السودان يعرض على روسيا قاعدة بحرية استراتيجية.. ما المقابل؟
تاريخ النشر: 4th, December 2025 GMT
نشرت صحيفة "وول ستريت جورنال"، تقريرا وصفته بالحصري، جاء فيه أن "السودان يعرض على روسيا أول قاعدة بحرية لها في أفريقيا"، مشيرة إلى أن ميناء على البحر الأحمر "سيمنح موسكو ميزة حيوية في المياه الاستراتيجية".
Sudan’s military government has offered Russia what would be its first naval base in Africa and an unprecedented perch overlooking Red Sea trade routes, according to Sudanese officials https://t.
وتستند الصحيفة في معلوماتها إلى مسؤولين سودانيين قالوا إن "الحكومة العسكرية في السودان عرضت على روسيا "أول قاعدة بحرية لها في أفريقيا، وموقعًا غير مسبوق يطل على طرق التجارة الحيوية في البحر الأحمر"، وفي حال إبرام الصفقة فإن ذلك سيشكّل ميزة استراتيجية لموسكو التي "تكافح لترسيخ وجودها في القارة، كما ستُمثل تطورًا مقلقًا بالنسبة للولايات المتحدة، التي سعت بدورها إلى منع روسيا والصين من السيطرة على الموانئ الأفريقية حيث يُمكنهما إعادة تسليح السفن الحربية وتجهيزها، وربما خنق الممرات البحرية الحيوية".
قاعدة مقابل أسلحة روسية متقدمة بأسعار تفضيلية
ومقابل السماح للقوات الروسية باستخدام الأراضي السودانية على المدى الطويل، "سيحصل النظام العسكري السوداني على أنظمة روسية متقدمة مضادة للطائرات وأسلحة أخرى بأسعار تفضيلية، بينما يواصل حربه ضد قوات الدعم السريع المتمردة".
وتشرح الصحيفة تفاصيل الصفقة أنه بموجب مقترح مدته 25 عامًا قدمته الحكومة العسكرية السودانية لمسؤولين روس في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، "سيكون لموسكو الحق في نشر ما يصل إلى 300 جندي وإرساء ما يصل إلى أربع سفن حربية، بما في ذلك السفن العاملة بالطاقة النووية في بورتسودان، أو منشأة أخرى على البحر الأحمر لم يُكشف عنها بعد، كما سيحصل الكرملين على أولوية الوصول إلى امتيازات تعدين مربحة في السودان، ثالث أكبر منتج للذهب في أفريقيا"، ومن بورتسودان ،سيكون لروسيا موقع جيد يسمح لها "بمراقبة حركة الملاحة من وإلى قناة السويس، وهي الممر المختصر بين أوروبا وآسيا الذي يمر عبره نحو 12 في المئة من التجارة العالمية".
وبحسب ما أوردت الصحيفة في تقريرها، فإن موسكو "قدمت دعمها في البداية لقوات الدعم السريع، واستغلت علاقاتها للوصول إلى مناجم الذهب السودانية، لكن تلك التحالفات سرعان ما انقلبت. إذ وجد المتمردون أن الدعم الروسي غير كافٍ، وبدأوا التواصل مع أوكرانيا، وهو ما دفع روسيا للتحول إلى دعم الحكومة في الخرطوم، وتنقل الوول ستريت جورنال عن مسؤول عسكري سوداني قوله إن "السودان يحتاج إلى إمدادات أسلحة جديدة، لكنه أقرّ بأن إبرام صفقة مع روسيا قد يسبب مشكلات مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي".
قلق أمريكي من العرض السوداني
ولفتت الصحيفة إلى أن احتمال إقامة قاعدة روسية على البحر الأحمر أثار قلق المسؤولين الأمنيين الأميركيين، الذين يتنافسون مع بكين وموسكو منذ سنوات على النفوذ العسكري في إفريقيًا، وقالت "وول ستريت جورنال" إن الأنشطة البحرية الروسية باتت محدودة حاليًا بسبب نقص موانئ المياه الدافئة التي يمكن للسفن استخدامها لإعادة التزود بالوقود أو إجراء الصيانة، مشيرة إلى أن وجود قاعدة في ليبيا، أو على البحر الأحمر، سيتيح للسفن الروسية الإبحار لفترات أطول في البحر المتوسط والمحيط الهندي.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول أميركي رفيع قوله إن إقامة قاعدة روسية في ليبيا أو بورتسودان "قد توسّع قدرة موسكو على فرض نفوذها، وتمكنها من العمل دون رادع"، وقال الجنرال الأمريكي المتقاعد مارك هيكس، الذي قاد وحدات العمليات الخاصة في إفريقيا، إن "وجود قاعدة روسية في القارة يعزز نفوذ موسكو، ويمنحها مكانة أكبر وهيبة دولية"، مضيفًا أن الاتفاق "يُعد بالتأكيد مكسبًا للرئيس الروسي فلاديمير بوتين".
