الجزيرة:
2025-12-03@21:39:03 GMT

الفلسطينيون نحو الإبادة أم إقامة الدولة؟

تاريخ النشر: 25th, December 2023 GMT

الفلسطينيون نحو الإبادة أم إقامة الدولة؟

إذا كان هناك أي شكّ حول نوايا دولة إسرائيل تجاه الشعب الفلسطيني، فإن تصرفات تلك الدولة منذ 7 أكتوبر، جعلت نهاية الحرب واضحة للغاية: إسرائيل عازمة على طرد الفلسطينيين من غزة، والضفة الغربية، وتقوم إسرائيل- التي يديرها المتطرفون اليمينيون- بطريقتها الخاصة في التطهير العِرقي، وهي تهدف في النهاية إلى محو الهُوية الفلسطينية إلى الأبد.

على مدار أسابيع، ظل المجتمع الدولي يدين ما ارتكبته "حماس"، ويتغاضى عن الفظائع التي ارتكبها جيش الدفاع الإسرائيلي، والتي أدّت- حتى كتابة هذه السطور- إلى مقتل أكثر من 20 ألف مدني فلسطيني، معظمهم من النساء والأطفال. إن هذا العدد الكبير من الضحايا الأبرياء، جعل من غزة جحيمًا على الأرض، وأضحى الفلسطينيون المحاصَرون دون ملجأ يحميهم من استمرار هذه المذبحة.

على مدى أجيال، وإسرائيل مصرّة على أن تعيد كتابة التاريخ، وتشوّه الحقائق وتخلق مستجدات على الأرض في الضفة الغربية، وقطاع غزة تجرّد الفلسطينيين من إنسانيتهم، وهي إستراتيجية حرب نفسية وعقلية تشنها إسرائيل منذ أكثر من سبعة عقود إلى الآن، مستندة في ذلك إلى مقولة: "أرض بلا شعب لشعب بلا أرض"، وقد أدّت هذه الإجراءات إلى تجريد السكان الفلسطينيين من أبسط حقوقهم في العيش الكريم. وما زال مسلسل التجريد والإبادة- الذي تقوم به إسرائيل- مستمرًا حتى يومنا هذا.

التجريد من الملابس

في الأعوام الأخيرة، شبَّه إسرائيليون، الفلسطينيين بالصراصير، والحشرات، والسرطان، وبطبيعة الحال، "الإرهابيين".  وهو مصطلح شامل يمنح إسرائيل الإذن بمهاجمة أي فلسطيني في أي مكان. وقد تصاعدت وتيرة التجريد من الإنسانية والإذلال منذ السابع من أكتوبر.

ومؤخرًا، على سبيل المثال، قام جيش الدفاع الإسرائيلي باحتجاز المدنيين الفلسطينيين -"الذين لا صلة لهم بحماس" – وهم يرتدون ملابسهم الداخلية. كان من الضروري تجريد هؤلاء الرجال، كما أوضح أحد كبار مستشاري رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو؛ بسبب الطقس الدافئ في غزة.

لقد كانت الإهانة و"التسفير" القسري للفلسطينيين هدفًا مهمًا للقادة الإسرائيليين لعقود من الزمن. نتنياهو، على سبيل المثال، دعا إلى "الطرد الجماعي للعرب من المناطق الفلسطينية"، وقد أتاحت له حرب الإبادة في غزة ذريعة طال انتظارها للقيام بذلك.

ومؤخرًا، نصحت حكومة الولايات المتحدة إسرائيل بأن غزة يجب أن تظل فلسطينية. وفي شهر نوفمبر، قال وزير الخارجية أنتوني بلينكن: "لا إعادة احتلال لغزة بعد انتهاء الصراع. لا توجد محاولة لحصار غزة. لا يوجد تقليص في أراضي غزة". ومع ذلك، فإن إسرائيل مصرّة على استمرار سياستها في التمييز العنصري، وإهانة الفلسطينيين وإبادتهم في عقر دارهم.

