"حماس لا يمكن أن تنتهي"، هذه الحجة تحظى بشعبية متزايدة بين معارضي الحملة العسكرية الإسرائيلية على غزة، كرئيس وزراء السلطة الفلسطينية محمد أشتية.
الحرب في غزة مسؤولة عن المعاناة الجسيمة التي يعيشها الفلسطينيون
لكنها فكرة خاطئة، برأي هثيم حسين، باحث مساعد في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات الأمريكية.
وقال الباحث في مقاله بصحيفة "نيويورك بوست": حسبما أثبتت الحكومة المصرية في جهودها الرامية إلى القضاء على جماعة الإخوان الإرهابية، التي أفرزت حماس قبل جيل مضى، فإن هذه الجماعات تذبل دون وجود منظمات تعززها وترعاها ومع فقدان جاذبيتها بين مؤيديها.
وأشار الكاتب في مقاله إلى تلاشي تأثير الشيوعية سريعاً بعد سقوط الاتحاد السوفيتي.
واستقطب داعش عدداً كبيراً من الشباب إلى قضيته، ورغم ذلك لم يستعِد شعبيته أبداً بعد أن سقط على يد التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة.
https://t.co/5IjUPRX5as
Hamas can and will be defeated. Great piece by @HaisamHassanei1 who will join us on the show later from 6pm Israel time@i24NEWS_EN
ولم تعد جماعة الإخوان الإرهابية على الساحة اليوم بأي شكل يتجاوز المواقع إلكترونيّة وبعض الشخصيات المغمورة التي تدَّعي القيادة رغم إقامتها في الخارج.
ولعل الأهم من ذلك، برأي الكاتب، هو أن الحكومة المصرية شنّت حملة لا هوادة فيها ضد مصادر التجنيد المحلية لجماعة الإخوان، إذ أغلقت مؤسساتها التعليمية، واعترضت التمويل القادم لها من الخارج، واستغلت المنافذ الإعلامية للتوعية حول أيديولوجية الجماعة الإرهابية، وضيقت الخناق عليها أكثر وأكثر، مما أفضى إلى اقتتال داخلي بين قادة الجماعة، وأدى إلى انقسامها.
وحماس فرع من فروع جماعة الإخوان التي وُلِدت في مصر وألهمت العشرات من الفروع المتطرفة في جميع أنحاء العالم.
في عام 2007، شنّت حماس انقلاباً دموياً على السلطة الفلسطينية في غزة، وأدت الاشتباكات إلى مقتل 800 فلسطيني، لكنّ حماس انتصرت في نهاية المطاف بشكلٍ حاسم.
Or like Egypt did with the Muslim Brotherhood. Read @HaisamHassanei1's excellent piece in today's @nypost: Don't listen to the doubters—history shows Hamas *can* be defeated. https://t.co/rwypvfUz2h https://t.co/X8jaXBJz2B pic.twitter.com/gfY8KTT3My
— Kelly Jane Torrance (@KJTorrance) December 21, 2023جدوى الحل العسكري
كان حُكم حماس الذي استمر 16 عاماً جحيماً لسكان غزة، فقد زُجَّ بآلاف في غياهب السجون، ومات مئات منهم فيها أو أُطلق سراحهم بعد أن أُصيبوا بإعاقات دائمة.
ووفقاً للجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، فإن 45% من سكان غزة عاطلون عن العمل. ويحاول الكثيرون الفرار بحراً، ويؤول مآل بعضهم إلى الغرق.
وبطبيعة الحال، تلوم حماس إسرائيل على هذه الأوضاع. ورغم ذلك، فإن الهجمات الإرهابية من غزة تستلزم جهوداً إسرائيلية لعزل القطاع الساحلي.
وقال الكاتب إن حماس تتعامل في مواجهاتها مع إسرائيل مع سكان غزة بوصفهم مُستهلَكين يمكن الاستغناء عنهم.
في الشهر الماضي، سأل أحد المحاورين المسؤول الكبير في حماس موسى أبو مرزوق لماذا تبني الحركة أنفاقاً لحماية مقاتليها ولا تبني ملاجئ للناس، فأجاب بأن دور حماس هو القتال، وعلى الأمم المتحدة أو حتى إسرائيل أن تؤمن لسكان غزة الرعاية.
وهذا ليس بالموقف المفاجئ للناس، يضيف الكاتب، فقد خرجَ سكان غزة إلى الشوارع في يوليو (تموز) الماضي احتجاجاً على الحياة البشعة التي يعيشونها تحت مظلة حماس هاتفين: "نريد أن نعيش".
