صالح عوض كيف بدأت الفضيحة التي انتهت بان فلسطين هي ارض السلطة الوطنية.. كنت مديرا عاما بالسلطة يوم قدم لي مستشار قانوني جملة قوانين كان يعدها لعملنا الجديد وقد وضع تعريفات ضرورية كان أولها تعريفه لفلسطين فكتب بلغة قانونية: هي الأراضي التي تخضع لإدارة السلطة الفلسطينية.. لم أشعر في حياتي بخزي وعار وانكسار مثل هذا.
فتح وحماس وأخواتهما.. هل لازالت مبررات الخيارات السياسية موجودة؟ أيهما أصعب التساؤل حول التنظيم وسياساته ام الوطن والقضية وحدودهما؟ إنها عملية صعبة لفض الاشتباك رغم أن الجميع يتكلم عن التنظيم كأداة لكنه في واقع الحال أصبح لدى الكثيرين ضامن مصالح شخصية او فئوية او صنما.. لا يمكن لأحد ان يغطي شمس الواقع بغربال الدعاية الديماغوجية، فالانسداد في المسيرة الفلسطينية بلغ مداه على أكثر من صعيد داخليا وموضوعيا مما يعني ان هناك مشكلة عميقة تبدد جهودنا؟ والسؤال هنا الذي ينبغي طرحه بصوت عال أين تكمن المشكلة؟ لا داعي أن يتسرع أحد فيقول انه الانقسام فالمشكلة ليست الانقسام فهذا عرض للمرض وليس هو المرض.. ما هي المشكلة التي تواجه الكفاح الفلسطيني وتجعل محصلته دماء وتضحيات واستيطان وتدمير مخيمات ومدن؟ في مقابل انجازات هشة لا يعول عليها؟ هل المشكلة تكمن في الأداء ام التفكير والرؤية والبرنامج؟ أين هي نقطة البداية في مناقشة مشكلة
العقل الفلسطيني.؟ ماهي القضية الفلسطينية؟: انه أمر صعب وبالغ المرارة عندما نطرح هذا السؤال.. ماهي قضية فلسطين؟ يعني مجددا نحتاج لتعريف للقضية، نحن ندرك ابعادها وامتداداتها وليس عن ذلك نسأل مع أهميته انما نسأل بلسان الفلسطيني المعني بواقعه ومستقبله والذي يقدم ابناءه في الملحمة ويعرض استقراره وامنه وحياته لكل انواع الاعتداءات.. ما هي قضية فلسطين التي بذلنا من اجلها دماء وتعرضنا لابشع عملية عنصرية منذ قرن من الزمان. وببساطة تامة نستطيع ادانة كل الروايات التي تجعل بديلا عن روايتنا الفلسطينية فهذه فلسطين الجغرافية بلدنا وموطننا التاريخي وليس لاحد سوانا الحق فيه وان الكيان الصهيوني هو محصلة غزاوت استعمارية من خلال تغطية كاملة من قبل الاستعمار العالمي للعصابات الصهيونية المتولدة في الغرب.. ولقد تمت العملية بالقتل والمؤامرة والجريمة المنظمة.. وجدنا انفسنا مقسمين على جهات الارض.. ولنا في هذه الرحلة وقائع وشواهد كما هي الشمس بمعنى اكثر بساطة ان روايتنا واضحة شهودها لازالوا يحيون ويكتبون عنها كما نحن نتوارثها و هنا بالضبط وقع خلل العقل السياسي الفلسطيني. لقد اندفع العقل السياسي الفلسطيني الى اللعبة السياسية بدون اتقاء المحرمات.. صحيح انه وقع تحت ضغوط اقليمية ودولية رهيبة ولكن الم يطرح على نفسه سؤالا ان الثورات تمر بمراحل عسر شديد وحصار خانق ومدى صمودها يؤهلها للانتصار.. وحتى لو لم يكن انتصار الغلبة فهو انتصار معنوي واخلاقي كبير يحتاجه الجيل القادم. منذ إقرار البرنامج المرحلي ذي النقاط العشر الذي تبناه المجلس الوطني الفلسطيني في 1974 بناء على نصائح