وقالت الصحيفة إن عناصر الجيش الروسي ومرتزقة مرتبطين به ينتشرون في عدة دول إفريقية، من غينيا الاستوائية إلى جمهورية إفريقيَا الوسطى، مشيرة إلى أن موسكو تسعى منذ 5 سنوات للحصول على وجود دائم في بورتسودان، وأضافت أن السلطات السودانية شجعت الطموحات الروسية، لكنها ظلت حتى الآن متحفظة بشأن إبرام مثل هذا الاتفاق.
الصين وأمريكا وسباق النفوذ في أفريقيا
وأوضحت الصحيفة أن الصين بنت موانئ تجارية عديدة في إفريقيا ضمن مبادرة ضخمة للبنية التحتية، مشيرة إلى أنها أنشأت في 2017 أول قاعدة بحرية خارجية لها في جيبوتي، قرب مضيق باب المندب الحيوي الرابط بين البحر الأحمر وخليج عدن والمحيط الهندي، مع رصيف طويل بما يكفي لاستقبال حاملة طائرات.
وتقع المنشأة الصينية على بُعد نحو 6 أميال من أكبر قاعدة عسكرية أميركية في إفريقيا، "كامب ليميونييه"، حيث يتمركز نحو 4 آلاف جندي أميركي لدعم عمليات الولايات المتحدة وحلفائها في الصومال، كما تستضيف قوة تدخل سريع لحماية السفارات الأميركية في المنطقة، وذكرت "وول ستريت جورنال" أن واشنطن تحتفظ أيضاً بقوات خاصة وأخرى داعمة في الصومال لدعم وحدات النخبة المحلية في القتال ضد حركة الشباب المرتبطة بتنظيم القاعدة، وضد فرع تنظيم داعش في البلاد.
نفوذ فاجنر المفقود في إفريقيا
وقالت الصحيفة إن الاتفاق المطروح بين موسكو والسودان جاء في وقت فقدت فيه روسيا بعض نفوذها في إفريقيا، مشيرة إلى أن دولًا مثل مالي وجمهورية إفريقيا الوسطى كانت تستعين بمقاتلي مجموعة "فاغنر" لحماية قادتها ومحاربة خصومهم، لكن بعض نشاطات المجموعة انهارت بعد تمرد مؤسسها يفجيني بريجوجين ضد بوتين عام 2023، ووفاته لاحقاً عندما انفجر جهاز متفجر أدى إلى فصل أحد أجنحة طائرته على ارتفاع 28 ألف قدم، وفق الصحيفة.
حرب السودان.. فرصة للقوى الدولية لتحقيق مصالحها
وأضافت الصحيفة أن الصراع السوداني، الذي اندلع في 2023 بسبب صراع على السلطة بين قائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو، خلق فرصة جديدة للقوى الإقليمية والدولية لتحقيق مصالحها، ما أدى إلى شبكة معقدة من التحالفات المتغيرة، ونقلت الصحيفة عن مسؤولين سودانيين حاليين وسابقين قولهم إن الخرطوم رفضت، العام الماضي، عرضاً لإقامة قاعدة بحرية تديرها إيران، وذلك لتجنب إثارة غضب الولايات المتحدة.
ترامب يتدخل لحل أزمة السودان
وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترمب قال، في 19 تشرين الثاني/نوفمبر، إنه سيعمل على إنهاء الحرب في السودان بعد أن طلب منه ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان التدخل لحل الصراع، فيما رحب السودان بالجهود السعودية والأمريكية لتحقيق السلام.
وفي اليوم التالي، دعا القائد العام للقوات المسلحة السودانية ورئيس مجلس السيادة الانتقالي، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، الولايات المتحدة وحلفاء بلاده الإقليميين إلى اتخاذ خطوات حاسمة لإنهاء الحرب الدائرة في بلاده، مؤكداً أن "أي سلام دائم يستلزم تفكيك قوات الدعم السريع".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية سياسة دولية حرب السودان حرب السودان النفوذ بافريقيا روسيا والسودان المزيد في سياسة سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الولایات المتحدة على البحر الأحمر الدعم السریع ستریت جورنال مشیرة إلى أن قاعدة بحریة فی أفریقیا فی إفریقیا
إقرأ أيضاً:
هل وافقت حكومة الخرطوم على إنشاء روسيا قاعدة بحرية في بورتسودان؟
تناول تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال" أعده بينوا فوكون ونيكولاس باريو قالافيه المشهد في السودان وسط الحديث عن إنشاء قاعدة روسية هناك.
