الولايات المتحدة – اقترح جورج ويليامز، عالم الأحياء التطوري الأمريكي، نظرية عام 1957 تقول: الطفرات الجينية التي تزيد من خصوبة الحيوان يمكن أن تسبب أيضا ضررا في وقت متأخر من الحياة.

وعلى مدى أجيال عديدة، ستخلق تلك الطفرات عبئا قد يؤدي في النهاية إلى الموت.

وتدعم دراسة جديدة، نشرت في مجلة Science Advances، نظرية ويليامز باستخدام مجموعة من الحمض النووي البشري، حيث وجد الباحثون مئات الطفرات التي يمكن أن تعزز خصوبة الشاب والتي ترتبط بأضرار جسدية في وقت لاحق من الحياة.

وفي الماضي، قدمت دراسات أصغر بعض الدعم لنظرية ويليامز. ففي عام 2007، وجد فريق من الباحثين الذين يدرسون دودة صغيرة، زوجا من الطفرات التي أطالت عمر المخلوق بينما خفضت متوسط عدد نسله.

لكن جيانزي تشانغ، عالم الأحياء التطورية في جامعة ميشيغان، لم يكن راضيا عن هذه التجارب. وقال: “هذه دراسات حالة. نحن لا نعرف ما إذا كان هناك الكثير من هذه الطفرات في الجينوم بأكمله”.

واستفاد تشانغ من البنك الحيوي في المملكة المتحدة، وهو قاعدة بيانات تحتوي على مواد وراثية من نصف مليون متطوع في بريطانيا، إلى جانب معلومات عن صحتهم وتجاربهم الحياتية.

وسمح البنك الحيوي للعلماء بالكشف عن الروابط الدقيقة بين الاختلافات الجينية وآلاف السمات، مثل ارتفاع ضغط الدم والفصام وعادة التدخين.

ومن خلال العمل مع الدكتور إيربينغ لونغ، وهو باحث طبي يعمل في الأكاديمية الصينية للعلوم، قام الدكتور تشانغ بدراسة قاعدة البيانات للحصول على معلومات حول التكاثر وطول العمر.

ووجدوا أن الاختلافات الجينية المرتبطة بالخصوبة، مثل عدد الأطفال الذين ينجبهم المتطوع، كانت مرتبطة أيضا بقصر العمر.

والأكثر من ذلك، أن المتغيرات التي أثرت على التكاثر كانت أكثر احتمالية للتأثير على طول العمر بخمس مرات تقريبا مقارنة بالمتغيرات التي لا علاقة لها بالتكاثر. ومن المرجح أن تكون المتغيرات الصالحة للتكاثر سيئة للحياة الطويلة.

كما وجد فريق البحث أن المتطوعين الذين لديهم عدد كبير من المتغيرات المعززة للتكاثر، لديهم احتمالات أقل قليلا للبقاء على قيد الحياة حتى سن 76 عاما.

وقد تبدو فكرة أن متغيرات الخصوبة تقصر متوسط العمر بمثابة مفارقة، نظرا للمدة التي يعيشها الناس هذه الأيام.

وقال ستيفن أوستاد، خبير الشيخوخة في جامعة ألاباما في برمنغهام، والذي لم يشارك في الدراسة، إن اكتشاف تأثير هذه المتغيرات على الرغم من زيادة متوسط العمر المتوقع جعل النتائج أكثر إثارة للإعجاب.

وتابع: “النمط قوي للغاية لدرجة أنه يأتي من خلال هذه التغييرات الرئيسية في تاريخ حياتنا في العصر الحديث”.

المصدر: نيويورك تايمز

المصدر: صحيفة المرصد الليبية

إقرأ أيضاً:

الآن أدركت أنني قد كبرت!

بالأمس القريب لم أكن أدرك أن ثمة تغيّرات نفسية وعصبية ومزاجية بدأت في التقلّب أمام خطواتي، لم أدرك أن موسمًا جديدًا في مشوار الحياة قد شرع يدخل مسار حياتي، لم أكن أدرك بعد أني قد كبرت في العمر..!، عدم الإدراك ربما أنقذني من مغبة طرح الأسئلة، والشعور بإحباط أو اكتشاف حقيقة غدر الزمن.

فجأة لم أَعِ ولو للحظة أني أعيش في ذلك النظام الجديد في مسارات الحياة، لم أنتبه أن عقارب الزمن تسارعت في الدوران لينقضي نصف قرن من الزمن بهذه السرعة.