ورأى الكاتب أن الحرب في غزة مسؤولة عن المعاناة الجسيمة التي يعيشها الفلسطينيون، لكن حماس مسؤولة عن اندلاع الحرب وعن استخدام شعبها دروعاً بشرية، والهزيمة الحاسمة لحماس على المدى البعيد هي الحل الأفضل للفلسطينيين والمنطقة ككل.
واختتم الكاتب مقاله بالقول إن غزة يمكن أن تبدأ في إعادة الإعمار الرامية إلى تحقيق الرخاء، مما يوفر فرصة للفلسطينيين في نهاية المطاف لإقامة دولة خاصة بهم إلى جانب جيرانهم اليهود.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي أحداث السودان سلطان النيادي غزة وإسرائيل مونديال الأندية الحرب الأوكرانية عام الاستدامة غزة وإسرائيل
إقرأ أيضاً:
ما هو "مشروع إيستر" الخطير الذي تبناه ترامب؟ وما علاقته بحماس؟
في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2024، بعد مرور عام كامل على الإبادة الجماعية التي تنفذها إسرائيل في قطاع غزة بدعم من الولايات المتحدة، والتي أودت بحياة أكثر من 53.000 فلسطيني، أصدرت مؤسسة "هيريتيج فاونديشن" (Heritage Foundation) ومقرها واشنطن، ورقة سياسية بعنوان "مشروع إستير: إستراتيجية وطنية لمكافحة معاداة السامية".
هذه المؤسّسة الفكرية المحافظة هي الجهة ذاتها التي تقف خلف "مشروع 2025″، وهو خُطة لإحكام السلطة التنفيذية في الولايات المتحدة، ولبناء ما قد يكون أكثر نماذج الديستوبيا اليمينية تطرفًا على الإطلاق.
أما "الإستراتيجية الوطنية" التي يقترحها "مشروع إستير" المسمى نسبةً إلى الملكة التوراتية التي يُنسب إليها إنقاذ اليهود من الإبادة في فارس القديمة، فهي في جوهرها تتلخص في تجريم المعارضة للإبادة الجماعية الحالية التي تنفذها إسرائيل، والقضاء على حرية التعبير والتفكير، إلى جانب العديد من الحقوق الأخرى.
أوّل "خلاصة رئيسية" وردت في التقرير تنصّ على أن "الحركة المؤيدة لفلسطين في أميركا، والتي تتسم بالعداء الشديد لإسرائيل والصهيونية والولايات المتحدة، هي جزء من شبكة دعم عالمية لحماس (HSN)".
ولا يهم أن هذه "الشبكة العالمية لدعم حماس" لا وجود لها فعليًا – تمامًا كما لا وجود لما يُسمى بـ"المنظمات الداعمة لحماس" (HSOs) التي زعمت المؤسسة وجودها. ومن بين تلك "المنظّمات" المزعومة منظمات يهودية أميركية بارزة مثل "صوت اليهود من أجل السلام" (Jewish Voice for Peace).
أما "الخلاصة الرئيسية" الثانية في التقرير فتدّعي أن هذه الشبكة "تتلقى الدعم من نشطاء وممولين ملتزمين بتدمير الرأسمالية والديمقراطية"- وهي مفارقة لغوية لافتة، بالنظر إلى أن هذه المؤسسة نفسها تسعى في الواقع إلى تقويض ما تبقى من ديمقراطية في الولايات المتحدة.
عبارة "الرأسمالية والديمقراطية"، تتكرر ما لا يقل عن خمس مرات في التقرير، رغم أنه ليس واضحًا تمامًا ما علاقة حركة حماس بالرأسمالية، باستثناء أنها تحكم منطقة فلسطينية خضعت لما يزيد عن 19 شهرًا للتدمير العسكري الممول أميركيًا. ومن منظور صناعة الأسلحة، فإن الإبادة الجماعية تمثل أبهى تجليات الرأسماليّة.
وبحسب منطق "مشروع إستير" القائم على الإبادة، فإنّ الاحتجاج على المذبحة الجماعية للفلسطينيين، يُعد معاداة للسامية، ومن هنا جاءت الدعوة إلى تنفيذ الإستراتيجية الوطنية المقترحة التي تهدف إلى "اقتلاع تأثير شبكة دعم حماس من مجتمعنا".