وقالت الصحيفة إن السودان عرض على روسيا إنشاء قاعدة عسكرية في ميناء استراتيجي على البحر الأحمر، حيث يعتبر عرض الحكومة العسكرية السودانية أول قاعدة عسكرية حيوية لروسيا في أفريقيا وخطوة غير مسبوقة حيث ستقام في منطقة مهمة لخطوط التجارة العالمية.
ولو تم تحقيق الصفقة فإنها ستعطي موسكو موقعا استراتيجيا في القارة الأفريقية التي كافحت فيها لبناء موطئ قدم وتأثير بحسب التقرير.
وأضافت أن القاعدة ستمثل مشكلة إضافية للولايات المتحدة التي كافحت للحد من التأثير الصيني والروسي ومنع سيطرتهما على الموانئ الأفريقية التي قد تتحول إلى مراكز لإعادة تسليح وصيانة البوارج البحرية وخنق طرق التجارة الدولية.
وعرضت الحكومة السودانية الصفقة على روسيا في تشرين الأول/أكتوبر وتعطي لروسيا الحق في نشر 300 من قواتها على القاعدة البحرية في بورت سودان، أو أي منشآة بحرية أخرى على البحر الأحمر، وعدد من البوارج الحربية قد تصل إلى أربع ولمدة 25 عاما؟
وسيحصل الكرملين على معاملة تفضيلية في مجال التعدين، حيث يعد السودان من أكبر منتجي الذهب في أفريقيا.
وستمنح القاعدة البحرية في بورت سودان، روسيا الفرصة لمراقبة حركة الملاحة البحرية من وإلى قناة السويس، وهي الممر البحري الذي تعبر منها نسبة 12% من التجارة العالمية.
ومقابل فتح الأراضي السودانية للقوات الروسية، ستحصل الحكومة المحاصرة والتي تقاتل ميليشيا شبه عسكرية منذ أكثر من عامين على أنظمة متقدمة مضادة للطائرات ومعدات عسكرية بأسعار مخفضة.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول سوداني قوله بأن السودان بحاجة إلى معدات عسكرية، ولكنه اعترف أن عقد صفقة مع روسيا قد يؤدي إلى مشاكل مع أمريكا والإتحاد الأوروبي. ولم ترد الحكومة السودانية ولا القوات المسلحة على أسئلة الصحيفة للتعليق.
وأشارت الصحيفة إلى أن احتمال إنشاء قاعدة روسية علىالبحر الأحمر يثير قلق مسؤولي الأمن الأمريكيين، الذينيتنافسون مع بيجين وموسكو منذ سنوات في أفريقيا.
وتعد الأنشطة البحرية الروسية محدودة حاليا بسببنقص موانئ المياه الدافئة حيث يمكن للسفن إعادةالإمداد أو الخضوع للإصلاحات. على سبيل المثال، ستسمح قاعدة في ليبيا أو البحر الأحمر للسفن الروسية بالإبحار في البحر الأبيض المتوسط والمحيط الهنديلفترات أطول مما هو متوفر لها الآن.
وعلق مسؤول أمريكي بارز قائلا إن وجود قاعدة روسيةفي ليبيا أو في بورتسودان يمكن أن يعزز قدرات روسياعلى إبراز قوتها ويسمح لها بالعمل دون عقاب. وتوفر القاعدة فوائد أقل وضوحا لاستعراض النفوذ العالمي.
ويرى الجنرال المتقاعد في القوات الجوية مارك هيكس،الذي قاد وحدات العمليات الخاصة الأمريكية في أفريقيا، إن وجود قاعدة في أفريقيا "يزيد من نفوذ روسيامن خلال منحها المزيد من المكانة والنفوذ الدوليين".
وتتوزع القوات الروسية وجماعات المرتزقة التابعة لها في عدة مناطق بأفريقيا، من غينيا بيساو إلى جمهورية أفريقيا الوسطى.
ولم يرد الكرملين على عدة أسئلة للإستسفار طرحتها الصحيفة، إلا أن موسكو تحاول الحصول على قاعدة بحرية في بورت سودان منذ خمسة أعوام.