كان ازدحام الأشياء في قاع العقل يمنع عني التحديق في روزنامة الأيام المعلّقة في جدار المنزل، لم أنتبه إلى أنني أجرّ سنوات العمر باتجاه متسارع، كانت هناك إشارة حمراء كان يجب أن ألتزم بالوقوف قبل تجاوزها، لكن كنت مخالفًا لكل قوانين الدنيا، وانتبهت متأخرًا على سقطات الحاضر.

في يومٍ ليس ببعيد، وبينما كنت على وشك دخول أحد المحالّ التجارية القريبة من منزلي، ناداني شاب من خلفي بلطف: «عمي، تفضل بالدخول». ابتسمت وعرضت عليه أن يسبقني، لكنه رد بعفويةٍ صادقة: «أنت بمقام الوالد».

مرت أيام قليلة، وذهبت إلى موعدي المعتاد في المستشفى، وكان المكان يعج بالزوار نظرًا لكونه مطلع الأسبوع، وبين الزحام لاحظت مجموعة من الشباب أعمارهم صغيرة يجلسون متفرقين، وما إن وقعت أعينهم عليّ حتى بادر بعضهم بالنهوض، وكلٌّ منهم يسابق الآخر ليتنازل لي عن مقعده.، قلت في نفسي: ربما هي أخلاقهم العالية، وحسن تربيتهم هي التي دفعتهم إلى ذلك.

لكن مع الوقت وجدت أن ثمة حوادث مماثلة تظهر أمامي تُخبرني بأني قد كبرت في العمر، كلما أكذب سببًا يظهر لي سبب آخر، وكأن الكِبَر شبح يطاردني في كل مكان.

بيني وبين نفسي حديثٌ لا ينتهي، وشعورٌ خفي أحاول جاهدًا أن أُخفيه عن أعين من حولي. أتماسك أمامهم، متظاهرًا بالقوة، لكن تلك اللحظات لا تطول؛ تنهار سريعًا حين أعجز عن التواصل بسهولة، حين تتداخل الوجوه من حولي، ولا أميّز ملامح من يحدثني إلا إذا استعنت بنظارتي الطبية.

في تلك اللحظة، تسلّل إليّ شعور غريب، كأن شيئًا دخيلًا اقتحم حياتي، يعبث بأوراق عمري، يعيد ترتيبها كيفما شاء، ومع لحظات الصمت التي أسترجع فيها ما مضى، وأربطه بما يحدث الآن، أدركت أن أصدقائي القدامى، أولئك الذين شكّلوا ملامح العمر، بدأوا يتساقطون من حولي واحدًا تلو الآخر.

ومع هذا الإدراك، شعرت بأن قدمي التي رافقتني في دروب الحياة باتت أثقل في خطواتها، وبأن مفاصلي وأربطتي تئن بصمت، وقد بدأت تعرف الخشونة، وتبوح ببعض الأوجاع.

في هاتفي، الذي اعتدت أن أُبقيه صامتًا معظم الوقت، تناثرت أرقام الصيدليات والمراكز الصحية والمجمعات الطبية، وبجانبها مواعيد المستشفيات وأرقام التواصل معها. تأملت هذه القائمة الطويلة، فابتسمت ابتسامة باهتة، وأدركت حينها، دون أن يخبرني أحد، أنني كبرت.

بدأت أشعر أن هناك شيئًا جديدًا يدخل حياتي، الساعة التاسعة أو العاشرة هو موعد نومي الآن، بينما كنت في الماضي أنام متأخرًا بدون أن يتسرّب النعاس إلى جفوني، تغير ملحوظ في نمط الحياة والميل إلى الهدوء بدلًا من الصخب والضجيج.

إذن أنا الآن وصلت إلى مرحلة أخرى، ومنعطف جديد في مدرسة الحياة!.

دائمًا مع كل غياب جديد لمن حولنا، نسأل أنفسنا: من التالي؟، ليس ذلك من باب التشاؤم من الحياة لكنه قدر لا مفر منه، البعض منا لا يستسيغ الحديث عن «الموت» فإن القلب والعقل يشتعلان شوقًا لرؤية وجوهٍ غابت، وأجسادٍ وُوريت الثرى منذ زمن، وكأن الأرواح ما زالت تنبض في الذاكرة. يظن البعض أن من شغلته تفاصيل الحياة عن ذكر أحبابه الراحلين، قد نسيهم، أو تناساهم، إلا أن كل تفاصيله الهادئة تشتعل تحت رماد الذكريات، فهناك من يستعر ويوقده الشوق بمجرد أن تعصف ريح العاطفة بهذا الرماد المتناثر فوق غطاء الجمر، نحن بشر منحنا الله القدرة على اجتياز المحن، إما بصبرٍ متماسك أو بعجزٍ صامت، وقد يكون النسيان هو نعمة عظيمة لنتسمّر في الحياة بدون ألم يمنعنا من تكملة المشوار، وقد يكون النسيان أيضًا مسكنًا للألم نحتاج إليه لاستكمال ما تبقى من سنوات العمر.

