الرائدة في مجال المباني الخضراء باسمة عبد الرحمن لـ«الاتحاد».. سنلهم الآخرين في «كوب 28» لتبني مستقبل أكثر اخضراراً
تاريخ النشر: 12th, December 2023 GMT
لم يكن لاختيار العراقية باسمة عبد الرحمن، الرائدة في مجال المباني الخضراء، ضمن قائمة أكثر 100 امرأة تأثيراً حول العالم بالأمر السهل، وهي ذاتها التي تم اختيارها أيضاً ضمن 28 امرأة تعمل في مجال التخفيف من أثار تغير المناخ في العالم للمشاركة في مؤتمر «كوب 28».
وقالت باسمة عبد الرحمن، القادمة من مدينة الموصل التي عاشت تجربة مريرة إبان سيطرة تنظيم «داعش» الإرهابي على مدينتها، بأنها عادت لتلك المدينة وهي محملة بالعلم لتؤسس شركة مناخية مقرها العراق.
وأشارت عبد الرحمن في حديثها لـ«الاتحاد» إلى اختيارها من قبل شبكة «بي بي سي» كواحدة من أكثر 100 امرأة تأثيراً حول العالم لعام 2023، والتي تضمنت القائمة 28 امرأة تعمل بنشاط في مجال التخفيف من آثار تغير المناخ في جميع أنحاء العالم.
وقالت: «باعتباري المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة (KESK)، وهي شركة تكنولوجيا مناخية مقرها العراق، فقد عملت على إيجاد الحلول حول الاستدامة وتوليد الطاقة المتجددة في العراق، ولقد أدت جهودي في هذا المجال إلى إدراجي في القائمة ومشاركتي أيضاً في مؤتمر COP28 لتسليط الضوء على أعمالنا وإنجازاتنا في العراق».
وعن مشاركتها في المؤتمر، قالت باسمة عبد الرحمن: «من خلال مشاركة التقنيات المبتكرة، يمكننا إلهام الآخرين لتبني ممارسات مستدامة وتسريع التحول العالمي إلى مستقبل أكثر اخضراراً».
وأشارت إلى أن مشاركتها تضمنت تقديم رؤى صناعية كرائدة أعمال في قطاع تكنولوجيا المناخ في الشرق الأوسط، مشيرةً إلى أن المشاركة تأتي ضمن خبراتها ومعرفتها التي يمكن أن تساعد صناع السياسات وغيرهم من رواد الأعمال على اتخاذ قرارات مستنيرة وتعزيز التعاون لتوسيع نطاق هذه المبادرات.
وأكدت: «يوفر COP28 منصة ممتازة لإقامة التعاون والشراكات مع الأفراد والمنظمات والحكومات ذات التفكير المماثل، وأنني أهدف إلى إنشاء علاقات تآزرية تؤدي إلى جهود تعاونية لتحقيق تأثير بيئي أكبر».
وأشارت باسمة عبد الرحمن إلى أن «تغير المناخ تعد ظاهرة عالمية تؤثر على مناطق كبيرة في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك الشرق الأوسط والعراق، حيث تشمل ارتفاع درجة الحرارة بسبب الاحتباس الحراري، والذي يمكن أن يؤدي إلى موجات حارة أكثر تواتراً وشدة». أخبار ذات صلة
المصدر: صحيفة الاتحاد
إقرأ أيضاً:
هل تكتب المنطقة مصيرها أم تبقى تقرأ من دفاتر الآخرين؟!
لا يبدو أن وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران هو نهاية للحرب وبداية لسلام طويل في منطقة الشرق الأوسط؛ فالتصريحات الإسرائيلية تثير الريبة أكثر بكثير مما تشعر بالاطمئنان لعودة الهدوء. وما يغذي الريبة أن منطقة الشرق الأوسط كانت على الدوام مشبعة بالشكوك ومثقلة بميراث من الانفجارات المؤجلة؛ الأمر الذي يصبح معه وقف إطلاق النار مجرد فاصلة مؤقتة على خط زمني من صراع لا ينتهي.
ومعلوم لدى الجميع الآن أن هدف إسرائيل لا يتلخص في مجرد تعطيل المشروع النووي الإيراني، ولكن في إحداث تغيير استراتيجي عميق في المنطقة تتغير معه كل موازين القوى التي بقيت سائدة لعقود طويلة. وهذا التغيير هو أساسي لاكتمال مشروع «الشرق الأوسط الجديد» الذي يتحدث عنه نتنياهو وزمرته اليمينية الحاكمة. وهذا «الشرق الأوسط الجديد» الذي يحلم به نتنياهو ليل نهار لا علاقة له بمشروع شيمون بيريز ـ رغم سوء وخطر المشروعين ـ المبني على أسس براجماتية علمانية اقتصادية في مرحلة ما بعد «سلام» أوسلو؛ فهو -أي مشروع نتنياهو- مبني على أساطير تنسب زورا إلى التوراة؛ حيث تسيطر «إسرائيل التوراتية» على المنطقة بأكملها. رغم ذلك فإن نتنياهو يحاول استخدام واجهة مشروع بيريز سواء من حيث الاسم أو من حيث الطرح الاقتصادي؛ ليمرر مشروعه التوسعي الذي يتغذى على ضعف العرب لا على بناء شراكة حقيقية معهم وفق ما كان يطرح بيريز. بل إن الأمر يتجاوز المشروع النووي إلى محاولة كسر إيران، وإعادة إدماجها في النظام الإقليمي وفق الشروط الغربية بعد إضعافها.