بعض الحكام العرب والأصدقاء السوفييت بدأت رحلة التيه الفلسطيني والجري خلف السراب.. وخلال عشرين سنة أي حتى 1993 كان لابد من زعزعة اليقين الفلسطيني والقوة الثورية الفلسطينية ودخول الأمريكان على خط التفاوض الاستراتيجي مع قيادة المنظمة لتهيئتها لقبول صفقة سياسية ليس فيها أي شيء واضح سوى الاعتراف بالكيان الصهيوني وشرعية وجوده.. وهكذا ارتكب العقل السياسي الفلسطيني الخطيئة الكبرى بأن يقر للغزاة بحقهم في 80 بالمائة من أرض فلسطين، وارتكب خطيئة سياسية كارثية بأنه لم يتم الحصول مقابل ذلك على أي شيء الا وعود ملغمة ومحاطة بتفسيرات إسرائيلية وقت الحاجة، ورغم كل المحاولات التي بذلها ياسر عرفات لتثبيت اركان مؤسسات دولة وليدة يمكن ان تقوم بمهمات حقيقية لصالح الشعب الفلسطيني الا انه كان كمن يغرس العصي في الرمال في يوم عاصف.. وبموته انتهى الإصرار الفلسطيني الرسمي على تكريس عناوين الدولة وشيئا فشيئا تحولت السلطة المنجزة بناء على اتفاقيات اوسلو الى مؤسسة ترفع عن الاحتلال اعباء جسيمة ليست فقط امنية بل وحتى القيام بواجبات على الاحتلال نحو الشعب المحتل بموجب القرارات الدولية. لقد اعتبر العقل الفلسطيني المعاصر الرسمي ان القضية بدأت مع احتلال اسرائيل للضفة الغربية وقطاع غزة وان عليه التعامل مع القرارات الدولية الخاصة بذلك وبصورة بهلوانية تم القفز عن قرارات دولية تمنح الفلسطينيين إضعاف ذلك وتشترط الاعتراف بإسرائيل بناء على التزامها بها وفق قرار التقسيم.. تنازل السياسي الفلسطيني مجانا عن تلك القرارات الدولية والتي تمتلك وجاهة في المنظمات الدولية اقوى من أي اتفاق جديد.. ومن هنا بدا الامر على ان القضية رهينة بذلك التاريخ 4 حزيران 1967؟ وهذه زحزحة خطيرة وكبيرة للعقل والفعل الفلسطيني السياسي الرسمي والفصائلي سواء تتجلى آثارها في كل السلوك السياسي الفلسطيني للقوى الفلسطينية فيما بعد! لا يملك العدو الصهيوني حتى في اوراقه المزيفة وكتبه المحرفة أي مبرر عقائدي او سياسي لاحتلاله عكا وحيفا ويافا والمجدل والناصرة وصفد والرملة وبئر السبع وسواها من المدن والقرى والأرض الفلسطينية.. وكان على مدار احتلاله لهذه القرى حريصا ان لا يحدث فيها تغييرات جوهرية ولازالت مئات القرى الفلسطينية مهجورة حتى جاء اوسلو ومنح الفلسطينيون اعترافا لإسرائيل بشرعية وجودها في 80 بالمائة من أرض فلسطين بعد ذاك نشطت الحملة الاستيطانية في السبع والجليل والضفة بجنون. من جديد سؤالنا المطروح ما هي القضية الفلسطينية؟ لن نسمع إجابة واحدة.. وعندما نطرح ما هو المطلوب سنسمع إجابات مختلفة كذلك.. وهنا تكمن المشكلة هنا يصبح واضحا ان العقل الفلسطيني أصيب بعطب خطير.. وانه لم يعد لروايته الجديدة أي قيمة واي وجاهة فلقد أصبح الفلسطينيون بهذه الرواية الأخيرة مشكلة إسرائيلية تحل اما بحكم ذاتي او بحكم اكبر من حكم ذاتي واقل من دولة او كما نحن نرى اليوم حيث تحول الوجود الأمني الفلسطيني الى ان يصبح متماهيا مع الأمن الإسرائيلي. لم تكن المشكلة