التصريحات الجوفاء

تبدو التحذيرات الأميركية جوفاء، فإسرائيل ماضية في تجاوزها الخطوطَ الحمراء التي وضعتها الإدارة الأميركية بشكل متكرر، ونتيجة ذلك فإن الولايات المتحدة تعاني من الإهانة تلو الأخرى. هذا التصرف الذي دعا كبار المسؤولين الأميركيين في زياراتهم المتكررة إلى إسرائيل، للحثّ على ضبط النفس، وكل رحلة تبدو أعقم من سابقتها، حتى إن المسؤولين الأميركيين يظهرون، وكأنهم لا يستوعبون حقارة اللعبة الإسرائيلية.

يكفي أن نتنياهو كشف عن نواياه بشكل واضح للغاية: " إسرائيل ستفعل ما تحتاج أن تفعله"، بغض النظر عن أي تفكير بالتمنّي من الولايات المتحدة، وهو بذلك لا يسيء إلى الولايات المتحدة، فقط، وإنما إلى المجتمع الدولي بكامله.

من ناحية أخرى، تدين دول العالم نفاق أميركا ومعاييرها المزدوجة تجاه الفلسطينيين، فهي من جهة تشجّع " المساعدات الإنسانية"، ومن جهة أخرى، تقوم بتقديم المعلومات الاستخبارية والأسلحة إلى إسرائيل؛ مما مكّنها من الاستمرار بذبح الأبرياء من الفلسطينيين.

لقد أطلقت إسرائيل أكثر من 30 ألف قذيفة "جو- أرض" على غزة، وكان نصفها تقريبًا عبارة عن "قنابل غبية"، مصممة لإلحاق أقصى قدر من القتل والأضرار في صفوف المدنيين الفلسطينيين.  ومنذ 7 أكتوبر زوّدت الولاياتُ المتحدة، إسرائيلَ بعشرات الآلاف من القذائف المدفعية، والقنابل "الخارقة للتحصينات"، تزن كل قنبلة منها 2000 رطل.

تبرز ازدواجية الولايات المتحدة ومعاييرها، عندما تستخدم حق الفيتو، وتعارض وقف إطلاق النار تحت ذريعة أن هذه القرارات غير متوازنة، هذا بالرغم من أن مصالح الولايات المتحدة تتباعد بسرعة عن مصالح إسرائيل، ومع ذلك تظل الولايات المتحدة العامل الأكبر في استمرارية هذه المذبحة، وتمكين إسرائيل وإعطائها "الضوء الأخضر".

الاستمرار في المذبحة

ويبدو أن إسرائيل عازمة على الاستمرار بهذه المذبحة، وحصار الفلسطينيين، وقطع كل الإمدادات من المياه والأدوية، والكهرباء، والمواد الغذائية، والوقود.  وقد أشارت منظمة "هيومن رايتس ووتش" (HRW)، إلى هذه الحرب النفسية في قطع المساعدات الإنسانية، وأوضحت أن تصرفات إسرائيل تعد جريمة حرب.

وتقول الأمم المتحدة: إن 576600 شخص من سكان غزة يعيشون في مستوى مجاعة "كارثية". ويشير برنامج الأغذية العالمي إلى أن 90% من سكان غزة يعيشون بانتظام دون طعام لمدة يوم كامل.

على الرغم من أن الحرب في غزة مزعجة للغاية، فإنها خلقت فرصة فريدة لصانعي السلام. ولقد حان الوقت لحكومة الولايات المتحدة أن تتخذ قرارات شجاعة، منها التوقف عن إرسال الأسلحة إلى إسرائيل، تلك الأسلحة التي تبيد الأبرياء، وأن تمارس ضغطها لجلب الإسرائيليين إلى طاولة المفاوضات.

إذا كان التاريخ يعيد نفسه، فإن الدور الذي لعبته الولايات المتحدة في إنشاء دولة إسرائيل قبل خمسة وسبعين عامًا، يجب أن يكون دورها الآن مماثلًا في الاعتراف بحق الفلسطينيين في تحديد مصيرهم.