وأمام هذا الطرح أو المشروع الذي كسبت فيه إسرائيل بعض الجولات عربيا وخسرت إيرانيا؛ لا بد من مشروع مضاد لا يُبقي المنطقة في مربعاتها الراكدة والمتخمة بالصراعات، بل يواجه جوهر الرؤية الإسرائيلية التي تختزل الشرق الأوسط في معادلة أمنية تكنولوجية، ويضع العرب بين خيارين: إمّا التطبيع، وإما العزلة الدولية والإقليمية!
ويبدأ تفكيك التصور الإسرائيلي من كشف بنيته بالاعتراف أنه تجاوز الرؤية اليمينية الدينية إلى ما يمكن أن نسميه خليطا هجينا من الأسطورة التوراتية، والواقعية الأمنية، والمراوغة الاقتصادية. ما تطرحه إسرائيل -خصوصا في مرحلة ما بعد «اتفاقات إبراهام»- ليس سلاما بالمعنى الأخلاقي أو القانوني، بل اندماج اقتصادي مشروط بتشريع تفوقها الإقليمي، ونزع الطابع السيادي عن الجوار العربي.
وهذا المشروع يفترض تجويف المنطقة من أي بديل معرفي أو اقتصادي أو حضاري، وجرّها إلى أن تصبح سوقا واسعة بلا صوت أو سيادة، و«جوارا» بلا مركز. إنه بعبارة أخرى أكثر وضوحا مشروع «تطبيع التفوق» لا «تطبيع السلام»، وهو ما يجب كشفه فكريا وسياسيا وإعلاميا.
ولكن ما المطلوب من الدول العربية في هذه اللحظة المفصلية في تاريخها؟
لم يعد ممكنا الركون إلى خطاب قومي تقليدي، أو شعارات الممانعة المجردة في وقت تخوض فيه إسرائيل معركتها بأدوات مركبة واستراتيجية؛ ولذلك فإن المنطقة بحاجة إلى صياغة مشروع عربي إقليمي جديد يقوم على إعادة الاعتبار للقضية الفلسطينية بصفتها بوابة العدالة والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، وأن أي مشروع لا يعترف بالحقوق الفلسطينية التاريخية، ولا يعالج جوهر المأساة، سيبقى هشا وعرضة للانفجار في أي لحظة، وأمام أي عقبة.
كما يقوم المشروع على تحرير فكرة التعاون الإقليمي من الهيمنة الإسرائيلية عبر تكامل إقليمي يكون ندا لإسرائيل، ويشمل مشاريع مشتركة في الطاقة، والأمن الغذائي، والمياه، وتديره أطراف متعددة.
لكن قبل ذلك وخلاله وبعده؛ لا بد أن يتضمن المشروع الإقليمي مسارا معرفيا وإعلاميا يتحدى السردية الإسرائيلية، ويبني سردية حقيقية للتاريخ واليوم والمستقبل؛ فلا يمكن مواجهة مشروع يقوم على «إعادة تعريف الشرق الأوسط» من دون مساحات فكرية مستقلة تعيد تعريف الذات، والموقع، والدور. وهذا يتطلب جهدا مؤسسيا ضخما ينطلق من وعي جديد وحر في المنطقة.
كما أن تأسيس مشروع عربي جديد يتطلب أكثر من موقف سياسي، بل يحتاج إلى حقل معرفي قادر على إنتاج الأفكار، وتأسيس مراكز أبحاث، ومنصات إعلامية مستقلة تعيد رسم سردية المنطقة بلغتها الخاصة، وتستعيد تعريف القيم مثل السيادة، والعدالة، والتحرر بعيدا عن قوالب الاستيراد.
وإذا كانت إسرائيل تحاول تثبيت مشروعها بقوة السلاح والدعاية؛ فإن المنطقة مطالبة ببناء مشروعها وتثبيته بقوة المعرفة، والسيادة، والعدل. فثمة فرصة نادرة الآن في ظل السقوط الأخلاقي للسردية الإسرائيلية، والمأزق الغربي المتواطئ. السؤال الآن: ليس هل يمكن، بل: هل نريد أن نبدأ من جديد؟ وهل نملك شجاعة أن نكتب بدل أن نظل نقرأ من دفاتر الآخرين؟