فقط في العقل السياسي الذي بدأ عملية التسوية بل امتد ليشمل الجميع فهاهي حماس -بعد ان تعاملت مع اهم عناصر عملية أوسلو الانتخابات التشريعية للحكم المؤقت- تقبل بحل دولة فى الضفة وغزة تماما كما سبقتها فتح لذلك وهي في هذه الرؤية تسير على خطى السلطة في ضبط ايقاع المقاومة وامن الحدود الى حد كبير في غزة وتم اختبارها ثلاث مرات حين استفردت القوات الإسرائيلية بأحد الفصائل، وها هي تدخل في لعبة الوسطاء أصدقاء إسرائيل والتفاصيل لا تفيد هنا.. وهنا تظهر أزمة العقل السياسي الفلسطيني مجددا بل أكثر من ذلك لقد اجتمع كل الأمناء العامين الفلسطينيين وفوضوا الرئيس الفلسطيني في لقاء بالقاهرة بالمفاوضات مع الجانب الإسرائيلي على التسوية السلمية ومن الواضح لهم جميعا ان المفاوضات ليست على استرداد فلسطين انما في حدود ماتم في اتفاقية اوسلو. من جديد يبرز السؤال بعد كل الفوضى والعبث ومضيعة العمر ما هي قضية فلسطين وماهي الرواية الفلسطينية؟ وبجملة بسيطة نعيد الى الأذهان بداية روايتنا فلسطين لأهلها الفلسطينيين بكل مكوناتهم الثقافية والدينية والكيان الصهيوني نتاج غزوة استعمارية عنصرية غربية يجب مواجهتها لكسرها وإلغائها وإعادة فلسطين لسياقها التاريخي.. أما كيف ومتى فعلى هذه الأسئلة إجابات العقل والتدبر.. هذا هو السياج الممنوع على أي أحد تجاوزه. مرحلة التفكر والتخطيط والإعداد: هناك مرحلة لابد منها قبل الاندفاع في أي معركة.. وهناك مرحلة لابد منها بعد كل معركة في انتظار المعركة القادمة.. بكل وضوح نحن لم نتصالح مع الزمن وسننه ولهذا لم تكن حركته في صالحنا، أي بالتحديد غاب عنا إدراك تلك المرحلة الفاصلة بين العدوان والرد عليه وغاب عنا تجهيز المطلوب فيها.. والاستفادة منها كمرحلة انتقالية.. فتساوت أيامنا وأخذنا باللهاث خلف السراب. الفوضويون سيقولون ليس لدينا وقت، وكأن الوقت الذي انقضى منذ بداية هجوم المشروع الصهيوني كان قصيرا وعبثا.. وكأنهم على أبواب القدس أو كأنهم ليسوا هم من ضيع الوقت.. لقد استغرق الجميع من عمر الشعب ودمه ومعاناته الشيء الكثير والذي كان يكفي لتحرير دول عديدة.. الا أننا نجزم بأننا لازلنا في بداية المعركة.. لابد ان نأخذ وقتنا كاملا في التأمل والإعداد والتهيؤ لمعركة هي معركة فلسطين بما تمثله من عناصر وطبيعة. كفاحنا الفلسطيني أحد أهم ثوابت هذا الزمن واكثرها تعقيدا وتشابكا لذا باختصار لا يمكن تخيل ان نصل الى الجولة النهائية كما لو كنا في اي موقع جغرافي اخر في العالم.. ومن هنا ايضا لابد ان ندرك ان التدبر والتأمل والنقد والتصحيح ادوات لابد ان ترافقنا دوما لكي لا نستزلق للمتاهات التي تخرجنا عن كفاحنا.. وهذا يعني أن يصار دوما للتفكير في كل خطوة ومرحلة وبعيدا عن ردات الفعل وذلكعلى أرضية عقائدية واضحة أن فلسطين هي ارض الشعب الفلسطيني وان أي محاولة للعب في هذه العقيدة ليس فقط خلل اخلاقي وانما على صعيد المصلحة القريبة والبعيدة ولعلنا ادركنا الان كم هي الخسارات فادحة التي مني بها شعبنا وكفاحه