اليمن والتطبيع مع إسرائيل و"الصدمة" من عرض "الانتقالي"
تاريخ النشر: 17th, December 2023 GMT
لا يمكن إنكار أن ثمة لقاءات جمعت مسؤولين يمنيين بإسرائيليين في مراحل مختلفة، لكنها كانت تتم في ظل رفض رسمي يمني للتطبيع، وكانت استجابة، في ذات الوقت، لضغوط أمريكية، ولهذا لم تقطع بمسار التطبيع أي خطوة للأمام؛ إذ ظل الموقف اليمني الرسمي والشعبي متماهيا تماما مع التزاماته تجاه القضية الفلسطينية، حتى خرج رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، عيدروس الزُبيدي، قبل عام متحدثا عبر التلفزيون من موسكو، مبديا موافقة ضمنية على التطبيع مع إسرائيل.
في مستهل الأسبوع الماضي نشر موقع هيئة البث الإسرائيلية “كان” تقريرا تحدث عن أن المجلس الانتقالي الجنوبي والزبيدي أبديا استعدادا مفاجئا للعب دور مركزي في تأمين الممر الملاحي في البحر الأحمر في حال اعترفت إسرائيل بحق تقرير المصير في جنوب اليمن، وفي حال فعلت ذلك فستجد حليفا على الأرض ضد تهديدات الحوثيين. الموقع قال إن الزُبيدي أبدى استعداده لمواجهة الحوثيين الذين صعدوا من هجماتهم البحرية.
عقب عودته من الإمارات أجرى الزُبيدي عددا من اللقاءات، التي تصب في مجرى ما حملته الرواية الإسرائيلية، إذ التقى بصفته عضو مجلس القيادة الرئاسي، وزير الدفاع، محسن الداعري، كما التقى قائد القوات البحرية، بحري النخعي، وناقش في اللقاءين تهديدات جماعة الحوثيين وإمكانات تعزيز قدرات القوات البحرية في البحر الأحمر وخليج عدن، بما يضمن حماية خطوط الملاحة الدولية في المنطقة بالتنسيق مع الشركاء الإقليميين والدوليين. مما لا شك فيه إن الزبيدي بهذه الخطوات يمثل نفسه ومكونه الانفصالي لا الحكومة اليمنية، مؤكدا بذلك سياسته الانتهازية.
ما نشره الإعلام العبري عن الزُبيدي مثل صدمة لغالبية اليمنيين الذين يضعون أنفسهم في صدارة المدافعين عن القضية الفلسطينية، والتي تتعرض اليوم لتحديات جسيمة، ويمثل جرح غزة ثلما كبيرا في جدران هذه القضية، التي وصل نزيفها، جراء العدوان الإسرائيلي الهمجي، مبلغا بدأ معه الرأي العام العالمي وتحديدا الأوروبي والأمريكي بمراجعة حساباته لصالح الضحية بعد عقود من دعم الجلاد الصهيوني، فكيف بأحد القيادات المحسوبة على اليمن يقدم عرضا بهذا المستوى لإسرائيل على صعيد حماية خطوط الملاحة والسفن المتجهة إليها من البحر الأحمر مقابل الاعتراف بما يريد؟!.
القضية المقدسة
السياسي اليمني المخضرم، حاتم أبو حاتم، وهو رئيس أول لجنة عربية لمناهضة التطبيع قال لـ”القدس العربي” تعليقا على ما صدر عن عيدروس الزُبيدي بخصوص التطبيع: “هذا خروج عن كل القيم والأخلاق. ما يقوم به البعض، وعلى رأسهم الزُبيدي هو شيء قبيح وصادم وخارج كل احتمالات السوء في هذا البلد، الذي هو بكل مكوناته مع فلسطين؛ ويعتبرها القضية المقدسة؛ وهذا واجب علينا أن نكون إلى جانب الفلسطينيين بأرواحنا ومواقفنا، وبكل ما نملك، ومن خرج عن هذا فهو صهيوني بالمطلق، وعميل للإمبريالية الأمريكية”.
لا يعتقد الكاتب محمد عبد الوهاب الشيباني، رئيس تحرير منصة “خيوط” أن ما صدر عن الزُبيدي يمثل كل منتسبي المجلس الانتقالي الجنوبي، وقال لـ”القدس العربي”: “لا أظن أن هذه التصريحات (التطبيع مع دولة الاحتلال والمحاربة في باب المندب) تمثل موقف كل منتسبي المجلس الانتقالي والمكونات السياسية الجنوبية، هي هنا أشبه بموقف مجاني ليثبت للراعي الرئيس أنه في ذات الخندق معه. ففي الوقت الذي بدأت فيه العديد من البلدان العربية التي هرولت إلى التطبيع بمراجعة مواقفها، أو على الأقل التواري خجلا مع الحرب التنكيلية العنصرية التي تقوم بها دولة الاحتلال في قطاع غزة منذ السابع من تشرين الأول/اكتوبر الماضي ضد السكان المدنيين، لا تزال الإمارات تقدم نفسها وكيلا حصريا للكيان في المنطقة، وعرابة للتطبيع الجديد”.
