شكلت أنفاق المقاومة الفلسطينية فى غزة لغزًا محيرًا لإسرائيل لما يزيد عن عقدين (أو ثلاثة فى تقديرات أخرى) حيث فشلت مرارًا فى اكتشافها، وشنت حروبًا على القطاع كان من أبرز أهدافها تدمير تلك الشبكة وخاصة بعد نجاح المقاومة فى أسر الجندي جلعاد شاليط عام ٢٠٠٦.


كما لجأت إلى عدة أساليب لتدميرها سواء عن طريق الضربات الجوية كما فى الحرب الأخيرة أو متفجرات سائلة أو باستخدام الكلاب، حتى زعم الاحتلال مؤخرا أنه اكتشف عددا من هذه الأنفاق معلنا اعتزامه غمرها بمياه البحر المتوسط.


وفى هذا الصدد، أفادت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية فى تقرير لها، بأن إسرائيل تدرس حاليًا خطة محتملة للتعامل مع ما وصفتها بـ"شبكة الأنفاق" فى غزة من خلال إغراقها بمياه البحر، وذلك بعد ادعائها العثور على عدد من هذه الأنفاق فى المناطق التى شهدت توغلها فى شمال قطاع غزة.


ووفقًا للصحيفة، فإن مسئولين أمريكيين توقعوا أن تُسهم هذه الطريقة المتبعة فى تدمير جزء من شبكة الأنفاق؛ مشيرين إلى أن استخدام مياه البحر لغمر الأنفاق فى قطاع غزة يأتى فى إطار الجهود الرامية لتفكيك البنية التحتية المرتبطة بحركة حماس.


ووفقًا لما ذُكر فى التقرير الصحفي، فعلى الرغم من ذلك عبر مسئولون آخرون فى إدارة الرئيس الأمريكى جو بايدن عن قلقهم بسبب التأثير المحتمل لاستخدام مياه البحر فى غمر الأنفاق، على موارد المياه العذبة فى غزة، كما يعتقد الخبراء أن إسرائيل قد لا تكون قد تقدمت بعد إلى مرحلة إغراق هذه الأنفاق بالكامل، نظرًا لوجود الدبابات على الأرض وإمكانية غرقها فى وحل غزة، وهو ما يشكل تحديات أمام محاولة غمر أجزاء واسعة من قطاع غزة.


وتمكنت المقاومة فى الماضى من زرع العبوات الناسفة داخل هذه الأنفاق فى مناطق مثل جباليا والشجاعية وحتى خان يونس، مما أدى إلى سقوط عدد من القتلى من جنود الاحتلال الإسرائيلي، وهو ما يثير مخاوف من الأمر ذاته أثناء عملية ضخ المياه.


ويقول مسئولون أمريكيون إن جيش الاحتلال الإسرائيلى بدأ فى ضخ مياه البحر داخل هذه الأنفاق فى محاولة من إسرائيل لاستهداف هذه الهياكل التحتية التى تستخدمها الفصائل الفلسطينية للتحركات تحت الأرض.


وذكر التقرير أن ضخ مياه البحر فى الأنفاق يُعتبر خطوة فى مراحلها الأولى، فيما أكد المسئولون الأمريكيون أن إسرائيل تُجرى حاليًا تقييمًا لفعالية إدخال مياه البحر فى شبكة الأنفاق المقدرة بنحو ٣٠٠ ميل (حوالى ٤٨٣ كيلومترًا)، وتضم أبوابًا سميكة.


وبحسب تصريحات المسئولين، يُعتقد أن عملية غمر "أنفاق حماس فى غزة بمياه البحر قد تمتد لعدة أسابيع".


وأكد المسئولون الأمريكيون، حسب ما نقلته الصحيفة، أن فوائد استخدام مياه البحر فى هذه المتاهة الضخمة تحت الأرض لا تزال تحت المراجعة من قبل السلطات الإسرائيلية، وأن عملية غمر الأنفاق،، قد بدأت بإضافة مضختين جديدتين إلى خمس مضخات أخرى تم تثبيتها الشهر الماضي، وأجريت بعض الاختبارات التجريبية فى هذا الصدد.