في طريق التنازلات. تتمثل الخطوة الاولى في استعادة جملتنا الحضارية الانسانية: فلسطين الواحدة لشعبها الواحد.. ونحشد على هذه الارضية كل ادواتنا الثقافية والاعلامية والمادية ونضع الخطط والرؤى والبرامج التي تأخذ في الاعتبار طبيعة المعركة وحقيقتها وانها معركة مغالبة بعناصر قوة مادية واستدراج للعدو لساحات لا يستطيع احداث التفوق فيها.. هنا يصبح كل فعل لنا انما هو شق للطريق الصعب وهنا يصبح كل انجاز هو تراكم صحي لمصلحة الشعب والقضية.. بعد ذلك يكون التعامل مع الكل الفلسطيني بتحصينه من الانهيار الاخلاقي والسياسي وحشد كل الطاقة بكل حزم في اتجاه محدد انه تحرير كل فلسطين وعدم الاعتراف بجريمة القرن المعنونة بالكيان الصهيوني وهذا يعني اننا نقدم خدمة انسانية للضمير الانساني والوعي البشري بعدم مشاركة المظلوم لظالمه في الجريمة العنصرية.. ما هو موجود اليوم من توجهات سياسية” مفاوضات السلطة المعطلة او التقوقع في حدود غزة المحاصرة” على ارضية التعامل بان فلسطين هي ارض السلطة يحتاج اما الى استبدال او ترميم او تطوير عليه.
المصدر: رأي اليوم
إقرأ أيضاً:
فلسطين في ثلاثة كتب باللغة البرتغالية.. نافذة للقارئ البرازيلي على القضية الفلسطينية
برعاية جامعة ساو باولو ونقابة الصحفيين البرازيليين والمنتدى الفلسطيني اللاتيني ودار ميدل إيست مونيتور للتوزيع والنشر، وبحضور المؤلفين والناشرين، وعلى مدى أربعة أيام من 5 إلى 8 مايو/أيار الجاري، أطلقت دار ميدل إيست مونيتور ثلاثة كتب مترجمة إلى اللغة البرتغالية:
"فلسطين.. أربعة آلاف عام في التاريخ (Palestina: quatro mil anos de história) للمؤرخ الفلسطيني نور مصالحة. "فلسطين عبر آلاف السنين.. تاريخ من محو الأمية والتعلم والثورات التعليمية" (Palestina através dos milênios – Uma história de alfabetização, aprendizagem e revoluções educacionais) للمؤرخ الفلسطيني نور مصالحة. "الشتات الفلسطيني في أميركا اللاتينية.. دراسات حول الإعلام والهوية" (Diáspora Palestina na América Latina – Estudos de Mídia e Identidade) لأحمد الزعبي.
في حديث للجزيرة نت، يقول نور مصالحة "توقيت صدور كتابي الأول جاء بسبب المجازر التي يرتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي في غزة، وقد اكتشفنا الكثير من المجازر التي ارتكبت في عام 1948 وما بعده، وبالتالي هناك استمرارية، وهنالك فهم إسرائيلي بأن الحرب على قطاع غزة هي استمرار لما جرى في عام 1948. وهم يتحدثون عن نكبة جديدة بكل صراحة وفخر".
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2فيلم "8 أكتوبر" يهاجم الاحتجاج ضد الإبادة دعما لأجندة يمينية متطرفةlist 2 of 2سوريا تعيد افتتاح بورصتها خلال أيامend of list إعلان
ويضيف مصالحة "كتابي (فلسطين.. أربعة آلاف عام في التاريخ) يركز على طرد الفلسطينيين من أرضهم، وهو يساعد على فهم جذور وأسباب ما يحدث اليوم في غزة. أنا أؤمن بأن جذور ذلك كامنة في الفكر والممارسة الصهيونية".