أما عمر بن هلابي، رئيس التكتل الموحد للإعلاميين والصحافيين ونشطاء المحافظات الشرقية، وهو مكون يمني جنوبي، قال لـ”القدس العربي”: “أعتقد أن عيدروس الزُبيدي مع احترامنا لشخصه قد أتت به الصدفة للعمل السياسي؛ فهو بلا مؤهلات سياسية، ولا مقدرات قيادية ليكون مؤهلا لقيادة دولة؛ ولذلك أنا أرى أنه يتخبط. ما تحدث عنه هو خارج الواقع، وخارج سياق الفكر السياسي للدول بشكل عام، ما بالك بميليشيات لا أساس ولا اعتراف بها حتى الآن”.
وأضاف: ما صدر عن عيدروس يدلل على أنه يفتقد للخبرة السياسية والقدرة الإدارية التي تؤهله للقيام بعمل سياسي، لكن الصدف والظروف في اليمن وضعته في هذا المكان، وأتت بأمثاله؛ ولهذا نجدهم يحرجون أنفسهم وشعوبهم ويتسببون بإساءات كبيرة للشعب الجنوبي.
وتابع: كما تعرف ويعرف الجميع هو لا يمثل الجنوب، هو يمثل شريحة طامعة في السلطة. والشعب الجنوبي يدرك أن عيدروس الزُبيدي لا هم له إلا المتاجرة بمصالحهم على حساب القضية الجنوبية.
واستطرد: لا أعتقد أن اليمن حكومة وشعبا فكر في التعامل مع إسرائيل ولن يفعل؛ وخاصة في ظل ما نشهده حاليا من مأساة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، حيث هناك تصفية عرقية وجرائم حرب ترتكب ضد أشقائنا في غزة بموازاة محاولة لتصفية القضية الفلسطينية، في ظل ذلك يأتي مَن يحسب نفسه على اليمن، ويتحدث بهذا. أعتقد أنها سقطة كبيرة جدا، وهذا السقوط بالنسبة لنا كيمنيين وجنوبيين وحضارم يتطلب منا الآن أن نسقط أقنعة هؤلاء، خاصة بعد أن سقطوا هذا السقوط.
استفزاز مباشر
الناشط الحقوقي، الكاتب أحمد ناجي النبهاني، قال تعليقا على ذلك: أولا إذا كان التصريح الصادر عن الزبيدي من موقعه كنائب لرئيس مجلس القيادة الرئاسي فهذا يعني أن مجلس القيادة الرئاسي فقد الشرعية مرتين؛ الأولى حين قبل أن يكون بديلا لرئيس شرعي منتخب شعبيا هو الرئيس عبد ربه منصور هادي، والثانية حين يبحر هذا المجلس ضد مشاعر الناس ويقرر التطبيع مع إسرائيل. أما إذا كان تصريح اللواء عيدروس الزبيدي جاء من موقعه كرئيس للمجلس الانتقالي الجنوبي فما حاجته إلى مثل هذا التصريح وقد أجمع اليمنيون في مؤتمر الحوار الوطني على حق تقرير المصير بالنسبة للجنوب، ثم أن التطبيع مع العدو الصهيوني يعتبر مشاركة في جرائمه التي يرتكبها كل يوم ضد الشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية، عوضا عن أن قرار الدخول في التطبيع يصطدم مع مشاعر الأغلبية الساحقة من اليمنيين في جنوب الوطن، عوضا عن أن مثل هذا القرار يعتبر خصما من رصيد المجلس الانتقالي الجنوبي واستفزازا مباشرا لمشاعر حاضنته الشعبية التي ترفض التطبيع مع العدو الصهيوني.
المصدر: الموقع بوست
كلمات دلالية: اليمن اسرائيل الانتقالي الجنوبي التطبيع فلسطين المجلس الانتقالی الجنوبی عیدروس الز بیدی التطبیع مع مع إسرائیل
إقرأ أيضاً:
الانتقالي يرتمي في الحضن الصهيوني
وأوضح أبو سراج ، أن هذا المسار ليس جديداً على مرتزقة الإمارات، مشيراً إلى أن ما يسمى المجلس الانتقالي سبق وأن نسَّق والتقى وفوداً صهيونية في الولايات المتحدة عبر مندوبة أمريكية، كما اعترف العدو الصهيوني نفسه بإيفاد وفود للقاء مرتزقة الإمارات في جنوب اليمن، في تأكيد صريح على عمق هذا التنسيق وخطورته.