وأفادت الصحيفة الأمريكية بتقديرات محللين عسكريين تشير إلى أن إسرائيل لم تتمكن من تدمير الجزء الأكبر من شبكة الأنفاق، مما يستدعى استخدام مجموعة متنوعة من التكتيكات للقضاء على هذا النظام السرى تحت الأرض.


وفضلًا عن استخدام مياه البحر، حاول الجيش الإسرائيلى مهاجمة هذه الشبكة بضربات جوية ومتفجرات سائلة، وباستخدام الروبوتات والكلاب وطائرات بدون طيار.


وأشارت الصحيفة إلى تردد الجيش الإسرائيلى فى إرسال قواته تحت الأرض خوفًا من التفجيرات الناسفة، وفى كلمته خلال زيارته لخان يونس قبل يومين، أكد رئيس أركان الجيش الإسرائيلى هرتسى هاليفي، "نحن نعمل على توسيع نطاق سيطرتنا فى شمال غزة والتوغل فى المناطق الجنوبية، ونسعى أيضًا لتكثيف النشاط تحت الأرض".


وأشارت الصحيفة إلى أن القوات الإسرائيلية تحاصر منطقتى جباليا شمالًا وحى الشجاعية فى مدينة غزة، مؤكدة أن "حماس تحتفظ بعدد من مقاتليها"، بينما صرّح المتحدث باسم الجناح العسكري لحركة حماس أبو عبيدة بأن "مقاتلى الحركة نجحوا فى صدهم لقوات الاحتلال الإسرائيلية فى القطاع".


ووفقًا لشبكة "سى إن إن"، علق الرئيس الأمريكى جو بايدن على التقارير الواردة حديثًا حول بدء إسرائيل فى غمر بعض الأنفاق فى قطاع غزة بمياه البحر بهدف تدمير الشبكة الأنفاق التى تُزعم استخدام حركة "حماس" لها.


خلال مؤتمر صحفى مشترك مع نظيره الأوكرانى فولوديمير زيلينسكي، أشار بايدن إلى أنه على الرغم من الإشارات التى تفيد بعدم وجود رهائن فى تلك الأنفاق حاليًا، إلا أن إدارته لم تتمكن بعد من تأكيد هذه المعلومات بشكل قاطع، مما يُثير الشكوك. وأضاف قائلًا: "لكننى أدرك تمامًا أن كل حياة مدنية تفقد هى مأساة لا تُحتمل".


ونقلت صحيفة "تايمز أو إسرائيل"، عن البروفيسور إيلون أدار، الذى يعمل فى معهد زوكربيرج لأبحاث المياه فى جامعة بن جوريون، قوله إن التدمير الناتج عن غمر الأنفاق فى غزة بمياه البحر قد يسفر عن تداعيات بيئية كبيرة على طبقة المياه الجوفية فى تلك المنطقة، وهذا يعتمد بشكل كبير على حجم وكمية المياه المستخدمة.


وأوضح أن تأثير ضخ كمية محدودة نسبيًا من مياه البحر سيكون محدودًا على المنطقة المحيطة بنقطة اختلاط مياه البحر المتوسط والمياه العذبة، مشيرًا إلى أن الآثار الضارة فى هذه الحالة قد تكون ضئيلة. ولكن فى حالة غمر ملايين المترات المكعبة من المياه فى الأنفاق وتسرّبها إلى طبقة المياه الجوفية، ستظل الآثار السلبية على جودة المياه الجوفية قائمة لعدة أجيال، اعتمادًا على كمية التسرب إلى أعماق الأرض.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: المقاومة الفلسطينية غزة إسرائيل إنفاق استخدام میاه البحر میاه البحر فى شبکة الأنفاق بمیاه البحر هذه الأنفاق غمر الأنفاق أن إسرائیل الأنفاق فى تحت الأرض قطاع غزة فى غزة إلى أن