 

وفي الاختيار بين الإبادة أو إقامة الدولة، يجب على الولايات المتحدة أن تكون الداعم الرئيسي في العالم لحل الدولتين، فهذا يعد الطريق الوحيد لتطبيق السلام في الشرق الأوسط.

—————-

هذا المقال والآراء التي وردت أعلاه تعبّر عن آرائي الخاصة.

 

 

 

 

 

 

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2023 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الولایات المتحدة

إقرأ أيضاً:

ضياء رشوان: إسرائيل تعلم جيدا أن خطة ترامب لاتجبر الفلسطينيين على الخروج من منازلهم

قال ضياء رشوان، رئيس الهيئة العامة للاستعلامات، إنّ إسرائيل لم تنشر الشائعات والأنباء غير الدقيقة بخصوص التنسيق مع مصر لفتح معبر رفح خلال الأيام القادمة للخروج من غزة لا يحدث للمرة الأولى، فقد تكرر هذا الأمر في عديد من المواقف طوال الحرب وحتى اللحظة.

وأضاف "رشوان"، في مداخلة هاتفية مع الإعلامية نهى درويش، مقدمة برنامج "منتصف النهار"، عبر قناة "القاهرة الإخبارية"، أنّ الجانب الإسرائيلي عادة عندما يفعل هذا، فهو يريد إلقاء المسؤولية على غيره، ويعلم جيداً أن خطة الرئيس ترامب التي وقع عليها بنيامين نتنياهو مع حركة حماس ومع ضمان مصري قطري تركي أمريكي تنص في البند الـ12 لها على أنه لن يجبر أحد من قطاع غزة على مغادرة أراضيه وإذا خرج طوعاً فله حق الرجوع والعودة.

وأوضح، أن التسريب بأن هناك خروج من الجانب الفلسطيني للجانب المصري هو محاولة لتحميل مصر الخطة الإسرائيلية المرفوضة والمدانة مبدئياً من مصر ودول العالم كله، إما بالضغط على الفلسطينيين للخروج قسراً أو لتدمير غزة لجعلها مكان بحسب تعبيرات رئيس هيئة الأركان مكان غير صالح للحياة فيخرجوا طوعًا.

وواصل: "ومن ثم فهذا أمر تريد السياسة الإسرائيلية أن تروج له ولكن الجانب المصري أعلن القول وكما ذكر المصدر المسؤول الذي نقلت عنه الهيئة العامة للاستعلامات أكد كل هذه الثوابت للسياسة الخارجية المصرية فيما يخص تهديد القضية".

طباعة شارك ضياء رشوان الهيئة العامة للاستعلامات إسرائيل مصر الشائعات

مقالات مشابهة

  • الأمم المتحدة: يجب أن يتمتع الفلسطينيون بحرية مغادرة القطاع والعودة إليه
  • ضياء رشوان: لا تنسيق مع إسرائيل لخروج الفلسطينيين.. مصر لا تتراجع عن خطوطها الحمراء
  • ضياء رشوان: إسرائيل تعلم جيدا أن خطة ترامب لاتجبر الفلسطينيين على الخروج من منازلهم
  • إسرائيل تتسلم من حركة حماس عينات لرفات أسرى
  • التوتر في الكاريبي.. الولايات المتحدة تعزز وجودها العسكري بجزيرة بورتوريكو
  • سي إن إن: مادورو أبلغ الولايات المتحدة أنه مستعد للتنحي بعد 18 شهرا
  • عاصفة ثلجية تضرب الولايات المتحدة وتلغي مئات الرحلات الجوية
  • عاجل | مراسل الجزيرة: قوات الاحتلال تحظر التجوال على الفلسطينيين خلال اقتحام مدينة طوباس شمال الضفة الغربية
  • الهجرة العكسية.. ترمب يقترح طرد الأجانب من الولايات المتحدة
  • الدولة الفلسطينية استحقاق دولي وتاريخي