وبيَّن أن العدوان الصهيوني على غزة فتح مسارات جديدة للاعتداء على اليمن، إلى جانب التنسيق القائم سابقاً قبل معركة طوفان الأقصى، لافتاً إلى أن الكيان الصهيوني يوجه جهوده اليوم ضد صنعاء، ويتخذ من المجلس الانتقالي وباقي أدوات الإمارات أداة لتنفيذ مخططاته.
وشدد أبو سراج على أنه لا يمكن القبول بأي مشروع انفصالي للجنوب على حساب القضية الفلسطينية، ولا عبر التطبيع مع الكيان الصهيوني، مؤكداً أن أحرار المحافظات الجنوبية يمتلكون تاريخاً نضالياً طويلاً في مناصرة القضية الفلسطينية والقضايا التحررية، ولن يسمحوا بتصفية هذه الثوابت.
وأشار إلى أن المواطنين في المحافظات الجنوبية يملكون صوتاً عالياً ورافضاً لأجندات المجلس الانتقالي، وهو ما يتجلى بوضوح في الحراك الشعبي ووسائل التواصل الاجتماعي، رغم ما يمارسه الانتقالي من قمع واسع واعتقالات وإطلاق نار وزجٍّ بالأحرار في السجون، إلى جانب شراء الذمم واستخدام أدوات الترهيب.
ولفت إلى أن مرتزقة المجلس الانتقالي يمتلكون آلة إعلامية مضللة تعمل على تزوير الحقائق وتشويه الواقع، في محاولة لتغيير وجه الحقيقة، في حين يواصل الأحرار موقفهم الرافض لتصفية القضية الفلسطينية والمشاريع الصهيونية في اليمن.
وكشف أبو سراج عن توجه الانتقالي لتشكيل لجان خاصة لمراقبة نشطاء الجنوب، وملاحقة كل من ينتقد الإمارات أو يهاجم المخططات الأمريكية والصهيونية والسعودية في اليمن، مؤكداً أن آلة القمع التي يمارسها الانتقالي لم تُمَارَس بهذا الشكل حتى خلال العقود الماضية.
وتابع قائلاً: "تعرَّضت للسجن عدة مرات في عهد عفاش، إلا أن ما يمارسه الانتقالي اليوم يُعد من أبشع الجرائم بحق حقوق الإنسان".
واستشهد بما جرى في عدن حين خرج المواطنون للمطالبة بحقوق خدمية، فواجهتهم المدرعات والدبابات لقمع التظاهرات، إضافة إلى ما شهدته حضرموت من حراك شعبي واسع رفض محاولات الانتقالي تمرير مشاريعه.
ونوَّه إلى أن سياسات المجلس الانتقالي لا تمثل أحرار الجنوب، وأن أبناء عدن وبقية المحافظات الجنوبية والشرقية يعانون الويلات على يده.
وأوضح أن المجلس الانتقالي، بإعلانه الارتماء في الحضن الصهيوني، يدرك جيداً أنه لا يمتلك حاضنة شعبية حقيقية، وإنما يعتمد على قوة قمع عسكرية مدعومة إقليمياً، في محاولة لفرض مشروع مرفوض شعبياً.
وفي سياق أوسع، أكد أبو سراج أن جميع الفصائل التابعة للسعودية والإمارات تعمل على تمرير أجندات صهيونية أمريكية إماراتية، موضحاً أن رواتبها وتسليحها وتعييناتها تتم من قبل الرياض وأبو ظبي، ما يجعلها ملتزمة بتنفيذ أجندات الكفيل، حتى وإن كانت على حساب الأمن القومي اليمني والأمن القومي العربي.
وأشار إلى أن "الخائن طارق عفاش، الذي فرَّ من صنعاء بالعباءة وبدون أي إمكانات، بات اليوم يمتلك مناطق استراتيجية وترسانة سلاح، بفضل دعم الكفيل، ليقوم بأدوار قذرة ضد شعبه، وهو يدرك أنه يؤدي دور الخيانة والعمالة".
كما أكد أن جميع المرتزقة يعلمون أن أدوارهم ليست وطنية، وأن مناصبهم جاءت لتنفيذ أجندات خارجية ولو بالتفريط بكل شيء.
واتهم أبو سراج مرتزقة السعودية والإمارات بمحاولة إسقاط تهمة الخيانة التي يمارسونها عملياً على صنعاء، في إطار حرب إعلامية مفضوحة، داعياً في الوقت نفسه صنعاء إلى استهداف القواعد الأجنبية المقامة في الجزر اليمنية جنوباً وغرباً وشرقاً.
واعتبر أن ضرب هذه القواعد لا يُعد اعتداءً على المقدرات الوطنية، بل استهدافاً لمناطق نفوذ أجنبي تسعى لتمكين العدو الصهيوني من السيطرة.
وختم أبو سراج حديثه للمسيرة بالتأكيد على أن صنعاء، التي ساندت فلسطين ووقفت في وجه العدو الصهيوني، جديرة بمساندة كل يمني، وتحرير كامل الأراضي اليمنية من الاحتلال وأدواته.
المسيرة