إقرأ أيضاً:

سفير مصر الأسبق بإسرائيل: ظهور نتنياهو في نفق أسفل الأقصى ليس صدفة

قال السفير عاطف سيد الأهل، سفير مصر الأسبق لدى إسرائيل، إن ظهور رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في نفق أسفل المسجد الأقصى لم يكن مجرد صدفة بل خطوة رمزية مقصودة لإيصال رسالة بالسيطرة الشاملة فوق الأرض وتحتها، لافتا إلى أن مجموعة من المتطرفين كانوا يرفعون أعلاما كتب عليها: "في 67 استولينا على القدس، في 2025 استولينا على غزة"، في محاولة لربط ما يصفونه بـ"الانتصار" بحدث كبير مثل "النكبة"، بحسب تعبيرهم.

وأوضح الأهل، خلال تصريحات مع الإعلامية أميمة تمام مقدمة برنامج "الشرق الأوسط" على قناة "القاهرة الإخبارية"، أن هذا التحرك يتماشى مع الخطاب الديني الصهيوني الذي يزعم أن "جبل الهيكل" – كما يطلقون على القدس – ليس حكرا على المسلمين، بل من حق اليهود أيضا الصلاة فيه، مشيرا إلى صدور قرارات من المحاكم الإسرائيلية في عامي 1976 و2014 تسمح لليهود بأداء شعائر دينية في ساحات المسجد الأقصى، ضمن ما يسمى بـ"التقسيم المكاني والزماني"، أي تخصيص أوقات وأماكن لليهود بعيدا عن أوقات تواجد المسلمين.

وأشار إلى أن محاولات تثبيت هذا الوجود شملت تغيير أسماء بعض الأبواب والمعالم، مثل باب المغاربة الذي بات يطلق عليه اسم "رمبامبام" نسبة إلى موسى بن ميمون، وتحدث عن تسعة أنفاق تم حفرها في البلدة القديمة بالقدس، ثلاثة منها تمر أسفل المسجد الأقصى، منها النفق الذي ظهر فيه نتنياهو مؤخرا والذي يربط منطقة سلوان المجاورة بالقدس القديمة.

وأكد الأهل أن هذا النهج ليس جديدا، حيث سبق لنتنياهو أن عقد اجتماعا وزاريا في النفق ذاته في يوليو 2023، كما استولت السلطات الإسرائيلية على منطقة تعرف باسم "جبل الأكراد"، ودمجتها في ما يسمى بـ"حائط المبكى الصغير"، رغم كونها جزءا من المسجد الأقصى.

https://www.youtube.com/watch?v=U53K0xeYUIE

طباعة شارك عاطف السيد الأهل نتنياهو المسجد الأقصى أنفاق فلسطين اسرائيل

مقالات مشابهة

  • خطر تحت الأقصى.. أنفاق الاحتلال تنخر القدس المحتلة تمهيدا لبناء الهيكل
  • وول ستريت جورنال: أميركا تخسر تفوقها الصناعي العسكري بينما تتقدم الصين بثبات
  • وول ستريت جورنال: إسرائيل تخشى العزلة بسبب محادثات ترامب مع إيران
  • سفير مصر الأسبق بإسرائيل: ظهور نتنياهو في نفق أسفل الأقصى ليس صدفة
  • خبير سياسي: واشنطن تسعى لإعادة تفتيت المنطقة لصالح إسرائيل الكبرى
  • غرق شاب في شاطئ شهر العسل بالعجمي في الإسكندرية
  • «مياه البحر الأحمر» ترفع درجة الاستعداد القصوى لاستقبال عيد الأضحى المبارك
  • رئيس «القدس للدراسات»: إسرائيل تسعى لتدمير حركة حماس وطرد الفلسطينيين من غزة
  • وصول سفينة إماراتية تحمل 14 محطة لتحلية مياه البحر إلى جمهورية قبرص
  • محافظ البحر الأحمر يتابع ميدانياً أعمال تطوير محطة تحلية المياه