وقال الجنرال هيكس إن موافقة السودان على القاعدة، سيكون مفيدا للرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وقد شجعت السلطات السودانية موسكو في طموحها للقاعدة، لكنها ظلت مترددة في إكمال الصفقة.
وقد أقامت الصين عددا من الموانيء التجارية في أفريقيا، كجزء حملة إعمار البنى التحتية. وفي عام 2017 أكملت الصين بناء أول قاعدة عسكرية بحرية في جمهورية جيبوتي المطلة على مضيق باب المندب، والرصيف كاف بدرجة استقبال طائرة حربية.
وتقع القاعدة الصينيةعلى بعد 6 أميال من أكبر قاعدة عسكرية أمريكية فيأفريقيا، معسكر ليمونيه. ويضم المعسكر، الذي يدعم العمليات الأمريكية وحلفائها في الصومال، قوة رد فعلسريع للرد على التهديدات التي تواجه السفاراتالأمريكية في المنطقة، يعمل فيها حوالي 4,000 عنصرا.
كما تنشر الولايات المتحدة قوات كوماندوز وقوات أخرىفي الصومال نفسها، حيث تساعد قوات النخبة المحليةالتي تقاتل حركة الشباب المتمردة التابعة لتنظيم القاعدة، والفرع الصومالي لتنظيم الدولة الإسلامية.وتأتي الصفقة السودانية الروسية في الوقت الذي فقدت فيه موسكو بعضا من فرصها في أفريقيا.
وقبل عامين فقط، كانت دول مثل مالي وجمهورية أفريقيا الوسطى تستأجر مرتزقة من مجموعة فاغنر المتحالفة مع الكرملين لحماية قادتها ومحاربة أعدائها.
وتفككت بعض مشاريع فاغنر في القارة منذ عام 2023 عندما تمرد مؤسسها، يفغيني بريغوحين، على بوتين، راعيه السابق.
وقتل بعد ذلك بوقت قصير، عندما انفجر جهاز جناح طائرته وهي على ارتفاع 28,000 قدم وحتى الآن، فشلت القوةالعسكرية الرسمية الجديدة للكرملين، التي تعتمد على المرتزقة، في تكرار نجاح فاغنر المالي ونفوذها السياسي في أفريقيا.
وتشير الصحيفة إلى أن الحرب التي اندلعت بين الجنرال عبد الفتاح البرهان ونائبه محمد حمدان دقلو، قائد الدعم السريع في نيسان/أبريل 2023 تمثل فرصة، وتستغلها القوى الإقليمية والعالمية على حد سواء لتحقيق مصالحهاالخاصة، مما يُنتج تشابكا في التحالفات المتغيرة.
وقد دعمت موسكو في البداية متمردي قوات الدعم السريع التابعة لدقلو، واستخدمت علاقاتها للوصول إلى مناجم الذهب السودانية فيما حاولت أوكرانيا دعم الجيش السوداني وسرعان ما انقلبت هذه الولاءات ووجد المتمردون أن الدعم الروسي غير كاف، فبدأوا اتصالات مع أوكرانيا.
وقال مسؤولون سودانيون ومتمردون إن ذلك دفع روسيا إلى التوجه نحو حكومة الخرطوم فيما علق مسؤولونحاليون وسابقون معنيون بالشأن السوداني إن إيران ومصر وتركيا زودت الجيش السوداني بطائرات بدون طيار.
لكن الخرطوم رفضت العام الماضي مقترحًا بإنشاء قاعدة بحرية تسيطر عليها طهران لتجنب نفور الولايات المتحدة وإسرائيل، وفقا لمسؤولين سودانيين.
وفي غضون ذلك، اتهمت الولايات المتحدة والأمم المتحدة الإمارات بتسليح المتمردين السودانيين، وهي اتهامات ينفيها المسؤولون الإماراتيون.
ويعكس حرص النظام السوداني على إبرام صفقة معموسكو تدهور وضعه في ساحة المعركة.
وعلى الرغم من سيطرتها على الخرطوم، سيطرت قوات الدعم السريع في تشرين الأول/أكتوبر على كامل إقليم دارفور، المنطقة الواقعة غرب السودان حيث ترتكب الجماعة مجازر بحق المدنيين، في تكرار للإبادة الجماعية المزعومة التي ارتكبتها أسلاف الدعم السريع في أوائل القرن الحادي والعشرين، وفقا لمنظمات حقوق الإنسان.