ويتابع مصالحة "نحن نمتلك ذاكرة جمعية تغنينا عما جاء به الغربيون مثل شكسبير وهيرودوتس، الذين تحدثوا عن فلسطين. كل المؤرخين والجغرافيين العرب كتبوا عن فلسطين".
ويستطرد "كل مدن فلسطين كانت تجارية، وفي مرحلة لاحقة أصبحت صناعية، كما هو الحال في مدينة نابلس التي نهضت في الفترة المملوكية، واشتهرت بصناعة الحلويات والزيوت والصابون، وكذلك صناعة الزجاج في مدينة الخليل التي كانت تصدر منتجاتها إلى ألمانيا والصين. وبسبب موقعها الإستراتيجي على تقاطع ثلاث قارات، لعبت فلسطين دورا في التجارة العالمية، وهذا ما يكشفه ويؤكده علم الآثار".
وفي حديث آخر مع الجزيرة نت، يقول أحمد الزعبي "أسعى في كتابي إلى البحث عن الهوية الفلسطينية في شتاتها بأميركا اللاتينية. لقد كانت الجاليات قوية في تشيلي والسلفادور وهندوراس، وهي البلدان التي تناولتها أطروحتي للدكتوراه حول الصحافة الإنسانية، بالإضافة إلى البرازيل والأرجنتين".
ويضيف الزعبي: أوضح في كتابي "الشتات الفلسطيني في أميركا اللاتينية.. دراسات حول الإعلام والهوية" أن الروابط لا تزال قائمة، حتى مع وجود تكامل واضح في المجتمعات المضيفة.
ويقول "إن ذكرى الخروج القسري تنتقل عبر الأجيال، ويبدو انتماء المهاجرين واللاجئين وأحفادهم إلى فلسطين واضحا عندما يتحدثون عن المشاعر والعادات ووسائل الإعلام، التي لا تقدم رؤية محايدة للأرض المحتلة حتى يومنا هذا".
وعن ثقة الجاليات الفلسطينية بالإعلام المحلي، يوضح الزعبي "أن تلك الجاليات الفلسطينية، بنسبة كبيرة جدا، لا تثق في الإعلام المحلي في الدول المضيفة، وتتلقى أخبارها من خلال الاتصال المباشر بالأهالي والأصدقاء في فلسطين أو في مخيمات الشتات كالأردن وسوريا ولبنان. هذا أولا، ثم من خلال متابعة الأخبار عبر شبكة الجزيرة الإعلامية ومواقع إخبارية مثل ميدل إيست مونيتور وميدل إيست آي والعربي الجديد، بسبب الانحياز الكبير والواضح في التغطية الإعلامية لرواية الاستعمار الصهيوني، والتي تعتمد بشكل كبير على الوكالات الدولية المنحازة للإمبريالية العالمية مثل الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا".
View this post on Instagram
A post shared by Ahmad Alzoubi (@dr.ahmadalzoubi89)
رفع الوعي بالقضية الفلسطينية
ويقول نور مصالحة "أركز في جميع كتبي على تاريخ وتراث فلسطين الطويل، وهو أمر غير معروف للناس هنا في البرازيل. أريد أن أقول للناس إن المدن الفلسطينية موجودة منذ آلاف السنين، وإن أريحا هي أقدم مدينة في العالم، وإن غزة كانت مدينة مشهورة ومعروفة عبر التاريخ، وقد كانت تتاجر مع الصين والهند وأوروبا، وكان لها مرفآن، على خلاف كل المدن الساحلية الأخرى التي كان لديها مرفأ واحد، لأن تجارة غزة كانت أكبر بكثير من غيرها، ولهذا كانت من أغنى المدن الفلسطينية".
إعلان
ويقول الزعبي "تاريخيا، كانت شعوب أميركا اللاتينية داعمة للقضية الفلسطينية، إلى جانب بعض الحكومات ذات التوجه اليساري، لكن في المقابل، فإن التغلغل الإسرائيلي في هذه الدول عميق وممنهج".
