود تيار عالمي وعربي وإسلامي وإنساني متضامن مع القضية الفلسطينية، وأن معركة طوفان الأقصى والحرب على قطاع غزة غيّرت كل السردية حول القضية الفلسطينية في العالم وفتحت الباب أمام نضال عالمي جديد ضد الكيان الصهيوني حتى في الدول الغربية وفي الولايات المتحدة الأمريكية.

كما أثبت المؤتمر نجاح القوى والحركات الإسلامية والقومية والعديد من الدول العربية والإسلامية في إمكانية تجاوز مرحلة الخلافات والصراعات التي برزت خلال السنوات الماضية، وأن القضية الفلسطينية والدفاع عن القدس يمكن أن يشكلا عنوان التلاقي والحوار والتواصل من أجل تجاوز كل الخلافات، والذهاب لتشكيل تحالف تركي إيراني عربي إنساني قادر على مواجهة المرحلة المقبلة والوقوف في مواجهة المشروع الإسرائيلي- الأمريكي التدميري والتفتيتي للمنطقة. وأثبت المؤتمر من خلال ما قدم من معلومات وأفكار أن الخطر الحقيقي على كل الأمة والعالم اليوم هو هذا المشروع الصهيوني القائم على الإبادة والعنصرية، وانتهت كل الشعارات التي طُرحت في السنوات الماضية من التخويف من خطر المشروع الإيراني أو الشعارات المذهبية او التخويف من الحركات الإسلامية.

هذا المؤتمر المهم شكّل نقلة نوعية في النضال من أجل القدس وفلسطين، ويمكن أن يشكّل محطة جديدة في هذا النضال وتكون مؤسسة القدس، إضافة لكل المؤسسات الشريكة معها، هي القوة الناظمة والمحركة لبرامج العمل وللتشبيك بين كل القوى والشخصيات والمؤسسات العاملة من أجل القدس وفلسطين، ومن المهم تعميم العهود التي صدرت عن المؤتمر في كل الدول العربية والإسلامية وعلى الصعيد العالمي وترجمتها إلى كل اللغات العالمية.

كما أن انتخاب الدكتور محمد سليم العوا رئيسا لمجلس الأمناء في مؤسسة القدس، والتكريم الذي حظي به المناضل معن بشور، والمشاركة الفاعلة من حزب الله وإيران وتركيا والحركات الإسلامية المتنوعة وقوى المقاومة على اختلاف تنوعاتها، والكلمة التي ألقاها ممثل حزب الله السيد عمار الموسوي حول دور الحزب دفاعا عن فلسطين، وحضور شخصيات فاعلة للتضامن مع فلسطين والقدس والإدارة الناجحة للمؤتمر.. كلها مؤشرات مهمة يمكن البناء عليها في المرحلة المقبلة من أجل مواجهة مخاطر المشروع الإسرائيلي- الأمريكي، وإعادة الأولوية للقضية الفلسطينية كونها القضية المركزية اليوم على الصعيد العالمي والعربي والإسلامي.

x.com/kassirkassem

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه مؤتمر الإسرائيلية الفلسطيني القدس القدس إسرائيل فلسطين مؤتمر مقالات مقالات مقالات صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة القضیة الفلسطینیة القدس وفلسطین من أجل

إقرأ أيضاً:

إعلام عبري: لن يدخل المناطق الخضراء برفح إلا العائلات الفلسطينية التي لا ترتبط بحماس

ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية،  منذ قليل، بإن  الجيش حدد مناطق خضراء للأمريكيين ضمن الخط الأصفر برفح لبناء بنية تحتية للسكان،  موضحة انه لن يدخل المناطق الخضراء برفح إلا العائلات الفلسطينية التي لا ترتبط بحماس،  وفقا للقاهرة الإخبارية. 

اليونيسف: 165 طفلا في غزة استشهدوا بسبب سوء التغذية إعلام عبري: الجيش يعترف بأن خروقات حماس في غزة قليلة

وفي وقت سابق،اعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، ، أن بنيامين نتنياهو سيلتقي بالرئيس الأميركي دونالد ترامب في الولايات المتحدة، في 29 من ديسمبر الجاري لمناقشة خطط مستقبل غزة.

وقالت المتحدثة باسم الحكومة شوش بدروسيان، في إحاطة عبر الإنترنت للصحفيين: "سيلتقي رئيس الوزراء بالرئيس ترامب الإثنين 29 ديسمبر، وسيناقشان خطوات والمراحل المستقبلية وقوة الاستقرار الدولية ضمن "خطة وقف إطلاق النار".

وستكون هذه الزيارة الخامسة لنتنياهو منذ يناير، وقد تمتد لأسبوع، ولم يؤكد نتنياهو مدة لقائه ولا مكان عقد اللقاء.

ذكرت وسائل الإعلام الإسرائيلية أن نتنياهو سيزور الولايات المتحدة بين 28 ديسمبر و4 من يناير 2026، ومن المرتقب عقد اللقاء في منتجع مارالاغو في فلوريدا بالقرب من مكان إقامة ابن نتنياهو.

مقالات مشابهة

  • ترميم المعالم الإسلامية.. بلدية الفاتح في إسطنبول تحاول استعادة ذاكرتها الثقافية
  • «الشؤون الإسلامية» تشارك في مؤتمر الأوقاف بكوسوفو
  • “بلو أوشن” تتوسع في مصر وتطلق أول مؤتمر عالمي للمشتريات والتوريد
  • إعلام عبري: لن يدخل المناطق الخضراء برفح إلا العائلات الفلسطينية التي لا ترتبط بحماس
  • رسائل من القدس للمنتخب الفلسطيني في كأس العرب
  • وزير الثقافة يلتقي نظيره الفلسطيني ويبحثان عقد مؤتمر لوزراء الثقافة العرب
  • لأول مرة.. الجسر الفلسطيني الأميركي يدعم غزة بـ120 دعامة قلبية
  • في إسطنبول.. قسّ وحاخام وشيخ في جبهة واحدة ضد الصهيونية
  • مسؤول في حزب الله يشارك بمؤتمر حول فلسطين في إسطنبول.. ما علاقة سوريا؟