أدركت بأني كبرت وتقبلت أفكارًا كنت أدفعها بعيدًا عن طريقي، فلماذا ينفر الناس من فكرة الفناء رغم أنه الواقع؟ ولماذا نتذكر الأشياء بعد أن نصبح في مرحلة متأخرة من العمر؟

الحياة مزيج من تفاصيل كثيرة، تسد علينا مسام التعمق في تفاصيل الأشياء، نحزن ونفرح وننسى، ونعيش كأننا لن تُسجّى أجسادنا مثلما رأينا من قبلنا في مغاسل الموتى، أحيانًا لا نجعل مجالًا للحديث عن هذه الأشياء إلا عندما تعصف بأجسادنا الأمراض، وتحاصرنا الظروف، وتتقلب الأفكار في عقولنا، وتصبح قلوبنا واجفة مضطربة بالمشاعر. بعضنا يدّعي القوة أمام الشدائد، ينصح الآخرين بما لا يستطيع أن ينصح نفسه به، يقول ما لا يفعل، ويذكر بأشياء حتمية لا يطبقها على نفسه، نحسبه بأنه الناجي الوحيد من الحساب العسير، لكن الله يعلم ما تُخفي النفوس.

بعض الناس لا يعرفون كيف ستكون نهايتهم، والبعض الآخر يعرف ذلك ويحاول أن يعمل أي شيء حتى يزيد في ميزان حسناته، المرض قد يحاصر أشخاصًا لسنوات طويلة، ويظلون في فراش المرض، لكن أمر الله لم يحن بعد، بينما أشخاص أصحّاء تواري سوآتهم القبور بدون علة أو وجع أو سبب، وأشخاص يُحكم عليهم بالموت نظير جرائمهم وعدوانهم، فيعرفون بأن حياتهم ستنتهي لا محالة تنفيذًا للقصاص فيما قدمت أيديهم، ومع ذلك بعض الأشخاص منهم ينتهي أجله قبل أن يُنفّذ فيه حكم قاضي الأرض ويموت في سجنه قبل أن تُزهق روحه.

إذن سواء كنت تعلم النهاية التي تنتظرك طبيعيًا أو غير ذلك، فاعلم بأن لكل أجل كتابًا، وما العمر إلا مرحلة تنتهي معها قصص وروايات امتدت صفحاتها وطُويت مجلداتها. وحتما سيأتي يوم تتذكر فيه بأنك قد كبرت وأصبحت في مرحلة لا يمكن أن يعود بك الزمن لتعيشها مرة أخرى، ولذا فليعلم الناس بأننا عبارة عن جنازات مؤجلة، تخرج واحدة ليستعد آخر، وهكذا تدور الحياة ما بين ميلاد وموت.

مقالات مشابهة

  • علامات تحذيرية قد تدل على حملك لجين خطير يسبب السرطان
  • دراسة أوروبية: ثلاث عادات بسيطة قد تبطئ الشيخوخة البيولوجية لدى كبار السن
  • مراسل سانا في اللاذقية: الغارة الإسرائيلية على محيط قرية زاما بريف جبلة مساء اليوم أدت أيضاً إلى إصابة 3 مدنيين بجروح
  • الآن أدركت أنني قد كبرت!
  • مستشار رئيس الاتحاد الروسي: منتدى بطرسبرج الاقتصادي مساحة لطرح الحلول لمواجهة المتغيرات العالمية
  • هل تكمن الشيخوخة الصحية في الكربوهيدرات التي تتناولها؟
  • هل تشخر أثناء النوم؟: إليك الحقيقة المرعبة التي لا يخبرك بها أحد
  • دراسة: اكتشاف دواء يطيل العمر بنسبة 30%
  • دراسة: خسارة الوزن في منتصف العمر تُقلل الأمراض وتُطيل العمر
  • دراسة جديدة: فيتامين "د" قد يساهم بـ"إبطاء" الشيخوخة