ويضيف: بالنظر إلى تقرير ماكبرايد، أو "أصوات عديدة وعالم واحد"، الذي أصدرته منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) عام 1980، يتضح مدى الحاجة إلى إقامة نظام عالمي جديد للإعلام والاتصال، يهدف إلى تقليص الفجوة الإعلامية بين الدول المتقدمة والدول النامية، والحد من التأثيرات السلبية لهيمنة الإعلام الدولي على استقلال الدول الثقافي، لا سيما في أميركا اللاتينية. وقد سبق إصدار التقرير مبادرة اليونسكو بإنشاء "اللجنة الدولية لدراسة مشكلات الإعلام" عام 1976 برئاسة السياسي والصحفي الأيرلندي شون ماكبرايد، لدراسة القضايا المرتبطة بالاتصال الجماهيري على المستوى العالمي، وخاصة في ظل التفاوت الهائل في الوصول إلى المعلومة وصناعة الخطاب.
ويرتبط تشويه الأخبار المتعلقة بفلسطين بما تناوله التقرير من قضايا، ويفصل الزعبي "مثل تركز ملكية وسائل الإعلام في أيدي قلة من الجهات النافذة، مما يفتح المجال أمام التلاعب بالسرد الإعلامي وتقديم روايات أحادية الجانب. وفي سياق الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، كثيرا ما ينتج هذا التركز تغطية إعلامية تنحاز إلى السردية الصهيونية على حساب الرواية الفلسطينية، مما يعيق الإدراك الشعبي العادل للقضية في المجتمعات اللاتينية".
View this post on Instagram
A post shared by Monitor do Oriente (@monitordooriente)
ضد الروايات الزائفة
وفي حوار مع الجزيرة نت، تقول المحررة الأولى في دار ميدل إيست مونيتور للتوزيع والنشر ريتا فريري "قررت دار نشر ميدل إيست مونيتور توفير هذه الكتب الأساسية عن التاريخ الفلسطيني للقارئ البرازيلي لأن الرواية الإعلامية عن فلسطين تدور في جوهرها حول الصراع مع إسرائيل، وتصور إسرائيل على أنها تدافع دائما عن نفسها ضد العدوان والإرهابيين الفلسطينيين. ونتيجة لذلك، تمحى فلسطين الحقيقية وتجرم مقاومتها".
إعلان
وتضيف فريري "نريد أن نسهم في استعادة ما محي من الذاكرة، ولذلك ترجمت أعمال نور مصالحة، التي تروي قصة فلسطين منذ آلاف السنين وحتى اليوم، إلى اللغة البرتغالية. في كتابين، يتحدث مصالحة عن أربعة آلاف عام من تاريخ هذه الأرض، بالإضافة إلى مساهمة فلسطين الثقافية الطويلة التي قدمتها للعالم".
وتوضح أن "إظهار نوايا الصهيونية منذ بداياتها أمر مهم لفهم نوايا أولئك الذين يدعمون إسرائيل اليوم، ولخلق مواقف نقدية لدى الناس، وزيادة الوعي بخطة التطهير العرقي والإبادة الجماعية المتعمدة والمستمرة، وتعزيز التضامن مع الشعب الفلسطيني".
وتتابع فريري "هذا بالإضافة إلى أننا أطلقنا كتابا باللغة البرتغالية لأحمد الزعبي، يتناول الهجرة الفلسطينية إلى أميركا اللاتينية واستمرار النضال الفلسطيني حتى خارج أرضه. وبهذا، نسهم في إبراز أن الشعب الفلسطيني لا يزال حيا حتى بعد تهجيره، ويحافظ على الصلة بين أميركا اللاتينية وفلسطين حتى اليوم".
وتختم فريري "هذه قصص علينا كشفها لأن إخفاء هذه الحقائق هو ما يديم عدوان إسرائيل على الشعب الفلسطيني وسرقة أرضه وذاكرته".