نُشر تقرير مؤسسة "هيريتيج" في أكتوبر/ تشرين الأول، في عهد إدارة الرئيس جو بايدن، والتي وصفتها المؤسسة بأنها "معادية لإسرائيل بشكل واضح"، رغم تورّطها الكامل والفاضح في الإبادة الجارية في غزة. وقد تضمّن التقرير عددًا كبيرًا من المقترحات لـ"مكافحة آفة معاداة السامية في الولايات المتحدة، عندما تكون الإدارة المتعاونة في البيت الأبيض".
وبعد سبعة أشهر، تُظهر تحليلات نشرتها صحيفة "نيويورك تايمز" أن إدارة الرئيس دونالد ترامب -منذ تنصيبه في يناير/ كانون الثاني- تبنّت سياسات تعكس أكثر من نصف مقترحات "مشروع إستير". من بينها التهديد بحرمان الجامعات الأميركية من تمويل فدرالي ضخم في حال رفضت قمع المقاومة لعمليات الإبادة، بالإضافة إلى مساعٍ لترحيل المقيمين الشرعيين في الولايات المتحدة فقط لأنهم عبّروا عن تضامنهم مع الفلسطينيين.
علاوة على اتهام الجامعات الأميركية بأنها مخترقة من قبل "شبكة دعم حماس"، وبترويج "خطابات مناهضة للصهيونية في الجامعات والمدارس الثانوية والابتدائية، غالبًا تحت مظلة أو من خلال مفاهيم مثل التنوع والعدالة والشمول (DEI) وأيديولوجيات ماركسية مشابهة"، يدّعي مؤلفو "مشروع إستير" أن هذه الشبكة والمنظمات التابعة لها "أتقنت استخدام البيئة الإعلامية الليبرالية في أميركا، وهي بارعة في لفت الانتباه إلى أي تظاهرة، مهما كانت صغيرة، على مستوى جميع الشبكات الإعلامية في البلاد".
ليس هذا كل شيء: "فشبكة دعم حماس والمنظمات التابعة لها قامت باستخدام واسع وغير خاضع للرقابة لمنصات التواصل الاجتماعي مثل تيك توك، ضمن البيئة الرقمية الكاملة، لبث دعاية معادية للسامية"، وفقاً لما ورد في التقرير.
وفي هذا السياق، تقدم الورقة السياسية مجموعة كبيرة من التوصيات لكيفية القضاء على الحركة المؤيدة لفلسطين داخل الولايات المتحدة، وكذلك على المواقف الإنسانية والأخلاقية عمومًا: من تطهير المؤسسات التعليمية من الموظفين الداعمين لما يسمى بمنظمات دعم حماس، إلى تخويف المحتجين المحتملين من الانتماء إليها، وصولًا إلى حظر "المحتوى المعادي للسامية" على وسائل التواصل، والذي يعني في قاموس مؤسسة "هيريتيج" ببساطة المحتوى المناهض للإبادة الجماعية.
ومع كل هذه الضجة التي أثارها "مشروع إستير" حول التهديد الوجودي المزعوم الذي تمثله شبكة دعم حماس، تبين – وفقًا لمقال نُشر في ديسمبر/ كانون الأول في صحيفة The Forward- أنَّ "أيَّ منظمات يهودية كبرى لم تُشارك في صياغة المشروع، أو أن أيًّا منها أيدته علنًا منذ صدوره".
وقد ذكرت الصحيفة، التي تستهدف اليهود الأميركيين، أن مؤسسة "هيريتيج" "كافحت للحصول على دعم اليهود لخطة مكافحة معاداة السامية، والتي يبدو أنها صيغت من قبل عدة مجموعات إنجيلية مسيحية"، وأن "مشروع إستير" يركز حصريًا على منتقدي إسرائيل من اليسار، متجاهلًا تمامًا مشكلة معاداة السامية الحقيقية القادمة من جماعات تفوّق البيض والتيارات اليمينية المتطرفة.
وفي الوقت نفسه، حذر قادة يهود أميركيون بارزون -في رسالة مفتوحة نُشرت هذا الشهر- من أن "عددًا من الجهات" في الولايات المتحدة "يستخدمون الادعاء بحماية اليهود ذريعةً لتقويض التعليم العالي، والإجراءات القضائية، والفصل بين السلطات، وحرية التعبير والصحافة".
وإذا كانت إدارة ترامب تبدو اليوم وكأنها تتبنى "مشروع إستير" وتدفعه قدمًا، فإن ذلك ليس بدافع القلق الحقيقي من معاداة السامية، بل في إطار خطة قومية مسيحية بيضاء تستخدم الصهيونية واتهامات معاداة السامية لتحقيق أهداف متطرفة خاصة بها. ولسوء الحظ، فإن هذا المشروع ليس إلا بداية لمخطط أكثر تعقيدًا.